من هولندا: حوار مع أبي الحسن الجابري
حواري مع "ابو الحسن الجابري ":شاب يؤلمه عذاب وظلم الإنسان مهما كانت جنسيته لأنه وكما يقول ليس للدموع لون ولا جنسية!
أجرته:نصيرة تختوخ
كثيرا ماأنظر في وجه أبي الحسن فيبدو لي متعبا لكن التفسير يأتي حين أسأله عن عطلة نهاية الأسبوع أو مافعله في الإجازة مهما كان قصرها؛ ينهمر سرد لسيل من الأنشطة و التنقلات التي تستدعي طاقة ومجهودا لإنجازها وكذلك مخزونا ثقافيا لا يستهان به.
في شهر دجنبر / ديسمبر/ كانون الأول، كان أبو الحسن في جامعة كورك cork بإيرلندا يشارك مع أصدقاء له في مسابقة المناقشةو الجدال العالمية و على الدوام يتم استدعاءه لإلقاء دروس في تقنيات المناقشة و الجدال وكيفية الإقناع بالمنطق و الحوار.
رغم سنه الذي قد يعد صغيرا نسبيا بالمقارنة مع إمكانياته وتحركاته وإهتماماته إلا أن أبا الحسن يصل بالحجة والعلم و الذخيرة الثقافية والمعرفية لإقناع الآخر بالإنصات إليه بتقدير و إعجاب.
إلى جانب دراسته العلمية التقنية بجامعة ديلفت الهولندية فإنه يأمل الإلتحاق أيضا بكلية من كليات الفلسفة و أغلب الظن ستكون بجامعة إيراسموس الروتردامية.
قررت أن أحاوره على ضوء تجربته في العمل التطوعي في فلسطين عام 2006لأفاجأ أنه قبلها كان مع أخيه في مهام مماثلة في العراق وأنه ينوي الطيران في إجازته الصيفية المقبلة إلى لبنان.
سؤال: لما السفر إلى فلسطين بالتحديد؟
جواب: لقد نشأت في بيت أهله منفتحون ومهتمون بالعالم و أخباره .
والدتي إنسانة نشيطة إجتماعيا و أخي كان في كينيا و قبلها في جنوب إفريقيا و سنة 2003 كان قبلي في فلسطين و بالتحديد في جنين.
أردت مثله أن أتنقل إلى مناطق مختلفة من العالم وألامس حياة الناس عن قرب لكن فلسطين كانت لها الأولوية من ناحية لأن هناك تسهيلات للعمل التطوعي ومشاريع متعددة تسمح بالإسهام فيها ومن ناحية ثانية
لأن فلسطين ترتبط بشحنة مشاعر خاصة بالنسبة لي.
أجيال تتوالى وتعيش نفس الصراع الدائم و تعايش ظروفا قاهرة بل مأساوية أحيانا ورغم ذلك يبدو العالم وكأنه لايرى الصورة الواقعية لهؤلاء الناس ويستمر الضغط على الفلسطينيين وكأن لاشيء يحدث.
في السنوات الثمانية الماضية قتل مايفوق 8000 فلسطيني ، المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية تجتاح في أي وقت بمشيئة إسرائيل ،المناطق الفلسطينية بينها معابر ونقاط تفتيش تستفز و تهدر كرامة الفلسطينيين.
83% من مياه فلسطين تستغلها' إسرائيل' و 17% المتبقية جزء كبير منها تستغل لصالح المستوطنات في الضفة الغربية, الأطفال يعاقون حتى عن الإلتحاق بالمدارس..
على كل المستويات و الأصعدة هناك معاناة شعب بأكمله.
سؤال: قد يبدو للبعض غريبا أن يكون شاب أتى أوروبا طفلا صغيرا ويعيش حياته في أوروبا أن يهتم بهذا الشكل بقضية فلسطين ،فالأصوات المترددة في الإعلام غالبا هي عن معاداة السامية وماشابه ذلك؟
جواب: أنا أيضا ضد معاداة السامية و العنصرية و ما يؤلمني هو معاناة الناس بغض النظر عن من يكونون وكذلك خرق كل مواثيق حقوق الإنسان .
أعتقد أن الشبيبة الغربية ستهتم أكثر و تقلق بشكل أكبر لو إحتكت واطلعت أكثر على الملف الإنساني الفلسطيني وأظن أن الأمر يسير فعلا في هذا المنحى وأن أناسا أكثر يستكشفون الحقيقة فثلثي الشعب الهولندي لايساند تجاوزات واختراقات إسرائيل للمواثيق و الأعراف الدولية لكن مع الأسف أن حكومة هولندا تعتبر واحدة من الحكومات الأوروبية التي تساند تقريبا باستمرار دون قيد أو شرط التصرفات والتجاوزات الإسرائيلية.
سؤال: قبل أن نبتعد و ندخل إلى دروب السياسة الهولندية لنعد إلى رحلتك إلى فلسطين، عام 2006 توجهت بالطائرة إلى تل أبيب واستجوبت بشكل حثيث حدثني عن ذلك بتفاصيل أكثر.
جواب:سؤلت من طرف الإسرائيلين في المطار عن كل شيء يمكن أن تتخيلينه أو لا تتخيلينه ربما عن تفاصيل حياتي وتاريخي العائلي عن جدتي وجدي عن العراق وسبب هجرة والداي، عن اللغة العربية إن كنت أتحدثها، أكتبها أم لا ..
أنكرت أني أفهم اللغة العربية واللهجة الفلسطينية وقلت أنني غربي إلى أبعد الحدود وأني أتيت وصديقتي أتينا مغامرين للسياحة ولاكتشاف المنطقة وكانت صديقتي الهولندية الشقراء قادمة أيضا من أجل عمل تطوعي ولم تكن صديقة بالمعنى الغربي (أقصد حبيبة تجمعني بها حميمية) بل مجرد فتاة علاقتي بها سطحية و جمعتني بها الصدفة وقد طلبت منها بسرعة أن تقول أني صديقها بشكل سريع ووافقت وفهمت قصدي خاصة أنهم لم يضايقوها مثلي وطرحوا عليها أسئلة قليلة جدا جدا من ضمنها إن كنت صديقها فأجابت: بلى.
كنت مسحت من ذاكرة هاتفي أرقام الكثير من الفلسطينيين الذين يجب أن أتواصل بهم بعد وصولي إلى الأراضي الفلسطينية وكذلك أرقاما لأشخاص كثيرين.
تفحصوا هاتفي الجوال و الأرقام التي عليه وسألني عن رقم والدتي وكنت قبلها أرسلت لها رسالة قصيرة كتبت فيها :' أنا متأثر بالثقافة الغربية جدا، أموت في المتع والملذات والبنات ولا أتحدث العربية'
وقالت لي أمي أنها فهمت قصدي على الفور.
وحين إتصلوا بها للتأكد مما قلت أكدت كلامي .
سؤال: إسمح لي بأن أقاطعك ، هل سبق وحذرك أحد من هذا التفتيش ؟
جواب: بالنسبة لأرقام الهاتف أجل لذا سجلتها في إيميل أرسلته إلى بريدي الخاص وفتحته بعد دخولي وإستقراري في فلسطين، لكنني فهمت بسرعة مايجري وتفاعلت مع الأسئلة بالشكل الذي يخدمني وسعيت للإجابة بما لايسبب لي الضرر ولايتناقض في الوقت نفسه مع ماأقوله بحيث لا تكون إجاباتي متضاربة.
يجب أن أقول أنه حتى قبيل عودتي كنت حذرا جدا أرسلت كلما جمعت من وثائق وسيديهات وصور ومادونت من يوميات في طرد بريدي كلفني
60 يورو باسم صديق هولندي أشقر طويل كان في نابلس أيضا وأخبرت أمي أنه إن وصل البيت طرد بعنوان بيتنا وإسم هولندي فهو لي.
وفعلا وصلها الطرد بعد حوالي 5 أيام وهناك من الشبان العرب ممن رافقوني من وصلت أغراضهم بعد شهرين من إنتهاء الرحلة.
قبل أن أنسى ، عندما وافقوا لي على الدخول تغير الجمركي جاءتني جمركية مسنة نوعا ما وجهها وصوتها فيهما نعومة وأمومة تمنت لي رحلة جميلة وقالت أن زميلها كان مزاجيا وحادا نوعا ما واعتذرت لي ؛ لكنه كان بإمكاني أن أستنتج أن كلامها كان لمسة أخيرة ليكون انطباعي أنهم ناس ودودون ولطفاء.
سؤال:في أي مشروع أو أنشطة شاركت بعملك التطوعي؟
جواب: في المخيم الصيفي لجامعة النجاح في نابلس.
في الصباح دروس للأطفال بين سن الخامسة والرابعة عشر سنة وفي الظهيرة والمساء قراء ات ومناقشات وزيارات للمنظمات الإنسانية والمستشفيات والهلال الأحمر...
كان علينا تنظيم أنشطة ثقافية فقمت بالمساعدة في إعداد ندوات أيضا.
سؤال:كيف وجدت أطفال فلسطين الذين تعاملت معهم؟ هل هم مختلفون عن أطفال هولندا مثلا؟
جواب: من ناحية هم أطفال ككل أطفال الدنيا، يحبون اللعب و الفرح و مليئون بالنشاط و الحيوية , يحبون التعلم واكتشاف الجديد لكن من ناحية أخرى شعرت أنهم نفسيا قد سبقوا سنهم وأنهم يتعاملون بنضج أكبر مع أحداث معقدة وأليمة كالموت و اليتم والظلم.
لامست فيهم ذكاء ا مختبئا قد لايظهر لأنه لا يلاقي تحفيزا و تشجيعا كافيين .
عشت معهم لحظات لا تنسى و متعة منقطعة النظير ، كسبت أنا وصديق سوسيري لي شعبية بينهم وكُنت قد ترين في الساحة ثمانين طفلا يركضون خلفنا و يلاعبوننا.
سؤال: قلت أنك كنت تعطي دروسا وتقوم بقراء ات لهم وأنشطة أخرى؛ هلاَّ حدثتني بشكل أكثر تفصيلا عنها؟
جواب:كنت وحتى بعض زملائي أحيانا نعطيهم دروسا في التواصل ونتحدث معهم عن كيفية التعامل مع المشاعر كالحزن مثلا ، كنا نثير معهم مواضيع للمناقشة و نسمح لهم بالحديث عن تجاربهم وطرق النظر إليها و التعايش معها؛ أعطيك مثلا:أسأل طفلا عن سبب مشيته المختلفة أو إعاقته فيجيب بأن جنديا يهوديا أطلق عليه الرصاص وكانت الإصابة السبب في إعاقته ويكون هذا منطلقا للتساؤل عن كلمة:'يهودي' هل هي فعلا مناسبة أم يجب ربما استبدالها بكلمة إسرائيلي ونتحدث عن المشاعر التي رافقت الحادث وكيف يتم تجاوز الألم وغير ذلك؛ نفس الشيء مع طفل قد يأتي بحكاية مقتل والده منذ أيام وغير ذلك من أوجه المعاناة الحاضرة في حياة هؤلاء الأطفال.
كنت أيضا أعطي أحيانا دروسا بسيطة في الإنجليزية وأحس بنشوة كبيرة مع هؤلاء الصغار الرائعين المقبلين على الحياة بتفاؤل وفرح رغم كل شيء.
سؤال:عدا نابلس وتل أبيب زرت مدنا فلسطينية أخرى ؛ فماهي في عجالة المدن التي شملتها جولتك في ربوع فلسطين؟
جواب: قد أذكر بعضها وأنسى بعضها إذا لم أستحضر الخريطة الفلسطينية بسرعة؛ زرت: القدس و جنين وقلقيليا وبيت ساحور وبيت جالا ورام الله وأريحا والخليل؛ لم أتمكن من زيارة حيفا للأسف ومن الأسباب التي منعت ذلك الصراع الإسرائيلي مع حزب الله آنذاك؛ زرت أيضا بلدات وقرى صغيرة بعضها لم يكن موصولا بشبكة إتصالات وهذا أمر غريب جدا إذا ماعلمنا مدى قوة شبكة الإتصالات والمواصلات السلكية واللاسلكية الإسرائيلية وجودتها.
في الخليل عايشت مواقف أبرتهايد حقيقية ورأيت كيف أن جنديا لايتقن العبرية آت من بروكلين يتحدث الأمريكية بطلاقة يضطهد فلسطينيين يعيشون لأجيال في نفس المدينة.
المسجد الإبراهيمي في الخليل مقسم إلى شقين:شق لليهود كنيس وشق للمسلمين مسجد وقد تظاهرت بأني غير مسلم ،كما قلت ذلك منذ دخولي إسرائيلي ، ودخلت للكنيس اليهودي، كانت به حفلة عرس والناس تحتفل في منتهى الزهو والسعادة.
علي الإشارة ربما أنه في كل المناطق التي يقيم فيها اليهود يتعاملون مع بعضهم في منتهى الروعة والتحضر و الإخاء وأنك إن لم تكن عربيا تعامل بنفس الطريقة لكن الكثير من الإسرائيليين يتعاملون مع العرب بطريقة مناقضة تماما لما يفعلونه مع الآخرين فكراهية العرب يبدو وكأنها تمنح لهم مع الرضعة.
إسرائيل توفر دفئا وحميمية و خدمات كثيرة للقادمين إليها وتسعى لتشجيع الإستيطان بطرق شتى على حساب فلسطينيين قد يسجنون داخل المنطقة أو المدينة الواحدة وليغادرونها لسنين أوبمشاق الأنفس وذلك بنقط التفتيش والعبور التي تذل الفلسطينيين إذلالا.
ربما كان حريا بنا أن نقول أن غزة ليست المحاصرة الواحدة وأن كل المناطق الفلسطينية ؛ التي منحت للسلطة الفلسطينية أقصد، محاصرة ولا حرية للتنقل خارجها بأمان وأنه من اليسير على أي جندي إسرائيلي أن يطلق النار ويزهق روح فلسطيني يحاول أن يكسر حاجزا فرض عليه.
سؤال:غادرت نابلس وأنت تحمل معك ذكريات و رضا ربما عن ماقدمته لغيرك، لكن شيئاما نغص عليك لحظات الفراق وأشعرك بالعجز أمام الظلم، هلا حدثتني عنه؟
جواب: أجل بعدأكثرمن 4 ساعات في نقطة التفتيش والمعابر التي يشعر فيها المرء أن الجندي الإسرائيلي موجود ليغتصب كرامته وإنسانيته وفي طريقي إلى المطار علمت أن بيت عائلة صديقي الفلسطيني ،الذي تعرفت عليه في هولندا وساعدنا في تنظيم الرحلة إلى فلسطين والقيام بعملنا ورحب بنا هناك، يتم جرفه من قبل الإسرائيليين وتسويته بالأرض، صديقي الفلسطيني ذلك لم يكن هناك كان غادر منذ أسبوع متوجها إلى كندا للبحث عن فرصة حياة أفضل وكان تاركا خلفه أمه وعمرها 70عاما أو يزيد وأفراد عائلته مع العلم أنهم لا يملكون شيئا غير البيت الذي يؤويهم.
لم أكن قادرا لا على العودة إليهم ولا على فعل أي شيء آخر لهم وحزنت جدا وأتعبني ذلك نفسيا بشكل كبير.
سؤال: الآن نترك الرحلة الفلسطينية و نرحل في الزمن لنصل إلى يوم أمس الخميس 19فبراير في جامعة إراسموس؛ كانت لديك مهمة؛ أترك لك المجال للحديث عنها.
جواب:أجل كنت أدير لقاء ا بعنوان:هولندا والصراع العربي ـ الإسرائيلي على ضوء تداعيات الحرب على غزة,اللقاء حضره حوالي 120شخص,كان ضيوفي هم النائب البرلماني هاري فان بومل و الأستاذ الجامعي لمادة حقوق الإنسان جيف هاندماكر واليهودي هايو مايير الذي نجا من مخيم التركيز الشهير في أوزويتش عن منظمة صوت آخر لليهود.
سؤال: إسمح لي أن أقاطعك ،ألم تفكر أنت ومن ساعدوك ربما في تحضير اللقاء في إستضافة ممثلين لأحزاب سياسية أخرى مثل المسيحيون الديمقراطيونCDA مثلا؟
جواب: بل فعلنا لكنهم رفضوا الدعوة هناك أحزاب تتحاشى هذه القضية ولاتريد الإقتراب منها إلا بما يناسبها أن يتم دعم فلسطين بقليل من المال أو لزراعة الزهور أو لتنظيم جولة بالدراجات أمور يستسيغونها لكن تجريم إسرائيل والدخول في نقاط شائكة و فتح ملفات حقوق ومواثيق حقوق الإنسان ودور الإتحاد الأوربي وهولندا أمور يحاول ساسة و أحزاب تحاشيها.
سؤال: كيف كان اللقاء إذن وهل أنت راض عنه؟
جواب:بصراحة أصبت بخيبة أمل ليس بسبب ضيوفي لكن بسبب الحضور؛ هدفي من اللقاء كان توضيح الأمور ومنح الحاضرين من الجمهور معلومات وحجج وأفكار أكثر عن التورط الإسرائيلي في إنتهاك حقوق الإنسان وكذلك التوعية بالدور المنوط بهولندا كبلد أوربي في تغيير الأوضاع و المسؤولية الدولية تجاه القضية والإنسان الفلسطيني.
كنت أريد أن يتعمق الحضور في الحدث وأبعاده وسبل تغيير مايجري من خروقات وانتهاكات لحقوق الإنسان.
سؤال: لكن؟؟؟
جواب: الجمهور وأغلبه من طلبة مسلمين مناصرين لفلسطين ،فنظرا للخلل الذي وقع في شبكة المواصلات السككية يوم أمس لم يتمكن أشخاص كثيرون من لايدن وأمستردام من الحضور، كانوا يقاطعونني كلما طرحت تساؤلا على الضيوف يبدو لهم أنه لصالح إسرائيل، فمثلا عندما كان هاري فان بومل يتحدث عن الإعتداء ات الإسرائيلية على غزة والصراحة أنه كان يدينها و يقول أشياء سيئة عنها لكنه كان دوما يضيف جملة عن صواريخ حماس وليدعم سلامة موقفه السياسي ويكون أكثر أمنا لكني تدخلت بسؤال:بما أن حماس تستعمل العنف ومذنبة لما التفاوض معها؟
طبعا كان غرضي من السؤال أن يعطي حججا ودعائم ليظهر كيف أن صواريخ حماس لا تعطي الحق لإسرائيل بقتل مئات الأشخاص وشن الحرب وأن يكون خطابه أكثر شفافية وصدقا.
لكن الجمهور صار ينفعل ضدي و لم يفهم المغزى من إدارة الحوار وأن الحجاجة و التعليل لايكمنان في قول أن إسرائيل مجرمة وأجرمت وحسب لكن أيضا توضيح الموقف حتى لمن ليس لهم موقف واضح من القضية أو من يميلون لجعل الكفتين إسرائيل وحماس متوازنتين ومتساويتين في عواقب ماحدث لأهل غزة.
سؤال:الإنفعال يفسد كل شيء حتما و الغضب يعمي عن التفكير الجيد، تعودت على غير هذا في المناقشات التي تديرها أليس كذلك؟
جواب:أجل ففي حلقات المناقشة مع الأكاديميين يتم الإنصات إلى النهاية و التروي واحترام التدخلات وللأسف لم يكن هذا حاضرا طول الوقت في اللقاء في إيراسموس واستغل البعض فرصة طرح الأسئلة لمهاجمتي واتهامي بالتصهين ولحسن الحظ أني في فترة الإستراحة حاولت أن أشرح أكثر أنه علي أن ألتزم الحياد لإدارة النقاش وكيف يمكن الإستفادة منه أكثر.
سؤال: أخبرتني أن جيف هاندماكر Jeff Handmakerتحدث بحكمة كبيرة وواقعية وشرح كيف أنه من الواجب على هولندا أن لاتسكت عما يجري إزاء إنتهاكات حقوق الإنسان؛ هل يمكنك شرح ذلك أكثر؟
جواب:البروفسور جيف هاند ماكرjeff handmaker شرح كيف أن ماتقوم به إسرائيل ينافي الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان وكيف أن هولندا مجبرة على عدم السكوت واتخاذ مواقف وأن التزاماتها الدولية تحتم عليها ذلك وكما أنها ليست محايدة حين تستمر بالتجارة مع اسرائيل كما أنها كانت تسمح إلى حد غير بعيد بطيران حمولات الأسلحة إلى إسرائيل من مطار أمستردام مالم يعد يحدث الآن إذ أنها تنقل بشكل رسمي أوروبي من مطار زافنتم البلجيكي؛ المواثيق الدولية الإنسانية تجبر هولندا على اتخاذ مواقف حازمة وغير موالية لإسرائيل وهذا على الشعب الهولندي أن يكون أكثر وعي به.
سؤال: وماذا عن تدخل هايو ماير Hajo Meijerذي ال85سنة كيف وجدته؟
جواب:كان حماسيا وشديدا في مداخلاته مما جعله يعجب الجمهور كثيرا فقد ربط الصهيونية بالنازية وحكى عن بداية الصهيونية وكيف أن النازية دعمتها و حين تدخلت لأسأله لما ترى أن إسرائيل تخرق حقوق الإنسان؟
إنفعل أيضا البعض إعتقادا منهم أني موالٍ لإسرائيل بينما كنت أسعى للتعمق في الموضوع وأن تكون هناك أمثلة ومقارانات أشمل وأبلغ وأعمق وهايو ماير كيهودي عارف بتاريخ اليهود ومعاناتهم أثناء الحرب العالمية الثانية كان بإمكانه الفصل بين الممارسات الإسرائيلية والصهيونية والمعاناة اليهودية سابقا.
سؤال:مع أني أحاول أن أبقى محايدة في حواري إلا أنه يؤسفني دوما أن يعمي التعصب و الإنفعال بعض الأشخاص ويجعلونهم يضرون حتى بقضاياهم ومصالحهم؛ لكني سأنتقل لسؤال لطيف؛ ألهمتني إياه صورة أخيك علي،الذي درس العلوم سياسية في أمستردام وكان ممثلا للشباب الهولندي في منظمة اليونسكو؛ علي في سالفادور وبين مجموعة أطفال من هذا البلد كان باسما ويرتدي الكوفية الفلسطينية.
وأنت تضعها الآن على كرسيك إلى جانب معطفك؛ فما حكايتكما معها؟هل تلبسانها لأنها جميلة أم؟؟؟
جواب:هي حتما جميلة؛ جميلة جدا لكنها تقول أكثر منذلك؛ هي ترمز لثقافة يراد ضغطها باستمرار،كل إخوتي يلبسونها دوما كان أخي الأكبر أول من بدأ في ارتداءها وفي الحقيقة كنت أخاف من أن تسبب لي المشاكل لكني تسلحت بشجاعة وقناعة وضعها وصارت لاتفارقني عدا إذا كان الجو حارا جدا هي تعبر عن تعاطفي مع شعب يعاني ولي أصدقاء من أصول إسبانية حالهم من حالي معها لم يعودوا ينزعونها أبدا؛ أظن أنا بهذا نعبر أننا كأشخاص مثقفين نشيطين في هذا المجتمع وبعيدين عن العنف نساند قضية الإنسان الفلسطيني الذي تنتهك حقوقه باستمرار.
أخيرا اسمح لي أن أشكرك على كل إجاباتك و أن أحيي فيك روحك الإنسانية و أن أتمنى لك المزيد من النجاح و التألق .
تعازي الحارة أيضا لكل أفراد عائلتك الكريمة بمصاب فقدان جدتك رحمها الله وأسكنها فسيح جنانه؛ علمت أنهم أخفوا عنك ذلك يوم أمس حتى تدير لقائك بهدوء في الجامعة فلهم ولك مني كل الاحترام و التقدير.
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|