سأل رجل القاضي أبو العباس بن سريج البغدادي (ت: 306 هـ / 918 م) القاضي إمام الشافعية عن قوله تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ﴾ ـ البلد 1 ـ فأخبر أنه لا يُقسم، ثم أقسم به في قوله: ﴿ وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ﴾ ـ الزيتون 1، 3 ـ. فقال له ابن سريج: أيُّ الأمرين أحب إليك: أجيبك ثم أقطعك، أو أقطعك ثم أجيبك؟ قال: لا، بل اقطعني، ثم أجبني. قال: اعلم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجال، وبين ظهراني قوم، كانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزاً، وعليه مطعناً، فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلقوا به، وأسرعوا بالرد عليه، ولكن القوم علموا وجهلتَ، فلم يُنكروا منه ما أنكرتَ.
= فالعرب قد تُدخل «لا» في أثناء كلامها وتُلغي معناها كقول العجَّاج:
في بِئرِ لا حُورٍ سَرى وَما شَعَر
يريد: في بئر حور سرى وما شعر (إعجاز القرآن للخطابي 57)، بئر حور: بئر هلاك، والحور جمع حائر من حار إذا هلك.