كلية العلوم الإسلامية والعربية
إعداد : د. مرتضى بابكر الفاضلابي
أنهارها فضة والمسك تربتها *** والخز روضتها والدر حصباء
كأنه واعظ طـــال الوقـــــوف به *** ممـــــــــــــا يحـــــدث عـــــن عــــاد وإرم
فانظر إلى حجر صلد يكلمنا *** أشجى وأوعظ من قس لمن فهم
يا أهــــــل أندلــــــــــس لله دركـــــــم *** ماء وظل وانهار وأشجــــــار
ما جنة الخلد إلا في دياركم *** ولو خيرت هذه كنت اختـار
لا تحسبوا بعدها تدخلوا ثغراً *** فليس ادخل بعد الجنة النار
لله نهــر سال فــي بطحـــــــاء *** اشهى وروداً من لمى الحسناء
متعطـف مثل الســــــــــــــــــور كأنــــه *** والزهــــر يكنفه مجـر سمـــاء
قد رق حتى ظن قرصا مفرغا *** من فضــةٍ فــي بردةٍ خضــراء
وأرعن طمــــــاح الذؤابة باذخ *** يطاول أعنــان السمــاء بغارب
يسد مهب الريح عن كل وجهة *** ويزحـــم ليــــلاً شهبه بالمناكب
وقور على ظهر الفـــــلاة كأنه *** طوال الليالي مفكرٌ في العواقب
يا أهـــل أندلس لله دركـــــم *** ماء وظل وانهار وأشجار
ما جنة الخلد إلا في دياركم *** ولو خيرت هذه كنت اختار
ألؤلؤٌ دمع هذا الغيث أم نقـط *** ما كان أحسنه لو كان يلتقط
غمائم في نواحي الجو عالقة *** حفل تحدر منها وابل سبـط
أباح الدمع أسراري بـــوادي *** له للحسن أثــــارٌ بــــــوادي
فمن نهر يطوف بكل روض *** ومن روض يرق بكل وادي
وللجهــــور بن الــوليد خــلائق *** كالروض أضحكه الغمام الباكي
ألا يا زهرة ذبلت سريعاً *** أضن المزن أم ركد النسيم
رعـــى الله قبرين استكانا ببلــدة *** هما اسكناها في السواد من القلب
لئن غيبا عن ناظـــــري وتبوءا *** ففؤادي لقد زاد التباعد فـي القرب
يقر بعينــــي أن أزور ثراهمـــا *** والصف مكنــون الترائب بالترب
لكل دور إذا ما تم نقصـــــانُ *** فلا يغر بطيب العيش إنسان
هـي الأيام كمــــــــــا شاهدتهــا دولٌ *** من سره زمن ساءته أزمان
وهذه الدار لا تبغي على أحدٍ *** ولا يدوم على حالٍ لهـا شانُ
طليطلة أباح الكفر منها حماها *** إن ذا نبــــــــــأ كبيــــــــرُ
ألم تك معقــلا للدين صعــــبــاً *** فذلله كمـــا شـاء القديـــــرُ
وكانت دار إيمــــــان وعلــــــــــم*** معالمها التي طمست تنيرُ
ملك الملــــوك أسامـــع فأنادي ؟ *** أم قد عدتك عن السماع عوادي
لما خلت منك القصور ولم تكن ***  فيهـــا كما قد كنت في الأعيـــاد
لا تأمنـــن من الزمـــــــــــان تقلب *** إن الزمــــــــــان بأهلــــه يتقـلب
ولقد أراني والليوث تهابني *** فأخافني من بعد ذلك الثعلب
أقيموا إلى العليا هوج الرواحل *** وقودوا إلى الهيجاء جرد الصواهل
وقوموا لنصر الدين قومه ثائـر *** وشدوا علــى الأعداء شده صائـــل
أدرك بخيــــلك خيــــل الله أندلــــــــــــــــــــــــس *** إن الطريق إلـــى منجاتها درســـــــــــــــــــــــا
وهب لها من عزيز النصر ما التمست *** فلم يزل منك عز النصر ملتمســا
إلا يا رسول الله ناداك ضارع *** على النأي محفوظ الوداد سليمه
دعاك بأقصى المغربين غريب *** وأنت على بعد المزار قريب
يا ولــــــــــــــــــي الله أنت جــــــواد *** قد قصدنا إلـــــــــــــــــــــى حمـــاك المنيـع
راعنا الدهـر بالخطوب فجئنا *** نرتجي من علاك حسن الصنيع
قد جعلنـــــــــــــا وسيله تربك الزاكي *** زلفه إلــــى الله العلــــي السميـع
يا دار أيــن البيـــــض والآرام *** أم أين جيران علـي كـــــــــــــــــــــرام
لما أجابني الصدى عنهم ولـم *** يلج المسامع للحبيب كـــلام
طارحتُ ورق حمامهـــا مترنما *** بمقال صب والدموع سجام
سجاياك إن عفيت أندى واسمــح *** وعذرك إن عاقبت أجلى وأوضح
حنانيك في الأخذ برأيك فلا تطع *** عداتي ولو اثنوا علـــي وأفصحوا
نعــــــــم لي ذنب غير أن لحلمكــــــم *** صفـــاه يزل الذنب عنها فيسمـــــــح
وإن رجائــــــــــــــي أن عندك غير مـــــــــا *** يخــوض عدو اليوم فيه ويمـــرح
أبا الحـــزم إنــي في عتابك مائل *** على جانب تأوي إليه العلا سهلــي
أئن زعم الواشون ما ليس مزعما *** تعذر في نصري وتعذر في خذلي
ما ترى في معشر مالوا *** عن العهــد وخاســوا
كلهــــم يسأل عن مــــا *** لي وللذئب اعتســـاس
أقسا الدهــــر فللمــــا *** ء من الصخر انبجاس
واغتنم صفـــو الليالــي *** إنما العيـــش اختلاس
تفشي يداك سرائر الأغماد *** لقطاف هام واختلاء هوادي
إلا علـــــــــــى غزو يبيد به العدى *** لله من غزو له وجهــــــــاد
وطلـــــــــــــــوع رايات وقود جحــــــــافل *** وقراع أبطال وكر جياد
لا أرى كابن جعفـــــــر بن علــــي *** ملكــــــاً لابســـــاً جلالـــــه مــــُلك
مثل مــــاء الغمــــام يندى شبابــــــاً *** فـــــي حُلتــــــــي تــــوق ونُســــــــك
يطأ الأرض فالثرى لؤلؤ رطب *** وماء الثرى مجاجـــه مســــــك
للجهـــــور أبــــــــي الوليد خلائـــــــق *** كالروض أضحكه الغمام الباكي
ملك يسوس الدهر منه مهذب *** تدبيـــــــــره للمـــــلك خيـــــــــــــــر مــــــلاك
جارى أباه بعدما فات المــــــدى *** فتــــــــلاه بــــيــــــــن الفـــــــــــــون والإدراك
ما شئت لا مــا شاءت الأقدار *** فاحكم فأنت الواحد القهار
هذا الذي تجدي شفاعته غدا *** وتخـــــمـــــــــد إن تــــراه النــــــــــــار
حل في رغاده المسيح *** حل بهــــــا آدم ونـــــــوح
حل بها الله بالمعالــــي *** وكل شيء سواه ريح
وكأن الشمـــــــس لمــــــا أشرقــــــــت *** فانثنت عنها عيون الناظرين
وجه إدريس بن يحي بن علي *** بن حمــــــــــــود أمير المـــــؤمنين
أنظــــــــــرونا نقتبس من نوركـــــــم *** إنه مـــن نـــــــور رب العـــــالمين
يا من تقطع خصره من رقةٍ *** ما بال قلبك لا يكــــــون رقيقا
هل درى ظبي الحمى أن قد حمى *** قلب صب حله عـــن مكنس
فهــــــــو فــــي نار وخفــــــــــــــــق مثلمـــــــــــا *** لعبت ريــــــح الصبا بالقبـــــــس
أنا والله أصلـــــــــــــــح للمعــــــــالـــــــــــــــي *** وأمشـــــــــي مشيتـــــــي واتيه تيهـــــــا
وأمكن عاشقي من صحن خدي *** وأعطــــي قبلتي من يشتهيهــــــا
أغار عليك من عيني رقيبي *** ومنك ومن زمانك والمكان
ولو أني خبأتك في عيونـــــي *** إلى يوم القيامة ما كفانــــــي
لها لحـــــظ ترقـــــــده لأمـــــــــــر *** وذاك الأمر يمنعني رقادي
كان البدر مات له شقيق *** فمن حــــــزن تسربــــل بالحداد
كأن الخال في وجنات موسى *** ســــــواد العتب فـــــــــي نور الوداد
وخــــــط بصدغــــه للحســــــن واواً *** فنقــــــط خده بعــــــــــــــض المــــــــــداد
لواحظـــــــه محيـــــــــــــــــــــرة ولكــــــــن *** بها اهتدت الشجون إلى فؤادي
لقد سرنا أن النعي موكل *** طاغية قد حم منه حمام
أعد الوضوء إذا نطقت به *** متذكرنَ من قبل أن تنســــــى
وأحفظ ثيابك أن مررت به *** فالظل منه ينجس الشمس
وما غربة الإنسان في غير داره ** ولكنها في قرب من لا يشاكله 
تفكر فــــــي نقصان مالك دائمــــًا *** وتغفل عن نقصان جسمك والعمر 
أرى أهل اليسار إذا تُوُفُّوا *** بَنوا تلك المقابر بالصخـــور
أبوْا إلاّ مُبَاهـــــــاة وفخــــــــــرًا *** على الفقراء حتى في القبور
إذا أكل الثرى هذا وهـــذا *** فما فضل الغنيّ علـى الفقير
ورآو حصى الياقوت دون نحورهم *** واستبدلــــوا منه النجوم عقودا
وزنجي آتى بقضيب نـــور *** وقد زفت لنا بنت الكـــــروم
فقال فتى من الفتيان صفه *** فقلت الليل أقبل بالنجــوم
مطل الليـــــــــل بوعد الفلـــــــــق *** واشتكـــــــــى النجــم طـــول الأرق
ولاح الفجــــــر خدا خجـــــــــلا *** حال من رشح الندى في عرق
قالوا الحبيب شكى جعلت فداه *** مرض ألـــــــــــــم بعينه كالعنـــــــدم
فأجبتهــــــــــم مازال يفتك لحظـــــه *** في مهجتي حتى تسربل بالدم
             النهر سلّ حساما *** على قدود الغصون          
    وللنسيــــــــــــــــم مجــــــــــال
           والروض فيه اختيال       
     مـــــــدّت عليه ظــــــلال
                                أما ترى الطير صاحـــــــــا
                                والصبح في الأفق لاحــا
                                والزهر في الروض فاحا
                     والبرق ساق الغماما *** تبكي بدمع هتـون
1. المطلع أو المذهب : كلاهما اصطلاح يطلق على مطلع الموشحة الذي يتكون عادة من شطر أو شطرين أو أربعة أشطر وهو هنا في موشحة ابن مهلهل يتكون من قسمين أو شطرين أو غصنين هما:  
  النهر سلّ حساما *** على قدود الغصون
فتق المسك بكافور الصباح *** ووشت بالروض أعراف الرياح
    وللنسيــــــــــــــــم مجــــــــــال
      والروض فيه اختيال  
   مدّت عليه ظـــــــــــلال
3. السمط: هو كل شطر من أشطر الدور، وقد يكون السمط مكوناً من فقرة واحدة كما هو في الحال في موشحنا هذا، وربما يتألف من فقرتين كقول الشاعر.
آه مما أجــد     شفني ما أجـد
كلما قلت قد     قال لي أين قد
                                      والروض فيه اختيال
                                      مُدّت عليه ظـــــــــــــلال
                        والزهر شق كماما   ***    وجداً بتلك اللحون
  6. الغصن: هو كل شطر من أشطر المطلع أو القفل أو الخرجة وتتساوى الأغصان عدداً وترتيباً وقافية في كل الموشحة وقلّما يشذ الوشاح عن هذه القاعدة ، وأقل عدد للأغصان في مطلع أية موشحة ، وفي الأقفال والخرجة ، اثنان . وكما سبق القول يجوز أن تتفق قافية الغصنين ويجوز أن تختلف، على أنه من المألوف أن تتكون أقفال الموشحة من أربعة أغصان مثل موشح لسان الدين:
  جادك الغيث إذا الغيث همـى *** يـازمــان الـوصـــل بالأنـدلــــس
لم يـكـــن وصــلك إلا حـــلـــماً ***   في الكرى أو خلسة المختلـس
 ب. خرجة رجلية : أي عامية أو أعجمية الألفاظ وهي المفضلة المستحسنة.
ومثالا لذلك موشح لابن القزاز:
        وغــــــــــادة لـــــــم تــــــــزل   تشكو لمن لا ينصف
     يا ويـــح من يتصـــل   بحبل من لا يعســــــف
     لمــــــا رأته بــــطـــــــــــــــل   وهي غراماً تكلـــــــــــــــــف
     غنت وما للأمــــــــــــل    إلا إليه مـصـــــــــــــــــــرف
                  إن نون شنون كارش بيريـــــــم *** تيــــب غـــرمـــــــــــي أوب لــقـــرت
ومعنى هذه الخرجة الأعجمية : ياسيدي إبراهيم ياصاحب الاسم العذب أقبل إلي وفي المساء إن لم ترد جئت إليك ولكن أين أجدك؟.
  أغراض الموشحات:
  بدأت الموشحات في خدمة الحب والغزل وبمرور الزمان ما لبثت أغراض القول فيها أن تعددت ومافتئت موضوعاتها أن تشعبت فأصبح الوشاحون ينشئونها في فنون الغناء والخمر ، ومجالس اللهو ، و وصف الطبيعة ، والمدح ، والرثاء ، والهجاء وكثيراً ما كانت قصور الخلفاء و الأمراء تضم مجالس الغناء حيث يلتقي الشاعر و الوشّاح والمغنّي والملحن ، فيطرب الخليفة وتكون الفرصة سانحة لأن ينال كل من الوشاح والمغنّي شيئاً من عطاء الخليفة .
  على أن الموشحة ما لبثت أن اتخذت طريقاً بعيداً عن الغرض الذي ابتُدِعت من أجله ، فإذا كانت قد بدأت بالقول في الغزل ومجالس اللهو فإنها لم تلبث أن وصلت إلى موضوع القول في الزهد وهو أمر طبيعي فطالما أن الموشحة اتسعت لكي تشمل كل موضوعات الشعر العربي فإنه لا يبدو مستغرباً إذا ما أنشئت الموشحة في الزهد  ويقول ابن سناء الملك: " إن ما كان منها في الزهد يقال له المكفر، والرسم في المكفر خاصة ألا يعمل على وزن موشح معروف وقوافي أقفاله ، ويختم بخرجة ذلك الموشح ليدل على أنه مكفرة ومستقيل ربه عن شاعره ومستغفره".
  وسنعرض لنماذج من الموشحات الأندلسية تبعاً لأسبقية الموضوع الذي أنشئت فيه ، بمعنى أن نبدأ بعرض الموشحات الغزلية ثم الخمرية ثم وصف الطبيعة وكثيراً ما كانت تتشابك هذه الموضوعات وتشترك كلها في موشحة واحدة ولكن يظل للموشحة وجه متميز على الوجهين الآخرين ، ثم نعرض لموشحات المدائح ، ثم الرثاء ، ثم التصوف .
  - الغزل .
 من أشهر الوشاحين الغزلين الأعمى التطيلي وموشحته تلك التي تعتبر مثلاً أعلى لفن الموشحات عن وشاحي الأندلس الذين استولى هذا الفن على مجامع قلوبهم، وملك عليهم تفكيرهم فأخذوا يتأنقون في رصف الموشحات ويجرون المقارنات بينها، وقد ذكر أن جماعة من الوشاحين اجتمعوا في أحد المجالس في اشبيليه، وقد استحضر كل واحد منهم موشحة ألّفها وتأنق فيها فتقدم الأعمى التطيلي لإنشاد موشحته وما كاد ينتهي منها حتى قام كل وشاح بتمزيق موشحته إجلالاً للتطيلي وإعجاباً بموشحته وفيها يقول:
 ضاحك عن جمان *** سافــر عن بـدر ضاق عنه الزمان *** وحـــــــواه صدري آه مــــــــما أجـــــــــد   شفنـــي ما أجـــد 
 كــلمـــــا قلت قـــد   قال لي أين قــد
 وانـثنــى خــــــوط بان *** ذا مهـز نضيـــر
 عــــــــابثــــتـــه يــــــــــــدان *** للـصبا والقطـــــــر
 
- توشيح الخمر والمجون .
 الوشاحون الذين أجادوا في معاني الخمر هم أنفسهم الشعراء الذين رويت لهم مقطوعات في ذلك الميدان من القول أعجب بها النقاد والمتأدبون ، ولا تكاد تخرج معاني الخمر في التواشيح عن معانيها في القصائد والمقطوعات الشعرية ، وفي مقدمة الشعراء الوشاحين الذين أحسنوا القول في هذا السبيل يحيى بن بقي القرطبي الذي قضى حياته بين الكأس والوتر وحل العذار وله شعر رقيق وموشحات عذبة ، ومن أرق موشحاته في الخمر قوله:
 أدر لـــنــا أكــــــــــــــــــــــــواب *** ينســــــــى به الـــوجـــــــــــــــــد واستصحب الجــلاس *** كمــا اقتضــــــــى العهــــــد 
 ونـــــزّه الســــمــعــــــــــــــــــا عن منطق اللاحــي
 والحـــــكم أن يدعـى  إليــــــــك بـــــالــــــــــــــــــراح
           أنامـــــــــــــل العــــنـــــــــــــــــــــــــاب *** ونقـــــــــــــــــــلك الـــــــــــــــــــــــــــــــــــــورد
 حفـــــــــــا بصــدغــــــــــي آس *** يلويهــــمـــــــــــــــــــــــا الخــــــــــــــــــــــــــد
 
- وصف الطبيعة:
 الأندلس باب الطبيعة الخلابة الرقيقة التي خلّد جمالها شعراؤها، فلم يكن معقولاً والأمر كذلك أن يختلف الوشاحون عن اللحاق بركب الشعراء في هذا المجال لقد لحقوا بهم حقاً لكنهم لم يستووا معهم في نفس المرتبة إنما جاءوا في مرتبة تالية ذلك لأن ملوك شعر الطبيعة في الأندلس رفضوا أن يكونوا وشاحين .
 فمن الموشحات الجميلة التي قيلت في وصف الرياض موشحة الوزير الأديب الشاعر أبي جعفر أحمد بن سعيد ، وموشحته قيلت في منتزه جميل في ضواحي غرناطة عُرِف بـ(حور مؤمل) حيناً،و (حوز مؤمل) حيناً آخر.
 وموشحة الوزير الشاعر تجمع إلى وصف الروض وصف النهر الذي خلع عليه الوزير الوشاح عدداً من الألوان البهيجة حين سلّط شمس الأصيل على مائه المفضفض وجعل منه سيفاً مصقولاً يضحك من الزهر الأكمام ، ويبكي الغمام ، وينطق ورق الحمام ، ويصف أيضاً جمال الحور وفتنة الروض التي توحي بالشراب والشراب في الغالب يمد الشاعر أو الوشاح الأندلسي بالغزل الساقي.
 إن موشحة الوزير أبي جعفر موشحة رقيقة وهي من النوع التام لافتتاحها بالمذهب، ولكن خرجتها عامية يقول أبو جعفر بن سعيد:
 ذهبت شمس الأصيل *** فضـــــة النهــــــــــــــــــــــــــــــر
 أي نهر كالمدامــة
 صيّر الظل فدامــه
 نسجته الريح لامـه
 وثنت للغصن لامه
 فهو كالعضب الصقيل *** حـــــــــــف بالشـــــفــــــــــــــــــــــــــــــــــر
 مضحكاً ثغر الكمام
 مبكــياً جفن الغمـــــام
 منطقاً وِرق الحمـــام
 داعــــياً إلــــــى المـدام
 فلــــهذا بالـــقـــبـــــــــــــــــــــــــول *** خـــــــــــط كالسطــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
 وعد الحب فـــأخـــلـــــــــــــف
 واشتهى المطل وسـوّف
 ورســـــولــــــــي قد تعــــــرّف
 منــــه بما أدري فحــــرف
 بالله قل يا رسولــــــــــي *** لش يغــــــــــــــــــــب بـــــــــــــــــــدري
 ومن ذلك يقول ابن المهلهل في وصف الطبيعة :
 أمـــــــا ترى الطير صـــــاح والصبـح في الأفق لاح والزهر في الروض فاح والبرق ســـاق الغمـــــــام  *** يبكـــي بدمـــع هتون 
- المديح:
 أكثر الموشحات التي قيلت في المديح إن لم تكن جميعها قد مزجت بين الطبيعة والغزل قبل أن تدلف إلى صميم المديح ، ولعل أشهر موشحة في هذا السبيل هي لسان الدين بن الخطيب في مدح الأمير الغني بالله صاحب غرناطة ، وموشحة لسان الدين تعتبر من اللون الراقي المتماسك من هذا الفن رصعها بوصف الطبيعة ، وزينها بالتوريات اللطيفة ورونقها بالصور البديعية ، وداعب الورد ولاطف الآس ، ويغزل وشكا والتاع كل ذلك حتى يجعل هذه المعاني مهاداً يلقي من خلالها بباقات المديح التي أراد أن يقدمها لأميره ولم ينس لسان الدين نفسه حين بسط عليها شيئاً من الفخر، كما لم ينس الرجل الذي سلك نهجه وهو يكتب موشحته ونعني به إبراهيم بن سهل الإسرائيلي في موشحته:" هل درى ظبي الحمى" فقد جعل لسان الدين هذا المذهب خرجة لموشحته، وكرم من خلالها في نطاق من العجب والخيلاء الوشاح الكبير ابن سهل . يقول لسان الدين الخطيب:
 جادك الغيث إذا الغيث همـــى ***  يا زمان الوصــل بالأنـــدلـــــــــس لــم يكــــــــــن وصـــــلك إلا حـــلمــــاً *** في الكرى أو خلســـة المختلس 
- الرثاء :
 لقد أسهم التوشيح في الرثاء تبعاً لطموحه في تغطية كل موضوعات الشعر، ومن ذلك موشحة أبي الحسن علي ابن حزمون الشاعر الوشاح ذو المقدرة الخارقة على خلق الصورة البارعة اللاذعة من خلال شعره الذي عاش في أواخر القرن السادس و أوائل القرن السابع يقول ابن حزمون في رثاء أبي الحملات قائد الأعنة ببلنسية وقد قتله نصارى أسبانيا:
 ياعين بكـــــى الســراج *** الأزهر النيـــــرا اللامـــــــع وكـــــان نعــــــــم الــرتاج *** فكسرا كي تنثرا مدامــع من آل سعيد أغــــــر *** مثل الشهـــــــاب المتقــــــــد بكى جميع البـــشـــر *** علـيـــــــــه لمـــــــــا أن فــقــــــــــد 
 كانت الموشحات ثورة على الأوزان التقليدية للشعر العربي وعلى نظام قوافيه وقد لاحظ ابن سناء الملك أن الموشحات تنقسم إلى قسمين:
- ما جاء على أوزان أشعار العرب.
- ما لا وزن له فيها ولا إلمام له بها.
خصائص الموشحات:
  ويمكن أن نجمل خصائص ومميزات شعر الموشحات في ما يلي :
  1ـ الخروج على أوزان الخليل بن أحمد وإن جاءت بعضها عليها إلا أنها كانت خطوة 
  في طريق تحرير القصيدة من قيود الوزن والقافية .
  2 ـ لم  تخرج الموشحة على أغراض الشعر العربي المعروفة ولكنها مزجت بينها .
  3 ـ اعتماد الموشح على الموسيقى جعله يخفي الكثير من عيوبه التي تتعلق
  بالمعاني 
  واللغة فأصبحت الموشحة كالمقعد الذي لا يستطيع الوقوف بنفسه إلا بعكاز  
  الموسيقى
  4 ـ  لم تضف الموشحات جديدا من جهة المعنى فوصفها بعض المؤرخين بأنها 
  كانت مرحلة انحطاط بالنسبة للشعر العربي ، وفي ذلك يقول جودة الركابي : " وهذه 
  المعاني التافهة يسترها طلاء خارجي مستمد من ضروب البيان والبديع " .
  5 ـ لم تلج الموشحات إلى ميدان الفكر والفلسفة وربما كان ذلك للقيود التي ضربت 
  على الأدب آنذاك .
  6 ـ يغلب على لغة الموشحات الأندلسية الضعف والركاكة فالوشاح همه إرضاء 
  العامة .
  وأي كان فالموشحات الأندلسية فننا له مكانته الخاصة وهو طفل هجين يستحسن له
   الفضل في الخروج عن القيود فهو أكثر نجاحا من المحاولات الشرقية كما أن هنالك 
  وشاحون أنتجوا لنا موشحات جميلة يفتخر بها بين الفنون الأخرى .
  نعرج بعد الموشحات إلى  ب-  فن الزجل : وهو أيضاً من فنون الشعر الأندلسي 
  المستحدثة كالموشحات وهو فن للغناء أيضاً ، غير أنه يعتمد في لغته على اللغة 
  الدارجة نسبياً ( اللهجة العامية ) ، وقد يطعم ببعض الألفاظ الأجنبية واشتهر به :
   ( ابن راشد , وابن قزمان ) وغيرهما ...
  ولقد ظهرا في وقت واحد مع ترجيح أن لهما أصلاً مشتركاً في البيئة الأندلسية منذ عهودها القديمة فالفرق بين الموشح والزجل يظهر في:                         فن الموشح
                         فن الزجل
             احتضنت بعض العبارات العامية أو    الأعجمية في خرجتها وأحياناً في كيانها   وبنائها.
          فن الشعر العامي
             إدخال العامية إلى الشعر مع تحوير   في بناء القصيدة وتعدد الأوزان والقوافي
         لا يلتزم الإعراب أو الكلمات   الفصيحة ويعمد إلى استعمال العبارات الشعبية
             أخذ به الجمهور لسلاسته وتنميق   كلامه وترصيع أجزائه
         ظهوره جاء مستهدفاً إرضاء العوام   بشعر يفهمونه ويطربون له، يعبر عن خواطرهم ، ويلتقي مع عواطفهم ويتسق مع قدراتهم   على الفهم والتذوق والإدراك.
        
  مشاهير شعراء الأندلس 
  ج/ تمتلئ كتب التراث الأندلسي بأسماء الكثير من الشعراء فمنهم على سبيل المثال لا الحصر : 
  " عبد الرحمن الداخل ، المنصور ابن أبي عامر المعافري الحاجب ، ابن عبدون  ابن زيدون ، ابن وهبون ، ابن رشيق القيرواني ، المعتمد بن عباده ، ابن عبد ربه ، عباس بن فرناس ، ابن هانئ ، ابن عمار ، ابن دراج القسطلي ، يحي بن حكم الغزال ، يوسف بن هارون الرمادي ، أبو المخشي ....وغيرهم " .
    كان النثر في عصور الأندلس الأولى في مجمله كما كان الشعر ، محاكاة للنثر في المشرق ، فما أن تظهر مدرسة نثرية ما إلا ونجد صداها في الأندلس .
  غير أن ما يلاحظ في أهل الأندلس هو تميزهم في الجمع بين الكتابة والشعر ، فالمعروف مثلاً في المشرق أن ابن المقفع و الجاحظ وعبد الحميد الكاتب وابن العميد كانوا كتاباً ، والمتنبي وبشار وأبا تمّام كانوا شعراء ، بينما أهل الأندلس شاعرهم كاتب و كاتبهم شاعر مثل ابن زيدون وابن الخطيب وابن شهيد وابن الآبار وغيرهم .
  2ـ أهم فنون النثر في الأندلس .
  ج/ فنون النثر الفني في الأندلس كثيرة ، ولقد تبلورت في العصور الأندلسية المتأخرة ويمكن تقسيمها إلى :
  
  1.    فن التراجم : 
  والترجمة هي الحديث عن حياة الأعلام البارزين وهي فن نثري عرف بداية ً عند أهل الحديث وتختلف الترجمة من مترجم إلى آخر فثمة من يهتم بنسب المترجم به وميلاه ووفاته وشيوخه وتلاميذه ومؤلفاته ، وغير ذلك بحسب هدف المترجم .
  وقد ظهرت لدى المسلمين الكثير من الكتب الخاصة بهذا الفن ككتب الطبقات ، أو الوفيات أو السير ، والترجمة تقترب كثيرا من التاريخ ، ولكن ما نعنيه هي التراجم الأدبية .
  وقد عرف هذا الفن في الأندلس ، ومن نماذجه (الغصون اليانعة في شعراء المئة السابعة )  و ( المقتبس من أنباء أبناء الأندلس )  والذي كان مقدمة لسلسلة من الكتب في بابه مثل (جذوة المقتبس ) و (الصلة ) و (صلة الصلة ) و( الذيل والتكملة ) وكتاب ( التكملة ) و(عائد الصلة ).
  ويدخل في فن التراجم الترجمة الذاتية  ، ومن نماذجها في الأندلس ترجمة ابن الخطيب لنفسه ولوالده في ( الإحاطة ) وترجمة ابن الآبار لوالده ولنفسه في (التكملة) 
  2.    فن الترسل ( الرسائل الأدبية ) وتنقسم إلى :  
              أ- الرسائل السلطانية وهي تلك التي تكتب بشكل رسمي وتصدر عن 
  دار الحكم موجهة إلى حاكم ٍ آخر أو إلى الوزراء أو على العمال (الأمراء ) ، أو 
  إلى عامة الناس ، وتسمى بالديوانية . 
            ب- الأخوانية وهي التي يتبادلها الأدباء فيما بينهم .  
            ج- الأدبية الخالصة وهي التي تتحدث في شأن عام أو خاص . 
  ويمكن إطلاق لفظ الأدبية على كافة المراسلات التي تأخذ شكلا أدبيا وترقى بموضوعها إلى درجة العمومية .
  ويمكن أن يدخل في هذا النوع المناظرات والمحاورات التي كانت تتم بين الكتـَّاب.
  ومن نماذج فن الترسل في الأندلس :
  الرسالة الهزلية والرسالة الجدية لان زيدون ، ورسائل ابن الخطيب الأندلسي المجموعة في كتابه (ريحانة الكتــَّاب ) ورسائل ابن برد الأصغر ، رسائل ابن أبي الخصال ، وحبيب الحميري ، وأبي عمر الباجي ....وغيرهم .
  3.    كتب النقد الأدبي :  
  ومن أشهرها (كتاب التوابع والزوابع )لابن شهيد الأندلسي وهو كتاب في نقد الشعراء ، وقد بناه على فكرة أن لكل شاعر ٍ تابعاً من الجن يلهمه شعرا أو يساعده في نظمه وهي فكرة قديمة وجدت في البداية لدى أبي زيد القرشي في كتاب (جمهرة أشعار العرب ) وهو من كتب المشارقة في العصر العباسي .
  4.    فن المقامات :  
  وهو فنٌ قصصي ظهر في المشرق بداية ًعند بديع الزمان الهمذاني ، ثم الحريري  وقد وجد هذا الفن في الأندلس وتطور شيئاً فشيئاً حتى اقترب من شكل الرسالة ، ومن نماذجه ( مقامات السرقسطي ) و(مقامات النباهي ) و(مقامات ابن الخطيب الأندلسي ).
  5.    أدب الرحلات : 
   أشهر رحالتين في التاريخ العربي هما ( ابن بطوطة ، وابن جبير ) 
  وكلاهما من رجال الأندلس ، وقد سجلا ما لقياه في رحلتيهما في كتابيهما المشهورين ( رحلة ابن بطوطة ، ورحلة ابن جبير ) ، ولقد كتب غيرهم كتباً مشابهة لهذين تحدثوا فيها عن رحلتهم ، ولكنها لم تشتهر شهرة هذين الكتابين ، ومن ذلك كتاب ( التعريف بابن خلدون رحلته شرقاً و غرباً ) لابن خلدون الكاتب و الأديب و المؤرخ المعروف ، ومؤسس علم الاجتماع .
  6.    نثر الدراسات ( النثر التأليفي ) : 
  وهي تلك الكتب التي كتبت بأسلوب أدبي في موضوعات تاريخية ، أو اجتماعية أو جغرافية ، وجعلها أصحابها على أبواب و فصول ، وهي كثيرة جداً ومن نماذجها : العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي ، وقلائد العقيان للفتح ابن خاقان الأندلسي والمغرب لابن سعيد الأندلسي ، وكتاب العبر و ديوان المبتدأ و الخبر لابن خلدون .... وغيرها .
  7.    التاريخ : 
  والتاريخ في أصله علم ، يقوم على رصد الحقائق التاريخية ، وهو أقرب العلوم إلى الأدب ، وبخاصة إذا ما صيغ صياغة أدبية ، ونجد بعض كتب التاريخ التي دبجت في الأندلس ، تتخذ الصيغ الأدبية ، ويمزج المؤرخون الأدب مع التاريخ ، إذ يركزون على الجانب الأدبي أحياناً لبعض الشخصيات التاريخية ، وقد يورد شيئاً من النماذج الشعرية أو النثرية ، ومن نماذج ذلك في التراث الأندلسي الإسلامي (( كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة )) لابن بسام الشنتميري .
  8.    الخطابة : 
  عرفت الخطابة عند العرب قبل الإسلام ، وارتقت كثيراً بعد الإسلام على يد خير الخلق محمد صلى الله عليه وسلم ، فهو الذي جعلها على ثلاثة أجزاء مقدمة ثم موضوع ثم خاتمة ، وتسمي العرب الخطبة الغير مفتتحة بالتحميد بالبتراء و الخطبة الخالية من الاقتباسات النبوية أو القرآنية بالشوهاء ، ويمكن تقسيم الخطبة إلى ثلاثة أنواع من حيث موضوعها ، هي :
  ·        الخطبة السياسية . 
  ·        الخطبة الدينية . 
  ·        خطبة الوفود . 
  والخطبة الأدبية هي التي تمتاز بأسلوبها الأدبي الذي يغلب عليه انتقاء الألفاظ و اختيار الجمل و العبارات بعناية ، والمزاوجة بين الأساليب الإنشائية والخبرية ، والمراوحة بين الشعر والنثر .
  وقد عرفت الخطابة في الأندلس منذ فتحها ، ونشير إلى النص الخطابي المشهور المنسوب إلى طارق بن زياد ، وتمتلئ كتب التراث الأندلسي بنصوص خطابية كثيرة  كما نجد في كتابي المقّري ( نفح الطيب ) و ( أزهار الرياض ) .
  9.    النثر الصوفي : 
  ونقصد بالنثر الصوفي الذي عرف في الأندلس الإشارة إلى بعض الكتب التي تحدثت حول فلسفة الحب ، مثل كتاب ( روضة التعريف بالحب الشريف ) لابن الخطيب الأندلسي ، وهو كتاب حول المفهوم الحقيقي للحب الإلهي النقي .
  ويدخل في هذا النوع من الكتب ، الكتب التي تحدثت عن فلسفة الحب البشري مثل كتاب ( طوق الحمامة في الإلف و الإيلاف ) لابن حزم الظاهري .
  3ـ سمات النثر الأندلسي في عصوره المختلفة وبخاصة بعد نضجه .
  آ-  استخدام بالمحسنات البديعية ، اللفظية والمعنوية ، مثل السجع والجناس والطباق والمقابلة ، والتورية والكناية والمجاز.
   ب- وضوح المعاني ، وبساطة الألفاظ وسهولتها ، و خلو العبارات من الركاكة والحشو . 
  ج- المزاوجة بين الشعر والنثر .
  د ـ المراوحة بين الأساليب الخبرية والإنشائية .
  هـ الإيجاز وهو البلاغة.
  و ـ صدق العاطفة ، ويبرز في أكثر النصوص الشعرية والنثرية .
  ز ـ سمو المعاني والأفكار والموضوعات التي عبروا عنها .
  ح ـ جودة الخيال والصورة بحيث يصبح النص قادرا على التعبير والتأثير والإيحاء .
  ط ـ نثر المنظوم ، ونظم المنثور .
  نماذج من النثر الأندلسي .
( رحلة التوابع والزوابع  )
ثانيا : الرسالة الجدية لابن زيدون :
كل المصائبِ قد تمرُّ على الفتى ***وتهونُ غير شماتـةِ الحُسّـــاد ِ
هل أنا إلا يد أدماها سُوارُها ، وجبينٌ عضَّ به إكليلهُ ، ومشرفيٌ ألصقهُ بالأرضِ صاقِلهُ ، وسمهريٌّ عَرَضَه على النُار مثقفُه ، وعبد ٌ ذهب به سيده مذهب الذي يقول 
              فَقَسَا ليزدجروا ومن يك حازماً ***ًفليقسُ أحيانا ً على من يرحـم ُ
  هذا العتبٌ محمود ٌعواقبه ، وهذهِ النّبوةُ غمرةٌ ثم تنجلي ، وهذه النكبةُ سحابةُ صيف عن قريبٍ تُقشّع ، ولن يريبني من سيّدي أن أبطأ سَحَابُه ، أو تأخر ـ غير ضنين ـ غَناؤه ، فأبطأُ الدلاءِ فيضا ً أملؤُها ، وأثقل السحائبِ مشيا ً أحفلُها ، وأنفع الحيا ما صادف جدبا ، وألذُّ الشَّرابِ ما أصابَ غليلا ، ومع اليوم غد ٌ ، ولكل أجل ٍ كتاب ، له الحمد على اغتِنَامِهِ ولا عتب عليه في إغفاله .
  فإن يكنِ الفعلُ الذي ساءَ واحدا *** فأفعالهُ اللاتي سَرَرنَ ألـوف ُ