للسطر رائحة البحر
[ALIGN=CENTER][TABLE1="width:95%;background-image:url('http://www.nooreladab.com/vb/mwaextraedit2/backgrounds/10.gif');border:4px outset green;"][CELL="filter:;"][ALIGN=justify]
للسطر رائحة البحر حين تموج في البال ذاكرة الصور .. هل ستعرفنا حيفا حين نعود إليها؟؟.. لا أدري لماذا أحسّ هذا الإحساس العالي بأنّ المدن والقرى وحتى الشوارع والبيوت في فلسطين تملك سجلا فيه أسماء كل الفلسطينيين ، الذين ولدوا بشكل طبيعي في بلادهم ، والذين ولدوا بشكل قسريّ في بلاد الله الواسعة .. متأكد حدّ اليقين أن أسماءنا وملامحنا وحركاتنا وسكناتنا محفوظة في هذا السجل .. لذلك سنعود ، وكل حبة تراب في فلسطين تعرف أننا سنعود .. وحتى الموتى المبعثرين في قبور هذا البلد أو ذاك سيعودون .. سيقول البعض ، هو جنون الفلسطينيّ ، حلم الفلسطيني ، أمل الفلسطيني ، وهم الفلسطينيّ .. ليكن .. فأن أشعل أصابعي العشرة في الطريق إلى حيفا أقرب إلى ذهني ألف مرة من كلّ كلمات المعلقين بخيط يأس ذابل ..
أن تفتحي الباب يا صديقتي على وسعه للشمس وأنت تفردين ضفيرة الوجد لمدينة اسمها حيفا وبلد اسمه فلسطين، أجدى بكثير من صرخة جارحة لا تستقر على أرض .. لا تظني أنني أصادر حزننا وبكاءنا وعويلنا واشتياقنا لشهدائنا وموتانا .. هذا مستحيل كما تعرفين بالنسبة لكل فلسطينيّ .. لكن أفترض أننا أجدر الناس أيضا بالفرح والحب والأمل .. لا أحد يفهم معنى الحزن الطالع منا شجرة أنين كما نفهم .. ولا أحد يستطيع أن يلامس العزف على وتر الفرح والحب والضحكة المليئة بالحياة كما نلامس .. والشيء الغريب الذي تعلمناه حنينا وشوقا واشتعالا هو قدرتنا المذهلة على البكاء ونحن نضحك ، وعلى الضحك ونحن نبكي .. من غير الفلسطينيّ يعرف سرّ الأم التي تستقبل ابنها الشهيد بزغرودة وتودعه بزغرودة .. إنها مثل كل أم ، لكنها على مدار السنوات أوجدت سرها الخاص في حبها الأشد لوطنها وأولادها معا ، فكانت تعبر من خلال زغرودتها عن مزج عالي الوتيرة بين حبين وحزنين وشعورين .. هذه الأم فلسطينية في فلسفة حبها وكتابة هذه الفلسفة ليس على سطور من ورق بل على سطور من تاريخ وحياة يومية تجعل الكثيرين يقفون مشدوهين أمام صلابة هذه الأم ، وهم لا يعرفون أنها أرقّ من نسمة وأضعف من وردة، لكنها فلسطينية وهذا سرها ..
ستون عاما.. هل هذا غريب .. هل هي طويلة إلى هذا الحد ؟؟.. تعرفين أننا نقيس الزمن بمنطق شعب لا بمنطق فرد .. كثيرون قد يرون في هذا الرقم انتظارا طويلا ممضا .. هم على حق ، لأن النظر إلى الزمن بمنطق الفرد يجعل اليوم الواحد طويلا.. لكن حين ننظر إلى هذا الزمن بمنطق الشعب ، تنقلب كل التعريفات ، ونجد أن الستين عاما أقصر بكثير من التسليم بما يريده الساسة من تقريب الأشياء بالتنازل عن الوطن والرضا بوطن مشلول أو مشوه ما دام لا يضم حيفا ويافا وصفد وكل جزء من فلسطين .. مقياسنا مقياس شعب ، لذلك ليكن الزمن كيفما أراد ، فالشعب هو الشعب ، وانتظار الشعب أقوى بكثير من دوران الزمن .. والشعب هو جدك ثم والدك وبعدهما أنت ثم ابنك وهكذا .. إذن الزمن مهما طال سيبقى معنا وفينا وبنا .. سلمني أبي راية الحنين وسلمتها لابني ليسلمها لابنه .. فهل سيكون الزمن طويلا .. ؟؟.. لا أظن مادام الحنين فينا وبنا جيلا بعد جيل ..
لا تخشي .. سجلي دمعتك في دفتر الانتظار كما تريدين .. وسجلي ضحكتك في دفتر العودة كما ترغبين .. لكن ثقي دائما أن العودة فينا وستبقى .. لأنها مكتوبة على كل سطر من سطور الزمن القادم .. وما كتبته أيادي الشعب لا يمكن أن يمحى ولا يمكن أن يزول .. ألا تريدين أن نشرب فنجان قهوتنا هناك ؟؟.. إذن ثقي أننا سنفعل ..
[/ALIGN][/CELL][/TABLE1][/ALIGN]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|