صُوَر... مهداة إلى الأخ محمد الفاضل
[align=justify]الأخ محمد.. هذه الأقصوصة مستوحاة من خاطرتك التي نشرتًها تحت عنوان (آخر فرسان الزمن الجميل).. أرجو أن تحوز إعجابك..
أخرج ألبوماً قديماً جمع فيه صوره مع زوجته وأولاده، وراح يتأملها بحنان امتزج بشوق وحزن بالِغَين.. ثم ما لبث أن أخرجها من الألبوم جميعاً، وعلقها على جدران غرفَتَي الجلوس والنوم، ثم جلس يتأملها بعينين فاض قلبه في نظراتهما...
وفجأة دبَّت الحياة في تلك الصور.. فها هو يلاعبهم أطفالاً صغاراً، ثم هاهو يمسك بيد كبيرهم، قبيل موعد باص المدرسة الذي سيأخذه إليها لأول مرة، ثم هاهما بنتاه التوأم متعانقتان في لقطة رائعة بثياب المدرسة الابتدائية أيضاً..
والتفت إلى الجدار الآخر، ليراهم وقد صاروا مراهِقِين.. هذا كبيرهم بشعره الطويل، وهاتان ابنتاه بجدائلهما الطويلة، وهذا الصغير قد بدأ شعر شاربيه بالظهور على شكل زغب لطيف.. وهذا وذاك..
وتذكر كيف كان يحلم بهم وقد صار شيخاً هرماً أبيضَ الشعر واللحية، مقوسَ الظهر، بينما صاروا هم شباناً وصبايا، يتسابقون على خدمته وإيناس شيخوخته..
وانتهت الصور عند هذا الحد.. فقد نشبت الحرب في بلده، فبعثرت رياحُها المجنونة أولادَه الأعزاء جاعلة كلَّ واحد منهم في بلد.. وبقيَ هو في بلده شيخاً وحيداً يعاني صقيع وحدته وعجزه..
لن يأخذَه أيٌّ منهم في نزهة تُسلِّي شيخوختَه.. ولن يُحضِر له أحدٌ ما يحتاجه من أغراض.. ولن يجد أحداً يغسل له ملابسه أو يمشط له شعره وشعر لحيته.. لن يسهر مع أيٍّ منهم، فقد صار لكلٍّ منهم الآن شأنٌ يُغنيه.. أما هو؟
أشاح بوجهه عن الصور، أغمضَ عينيه اللتين امتلأتا بالدموع، وفي اللحظة التي فاضت دموعه منهما فاضت روحه وهو مُسَجَّى وحيداً في سريره، وعيناه معلقتان بصور أولاده تحلمان بلقائهم..[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|