التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,850
عدد  مرات الظهور : 162,326,098

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الرواية
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14 / 05 / 2010, 12 : 12 AM   رقم المشاركة : [31]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم


تركت اللعب فجأة و توجهت نحو غرفة الإدارة مباشرة وطرقت الباب ..
لم أكن أعلم أن بعض كلمات عابرة قالها المدير ستبقى ترن في أذني وتجول في عقلي :
" العِزي" سوف يقرأ غدا جميع هذه الكتب "

: ماذا تريد يا ولد ...؟
- أريد الاشتراك بالمكتبة أستاذ .
- هل قرأت الشروط ؟
- نعم ولكني لم افهمها !
- باختصار ، إن قرأت هنا فمجانا ، وإن استعرت
ستدفع عشرة قروش عن كل كتاب تأخذه معك .
- عشرة قروش .. ؟!
- - نعم .. وفرها من مصروفك !
فمن أين آتي بالعشرة قروش دفعة واحدة .. ولكن رغبتي في القراءة كبيرة ..
فوافقت على القراءة دون استعارة .. وقلت في صيغة رجاء :

- إنني الآن لا املك سوى خمسة قروش ، فهل يمكنني المطالعة هنا مجانا عمي أبو سليم ؟
أدار لي ظهره ودخل غرفة المدير ،
فطأطأت عندها رأسي نحو الأرض وشعرت بحزن شديد ثم
بدأت بالمغادرة .. وقبل خروجي من الباب ناداني وقال :
- وين رحت .. يخرب بيتكم ، جيل فاقد الصبر ..
ألا تريد أن تقرأ ..؟

قلت بلى .. فقال : - هل اخترت كتابا ؟
- لا أدري !
- اذهب إذن واختار الكتاب الذي يعجبك .
- الكتاب الذي يعجبني ، هكذا ..؟!
توجهت مسرعا لناحية رفوف الكتب وبدأت عيناي
تستطلعان ولا أدري كيف تسمرت أمام
كتاب صغير الحجم قليل الصفحات .. رُسم على غلافه حصان خشبي عملاق في وسط
بطنه فتحة كبيرة يتدلى منها حبل يتسلقه أو ينزل منه بعض الرجال يلبسون على
رؤوسهم خوذات غريبة وبأيديهم سيوف قصيرة ؛ فتناولته وتصفحته وانبهرت بالصور المرسومة
بداخله وعلى جميع الصفحات وتحت كل صورة بعض الجُمل هي أجزاء من الحكاية ..



بدا الأمر لي كأني في حلم ؛ فهذه هي المرة الأولى التي أقف فيها محاورا ..
وها هو العم أبو سليم يقف الى جانبي ، يحاورني ، يسألني ، بل ويحثني على اختيار
كتاب دونما تدخل... فكيف أنسى هذا المشهد وتلك كانت المرة الأولى التي قمت فيها بالاختيار ؟
وكانت المرة الأولى أيضا التي لم تُلقى فيها عليّ الأوامر من احد ؛ رحمه الله لم يسألني لماذا اخترت هذا ..
ولكنه نبّهني الى ان هذه القصة هي جزء من قصص " لملحمة " شعرية لقصاص يوناني " ، ولم أكن
اعلم حينها عما كان يحدث ولكني كنت أُومئ برأسي لأختصر الوقت .. وها أنا اجلس على مقعد
خشبي صغير في إحدى الزوايا أتصفح الكتاب وحيدا والسعادة تغمرني فقرع الجرس ..
جريت بسرعة والكتاب بيدي لأسلمه " للناظر " فلم أجده هناك ، فارتبكت قليلا ..
ثم خرجت مسرعا وأنا أتصارع مع نفسي ، أأرده أم استسلم لرغبتي بمواصلة المطالعة ..!

مع ذلك فإني أقنعت شقيقتي بالاستدانة منها فوافقت بشروط أهمها هو أن اتركها
تلعب مع زميلاتها في المدرسة وأن ترافقهن في طريق العودة إلى البيت بعيدا عن
مراقبتي فلوت ذراعي ووافقت . ودفعت >> وكانت تلك أول مرة ادفع فيها من اجل كتاب .
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 05 / 2010, 51 : 05 AM   رقم المشاركة : [32]
عبدالله الخطيب
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





عبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

رائع جداً أستاذ رأفت..
أختيارك لأول كتاب كان موفق جداً في نظري.. خصوصاً و أن القارىء هو طفل فلسطيني ما زال في بداية المعاناة..
أختيارك لهذا الكتاب له بعد رمزي واضح و كبير في هذه الرواية الحقيقية.

"هل نحن بحاجة لحصان طروادة اليوم لأستعادة ما سُلِب"؟

أعتزازي و تقديري
توقيع عبدالله الخطيب
 [frame="3 98"][frame="2 98"]
لاَ تَشك ُ للنّاس ِ جرحا ً أنتَ صاحبُه .... لا يُؤْلم الجرحُ إلاَّ مَنْ بهِ ألم
don't cry your pain out to any one
No body will suffer for you
You..! who is suffering
[/frame]
[/frame]
الثورة تتكلم عربي
عبدالله الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 05 / 2010, 12 : 10 PM   رقم المشاركة : [33]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الخطيب
رائع جداً أستاذ رأفت..
أختيارك لأول كتاب كان موفق جداً في نظري.. خصوصاً و أن القارىء هو طفل فلسطيني ما زال في بداية المعاناة..
أختيارك لهذا الكتاب له بعد رمزي واضح و كبير في هذه الرواية الحقيقية.
"هل نحن بحاجة لحصان طروادة اليوم لأستعادة ما سُلِب"؟
أعتزازي و تقديري

الحبيب عبدالله
إن قلت لك إنك تمتلك عينا صقر ترى الُجملة وتنقض تلتقطها حتى لو كانت كما الطريدة مموهة ومرمزة
ولكن مع الأسف يا صديقي أعتقد أن الخدعة قد لا تتكرر مرتين وبنفس الأسلوب فجزء قد انكشف والثاني أُسِر
أما اختياري فكان صدفة ولكنه كما تفضلت بالفعل موفق أسس لعشقي للتاريخ .

استاذي الفاضل والله انك تغمرني بكرمك \ وفي ايميلك الصورة التي وعدتك وكانت بالأمس مع استاذي مدارس :)

تحياتي واحترامي ومحبتي
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 15 / 05 / 2010, 12 : 10 PM   رقم المشاركة : [34]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

>>>>>>>>>>>>>>>> للراديو شرور ! <<<<<<<<<<<<<<<<<<<
تجاوزنا الوقت على غير العادة ، ولم يقرع الجرس ؛ فجميع الأساتذة في حركة دائمة ..
يدخلون ويخرجون من غرفة إلى أخرى .. يراوحون في المكان .. يتهامسون ، ينظرون
في ساعاتهم ثم يتلفتون وعلى وجوههم علامات الغضب ونحن التلامذة نراوح في نفس المكان ولا يقرع الجرس .
لا نعرف ما الذي أخرهم في إدخالنا غرف التدريس ؛ وبدأنا بالتساؤلّ :
هل توفي احد وجهاء المخيم أو مات احد الأساتذة .. ؟ !
الدفن عادة ما يكون بعد صلاة الظهر او العصر ، وغالبا ما تتوقف الدروس
عند مرور موكب الجنازة الذي يمر أمام المدرسة .. !
أين المدير ؛ لم يظهر كعادته اليومية والوقت قد تجاوز التاسعة صباحا ..؟
أسئلتنا تزداد مع مرور الوقت .. وتخميناتنا تذهب في اتجاهات عدة لم يقطع سيلها
سوى ظهور المدير بوجهه الصارم فأعتلى سلّمه الأثري وأخذ يخاطبنا بنبرة غاضبة وقال :
- " اليوم هو يوم إضراب . يوم احتجاج . ولن يكون يوما تعليميا كالمعتاد " !
فرح معظم التلامذة لهذا الخبر.. وحصل هرج ومرج فأنصت التلامذة أستاذنا " ألأسدي "
وطلب الإصغاء للمدير الذي استرسل أكمل : - " إن مصر كما تعلمون تتعرض اليوم لعدوان استعماري وحشي ،
ويجب علينا الاحتجاج .. ويجب ..... و ... و .. "
معظم التلامذة لم يسمعوا بأخبار العدوان ألا أنهم يعرفون ما معنى الكلمة بالرغم من عدم
تجاوزهم الصف السادس .. ولكن إن لم يتناقل الأهل هذا الخبر بعد سماعة بواسطة الإذاعات
فكيف يعرفون ..! وأصلا كم كان عدد الذين يملكون هذا الجهاز الضخم الذي يُسمى الراديو من سكان المخيم ..؟
وها هو المدير يكرر :
- " انه يوم إضراب ، و سنخرج بانتظام . وان التظاهرة سوف تعبر حدود المخيم باتجاه المدينة لتلتقي
مع تظاهرة أخرى من أبناءها الصيداويون .."
إذن .. انه يوم إضراب وتظاهرة أيضا ...؟ !
يا لسعادتنا العارمة ، انه يوم الفرح العظيم بالنسبة لنا نحن الأولاد .
سنمشي خلف الأساتذة ونهتف بشعاراتهم ، سنجمع بعض النفايات
ونشعلها وإن وفقنا سنحصل على " كاوتش " لإطار دراجة هوائية
لتشاركنا إعراس النار والدخان ؛ والأهم ... قد نوفق ونرمي بعض
الحجارة باتجاه قوات " الدّرك " والتي سوف تفرقنا بالتأكيد
بعد إطلاق أعيرة نارية من بنادقهم باتجاهنا ، فنزداد إثارة ونزداد عنفا
وبالتالي تزداد متعتنا ؛ كل ذلك بالنسبة لنا نحن الأولاد هو
جزء من لعبة مثيرة تتكرر باستمرار مع كل مناسبة .
وبالفعل انطلقت تظاهرة ضخمة من عمق المخيم وانضمت مدرستنا إليها
واختلطنا رجالا ونساء وأطفالا يهتفون بشعارات مختلفة ضد الإنكليز
والفرنساويون وبالطبع ضد العدو الإسرائيلي ؛ وقوات الدرك المعززة
بقوات امن جديدة حاولت منع التظاهرة أو إيقافها عند حد المخيم فلم تفلح
في بداية النهار .. ولكنها استطاعت تفريقها بعد ساعات قليلة
واعتقلت بعض الشبان المشاركين فيها ، أولئك الذين أصروا
على إكمال التظاهرة لتصل إلى غايتها .
وفي المساء كان الناس يتجمعون في الديوان وأمام ساحته الصغيرة، وكانوا يتهامسون
ويلحون على الأمير أبو علي بفتح الراديو قبل موعد نشرة الأخبار .. و كان يأمر الجميع
بالهدوء والصمت والصبر حتى يحين الموعد ، حيث بدا حينها أن كل الأذان صاغية إلى ما
يُذاع في التوقيت اليومي للأخبار ، يليها التعليق السياسي ؛ و لكن ذاك اليوم كان التعليق يُذاع
قبل الأخبار ولا يتوقف وكان يُلقى بنفس صوت المذيع ولكنه اليوم أكثر حماسة عما قبل فالصوت
نعرفه جيدا .. انه " احمد سعيد " وإذاعة صوت العرب من القاهرة .
ولكن لماذا هذا العدد من قوات الدرك .. وهل يحتاج إقفال الراديو إلى نصف كتيبة ..؟!
الراديو ؟ !! نعم .. أحبوه فغنوه :
" ما دام يذيع الأخبار ، ما دام يكشف لإسرار ،
ما دام صوت الأحرار .. مادام يفضح لاستعمار؛
يحيا الراديو .. يحيا الراديو ...!
لكن الأمر آتى حاسما بإقفاله ومنع التجمع والسهر أيضا .. ! أما الديوان فليبقى ولتبقى ناره
شاعلة والقهوة كلها احتساها رجال الأمن الساهرين على مراقبة الناس .
سرت بعض الإشاعات في تلك الليلة أن جهة ما قد بدأت بتنظيم حملة داخل المخيم لمتطوعين
من اجل القتال إلى جانب إخواننا المصريين ، فقوات العدو الإسرائيلي التي قامت بإحتلال سيناء ،
وفّرت فرصة التدخل لفرنسا وبريطانيا وقاموا بالعدوان على مصر واحتلوا منطقة قناة السويس
ومدنها الكبرى تحت ذريعة " أن مصر فرضت سيادتها " على أرضها وأعادت ذلك الممر المائي الحيوي المسروق .
وكنا في بداية العام الدراسي الجديد أواخر شهر اكتوبر / تشرين الأول في العام 1956 .
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17 / 05 / 2010, 33 : 12 AM   رقم المشاركة : [35]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

>>>>>>>>>>>>>>>>>>> الخطر الأحمر ..؟! <<<<<<<<<<<<<<<<<<

في اليوم التالي .. وعندما ذهبنا إلى المدرسة وجدنا أن جميع أساتذتنا قد تم اعتقالهم من قبل السلطة ,,
ليس فقط بسبب مشاركتهم بتظاهرة الأمس إنما على خلفية انتماءاتهم
الحزبية . فمنهم " القوميون العرب و البعثيون والقوميون السوريون
( لا يعلنون انتماءهم فالحزب كان متهما ان بريطانيا كانت خلفه ! )
وحزب التحرير الإسلامي ومنهم من لا ينتمي الى أي حزب .. أما تهمتهم عند السلطات
اللبنانية الأساسية كانت انهم : "شيوعيون علما بأنه لا يوجد شيوعي واحد في كل المخيم على الإطلاق ..
ولكن لماذا " شيوعي بالتحديد " ؟!
حتى ألأستاذ خير الله المنتمي لحزب ديني وكان يُكفّر الشيوعيين ولم يكن من محبي عبد الناصر ..
الا انه خرج بالتظاهرة وأعتقل مع المعتقلين .
وللمعلم " خير الله " – الرياضي تذكرونه - هذا قصة صغيرة مكررة مع الكثير من التلامذة كنت واحدا منهم :
انه في يوم ، اختارني مع بعض رفاقي ودعانا الى عدم مغادرة المدرسة عند نهاية اليوم الدراسي لأنه - كما قال -
سنقوم بحملة تنظيف شاملة في المدرسة داخل الصفوف وخارجها ..
وقام بإغرائنا -إن كنا مطيعين - بحفنة من " الزبيب !
فسال لعابي من اجل - الحبيب - الزبيب ؛ وتمنيت لو أنظف نصف
المدرسة كل يوم من اجل الحصول على حفنة من حبات العنب الأسود
المجففة التي يسمونها زبيبا ، لقد تشرفنا بمعرفته وتذوقه لأول
مرة منذ سنتين خلت ؛ فمن اجله , قمنا بالكنس والتنظيف والتنظيم
بهمة ونشاط وضمير مرتاح ، وقبل ان نكمل عملنا امرنا الأستاذ
الأستاذ بإنهاء عملنا الذي بدأناه، ثم أدخلنا إلى إحدى الغرف .
لم ينطق كلمة حتى اقفل بابها فاعتقدنا أننا فشلنا بالمهمة !
ولكنه سرعان ما بدأ يحدثنا بكلام لم نكن نفهم
بعض مصطلحاته ، ألا أن مضمونه - كما فهمت
انه يجب علينا ان نكون من المسلمين الصالحين ...
جيد ، إنه كلام طيب ، ولكن الزبيب حينها كان اطيب .. !
شخصيا ما أحببت حديثه قط ، لأنه ذكرني بحديث والدي وحديث الشيخ عمر .. !
ف مواعظهم تلك - متشابهة - ولكنها لا تنسجم مع تصرفاتهم !
ولكن عليّ بالسمع والطاعة ، فكلما تحدث المعلم أهز برأسي
وأنظر إلى وجهه لعله يراني .. وكلما أدار وجهه باتجاهي أزيد من الهز
- هزّ رأسي طبعا - و أرسم على وجهي أحاسيس كاذبة لكي يرضى ..!
ولكنه أطال الحديث فشعرت كباقي التلاميذ بالتعب والجوع حتى انتهى ولم يخلف
بوعده فأجزل لنا العطاء ، حتى امتلأ ت جيوب " مريلتي " .
فالزبيب في جميع الأحوال كان يوزع مجانا على جميع التلامذة
عندما توفرها " وكالة غوث اللاجئين " لنا..
ولكنه خصصنا بها لمآرب في نفسه ؛ لقد كان ذلك " كمينا "
محكما لاصطيادنا وإدخالنا من حيث لا ندري الى تنظيمه الحزبي والذي
عرفنا فيما بعد اسمه انه " حزب التحرير الإسلامي " فتطور
الأمر وأصبح يُخرجنا في رحلات منظمة خارج المدرسة ؛
الى بعض الضواحي القريبة ,, و كنا سعداء جدا خاصة عندما
نجتمع بشيخنا " رمزي " - مع انه من خارج سلك التدريس..
ولكنه كان مشرفا على تدريبنا على الإنظباط وإعدادنا إعدادا
جسديا ونفسيا وثقافيا كأننا جنود . تلك الثقافة التي لم احفظ من دروسها شيئا ..
ولم تزد من تقواي ومعرفتي غير ما كنت أعرفه .. فهل كنت حينها من الضالين ..!
جملة واحدة حفظتها عنه ورددتها كثيرا لاعتقادي بصحتها .. جملة واحدة قالها :
" لو لم يكن هنالك من جنة ولا نار قد لا نعبد الله "
ولكن صدفة ، وفي احد الأيام ، سألت الأستاذ صلاح عن صحة هذا الكلام فضحك وقال اسمع يا ولد :
- لو لم يكن هنالك من جنة ولا نار فهل تسرق ..؟
- لا.
- وهل تقتل او تعتدي على غيرك من الناس ..؟
- بالطبع لا .
- إذن ، كن إنسانا صالحا فقط وافعل ما هو حسن ،
ولا يعني ذلك أن لا تعبد الله يا بني !
على اي حال ... لقد تم اعتقال جميع الأساتذة في ذاك اليوم
بما فيهم أيضا الأستاذ خير الله على انه شيوعي كافر لعين .
فمضت أيام ، منهم من أُطلق سراحه ومنهم لم اعد أراه إلا بعد سنتين وأكثر مثل أبي .
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 05 / 2010, 33 : 12 AM   رقم المشاركة : [36]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم


أكثر من 200 من رجال المخيم سجنوا لمجرد انهم عبّروا
عن نيتهم في مشاركة اخوانهم المصريين بالقتال ضد العدو
الإسرائيلي والمستعمر البريطاني الفرنسي وليس هالمخيم ذا وحسب إنما فرضت
السلطة على أبناء ما يشبه قانون الطوارئ فالاعتقالات تتم لمجرد الشبهة ..
وتُلقي القبض على كل من يملك " راديو " ويستمع إلى صوت العرب – الإذاعة
المسموعة في بلاد الشام – ونشرت الوشاة على طول المخيم وعرضه ..
وأبي كان بعثيا منذ أن تأسيس الحزب وألقي القبض عليه باعتباره أحد أفراد
خلية سرية اتهمت بتهريب المتطوعين من لبنان إلى سوريا – يا للمفارقة - ... !
لقد كان حلم تحرير فلسطين في خمسينات القرن الماضي ما زال نديا
ومعظم جماهير شعبنا العربي من المحيط إلى الخليج كانت تواقة للثأر من
المحتلين الصهاينة .. واللحظة المناسبة قد أتت فماذا يمنع اللاجئين
الفلسطينيين أو غيرهم من أقطار العرب التطوع من اجل القتال طالما استأنفت
الحرب والعدوان على مصر وخصوصا عندما زاد عدد المتطوعين السوريين العرب
وسقوط عدد من الشهداء ابرزهم الشهيد " جول يوسف جمال " الظابط البحري
الذي استطاع مع رفاقه إغراق ا للسفينة الحربية جان بارت العملاقة، اول سفينة مزودة بردار
قي العالم، وكانت مهمتها عندما تصل بالقرب من شاطىء بورسعيد ان تدمر ما تبقى من المدينة
التي كادت ان تكون مدينة اشباح " هؤلاء الشهداء الذين أسسوا بالدم لوحدة مصر وسوريا
بعد عامين من ذلك التاريخ و أصبحوا خالدين في وجدان كل عربي .
لكن بعض السلطات في دول عربية ثانية كان لها حسابات أخرى .. فلم تكتفي السلطات اللبنانية
بالإعتقلات والتنكيل .. بل وبالنفي أيضا ووالدي كان من بين المنفيين خارج لبنان ولم يسمحوا له
حتى بزيارة عائلته .. والنفي عادة ما يكون باتجاه الحدود السورية ..
باتجاه الشرق هذا الطريق ما بين بيروت ودمشق أمته خلائق كثيرة وفي كل المراحل ،انه طريق ( مشقة الأخوة)
كما تم وصفه من قبل صحافي لبناني قديم ... أما بالنسبة لي ،فإن الأيام التي أكملت فيها سنتي الدراسية تلك ،
كانت أياما صعبة بكل معنى الكلمة ، شعرنا فيها بالمعاناة والألم والجوع والمهانة .. فمن كان باستطاعته إعالة 9 أنفس .. ؟
فوالدتي لم تكن غير سيدة منزل تنحدر من أسرة " حيفاوية " ( برجوازية ) ولا تستطيع ممارسة العمل المتاح في ذلك الزمن
كغيرها من النسوة في ورش البناء أو البساتين أو خادمة في البيوت .. وهي لا تعرف الحياكة أو الخياطة أو غيرها ..
وهي رحمها الله عفيفة النفس أبية فكان لا بد لها من اتخاذ قرار صعب بالنسبة لي ولها غيّر مسار حياتي ...
لقد توجب عليّ أن اعمل " مؤقتا حتى يعود ابيك " ، وسوف
لن يستمر هذا إلا لأسابيع كما كانت تقول رحمها الله ..
ولكن الوقت كان يمضي ... والأيام تمر وطال غياب أبي .
كنت خلالها اذهب باكرا في كل يوم وأقف أمام باب المدرسة قليلا دون ان ادخلها .. وكنت ابكي بكاء حارا حين أشاهد رفاقي
وهم يحملون كتبهم ويدخلون المدرسة ملوحين لي بأياديهم
فأسير وأنا محزون .. وكل ما مشيت خطوة التقي بأولاد في مثل عمري هم اشباهي
واعدا نفسي ومصمما على تعويض ما سيفوتني ومعهم أكمل الطريق نحو العمل ...!

:

تسعة أشقاء .. أربعه صبيان ، وخمسة بنات ، إضافة إلى أمي وأبي كنا نعيش في غرفة واحده في
"مجمع" سكني لا يبعد عن المخيم سوى أمتار قليلة . وهذا المجمع كان يقع على الطرف الغربي من المخيم
الذي أصبح اليوم من ضمن حيزه الجغرافي بعد توسعت مساكن الناس ! كان هذا المجمع يتألف من عشرة غرف
وهو بالأصل كان مسكنا لجنود الاحتلال الفرنسي للبنان منذ بداية العشرينات من القرن الماضي،
أستأجرها والدي بإجار شهري يبلغ ثماني ليرات لبنانية في ذلك الزمن – ما يعادل 5 دولارات -
مساحتها 28مترا مربعا وجدرانها كانت من أحجار الطين الذي تآكل بفعل التقادم الأمر الذي
كان قد خلق مناخا " طيبا " لتوالد الحشرات المختلفة وسمح لها بالتعشيش في ثقوبها المنتشرة في الجدران ...
تلك الحشرات التي كانت تشكل مشكلة كبرى لمعظم الناس في تلك الأزمان ؛
وهي حشرات مؤذية ماصة للدماء البشرية وتتغذى عليها والتي
عادة ما كانت تنشط إلا في سكون الليل .. (من يعرف حشرة " البقّ " يعرف عما أتحدث (
لقد كانت تبدأ بالزحف ليلا كأنها جيوش مدربة ، منظمة ، ومسلحة تسليحا متطورا ...
وكانت تبدأ بالهجوم المباشر وتزحف زحفا بطيئا كأنها كانت تعمل ضمن خطط عسكرية متطورة ..
و لم تكن تترك خلفها أي ثغرات لأنها كانت تعمل حساب التراجع والانسحاب بعد تأديتها لمهمتها القذرة ؛
فإضافة إلى القوة المدرعة من " البقّ " هناك قوة مظليين مؤلفة من نُخب " البراغيث " الرهيبة
فهي تهبط علينا ليل نهار ولا ندري كيف ومن أين ..!
فأجسادنا المتعبة كانت مساحات واسعة وسهله لعمل عدواني دون تنبه أو مقاومة تذكر منا،
لأنها - كما يبدو - ، كانت تعلم أننا نغط في نوم عميق ! وان انتشارها كان يمتد إلى كل النواحي
من أجسادنا الرطبة ، من الرأس حتى القدمين ، مما كان يسبب لنا الحكاك " اللذيذ " فتبرز بعض الدمامل
الصغيرة التي تدوم لوقت طويل ويوما بعد يوم ؛وان معظم الناس استسلمت لهذا القدر
الذي لم تنفع معه كل وسائل المكافحة المتوفرة في تلك الأيام ؛ والغريب أن هذا العدو كان لا يعرف الراحة ،
ولا يتقيد بهدنه أو يتفرغ لمناسبة تلهيه عنا ولو حتى لليلة واحدة على الإطلاق ...!
لكن والحمد لله ، كانت أواسط الخمسينات بداية النهاية تلك
الحشرات التي حكمت العالم لقرون طويلة من الزمن حيث
بدأت البشرية تتحد سويا من اجل مكافحته والقضاء عليه .!
فغرفتنا الوحيدة تلك ، كانت تتسع للعديد من الضيوف
في الأيام العادية ، فإن تعسّر الأمر فهي تتسع ... وتتسع ..!
فالزوار الجدد ، لا بد وان يُستضافوا على الأقل ولو لليلة
واحدة ناهيك عن الإقامة الطويلة .. والمشكل الثاني انه لم يكن فيها دورة مياه ؛
بل أن الماء لم تكن لتصلها أصلا .. وحاجاتنا الضرورية كنا نقضيها يبيت خلاء واحد ( أجلكم الله )
وكان يستخدمه جميع سكان ذلك المُجمّع ، كبارا وصغارا ، ذكورا وإناثا
كانوا يتسابقون إلى حجز أدوارهم تباعا ومنذ الصباح الباكر ..!
أما الذين كانوا لا يستطيعون صبرا ، وكانوا في عجلة من أمرهم فإن مساحة البستان القريب منا ،
كانت له ملاذا واسعا ، فأشجاره النضرة ، كانت سترا وفشت خلق ... ولا عجب في انك
كنت تشاهد بعض تلك الأشجار اكبر وانضج من رفيقاتها نتيجة لذلك السبب ...!
" ف الأرض ما بدها صلاة " يقول العم ابو جميل وهو يضحك !
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 05 / 2010, 55 : 03 AM   رقم المشاركة : [37]
عبدالله الخطيب
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
 





عبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond reputeعبدالله الخطيب has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

معك.. بكل جوانحي ايها الرائع.
عدت بي الى ذكريات أمي و أبي رحمهما الله.. الى أحاديث الجد و الجدة طيب الله ثراهم.
سردت بصدقٍ و أتقان.
رغم الذل و المعاناة و ضيق حال اللاجئيين إلا أن أمالهم بقيت حية، حتى لو معلقة كقشة بشخصية سياسية وطنية مثل شهيد الأمة العربية جمال عبد الناصر.
الى الأن ما زال يحذوهم الأمل.

كل المحبة
توقيع عبدالله الخطيب
 [frame="3 98"][frame="2 98"]
لاَ تَشك ُ للنّاس ِ جرحا ً أنتَ صاحبُه .... لا يُؤْلم الجرحُ إلاَّ مَنْ بهِ ألم
don't cry your pain out to any one
No body will suffer for you
You..! who is suffering
[/frame]
[/frame]
الثورة تتكلم عربي
عبدالله الخطيب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 20 / 05 / 2010, 31 : 01 AM   رقم المشاركة : [38]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

:more61: رد: واقع يلفه الحلم

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله الخطيب
معك.. بكل جوانحي ايها الرائع.
عدت بي الى ذكريات أمي و أبي رحمهما الله.. الى أحاديث الجد و الجدة طيب الله ثراهم.
سردت بصدقٍ و أتقان.
رغم الذل و المعاناة و ضيق حال اللاجئيين إلا أن أمالهم بقيت حية، حتى لو معلقة كقشة بشخصية سياسية وطنية مثل شهيد الأمة العربية جمال عبد الناصر.
الى الأن ما زال يحذوهم الأمل.
كل المحبة


أخي الحبيب عبدالله
أحزنتني كثيرا رحم ربي والديك وأسكنهما فسيح جنانه فوالله لم تطل معاناة شعب في الدنيا كمعاناة شعبنا .. قد تُحتل شعوب
وتُهدم مدن وتطول حروب سنة اثنتين عشرة فينتهي الإحتلال وتنتهي المعاناة ولكن أن يُسلخ شعب من ارضه وتدوم حروبه
لأكثر من مئة عام ويشرد في أصقاع الدنيا وتموت الناس أغراب الأخ لا يشارك جنازة أخيه والأب لا يحضر فرح بنيه فهذا
لم يحصل لا في الشرق ولا في الغرب وما نزال يحذونا الأمل فعلا وترفض ذاكرتنا النسيان .

أخي الحبيب عبدالله لا اعرف كيف أشكرك على كرمك هذا الذي يشد من عضضي فأواصل الكتابة
شكرا لك الف الف شكر وتقبل مني عظيم التحية والاحترام
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 21 / 05 / 2010, 38 : 02 AM   رقم المشاركة : [39]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم

.............................ارضك ما بدها صلا ............................
يبتسم العم ابو جميل وهو - البستاني العتيق - ويردد رواية
على ذمته، قال :
- الى جوار بستاني هذا / بستانا آخر كما تعلمون ، يعود بملكيته
الى كاهن البلدة - كان قد ورثه عن والده الذي مات في منتصف القرن الماضي .
وكان هذا الكاهن شابا في مقتبل العمر لا يعلم عن أمور الزراعة
شيء ولا يريد أن يَسأل ... !
- " أليس هو الكاهن .. وهو الذي يجب تسأله الناس ؟! "
وكان صاحبنا - يضيف العم أبو جميل متهكما
يأتي كل يوم الى بستانه وهو يحمل مبخرة
تتصاعد منها روائح عطرية تمجد الخالق ... ثم يقوم " بفلح "
البستان بقدميه ذهابا وإيابا وهو يتمتم ويتلو بصلاة بعد صلاة .
ثم يقوم بتبخير شجيراته القزمة القصيرة شجرة شجرة
لعلها تنموا وتعلوا لتصبح بمستوى أشجاري..!
يضيف العم ابو جميل قائلا :
- كنت أشفق عليه واردد في نفسي جملة كنت اخشي البوح بها
احتراما لرتبته الكهنوتية من جهة ، ولسوء فهمه ربما في
ما أريد قوله من جهة ثانية ..!
تتسع ابتسامته للحاضرين ثم يكمل :
- في يوم ، كنت اعمل لجهة الحدود المشتركة بيننا .
تلك الحدود التي كان يقطعها سياج شائك بين بستانينا
وكنت اكره هذا السياج ؛ هذا العائق الذي كان يصر على ترميمه
كلما تهاوى ، ولا يترك حتى ثغرة ليمر منها إنسان ضاقت به المساحات
يريد قضاء حاجته تحت شجرة من شجراته..!
مر بجانبي وكأني لم اطرح عليه السلام فتجاهلته على مضض
وتركته يبرطم بصلواته وأدعيته وهو لا ينفك يلوّح بالمبخرة
ويدفعها بيده في كل الاتجاهات لتغطي حتى أوراق الأعشاب ... !
ولا اخفي عنكم - يقول ابو جميل -
فان " الأبونا " يحمل في قلبه غيرة مني وحسدا على
بستاني دون ان يستطيع إخفاء ذلك ، بل انه كان يلمح الى
بعض معارفي إلى عدم عمق إيماني وقال انه كان يلاحظ ذلك
عندما اذهب لصلاة يوم الأحد فأقضى نصف وقت موعظته نائما
على حد زعمه ولا أُقدم على فعل " الاعتراف " في خلوته ..! .
أما أنا ، فكنت ألاحظ ، لا بل اشعر بضغينته تجاهي في أعماقي ؛
خصوصا عندما كانت يده تقترب من فمي أثناء" المناولة " بعد انتهاء الصلاة ...
وكنت اشعر انه كان يتقصد إفساد صلاتي لحرماني من نعمة رضا الرب .
مع إني كنت لم أوفر مناسبة إلا وحاولت فيها تقديم النصح له فيما
خصّ الزراعة ، لعله يغيّر موقفه اتجاهي ويشملني برعايته ودعواته المباركة ،
ولكنه كان كاهنا يتّبع النصوص - ولا أخفي عنكم - دون ان يفهمها ؛
فهو على اعتقاد راسخ ان الرب عاجلا أم آجلا سيُحل ببركته على الأرض
ولن يُخيّب رجاءه ..لذا .. فهو لا يستمع حتى إلى نصيحة احد .. فربما
باعتقاده قد تكون تلك ، ضلالة !!
مع انني من المؤمنين وأقرأ " الكتاب المقدس " ولكني لم أجد فيه إرشاد زراعي
ومع ذلك .. فأنا ثابت على إيماني .. وقد ترعرع بستاني ..!
وقد قررت في ذلك النهار - يضيف العم ابو جميل - أن أبُقّ البحصة من فمي
وأوصل إليه " الرسالة " وليحدث ما يحدث ...!
فما ان اقترب من الحدود المشتركة حتى تصنعت السعال ، وبدأت أهش
عن وجهي رائحة البخور ، وحاولت أن أبين له ان البخور " بخوره " على ما يبدو
كان فاسدا أوهو من النوع الرخيص!
ثم تطلعت اليه وخاطبته بنبرة عصبية غاضبة وقلت :
" يا بونا ... ! يا سيدنا ...! اسمعني مليح ولا تفهمني غلط ..
أرضك هذه ، بدها " ... " وما بدها صلا ! "
:
ضحك معظم الحاضرين إلا العم ابو جميل فقد سكت .
ثم نظر إلى معظم وجوه الأشخاص كأنه يقرأها .. فالسكوت
عند هذا الحد لا يعني أن روايته قد انتهت ..!
لأنه كان يعتقد ان بعضهم – أي الحاضرين - لم يكونوا ليفهموا
او ليستوعبوا ما كان يقصد .فان العم ابو جميل كان يريد التخفيف من
زحمة الوافدين الى بستانه ولا يريد مزيدا من الضغط
عليه " فالشيء إن زاد عن حده نقصّ " على حد قوله
وأراد أن تتوزع " بلاوي " الناس لتشمل بستان " الأبونا "
هو الآخر .. فمن جهة يفيد ومن جهة يستفيد " /
إستدرك العم أبو جميل ابتسم وقال : " بستانه طبعا " ..!
:
:
بالرغم من تكرار القصة على لسانه مرارا فإنه لا يملّ من ترديدها امام جيرانه
وزواره وقصده كان واضحا ويجب أن يفهموا ولكن دون إحراج ، بأن عليهم
التوجه نحو بستان " الأبونا " ليثبت نظريته حيث كان
يشترط انه و في غضون سنة واحدة ستتساوى أشجاره كاهن القرية
مع اشجاره دون جدال .
وفي أغلب الأحيان يغادر العم الياس " ابو جميل " المكان والإبتسامة المرة
لا تفارق شفتاه مع تميمته " اللآزمة " التي كان ما انفك يرددها وهو
يستدير واضعا يداه بشكل متشابك خلف ظهره ويقول : يلعن بَيّ اللي هجّركم بقر ..!
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 12 / 2010, 13 : 03 AM   رقم المشاركة : [40]
رأفت العزي
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )

 الصورة الرمزية رأفت العزي
 





رأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond reputeرأفت العزي has a reputation beyond repute

رد: واقع يلفه الحلم


احتدّت والدتي ذات يوم حين سمعت العم أبو جميل وهو يردد جملته المعروفة وقالت له وهي غاضبة :
نعم .. يلعن أبو هاللجئة اللي ضيّعت أصولنا ؛ ش بتعرف عن فلسطين والفلسطينية يا جار ؟!
ثم دخلت إلى غرفتنا وأجهشت بالبكاء ، بكت بحرقه ولكن بصوت منخفض وتسيل دموعها بغزارة
فاستغربت كثيرا لأني اعرفها قوية .
اقتربت منها وقبلت رأسها ويديها مرات ومرات ثم جلست إلى جانبها على الأرض والتصقت بها واضعا رأسي
على حافة احدى ركبتيها بعد أن جمعت جسمي وتكورت حتى التصق فخذاي بصدري فضمتني إليها
بشكل يريح رقبتي من التقوْس ثم وضعت يدها على رأسي وبدأت بنبش شعري وتفليته كعادتها
فشعرت بكثير من الحنان والدفء والسكينة التي ألقت بفضلها عليها ، سألتها فجأة :
لماذا خرجنا من فلسطين يا أمي ؟!
وبدأت تقص عليّ ما لم أكن أفهمه وقالت :
توقيع رأفت العزي
 "
كل ومضة نور في وسط الظلمة تدفع السائرين إلى الأمام خطوة !
وكل تصويب لمسيرة النضال على الطريق تقدم للنجاح فرصة !
" !!
رأفت العزي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحلم, رأفت العزي, واقع يلفه


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قصة مَثَلْ - كل مثل حلفه قصة- ملف يعنى بتوثيق الأمثال الشعبية وحكاياتها هدى نورالدين الخطيب أقوال وحكم عربية 7 26 / 01 / 2020 29 : 06 AM
واقع عبد الله راتب نفاخ الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 1 12 / 01 / 2014 54 : 02 PM
التطرف الديني - أصوله ونشأته ومن يقف خلفه - نحتاج تضافر الجهود لإنجاز بحث حقيقي هدى نورالدين الخطيب قاعة الندوات والمحاضرات 42 22 / 12 / 2013 29 : 11 PM
رحل طلعت سقيرق ناثرا خلفه ياسمين قصائده وعبق الكرمل بقلم أحمد صالح سلوم ميساء البشيتي كتبوا عني 0 25 / 01 / 2012 35 : 02 PM
موضوع للنقاش (( استهداف المسيحيين من الذي يقف خلفه ؟!)) هدى نورالدين الخطيب القضايا الوطنية الملحّة 18 24 / 01 / 2011 15 : 11 AM


الساعة الآن 27 : 10 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|