نافذة على العالم الساحر ( مقال نقدي )
نقد للسلسلة القصصية "نافذة على العالم الآخر" .. للأديبة هدى الخطيب
بقلم د. ناصر شافعي
كتابة التاريخ وتعريف الأجيال بماضيهم وحاضرهم .. ومحاولة إستعادة الأحداث وإعادة سردها هو فن وعلم كبير .. وبحر عميق لا يستطيع الغوص فيه سوى غواص ماهر . نافذة على العالم الآخر سلسلة قصصية ( حسب تصنيف الكاتب ) مشوقة و مثيرة للإعجاب لما في النص من عوامل إبداع عديدة .
النجاح و الإبداع في النص جاء من تضافر و تداخل وتناغم العناصر التالية :
الزمان - المكان - الحدث - الشعور - الفعل - رد الفعل - السرد - الاسلوب الأدبي الشيق الجذاب .
هذه السلسلة القصصية للكاتبة الأديبة هدى نور الدين الخطيب .. جعلتنا نتساءل أسئلة كثيرة .. أهمها على الإطلاق .. كيف يمكننا إعادة صياغة التاريخ و تقديمه لمن بعدنا من أجيال ؟ .. كيف نجعل من السرد القصصي فائدة و إمتاع في وقت واحد؟ .. كيف نستحضر و نستلهم - بخيالنا الأدبي الخصب – شخصيات الراحلين من العظماء و الحكام والأدباء و كل من ترك بصمة في تاريخ العالم ؟ .. كيف نفتح نوافذ العلم و الأدب و الفكر ، لنرى و نعيش عوالم أخرى ؟
لقد إستطاعت الأديبة بما تملك من معلومات تاريخية و حقائق مادية ، و أدوات و أساليب أدبية بارعة ، أن تزيح الستار عن ما وراء الأحداث و الأفعال التي ذكرها التاريخ .. فهي تقول بجلاء ووضوح على لسان ملكي صادق ( أحد الشخصيات العظيمة التي قابلتها في العالم الآخر ) :
" أرجو أن تتعلمي مني شيئا من الحكمة التي منّ بها الإله الواحد عليّ وتعلمينها للناس.. الحقيقة مهما كانت ناصعة إن لم يحافظ عليها أصحابها و يحيطونهابحفظهم و رعايتهم و يتعبون في حمايتها تمتد الأيدي الآثمة لتغيّر معالمها و تسطوعليها و الحقيقة كنزٌ في بلاد كبلادنا و جوهرة ثمينة تحتاج كل الأيدي المخلصة والعقول النيّرة و الوفاء لحمل الأمانة..
لقد نجحت الأديبة هدى الخطيب أن تنقلنا ببراعة و حكمة إلى العالم الآخر دون الدخول في متاهات كينونة هذا العالم وكيفية الإنطلاق إليه أو التفاعل معه .. كان السرد القصصي و الحوار الواضح الصريح بينها و بين الشخصيات الأخرى نوعاً من الإبداع الأدبي الذي لا يقدر عليه سوي العالم الأديب و الأديب العالم .
حافظت الأديبة على أساسيات في النص :
الأدب ، الحكمة ، الحقيقة ، الوفاء ، الأمانة ، و الصدق .