تغير حال الكثير من البوادي المغربية بتزويدها بالكهرباء وإصلاح الطرق وتوسيع شبكة الاتصالات؛ فلم يعد القروي بالضرورة ذلك المواطن المعزول الذي يصعب التواصل معه أو تغيب عنه التحولات الدولية أو الوطنية.
بعض الفلاحين الصغارالممتلكين لأراض زراعية لابأس بها عرفوا كيف يستثمرون خبراتهم والنصائح والإعانات المسداة إليهم فطوروا طرقهم الإنتاجية و التسويقية لينمو نجاحهم مع طموحهم ومساحة أملاكهم .
المزارع الحسنة الغرس،المنظمة الري والتي يتوسطها بيت مدجج بالكماليات تغري بالإقامة فيها فأن تصحو على صوت البلابل أو حتى الديكة أفضل بكثير من أن يوقظك ضجيج السيارات أو صوت بائع متجول صداح يروج لبضاعة أو خدمة ربما لن يبتغيها أحد لكنه يلح على طلب رزقه.
لكن التساؤل الذي يطرحه كل من يجرؤ على تشغيل فكره هو:
هل الرفاهية داخل البيوت كافية و هل الدخل المحترم لرب البيت القروي يجعله وأهله
سعدا ء، راضين عن الإقامة والحياة الريفية؟
في الحقيقة ومن خلال اطلاعي على عدة نماذج من الأسر القروية المغربية يمكنني الإستنتاج أن أول ضحية مفترضة للإقامة المذكورة هي الفتاة .
لحد الآن إن توفرت المدارس بالقرى فإن الإعداديات والثانويات تغيب والمسافة التي قد تفصل بين الثانوية والبيت وغياب سكن يضمن رعاية وصون الفتاة يجعل الآباء يستسهلون منع بناتهم من متابعة مسيرتهن.
الدراسة حتى حدود المرحلة الثانوية ليست تضمن الحصول على دبلوم شغل أو التألق الأكاديمي للبنت لكنها تعطيها حقها كإنسانة قاصر في اكتشاف عالم المعرفة والأدب وتمنحها مفتاح تثقيف نفسها بعد ذلك إن شاءت كما أنها تدعمها في صقل شخصيتها وقراراتها و رغباتها.
إن النظر إلى العالم من خلال شاشة التلفاز و انتظار العريس الذي قد يأتي وقد لايأتي مسألة سلبية و تعيسة نوعا ما ؛ فالزواج لم يعد بديهيا ولا يسيرا كما كان في أزمنة غابرة:
الشاب القروي يغادر لترافق دربه امرأة من المدينة أو من خارج الوطن أوحتى أجنبية يتمسك بها أما الفتاة فلا تملك إلا الحياء و الحشمة والطاعة والصبر والإنتظار و هذه معادلة بها خلل ينتج عذارى عوانس يثرن الشفقة ويصرن عالة على أسرهن .
حق التعليم بالنسبة للبنت القروية المغربية يبدو لي مهما كحقها في الحياة الكريمة و الاجتماعية و الاندماج.
إنه لمن المرير أن يعيش الإنسان مرحلة طويلة من حياته كبضاعة تنتظر مشتر .
ومن المثير للتشاؤم أن يكون كل مانسلح به أمهات الغد هو تعليم ابتدائي هزيل إن تمت مراقبته و تقييمه كشف عن تردي و تخلف مستواه.
التنمية ومسيرة التحضر الداخلية عليها أن توصل مشعل الوعي إلى كل ربوع المملكة .بناء حجر أساس لمدرسة لايراقب لاأداءها ولاالتزامها لايكفي.
من أجل غد أكثر تكافؤ و عدالة اجتماعية أشمل على الفتاة القروية أن تمنح تذكرة لرحلة تعليمية أطول و أفضل.