الاستعارة في القرآن الكريم.
الجزء الأول // سورة البقرة
قال تعالى : إن الذين كفروا سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ْ لا يؤمنون {6}ختم الله على قلوبهمْ وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ٌ ولهم عذاب عظيم {7}
{ختم الله على قلوبهم }
شُبِّه الوعاء المختوم عليه بقلوب الكفار ،بجامع الإحكام وحسن الإغلاق في كل منهما ، واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه ، بمعنى استعار لفظ الختم والغشاوة وذلك بطريق الاستعارة التصريحية ، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الأصلي لفظية وهي( ختم ) ..
وللإشارة فالاستعارة التصريحية هي التي يحذف فيها المشبه ويصرح بالمشبه به ...
{ اشتروا الضلالة بالهدى } هي استعارة تصريحية إذ أن الشراء هنا ليس حقيقيا بل هو على سبيل الاستعارة ، والمراد هو استبدال الكفر بالإيمان ، فخسرت صفقتهم ولم تربح تجارتهم ، فاستعار اللفظ الشراء للاستبدال وقد تم الزيادة في التوضيح ( فما ربحت تجارتهم ) ، وهذا يسمى في البلاغة الترشيح .. أي ذكر في الاستعارة ما يلائم المشبه به وهو ( الشراء ) ..
قال تعالى : ( وأشربوا في قلوبهم العجل ) شُبه حب عبادة العجل بمشروب سائغ لذيذ ، بجامع المزج والمخالطة لشيء ملذوذ ، ثم حذف المشبه به ، وأبقي َ شيءٌ يدل عليه وهو ( أشربوا ) على سبيل الاستعارة المكنية .
{ هنَّ لباسٌ لكم وأنتم لباسٌ لهنَّ } شبه الزوج باللباس للزوجة ، وشبهت الزوجة باللباس للزوج لاشتمال بعضهم على بعض كما تشتمل الملابس على الأجسام ، واللباس هنا استعارة بديعة .
{ أفرغ علينا صبرا } شُبه حال المؤمنين والله يفيض عليهم بالصبر بحال الماءبجامع الانتفاع والاشتمال يصب ويُفرغ على الجسم فيشمله ويعمه كله، ظاهره وباطنه فيلقي في القلب بردا وسلاما وهدوءا وراحة ، والمستعار تركيبا فهي إذن استعارة تمثيلية .
{استمسك بالعروة الوثقى }شبه المتمسك بدين الإسلام بالمستمسك بالحبل المحكم بجامع حسن التمسك فالاستعارة تمثيلية .
{ من الظلمات إلى النور } شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور ، وهي من أحسن التشبيهات كما جاء في تلخيص البيان للشريف الرضي ، لأن الكفر كالظلمة التي يتسكع فيها الخابط ، ويضل القاصد ، والإيمان كالنور الذي يؤمه الجائر ويهتدي به الحائر ، وعاقبة الإيمان مضيئة بالنعيم والثواب ، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم والعذاب " ص /15
وتم حذف المشبه والتصريح بالمشبه به .. فالاستعارة تصريحية ..