وداعا سعد أردش
شيخ المسرحيين العرب يرحل وحيدا في أمريكا كتب: عبد السلام فاروق
سعد اردشعن عمر يناهز الرابعة والثمانين عاما ورحلة عطاء فنية واسعة وطويلة, توفي أمس غريبا عن الوطن في الولايات المتحدة الأمريكية الفنان الكبير والمسرحي الأشهر سعد أردش, الذي يعتبر من الرعيل الأول من الفنانين المصريين, أفني جل حياته في خدمة الفن والمسرح, وانجز خلال مشواره الطويل العديد من الأعمال المسرحية البارزة:
وكان الفنان الراحل سعد أردش واحدا من رموز النهضة المسرحية في الستينيات وينتمي إلي جيله الفنانان أحمد عبدالحليم وجلال الشرقاوي ومسرح سعد أردش سياسي اجتماعي وكان أردش قد تعاون مع أبرز كتاب المسرح في تلك المرحلة الذهبية للمسرح المصري ومنهم نعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبة وغيرهم فضلا عن الأعمال المترجمة لكتاب أجانب
ومن أشهر أعماله سكة السلامة ودائرة الطباشير القوقازية والذباب والإنسان الطيب وانتيجون وعطوة أبو مطوة وغيرها من الأعمال التي صارت علامات في مسيرة المسرح المصري ولقد جمع سعد أردش في دراسته بين الفن والقانون.. إذ التحق بمعهد الفنون المسرحية كما التحق بحقوق عين شمس وواصل الدراستين معا فحصل علي بكالوريوس المعهد عام1952 وليسانس الحقوق عام1955 وهو بذلك ابن شرعي لثورة يوليو ومشروعها النهضوي فنيا وثقافيا وهو من مواليد فارسكور التي كانت تتبع الدقهلية قبل سفره في بعثة لإيطاليا لدراسة الاخراج هناك عام1957 وبعد عودته عام1961 وجد فارسكور تتبع دمياط..
ولقد تلقي تعليمه هناك حتي حصوله علي الشهادة الثانوية, ويذكر أن ناظر المدرسة الابتدائية في فارسكور حينما التحق بها كان حلمي البابلي والد الفنانة الكبيرة سهير البابلي والذي كان من أعظم التربويين حيث كانت تربطه علاقة ذات طابع أسري بكل تلميذ, وفي المدرسة الثانوية بفارسكور تعرف أردش علي الشاعر الصوفي الكبير طاهر أبوفاشا.
سعد اردش المولود عام1924, حقق للثقافة العربية وللفن المسرحي رؤية حضارية أساسها معرفة وعلم وبحث واحساس بالأبعاد الجمالية والفنية التي تشكل هوية الخطاب المسرحي, حيث راح منخرطا بمرجعيات ثقافية متعددة ومدارس مسرحية عريقة بهدف هضم الخبرات الانسانية وتفعيل العمليات الابداعية التي تجعل من عالم المسرح ورموزه وعلاماته وفضاءاته ومن الاخراج ومن التنظير ومن النقد خرائط مميزة للابداع المسرحي العربي..
وبرحيل هذا المعلم المربي المبدع, الذي تنقل عبر مواقع متعددة ما بين أستاذ ورئيس قسم التمثيل والاخراج بالمعهد العالي للفنون المسرحية, ومن ثم مديرا لمسرح الجيب, ومديرا لمسرح الحكيم, ورئيسا لقطاع الفنون الشعبية والاستعراضية, ورئيسا للبيت الفني للمسرح, ظل علي الدوام بمثابة الروح والرؤية داخل فضاء المسرح طوال ستة عقود مؤسسا حساسيات فنية مستجدة لواقعية مسرحية تسبر أغوار الإنسان وتصدعاته, كما أنه انهمك باحثا محللا فيما هو محيط بهذا الفرد ـ الذي كان منسيا في فضاء المسرح ـ عبر علاقاته الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وتفاعلاته معها, وبذلك راح لتأسيس المسرح الحر, ومن ثم مسرح الجيب والذي بدأ في وقت مبكر اشتغالاته التجريبية غير المسبوقة في مصر ساعيا إلي ايجاد حلول مسرحية مبتكرة ذات أبعاد جمالية مغايرة لما هو مألوف في العروض المسرحية الواقعية كفكر وتعبير وتفاعل مع المتغيرات السياسية والاجتماعية التي تزامنت وثورة يوليو في مصر..
أما في مجال الترجمة فقد قام بترجمة أعمال مسرحية إيطالية مهمة للعربية منها: خادم سيدين وثلاثية المصيف لكارلو جولديني, جريمة في جزيرة الماعز وانحراف في قصر العدالة لاوجوبتي, الحفلة التنكرية لالبرتومورافيا, وبياتريس لتشنشي, وغيرها..