التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,863
عدد  مرات الظهور : 162,374,077

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. > القصة القصيرة جداً
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 10 / 04 / 2018, 44 : 04 PM   رقم المشاركة : [1]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

عندما يبوح الجماد

حنين الماضي يراودني...اشتقت لجدران منزلنا العائلي...اشتقت لصياحنا وصرخاتنا وضحكاتنا ونحن أطفال نلهو ونلعب وسطه ...انه مهد طفولتي الجميلة ومنبع حلمي...ففيه شهدت أول صرخة لي وفيه حلمت بحلمي الأول ...فقد كان حجر أساس لشخصيتي ومركزا لتفجر مواهبي...كان جنة فقدناها جميعا بغياب أعمدة البيت...وبذلك قطع الحبل السري بيني وبينه...لينفرد الحزن بي وتنكسر نفسيتي كلما زرته.
عرف منزلنا العديد من الأحداث المفرحة والمحزنة...عاشت جدرانه معنا كل تفاصيل حياتنا...وسجلت الوقائع على واجهاتها...فكانت شاهدا علينا وعلى تاريخنا .
كل شيء فيه اشتاق لنا كما اشتقنا نحن أيضا لاعادة تلك اللحظات به...أتوق الى موطني الأول ولذكرياتي الطفولية به...أتوق للبهجة والراحة بين حيطانه ولبناته التي تعبق بعطر الأجداد...فتسيل من عيني عبرات في طياتها الكثير من المعاني وأنا أجوبه،فأحس أن كل شيء ينطق فيه ،رغم رفع شعار الصمت والسكون...غاب كل شيء مع الزمن وتلاشى...بعدما كان الاخوة يجوبونه وتتعالى صيحاتهم وآهاتهم وأفراحهم ونقاشاتهم وصراعاتهم وبكاؤهم وابتساماتهم وضحكاتهم...أصبح البيت اليوم تكاد تسمع فيه دبيب النمل من أثر الهدوء السائد به...صمت غريب يلفه...ربما أنه ارتاح منا ومن صياحنا ومن نشاطنا الزائد ونحن صغارا...وربما أنه لم يستطع العيش دون سماع أصواتنا التي كانت بالنسبة له كأوكسجين لازم لحياته...أو كتواشيح يومية يفتتح بها صباحه ويستأنس بها ،ويختتم بها مساءه وهو يضمنا في سباتنا...
كل شيء ما زال كما كان...معالم البيت لم تتغير،ومع ذلك ...تحس برهبة المكان عند ولوجه وكأنك في بيت غريب الى أن تستوقفك بعض الصور الحائطية التي كساها الغبار،فتؤجج فيك الحنين للماضي وتذرف الدموع وأنت تتمعنها...روائح الطفولة تملأ المكان وتناديني...وعبق سحري يعبئ قلبي ونفسي فتستيقظ بداخلي أشياء...فأبدأ بسماع الضحكات تعلو ..وقسمات المرح تطفو...فترتسم على محياي تعابير الفرح...فأدخل في حوار مع مهدي الأول:هل حقا اشتقت الينا؟؟
ردت الأبواب وهي تستقبلني:أهلا بك...طال غيابك...كيف حالك وحال اخوتك؟؟غادرتمونا تباعا..الواحد تلو الآخر وظننت أنه سيكون فراقا قصيرا...لأن الزغاريد كانت تملأ البيت وأنتم راحلون، ففرحت لفرحكم...لكن خاب ظني...فقط تطرقون هذا الباب من حين لآخر...فأيقنت أنها كانت زغاريد الوداع...اشتقت لاهتزازي وأنتم تغلقونني بعنف وقوة...تمنيت أن أنعم بما كنتم تزعجونني به وأنتم صغار...
تابعت النوافذ:كنتم ملح الحياة...الآن أصبحنا نتتبع حمية لتجنب ارتفاع ضغطنا ...آنستمونا كثيرا وحز فراقكم قلوبنا...
استرقت السمع للجدران وتلذذت بصوت خافت هميس يقول:اشتقت لسماع دبدباتكم على السقف...فقد ألفتها كما ألفت ألواني البيضاء التي خططت فيها كل ما عشته معكم وعشتموه معي...ليت الزمان يعود يوما ونعيد ذكرياتنا معا...ثم أردفت قائلة ودموعها كقطرات دماء على خدها :رحلتم دون وداع أو عناق.
هزني أنين الوسائد وهي تتابع الحديث:آه منكم صغاري ..تمنيت عودتكم الي ...واستنادكم علي...وضرباتكم لبعضكم بي...
شعور غريب لازمني وأنا أعيش في جوف هذا الصمت المطبق المعبر...
صاح الدرج:رجوت الله أن تأتوا لأفرح بركلاتكم وأنتم صاعدون ونازلون...سأفرش الزرابي الحمر أملا أن أراكم عليها من جديد...وبنفس الحيوية التي كنتم بها في طفولتكم.
كل شيء أحس به ينطق في منزلنا الذي أصبحت جميع أجزائه تتحدث بصوت حزين مكسور...وتعبر عن تعبها من السكون المخيم عليها...حتى الكراسي أعلنت الثورة وأبت أن يزال عنها الغبار...كرسي أبي قابع في ردهة البيت ينتظر من يجلس عليه بعدما كنا نتسابق لفعل ذلك...والمحظوظ هو من يفوز بجلسة عليه...حتى نوافذ البيت الصدئة ثارت وأعلنت الرفض لما تعيشه،ففضلت البقاء مغلقة ليغفو المنزل في سبات عميق تحت وهج الشمس وضوء القمر...
الكل اشتاق وحن لاعادة تلك اللحظات...رغم أن بيتنا أصبح موحشا بلا رئيس...فتغيرت رائحته ومزق صمته الصدور...وسال بكاء جدرانه على أجسامنا كنار تلهب الذكريات...كبرنا وترعرعنا بين زواياه...عشنا فرحا وصخبا وحزنا به...شكلنا بداخله حلقات للرقص وأخرى للنواح...بيتنا الحميمي ضم أصوات الحب والفرح كما تخللته لحظات مريرة كالعلقم...
كم هو جميل الاياب لمسقط رأسك ومكان تنشئتك وموضع جمعتك به ذكريات الطفولة الجميلة،وأحلام الشباب الموجعة...وكم هو محزن أن تراه يئن في صمت لا يجرؤ على رفع صوته بعدما استبدل بياض جدرانه بعباءات سوداء من الحزن ...فعندما يأخدنا الحنين للوراء ،لا نعلم...هل نبتسم لأن الذكريات جميلة...أم نبكي لأن الماضي لن يعود...

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 04 / 2018, 45 : 02 AM   رقم المشاركة : [2]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: عندما يبوح الجماد

أهلا بك أخت لطيفة .. لم أصدق عيني ، خاطرتك الرقيقة جاءت مواتية مطابقة لما فعلته ، منذ بضعة أيام كنا عائدين في وقت متأخر من الليل وقد أخذني الحنين إلى بيتنا القديم ، فكان إصراري أن يتجه الجميع معي إلى الشارع القديم ، فذهب الجميع نزولا على رغبة حنيني ، ووقفنا في صمت كأن على رؤوسنا الطير ، او كأننا في حداد ، وبدأ حديث الذكريات يراود كل منا ، وعشت نصك واقعا قبل أن أراه مكتوبا هنا ، واندهشت كثيرا وتأثرت وأنا أقرؤه وكأنني أنا من كتبه ..جميل نصك أخبرني أن للجمادات منا وفاءا خاصا كما أنهم يشعرون بنا بطريقتهم الخاصة .
جزيل شكري لك ولنصك الوفي .
تحيتي
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 04 / 2018, 30 : 04 PM   رقم المشاركة : [3]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عندما يبوح الجماد

يسرني أن تكون قصتي جزء من سيناريو ليلة من لياليك أختي عزة عامر ...وأظنها كذلك بالنسبة للعديدين...فمهما اختلفت الأماكن يبقى الاحساس واحد هو الحنين لمسقط الرأس وذكريات الطفولة.
وكما ذكرت عزيزتي..وفاء الجماد أكبر واحساسهم بنا مختلف.
يسعدني اعجابك بنصي ومرورك به دمت مساندة لما أخط.
تحيتي وتقديري
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18 / 04 / 2018, 16 : 05 PM   رقم المشاركة : [4]
ليلى مرجان
موظفة إدارية-قطاع التعليم العالي-حاصلة على الإجازة في الأدب العربي

 الصورة الرمزية ليلى مرجان
 





ليلى مرجان is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عندما يبوح الجماد

جميلة هذه العودة إلى المهد بما تحمله من مشاعر جياشة
أختي لطيفة أشم رائحة النبوغ في هذه البداية لحرفك
واصلي الدرب
محبتي
ليلى مرجان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 04 / 2018, 38 : 02 AM   رقم المشاركة : [5]
لطيفة الميموني
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية لطيفة الميموني
 





لطيفة الميموني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: عندما يبوح الجماد

أشكرك أديبتنا الغالية ليلى مرجان على تشجيعك ...مرورك عبر قصتي زادها جمالا وتعليقك أعطاها بهاء ...
كل التقدير والاحترام لك عزيزتي.
لطيفة الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الجهاد, يبوح, عندما


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
شرف الجهاد غازي المهر شعر التفعيلة 1 20 / 02 / 2018 27 : 07 PM
الحلاج محمد احمد معوص شعر التفعيلة 2 24 / 01 / 2015 01 : 03 PM
في ذكرى ميلاده يتوج الشاعربغدادسايح بطلا في المهرجان الوطني للشعروالأنشودة بالجزائر ياسين عرعار تهنئة، تعزية، معايدات 2 13 / 07 / 2010 12 : 10 PM
الجهاد الانيق نزهة المكي الصحافة و الإعلام 0 03 / 04 / 2010 49 : 02 PM
الجناح المكســـــــــــــــــــــــــور محمد سعد عبد الرحمن شعله جمهورية الأدباء العرب 0 04 / 10 / 2009 56 : 11 PM


الساعة الآن 00 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|