رد: العصر الجميل
ثقافة الحرب وثقافة مابعد الحرب
• فظائع وجرائم:
"ثقافة الحرب" مجموعة من التصورات والممارسات والإنتاجات الأدبية والفنية التي تعد إطاراً لاتقطاب الشعوب الأوربية في الصراع. الحرب لحظة فاصلة في تفظيع العقول وترهيب القلوب.
نافست"ثقافة الحرب" الصحافة القومية في بث النداءات الوطنية، انتشرت الشائعات وجندت نفسها لنقل حركة الدعاية الحكومية وأحاطت الرأي العام بإطارها، واخترقت المجتمع بتهوين صورة الصراع.
تطورت الثقافة الوسائطية فكانت الصور الفوتوغرافية والجريدة السينمائية للأحداث الجارية والملصقات وبطاقات الكارت بوستال، والمصورات المدرسية وغيرها من هذه التقنيات توجه الإنسان تجاه الصراع كما يمر تهوين الصراع banalisation بالإبقاء على ممارسات أوقات الفراغ المتبعة في اوقات السلم، كرة القدم ومسرح للجيوش وبرامج ميوزيكهول ومسارح تتوالى عروضها الوطنية أما في المدارس موضوعات الإنشاء بالفرنسية ومسائل الحساب الجغرافية والتاريخ والوطنية كما استهدف الخطاب المدرسي وأدب الطفل وعسكرة الألعاب استنفار الشباب وتم تركيب بعض الرموز على دبابيس على صورة الأطفال والأبطال الساعين إلى الالتحاق بالجبهة، وأصبحت من أدوات الدعاية.
تناولت ثقافة الحرب موضوعات تحرص على الرضا بالصراع، ونشر الديانة الوطنية، تم استثمار موضوع الانتقام وتحول إلى حرب صليبية من أجل الحضارة، ويتيح نشر روح التضحية وربط المعتقدات الجمهورية والمسيحية معاً، اعتمدت ثقافة الحرب على معتقدات جمهورية وقومية لرجال مكلفين بالدفاع عن بلادهم.كما اعتمدت على تصورات سابقة على نشوب الصراع من تأملات في الإنحلال الفسيولوجي للعدو؛ تفاقم النزاعات القومية.
ثقافة الحرب تندرج في إطار تفظيع المجتمعات الأوربية، استندت هذه الرؤية على فكرة موافقة الشعب وتناولتها الرضا بالموت اتخذ لدى الشجعان اكثر من معنى النضال من أجل حرية البلد.
• الخروج من الحرب:
عملية فك"استنفار ثقافي" تضحية الجنود الشهداء جسمها نصب للموتى في كل تقسيم محلي، وإحياء الذكرى في الحادي عشر من نوفمبر ـ الذي أصبح في عام 1922 عيدا قومياً يجمع كل عام المحاربين القدامى في احتفال مدني وجنائزي وأصبح التنافر بين الفرنسيين والألمان والفظائع الفعلية أو الافتراضية التي اقترفها العدو"قطع الأيدي"وموضوعات دعاية.
الخروج من الحرب كان بطيئاً، أُقيمت الاحتفالات لاستقبال الكتائب، واحتفالات العودة والولائم ومسيرات الإنسحاب وأُطلقت الألعاب النارية هذه الطقوس غذت ثقافة الحرب، هؤلاء الشباب حمل بعضهم وصمات الحرب هيمن الحزن على سنوات الحرب مباشرة، لقد أصاب أمة بكاملها.
• آثار الحرب على الإنتليكتواليين:
سببت الحرب الشرسة شراسة في صفوف الإنتليكتواليين وفي عالم الأفكار، شهدت نهاية القرن التاسع عشر انقسام الفقهاء إلى معسكرين متعارضين عشية الحرب العالمية الأولى اختلفت مسارات هؤلاء لقد انحازوا إلى " دريفوس" من المفترض أن تكون آخر حرب على الإطلاق.
لقد غيرت هذه الحرب وثورة 1917 البلشفية المعطيات، لقد نشبت معارضة بين دعاة القومية ودعاة السلام؛ ولعب اتخاذ المواقف السياسية دورا فارقا.دفع تعاظم النزعة الوطنية انضمام الطلبة والأدباء إلى صفوف الجند لالن ـ فورنيبه Alain Fournier وارنست بسيشاري Ernest Psichari كما تطوع من هم أكبر سنا أجانب ووطنيين.
تباطأ الإنتاج المطبوع، حاكت الصحافة بطولات الجند ـ لاكسيون فرانسيز L’Action française احتلت الذروة، ورودان Rodin وجريدة دي باري L’écho de Paris، وأعمال أدبية مثل "النفس الفرنسية والحرب"تأليف موريس بارس Maurice Barrés وكروان المذابح وغيرها من الأعمالي ذات النزعة القومية.
كرس بعدها"دريو لا روشيل" Drieu La Rochelle ومونتيران لان Montherlant الريشة لفكرة خبرة حربية زادت ثراء الفرد ثقافيا وتمنح الأمل للإنسانية، وظهر أدب أقل افتتاناً تغنى بشجاعة المناضلين رواية جاسبارد Gaspard الحاصلة على جائزة جونكور Goncourt ورواية "رينيه بينجامان René Benjamin .
بينما احتلت جرائد الأخبار المزيفة مكانا متقدما فأصبح جريدة "ليفر"Léuvre يومية في أيلول 1914 ثم تأسست جريدة "لو كانار أنشينيه"Le Canard enchainé في عام 1916 وتضاعف عدد الكُتاب الذين فضحوا بؤس الحياة في الخنادق والاختراقات الفتاكة كما برزت مؤلفات تعمد إلى الإدانة "النار، يوميات سرية" Le Feu,journal d’une escouade تأليف هنري باريس Henri Barbusse الذي وجه هجوما إلى المجتمع البورجوازي والرأسمالي والنزعة العسكرية.
وفي عام 1917 قام موبير بورجان بتأسيس "الرابطة الأهلية"La Ligue civique تابع أنصاره النزعة القومية ولقوا من يستمع.
إن الإنتليكتواليين وقفوا منشدين للوطنية الفرنسية التي شجبها جان جيهينو Jean Guéhenno في عام 1934 بدا له بأن "جمهورية الأدب"أصبحت مؤسسة جنائزية مربحة، عملت الهيئات العاملة على تغذية دعابة الحرب لافيس Lavisse ودوركهايم émile Durkheim وهنري برجسون Henri Bergson وغيرهم من الذين شاركوا في"لجنة الدراسات والوثائق عن الحرب" .
بالتوازن مع ذلك، ظهرت على السطح جبهة دعت إلى المسالمة والأممية تحلقت حول "رومان رولان"الذي أثارت مقالاته المنشورة في سويسرا في عام 1915 إعجاب وصحوة طليعة كاملة، دليل على أن نهضة ما نشطت ولايمكن إنكارها"لافورج"La Forgeوتعني (ورشة الحدادة) و "ليزاميل" Les Hembles وتعني(وتعني أرقاء الحال)و"رجال اليوم" Les Hommes du jour وتضاعفت المقالات الداعية إلى ضرورة السلام للعالم ونشرت أعمال رجال تتداولها الأيدي ليتكون مجالا صحيحا متحدا رغم أنه محدوداً.
يتبـــــــــــــــع
|