التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,870
عدد  مرات الظهور : 162,408,305

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > نقد أدبي
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 04 / 01 / 2008, 20 : 08 AM   رقم المشاركة : [1]
أ. د. صبحي النيّال
ضيف
 


عندما يطير الفلاسفة


عندما يطير الفلاسفة أو قاص من سلالة بورخيس



عندما يطير الفلاسفة


أو قاص من سلالة بورخيص


مصطفى لغتيري










الإدهاش هو السمة المميزة للإبداع الحقيقي ، فكلما امتلك النص نصيبا من الطرافة و الجدة مشفوعين بصوغ أدبي بليغ، تتراص فيه الكلمات بحرفية و إتقان ، استطاع هذا النص شد الانتباه ، وانتزع – بالتالي- شهادة اعتراف من طرف المتلقي بأن صاحبه ، أي صاحب النص ، قد أبدع فأجاد.

هذا ما جال بخاطري ، و أنا أتلقى نصوص المجموعة القصصية " عندما يطير الفلاسفة " باكورة القاص محمد أيت حنا الصادرة عن منشورات أجراس .. ومبعث ذلك في نظري النهج الذي ارتضاه القاص لنفسه في كتابة قصص المجموعة ، تلك التي أبدا لا يمكن أن تمر على القارئ مرورا عاديا عابرا و كريما .. بل فمنذ النصوص الأولى ، يجد المتلقي نفسه ضحية استفزاز لذائقته الأدبية ، فلا مناص حينئذ من الغوص عميقا في ذاكرته القرائية ، بحثا عن مرجعية مفترضة لهذه النصوص المائزة .. وهذا بالضبط ما أناخ بكلكله علي ، و أنا أتصفح قصص المجموعة ، التي جاءت في ثمانين صفحة من الحجم المتوسط ، ضامة في حضنها اثنتي عشرة قصة.

ولعل أول ملاحظة تثير القارئ تتمثل في مرجعيات النصوص باعتبار أن لكل كاتب مرجعيته أو مرجعياته ، فلكل منا أسلافه من الكتاب الذين قد يتم الإعلان عنهم حينا ، لكنهم يظلون مستترين في ثنايا المكتوب و لا وعيه حينا آخر .. هذا علاوة على أن نصوص المجموعة تغري بذلك البحث و تحث عليه .

ولما كانت كل كتابة هي – من حيث العمق - تربطها علاقة تناص مع كتابات أخرى سابقة لها ،فإن المتلقي لكتابة محمد أيت حنا ، سرعا ن ما ينبثق إليه من ملفوظ النصوص و مسكوتها ، الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس ، بكل ما يمثله هذا الهرم في ذاكرة القصة العالمية.
ومرد هذا الإقرر سمات معينة تميز كتابة أيت حنا ،منها ما يتعلق بالتيمات و أخرى تتعلق بالأسلوب ، وهذا ما يجعل شبح بورخيس يطارد القارئ من أول النصوص حتى آخرها.

لقد تميز بورخيس بكتابته المميزة له دون غيره ، والتي تتخذ من المكتوب السابق لها مرجعا لها ، فهي كتابة مثقفة ، لا تني تنقب في التراث الإنساني عن الطريف و الغريب ،و العادي أحيانا ، لتتخذ منه تيمة لها ، فتعيد تشكيله بوعي حداثي عصري ، باحثة فيه عن عناصر لم يتم التطرق إليها من قبل ، لتسلط عليها الأضواء حينا أو تفسرها بشكل مختلف أحيانا أخرى .. هدفها خلق الدهشة لدى المتلقي ، كما حدث حينما استثمر بورخيس قضية خطأ ابن رشد في ترجمة التراجيديا و الكوميديا بالهجاء و المدح.
وقد سارت نصوص مجموعة "عندما يطير الفلاسفة "على نفس المنوال ، خاصة في قصص بعينها مثل قصة الآخرو قصة الفيلسوف الطائر وقصة ما تفعله بك الجيوكاندا و قصة ذات الوشاح الأحمر.. ففي هذه القصص و غيرها يستحضر الكاتب الحادث الأصلى أو النص الأصلي محاولا إعادة قراءته انطلاقا من مرجعيته الخاصة ونظرته للحياة و الكتابة ، فيستغل ذلك من أجل عرض تصوراته التي غالبا ما يطبعها التجريد في قصص المجموعة ، وهذا في رأيي يحد من توهج بعض النصوص رغم قيمتها العليا ، إذ لا سبيل للقص سوى الاشتغال في الملموس ، والتجسيد .

ويتجلى تأثير بورخيس كما سلف التنويه إلى ذلك في الأساليب كذلك ،فمن عكف على قراءة بورخيس يسهل عليه تمييز أسلوبه من بين كم من الكتابات .. ويتميز أسلوبه بغلبة الطابع المنطقي التحليلي ، والتقشف في التعبير أو ما يطلق عليه بالإقتصاد ، هذا فضلا عن الابتعاد كليا عن المحسنات البلاغية التقليدية ، واعتماده على أسلوب يميل إلى الأسلوب الصحفي التقريري... وقصص "عندما يطير الفلاسفة " تضرب في نفس الأرض ، وتتوسل في تعاطيها مع السرد بذات الأسلوب ، الذي يميل نحو منطقية التحليل والتضمين و الاستدلال والاستنتاج .. لنكتشف في آخر المطاف – أقصد بعد قراءة المجموعة القصصية- كاتبا مثقفا و اسع الاطلاع ، يؤثث قصصه بإشراقات ذهنية مقتبسة أو وليدة التحليل المنطقي المتبع في نسج قصص المجموعة..

أخيرا و بعد هذ الوقفة العجلى عند مجموعة " عندما يطير الفلاسفة" التي تستحق كل الاهتمام ،و لكي يأخذ القارئ فكرة واضحة عن نمط الكتابة عند القاص محمد أيت حنا ، سأورد هذا المقطع من قصة الفيلسوف الطائر ص 40 يقول السارد" فجأة أشرقت في باله تلك الفكرة / الحل ، لقد اكتشف أنه هو نفسه العنصر الثالث ، البعد الثالث في العلاقة ، إنه هو خالق المفهوم ، وهو الذي يمنحه القدرة على الطيران ، بل إنه هو الذي يحمله و يحلق به قاطعا الأقاليم وطاويا المسافات : إن الفلاسفة طيور بالمعنى الحقيقي للكلمة ، وليس ذلك قطعا على سبيل المجاز".

عندما يطير الفلاسفة- محمد أيت حنا- منشورات أجراس الطبعة الأولى .


الدارالبيضاء 2007

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
توفيق زياد يطير عصافير الناصرة طلعت سقيرق كلمات 7 16 / 11 / 2011 05 : 01 AM
تصويت خطير من أجل فلسطين.. عاجل جدا!!! هلا عكاري القضايا الوطنية الملحّة 12 31 / 08 / 2009 26 : 12 AM
عصفورا يغرد و يطير ويتجول على سطح مكتبك أيمن زيلاف علم الحاسوب و تصميم المواقع والانتشار 0 13 / 02 / 2009 48 : 03 PM
برنامج تستخدمه الشرطه الاميركيه لتركيب الصور خطير جدا أيمن زيلاف علم الحاسوب و تصميم المواقع والانتشار 0 18 / 12 / 2008 00 : 06 PM
لا تتهاون فالموضوع خطير ناهد شما نورالأسرة، التربية والتعليم وقضايا المجتمع والسلوك 3 30 / 05 / 2008 25 : 06 PM


الساعة الآن 30 : 02 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|