أي سلام يمكن أن يحدث في ظل الأرقام المفزعة التي أوردها هذا التقرير الحديث للأمم المتحدة عن الحواجز والعقبات التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية. هناك 607 حواجز وعقبات تعرقل حركة الأفراد وتعوق عملية التنمية ونهوض الاقتصاد وتقف عقبة في وجه مفاوضات سلام جدية. لاحظوا أننا نتحدث عن الضفة فقط وليس غزة.
وواقع القطاع معروف فهو كله محاصر من الأرض والبحر والجو. لا دخول ولا خروج منه، حتي المرضي لا أمل لهم في تلقي علاج في الخارج. إذاً وضع غزة أسوأ كثيراً من وضع الضفة رغم أن كلها حواجز وعقبات لإذلال الفلسطينيين وإهدار كرامتهم وتعذيبهم.
وهناك حكايات مخجلة يرويها أولئك المعذبون عندما يمرون علي الحواجز حيث يتعرضون لمساخر وانتهاكات لا إنسانية من جنود الاحتلال. غزة تئن من الجوع واستمرار التوغلات وسقوط الشهداء.
والضفة تشتكي من تقطيعها وتقسيمها وتعذيب سكانها في الانتقال من شارع لآخر ومن قرية لأخري ومن مدينة أو مخيم إلي آخر. مؤخراً عقد مؤتمر بيت لحم الاستثماري وشارك فيه عدد كبير من رجال الأعمال العرب والأجانب بهدف تشجيع الاستثمارات الخاصة في الأراضي الفلسطينية.
لكن المشاركين أصيبوا بالإحباط الشديد جراء ما شاهدوه ولمسوه بأنفسهم في الضفة حيث حولها الاحتلال إلي منطقة طاردة وليست جاذبة للاستثمارات. وقصة الحواجز كانت أكثر من مزعجة لهؤلاء المستثمرين.
إذ كيف يمكن لشاحنات تحمل بضاعة منتجة في مصنع مثلاً أن تتحرك بما تحمله في يسر وسهولة في ظل وجود تلك العقبات الخرسانية ورذالة جنود الاحتلال وتحكماتهم المزاجية في فتح الحواجز أو استمرار إغلاقها. لذلك لا يتوقع أن تكتب لنتائج ذلك المؤتمر النجاح.
وبسبب هذه القيود فإن البنك الدولي كان واضحاً عندما دق ناقوس الخطر بأن النمو الاقتصادي في الأراضي الفلسطينية سيكون صفراً في 2008 . كوشنير وزير خارجية فرنسا وبعد زيارته لرام الله كان صريحاً عندما قال: إن اقتصاداً حديثاً لا يمكنه العمل دون حرية حركة الناس والبضائع والخدمات والرساميل . وانتقد أيضاً تلك الحواجز والعقبات واستمرار الاستيطان.
هذا الوزير عندما عاني في انتقاله من " تل أبيب " إلي الضفة صدع برأيه، لكن "إسرائيل" لا ترضخ لأحد، إنما تمارس الالتفاف علي الأمريكان أنفسهم، فالأربعون حاجزاً التي أزالتها لأجل عيون رايس وضعت بعد ذلك حواجز جديدة أكثر منها.
وقد فاض الكيل بالسلطة وبمراوغات وألاعيب " حكومة إسرائيل " التي لا توفر وسائل النجاح لتلك السلطة ولرئيسها محمود عباس. وهذا يعطي منطق المقاومة والنضال مشروعية أكبر طالما أن منطق السلام لا يشفع لأصحابه عند هذا المحتل الكريه.
طه خليفة/ عن صحيفة الراية القطرية
30/6/2008
[/align][/frame]