هل لدينا شعب عربي؟
يحضر المسؤولون عن القاعة الكراسي و خشبة الإلقاء، ينتقل الخبر عن حفل التضامن إلى الجرائد و الفضائيات، "جوليا ستغني" ، "فيروز ستغني"، تهرع الجماهير المتعاطفة مع الشعب الذبيح لحجز الصفوف الأمامية من أجل ارتشاف خصوصية التحديق في سيدات الفن العربي الملتزم. المرأى الخارجي يتيح اكتشاف نتوءات التقدم في العمر، التواءات جلدية و مسحة متضائلة من الوقار تعلو الصفحة الفاترة للسيدة التي أحزنتها آلام الصرعى. يأتي منهكا موعد السهرة، ترتقي "جوليا" خشبة الإلقاء لتتمكن من مخاطبة القطاع الواسع من عشاقها، تنتظر قليلا لإلتقاط الإنسجام بين الموسيقى و التفاعل البشري الصاخب، لتفرج عن كائنات صوتية من سراب :"وين...وين...وين الملايين"، الضجيج الجماهيري يتصاعد، الأمة تحيا من جديد، يباغت الناظر إلى الجموع الحاشدة انطباع انطلاقهم الساحق صوب الأراضي المسلوبة. اليمبوس العربي لم يتجسد في وقفات "جوليا" و "ذكريات قلعة عراد"، هتفت الجموع بأسماء خالدة أو ميتة، المشهد التحف غموض الصباح المضبب، لكن الوفاء، التطبيق، الإنجاز، كلها مفردات تتناقض مع انفعالات صوتية أرهقها سجر الدماء.
بعد العصف التاريخي الفوقي، تخمد الشعارات و تنطفىء ارتدادات حنجرية، يغادر الحاضرون القاعة تباعا، غدا يوم عمل شاق و لا مناص من الإستعداد. بدأ العديد من الخارجين كلاما استشرافيا عن حفل بهيج يخطط لإقامته للتعبير عن الإهتمام الرمزي بتنصيب المدينة المقدسة عاصمة لثقافة تكمن جماليتها في طبيعتها اللاموجودة...مرحبا بعاصمة الوهم التي رافقتها حرية الوهم منذ أكثر من سبعين عاما، مرحبا ب :"المسجد الأقصى"، بمركز "الوطن العربي الكبير"، فليتأبد تاريخك الناصع يا بيرق السلام، الجماهير المتلهفة لإستهلاك الصوتيات تنتظرك، فلتتقدمي يا عاصمة الوهم المرصع بالتاريخ الجنيالوجي ستحظين مؤقتا بالأولوية العكاظية...
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|