[frame="10 98"]
[align=justify]
يسحل خلفه همومه قاصمة الظهر ، يحرك الخطى بصعوبة ، عيناه منتفختان حمراوان ، تقرآن بسهولة ، وتؤلمان القارئ بسرعة . أسماله الرثة لو نطقت لترجته أن يريحها ، فقد ملت جسده المنهك المتسخ ، حذاؤه الذي لم يستطع إخفاء الأصبع الملتوية على أختها بفتحته الأمامية الحزينة يكاد يسقط من قدمه ، فلم يعد متماسكا.
في هذا الخضم ترتسم ابتسامة على محياه ، جاهد كثيرا حتى تمكن من إخراجها ، لكن سرعان ما تنطفئ جذوتها عندما يرى العيون تتحاشى النظر إليه...، تلك العيون التي كانت ستتابعه بشغف لو سارت الأمور على ما يرام ، فقد بدأ يلاكم صغيرا ، تجاوز أقرانه ، اتضحت موهبته ، تنبأ له الجميع بمستقبل زاهر إلا أن الحياة أسقطته بضربة قاضية حين وقع له حادث أفقده السيطرة على جسده ، وأعيا مخه ، ثم دخل الموت حياته ، ففقد الوالدين ليضيف اليتم إلى الفقر والمرض لتصيبه لوثة.
يمر أمام مقهى ، يتوقف ، يصوب نظره نحو التلفاز ، هناك حيث تبث منازلة في الملاكمة..، تسمر في مكانه فاغرا فاه ، غاص في عالم خاص به ، يبتسم تارة ، ويعبس تارة أخرى ، يشير له صاحب المقهى بالمغادرة لكنه لا يرى ولا يسمع ، فيتجه نحوه دافعا إياه بقوة ، فيكاد يسقط بعد أن طار حذاؤه من قدمه.
بنظرة منكسرة ، وبحركة واهنة يأخذ الحذاء ويسير مطأطئ الرأس يتمتم بكلمات غير مفهومة ... ، أما رواد المقهى فكانوا يقهقهون لما حدث ، ويتندرون بحكايات أخرى شبيهة وقعت له..
عمــــار رمـــــاش
[/align][/frame]