مذكراتُ هامان
***
شعر
صبري الصبري
***
(هامانُ) عاد لمن أراد وزيرا
ومُدَوَّنا ومفكِّرا نحريرا
ومؤرخا فذا كبيرا كاتبا
من كل ألوان الفجور نوائبا
فانضم (للنت) السريع مسارعا
وبدا وقورا بالمواقع طائعا
يروي الحكاية والرواية للورى
ويذيع سرا للجميع مُصَوَّرا
ويضخ خبرته إلى الحكَّامِ
كالمستشار الوافر الإلمامِ
بالقهر والتعذيب والسجونِ
والبقر بالحراب للبطونِ
والفتك بالجسوم والعقولِ
والضبط والإحضار والمثولِ
والضرب بالعصيِّ والسياطِ
والقطع للرقاب والنياطِ
والسلب للحقول والبيوتِ
والنهب للحقوق .. بالسكوتِ
فالشعب يحيا في أسى مبينِ
بالخوف يخشى سطوة المجنونِ
فرعون في زهو وفي استعلاءِ
بالقسر يرجو خالص الولاءِ
ظن البرايا بالدروب عبيدا
بسلاسل .. ملَّ الأنام حديدا !
واختال مغرورا بأصناف الهوى
بفظاظة الذئب الخطير إذا عوى
ما بين حاشية له بخضوعِ
بصنوف غي مفجع مطبوعِ
بالقصر يخطب خطبة الكذَّابِ
بالشعب يسمع تُرَّهَاتِ خطابِ
ويقول إني راسخ الأوتادِ
أهديكمُ جمعا سبيل رشادِ
فأنا (إله) ساكن بأعالي
(يا ويحه من كافر محتالِ) !
(هامان) دوَّن مسرعا ما فاتا
وأشار فضلا شاهدوه رفاتا
هيا إليه بمتحف التحريرِ
لنرى الغريقَ على وثير سريرِ
مومياء فظ بالهوى قد كانا
بالظلم أغرى هاهنا إنسانا
ليكون فرعونا جديدا فاجرا
يحيا بأحلام الشعوب متاجرا !
فاختار أن يحيا كما الفرعونِ
يطغى يعربد في رحاب الكونِ
وأباح مصر الخير للَّصوصِ
فبها الجواهر في بهاء فصوصِ
وبها النفائسُ في صفاء الجوهرِ
بجمال حسن مستطاب المنظرِ
فرعون قرر أن أعود مُجَدَّدا
لأكون (هامان) الرهيب الأسودا
بالبغي أُنهي ثورة الجياع
والصفوة الأخيار والرعاعِ
وأبث فيهم أخبث العيونِ
وفواحشا بخلاعةٍ لفنونِ
والإعتقال بأسوء التعذيبِ
والإختطاف بأبشع الترهيبِ
فأنا المهاب الألمعي اللوذعي
(يا خيبة الوغد الكذوب الْمُدَّعي) !
ولقد ولعت بمنهج التدليسِ
منذ انخراطي في خطى (رمسيسِ)
كهّان فرعون المتوج عادوا
عن عصر فرعون الأوائل زادوا !
حازوا جميعا ثروة البنوك
فثوت بفقر المدقع المنهوكِ
باعوا بمصر مصانعا وصروحا
والشعب أضحى صوته مبحوحا
ما بين سكان بجوف مقابرِ
وزحام شعب مستنير صابرِ
شعبٍ أصيل طيب موهوبِ
يحيا حزينا في شتات دروبِ
عانى وقوفا في طويل صفوفِ
لينال قرصا من رديء رغيفِ
عاني وعاني ندرة للغازِ
ولديه آبارٌ من الألغازِ
شعب عريق بالبلاء يعاني
ظلما من الفرعون والأعوانِ
ظنوه شعبا بالممات صريعا
فإذاه يحسن بالنهوض صنيعا
يجتاز من أجل الحبيبة مصره
أغلال فرعون الجديد بعصره
فأزال عنها قسوة لطغاةِ
وأعادها لمباهج لحياةِ
وأنالها بحبوحة استنشاقِ
لعبير روض مبهر رقراقِ
يا سعدها مصر الجديدة بالهدى
تهدي شعوب الأرض حبات الندى
تعطي الدروس لسائر الأقوامِ
يا مصرنا يا مصدر الإلهامِ
إني أراكِ بمحكم الترتيلِ
أيضا وفي التوراة والإنجيلِ
قدر رفيع في أعز فخارِ
في مصر يسمو طاهر الأنوارِ
شعب الكنانة دمر البهتانا
وأزال عنه الظلم والأوثانا
بيناير في ثورة الأبطالِ
دكوا الحصون لعصبة الأنذالِ
واسترجعوا مصر الحبيبة كلها
من زمرة ظنت حبيبتنا لها !
فاستغرقت في غمرة لفسادِ
بوسائل شتى من الإفسادِ
فرعون غادر قصره مخلوعا
للشعب أبدى بالصغار خضوعا
قد خر سقف للمظالم هاهنا
ونما قضاءٌ بالعدالة بيننا
والجيش قرر أن يكون مساندا
للشعب كفا مستعدا واحدا
فهم الأشاوس صفوة الأجنادِ
وهم الكرام على مدى الآمادِ
جيشٌ حمى مصر الجمال وشعبَها
فتراه جيشا في المحاسن والبَها
جيش بمصر برحمة وسلامِ
جيش (هناك) بمنتهى الإجرامِ
فالشعب عاني سطوة الإرهابِ
من جيشه الآتي بزحف خرابِ
يا ليته من جيش مصر تعلمَّا
لينال مجدا في علاه مُتَمَّما
لكن فرعون المكير العاتي
أيضا هناك بسطوة القواتِ
ولديه أيضا بالهوى (هامانُ)
فاختل فيهم بالعنا الميزانُ
فيهم ضحايا الفتك بالآلافِ
دون اعتبار الشرع والأعرافِ
فالجيش قرر أن يكون مواكبا
فرعون مرتكبا هناك مصائبا
هذا وإني قد سطرت بصفحتي
ما قد رأيت بدمعتي وبفرحتي
بالذكريات قد استبان الملتقى
وبها سطرت من السطور المنتقى
بقصيد شعر مسهب الأبياتِ
مذكرات مسيرتي وحياتي
إني سأرحل عن حماكم آسفا
فأنا فقدت بأرض مصر وظائفا
ولسوف أنشر راغبا إعلانا
بـ(النت) أرجو أن أنال مكانا
في أي قطر عنده فرعونُ
يأتيه مني بالخطوبِ العونُ
فأنا القرينُ الماهرُ الشيطانُ
إبليسُ .. أدعى في الورى (هامانُ) !