التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,870
عدد  مرات الظهور : 162,408,336

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج.
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 27 / 06 / 2008, 41 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
يمن الوريدات
ضيف
 


أذلّته ليلة العيد ( قصّة قصيرة )

أذلّته ليلة عيد
قصّة بقلم : أيمن عبد الحميد الوريدات .
الأردن – الزّرقاء
بدأت الطرقات تتعرض لهجوم كاسح من بهارات كعك العيد ومعموله ، أنفك وأنفي وأنوفهم لا تستطيع الصّمود أمام هذا الهجوم ، الدّكاكين عرضت السّميد والتمر والعجوة المطحونة وحبة الطيب وما يرافقها من جوقة البهارات الأخرى ، وبدأتَ تسمع عزف السدور الّتي تخرج من بيت أمّ فلان إلى بيت فلانة ، وبدأت استعارات قوالب الكعك تسجّل أرقامًا قياسيّة ؛ فأمّ أحمد عندها عشرون قالبًا بكلّ الأشكال والألوان ، وإذا أردت واحدًا منها عليك الإسراع في تقديم طلبك ، وفي حفلات صنع الكعك تحلو الأحاديث بين نساء الحيّ ، أحاديث الطّبخ والنّفخ والكعك والمعمول وطرق إنضاجها ، والاستعداد للعيد ، وشرح لآلية شراء الملابس وأشهر محلاتها في السّوق ، وتشكيلة كلّ محلّ ،ولا يفوت أمّ المحروس أن تلمّح لأم فلان برغبتها في أن تكون ابنتها كنّة لها. أطفال الحيّ يذرعون الطرقات والزقاق من وإلى المسجد ليصلّوا بعض ركعات التراويح وسط نهر وزجر الرجال لهم ، لكنهم سرعان ما يعودون ،فمرة في المسجد وأخرى يتحلّقون حول أمهاتهم يتلمّظون ، ويفركون أيديهم شوقًا ، لعلّهم يفوزون بحبّة كعك استوت للتوّ ، وثالثة تجدهم يغنّون أغنية العيد الخالدة : (( بكره العيد وبنعيد وبنذبح بقرة ............ )) ويتجمهرون في مسارحهم الخالدة يشير كلّ منهم إلى اللعبة الّتي سيشتريها صباح يوم العيد ، ويتفنّن بعضهم في وصف تفصيليّ لملابس العيد الجديدة ، ويتماسك آخرون تاركين للملابس التحدّث عن نفسها يوم يرتدونها،ويقصّون ما سيقومون به في اليوم الأول ؛فهذا سيزور قبر جدّه أو جدته ، ثم يصلّي صلاة العيد ويكبّر حيث يحلو لهم أن يطلقوا العنان لحناجرهم ، ويتحدّثون عن زيارة الأقارب والجيران ، وعن ركوب المراجيح الخشبيّة ، وكيف سيحتالون على صاحب المراجيح ، وعن إصرارهم على حصولهم على الشوط الحامي ، ويتباهى كلّ منهم في حساب مبلغ العيديّة الّتي سيحصل عليها .
وسط هذه الأجواء الكرنفاليّة ؛ بأضوائها وألوانها وأفراحها وروائحها يعود عمران من عمله في المدينة الّتي تبعد عن مكان إقامته 200 كيلو مترًا ، بعد أن حصل على راتبه الشّهريّ ، ومكافأة إضافية بمناسبة العيد ، يعود يحملها في جيب قميصه قريبًا من قلبه النابض بحبّ أبنائه وأهله وأهل حيّه ، تُداعب أنفه روائح الطبيخ الصادرة من غرف عمليات إعداد طعام الإفطار ، يدخل وسط الترحيب والتهليل من صغاره وكباره ، وابتسامات ولا أروع من أمّ عياله وحبيبة قلبه ، ويدعو بعد التراويح لاجتماع عائليّ طارئ لمناقشة ميزانية العيد ، عيديّات الأرحام كذا ... وعيديّات الأولاد ... ويخصّص الحصّة الكبرى لملابس العيد ، وتصرّهنّ زوجته في طرف إشارها، إلى ليلة اليوم التّالي حيث رحلة التّسوق المتعبة المفرحة ، وتصحب فيها كلّ الفرقة ، ليشعروا بالبهجة ، فالأسواق مزيّنة ومنارة بالأضواء من كلّ لون ولون ، ورائحة الكعك والحلويات تهاجم شوارعها ، وغناء الباعة المتجوّلين يطرب ، فهذا ينادي على ألعابه ويدقّ الطبل ليجذب المشترين ، وذاك يبتدع الموّال تلو الموّال، وسط هذه الأجواء المبهجة تدخل زوجة عمران السوق وتدخل الكثير من المحلات ، يعجبها شيء ولا يروق لها أشياء ، كلّ هذا وسط صريخ وإصرار وأخذ وردّ بينها وبين ( كورس الفرقة ) فهذا لا يعجبه ( الموديل ) وتلك لا يروق لها اللون ، وأخرى لا تريد نفس فستان ابنة الجيران ، وهذا قصير وذاك واسع ، وألسنة أصحاب المحلات تزيّن الملابس وتطري عليها وتكيل لها المديح ، وتقسم أنّ هذا السعر لم يكن من قبل ، لكنّ الرأي الفصل للأولاد غالبًا ، فهم الّذين سيلبسون ، وتسلّم أمرها لأولادها وتمضي في رحلتها، وتعرج خلالها على بائع الحلويات فهي رحلة ربع سنويّة ، يدخل الكل ويلتهمون نصف سدر من الكنافة النابلسيّة الّتي يتقاطر قطرها ، وتعلو رائحتها فوق كلّ شيء على عجل ، فالمشوار طويل ، وتعاود الكرّة على الأسواق ، وها هي العقد بدأت تفكّ ، محل كبير وجد معظم أولادها وبناتها ضالتهم فيه باستثناء صغيرها صعب المزاج الّذي لا يعجبه العجب ولا الصّيام في رجب على حدّ تعبير أمّه ، فانفرجت أساريرها فمعاناتها إلى زوال ، وفرحة أبنائها ترقص في وجوههم ، لباس وقياس وتبديل ووضع في الأكياس ومفاصلة وأخذ وردّ واتّفاق على السعر ، وتحميل كل ابن لملابسه ، اكتملت فرحتها وبدا هذا على محيّاها عندما رأت كل واحد من فلذات كبدها يحمل ملابسه وهو في غاية الفرح ، أحست بالعيد وفرحته قائلة : العيد فعلا للصغار ، لكنّي أفرح معهم وبهم ، ومدّت يدها إلى كتفها لتنهي يومها الحافل بدفع ما استحقّ عليها ، نظرت يمينًا وشمالا ، أين الحقيبة ؟ كانت معي منذ قليل ، التفتت إلى أبنائها ، سألتهم واحدًا واحدًا ، أوقفتهم وأجلستهم ، أدارتهم يمينًا وشمالاً ، لا حقيبة في الأرجاء ، في الأرجاء ذهول وسكون وحيرة وقلق أطفال وصبية ، وقبلها بلحظات شيطان وابن حرام سرق الفرحة من قلبها ووجهها ، أطرقت قليلاً تأمّلت ، تخيّلت أولادها دون ملابس العيد ، نظرت إلى يدها ، لمعت الفرحة في وجهها من جديد بلمعان إسوارة الذهب الّتي تزيّن معصمها ، أجلست أبناءها ، فكّرت ركضت أسرعت ، وفي لحظات كانت في محلّ الصياغة تبيع الإسوارة ، عادت بالمال ممسوكًا ذليلاً بين يديها ، تمسكه وهو صاغر مطيع لها ، لن تسمح له بسرقة فرحة أبنائها ، وأكملت رسم الفرحة على وجوههم بكلّ ألوان العيد ، كانت أكبر من كلّ شيء ، أكملت عيدهم وعيدها ، وأذلّته .

aymanworidat@yahoo.com
aymanw68@maktoobblog.com

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس
قديم 27 / 06 / 2008, 51 : 08 PM   رقم المشاركة : [2]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: أذلّته ليلة العيد ( قصّة قصيرة )

أخي يمن .. عشت أجواء العيد لحظة بلحظة .. و تذوقت جميع أصناف الحلويات .. و شاركت الصغار و الكبار فرحتهم .. لكني وقفت متأملا لهذه الأم .. أعتقد أنه ليس المال الذي أذل الشيطان ابن حرام يوم العيد .. إنه قلب الأم .. وما المال إلا وسيلة ..
رائع أخي ما كتبته .. لك مني كل الود و التقدير.
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 06 / 2008, 24 : 01 AM   رقم المشاركة : [3]
يمن الوريدات
ضيف
 


رد: أذلّته ليلة العيد ( قصّة قصيرة )

أخي رشيد حقًّا يظهر في القصة أن الأم هي التي أذلّت المال .
هذا ما يتضح في آخر سطر من القصة .
  رد مع اقتباس
قديم 28 / 06 / 2008, 43 : 07 PM   رقم المشاركة : [4]
صبحي البشيتي
عضو فعال و نشيط، دكتوراه في علم النفس التربوي
 





صبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond reputeصبحي البشيتي has a reputation beyond repute

رد: أذلّته ليلة العيد ( قصّة قصيرة )

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يمن الوريدات
أذلّته ليلة عيد

قصّة بقلم : أيمن عبد الحميد الوريدات .
الأردن – الزّرقاء
عادت بالمال ممسوكًا ذليلاً بين يديها ، تمسكه وهو صاغر مطيع لها ، لن تسمح له بسرقة فرحة أبنائها ، وأكملت رسم الفرحة على وجوههم بكلّ ألوان العيد ، كانت أكبر من كلّ شيء ، أكملت عيدهم وعيدها ، وأذلّته .

عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]

aymanw68@maktoobblog.com


بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قلبي على ولدي وقلب ولدي على حجر
ان في الحياة مفارقات فالبعض يفضل العطاء على الاخذ فما بالك اذا كان من يعطي هي الام التي بحر جودها لا ينضب
رحم الله امهاتنا كم ضحين بفرحتهن كي نفرح نحن
شكرا لك على هذع الكلمات الرقيقة التي تسلب الفؤاد
توقيع صبحي البشيتي
 
[frame="12 98"]صلاح الانسان في حفظ اللسان، فقلب الاحمق وراء لسانه[/frame]


[frame="1 98"]
مدونتي في مكتوب


[/frame]
كل ذنبي انني ادركت زمن الصمت ..ولم اصمت
صبحي البشيتي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
في ليلة العيد لطيفة الميموني قصيدة النثر 2 07 / 06 / 2019 57 : 03 AM
نخوة المعتصم ( قصّة قصيرة جداً ) مصطفى حمزة القصة القصيرة جداً 3 10 / 09 / 2016 15 : 12 PM
يا ليلة العيد ميساء البشيتي فنجان قهوة ومساحة من البوح 37 23 / 08 / 2012 36 : 09 PM
دُمُوعٌ/ قصّة قصيرة جدّا - بقلم : محمد علي الهاني( تونس) محمد علي الهاني القصة القصيرة جداً 8 15 / 08 / 2010 31 : 09 PM
العدد التجريبي من مجلة نور الأدب طلعت سقيرق كلمات 16 12 / 02 / 2010 55 : 12 AM


الساعة الآن 30 : 02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|