البيمارستانات (من مواد الموسوعة الفلسطينية-القسمالأول-المجلد الأول)
البيمارستانات (من مواد الموسوعة الفلسطينية – القسم الأول – المجلد الأول):
"البيمارستان " هو المستشفى في لغة العصور العربية الوسطى. وقد كان في فلسطين حتى نهاية العهد المملوكي ثماني بيمارستانات : الفاطمي والصلاحي في القدس , وستة بيمارستانات أخرى في صفد والخليل وعكا والرملة وغزة ونابلس .
1) البيمارستان الفاطمي في القدس : هو على الأرجح أول بيمارستان بني في فلسطين . وقد ورد ذكره في كتاب سفر نامة للرحالة الفارسي ناصر خسرو على الوجه التالي : "وفي بيت المقدس مستشفى عظيم عليه أوقاف طائلة ويصرف لمرضاه الكثيرين العلاج والدواء , وبه أطباء يأخذون مرتباتهم من الوقف. وهذا المستشفى ومسجد الجمعة يقعان على حافة وادي جهنم ".
أما تاريخ هذا النص فهو الخامس من رمضان سنة 438هـ/16آذار 1047م. ولم يعرف حتى الآن اسم بانيه أو سنة بنائه, لكن يُرجح أنه بني في الزمن نفسه الذي بنيت فيه دار العلم الفاطمية في القدس , أي حوالي سنة 400هـ/1009 م, في أيام الحاكم بأمر الله, وظل عامراً ما يقرب من قرن إلى أن احتل الإفرنج مدينة القدس عام492هـ/1099م.
2) البيمارستان الصلاحي في القدس: هو من مآثر السلطان صلاح الدين الأيوبي, , وقد جاء عنه في كتاب" الأنس الجليل" لمجير الدين العليمي الحنبلي ما يلي:" وجعل الكنيسة المجاورة لدار الإسبتار بقرب قمامة(كنيسة القيامة) بيمارستانا للمرضى ووقف عليه مواضع , ووضع فيه ما يحتاج من الأدوية والعقاقير , وفوّض النظر والقضاء في هذا الوقف إلى القاضي بهاء الدين يوسف بن رافع ابن تميم المشهور بابن شداد لعلمه بكفاءته". وجاء في كتاب" سيرة صلاح الدين " لابن شداد ما يلي: "وأمرني السلطان بالمقام في القدس الشريف لعمارة بيمارستان أنشأه فيه, وإدارة المدرسة التي أنشأها فيه إلى حين عودة . وسار من القدس الشريف ضحوة نهار الخميس في سادس شوال 588هـ(15تشرين الأول 1912م) ". وكان السلطان قد أنشأ هذا البيمارستان سنة 583هـ/1187 م عندما فتح القدس , وكان واحداً من عدة مؤسسات علمية وخيرية أنشأها صلاح الدين في المدينة وفي الديار المقدسة . وكان من أوائل القائمين عليه يعقوب بن صقلاب النصراني المقدسي المشرقي الملكي (توفي سنة625هـ/ 1228م) , ورشيد الدين الصوري(توفي سنة 639هـ/1242م) . ويقول بعضهم أن هذا البيمارستان لم يعمّر طويلاً, وإنه اندثر نهائيا في العام 863هـ/1458م) لكن عارف العارف , استنادا إلى سجلات المحكمة الشرعية بالقدس , يجزم أنه استمر حتى القرن الثامن عشر .
3)البيمارستان الصلاحي في عكا: أنشأه السلطان صلاح الدين . جاء في "الأنس الجليل" ما يأتي:" ورتب أحوال عكا وأمورها, ووقف نصف دار الإسبتار رباطا للصوفية ونصفها الآخر مدرسة للفقهاء, وجهل دار الأسقف بيمارستاناً للضعفاء".
4) البيمارستان المنصوري في الجليل : من أوقاف السلطان المنصور بن قلاوون بن عبد الله, وقد عمّره في سنة 680هـ/1281م. على حد قول العليمي .
5) بيمارستان غزة : من أوقاف الأمير سنجر بن عبد الله الجاولي, وقد استنابه السلطان الناصر محمد بن قلاوون بغزة سنة 711هـ/ 1311م. وكان هذا البيمارستان جزءا من نشاطه العمراني في تلك المدينة .
6) بيمارستان الرملة : من أوقاف ناظر الجيش فخر الدين محمد ابن فضل الله القبطي. وقد بنى هذا الناظر المملوكي الشهير عدة مساجد, واتصل بخدمة الناصر محمد بن قلاوون , وتوفي في رجب سنة 732هـ/ نيسان 1332م.
7) بيمارستان نابلس: بناه فخر الدين القبطي أيضا .
8) بيمارستان تنكز في صفد: أنشأ هذا البيمارستان الأمير المملوكي الكبير سيف الدين تنكز نائب السلطنة بالشام أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون. وكانت وفاة الأمير تنكز في سنة 741هـ/ 1340م .
بيمارستانات فلسطين المذكورة في المصادر المتوفرة , وقد كان عددها كبيراً إذا ما قورن بعدد البيمارستانات في باقي بلاد الشام . ويبدو أن هذه المؤسسات كانت جزءاً أساسياً من تنظيمات الدولة . وكانت تهدف إلى غرض عام هو مداواة الجنود والجرحى والعناية بهم, خصوصاً في العصر الأيوبي , إذ أن قسما كبيراً منها أسس إما من مال الفدية وإما من بيت المال.
ولا يعرف إلا القليل عما آلت إليه هذه البيمارستانات فيما بعد. كما لا يعرف إلاّ اليسير عن دقائق أمورها وأوقافها وأحوال القائمين عليها . وقد أصبح البيمارستان في العصر العثماني على ما يبدو مختصاً بالأمراض العقلية دون سواها , بالرغم من أن علم الطب ظلّ مزدهراً في فلسطين حتى القرن الثامن عشر على الأقل .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|