التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,838
عدد  مرات الظهور : 162,280,614

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة اللغة العربية > أقسام الهيئة > اللغة العربية و قواعد الكتابة
اللغة العربية و قواعد الكتابة لغةٌ إذا وقعت على أكبادنا كانت لنا برداً .. على الأكبادِ ... وتظلُّ رابطة تؤلِّفُ بيننا .. فهي الرَّجاءُ لناطقٍ بالضَّادِ

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 21 / 12 / 2009, 12 : 07 AM   رقم المشاركة : [1]
د.حسين جمعة
كاتب وأديب ، رئيس اتحاد الكتاب العرب

 الصورة الرمزية د.حسين جمعة
 





د.حسين جمعة is a jewel in the roughد.حسين جمعة is a jewel in the roughد.حسين جمعة is a jewel in the roughد.حسين جمعة is a jewel in the rough

اللغة العربية إرث متصل ـــ أ.د.حسين جمعة

[align=justify]
1 ـ اللغة، مفهوماً ونشأة وبنية:
قد لا يكون ما نتناوله جديداً كل الجدة، في طبيعته ومضمونه؛ فهو موضوع ذو شجون تعاورت عليه أقلام محلية وعربية عدة، ولكنّه يعدُّ ضرورة ملحة نحتاج إلى تأكيدها فيما آلت إليه حياتنا عامة، وما تعانيه لغتنا العربية الفصحى خاصة؛ وعلى صُعُد ومستويات عدة… فقد غدت لغتنا مأزومة بعدد غير قليل من أبنائها، ما جعلها تعاني إشكاليات كثيرة في مفرداتها وتراكيبها وأساليبها… وما وجود هذه الإشكاليات واستمرارها إلا نتيجة طبيعية لضعف الوعي الاجتماعي ـ الثقافي الوطني والقومي للغة العربية… ولذلك كان علينا أن نعرف اللغة لننتهي إلى الوسط الذي تعيش فيه لنناقشه…
فاللغة هي مجموع الأصوات والرموز، والإشارات و... وقديماً قيل: هي الألفاظ التي يعبر بها الناس عن مشاعرهم وحاجاتهم وأفكارهم([1])، وأغراضهم بحسب طرائقهم.. أو هي ألفاظ تدل على معانٍ سواء كانت اسماً أم فعلاً أم حرفاً على حين يرى العالم اللغوي (دي سوسور) ـ أحد علماء القرن العشرين ـ أنها «عبارة عن نظام من القيم الخاصة فحسب»([2]).
واللغة: مفرد، والهاء فيها تعويض عن الواو، والجمع اللغات… والفعل لغا يلغو.. ولَغِيَ يلغى… والمصدر منها اللَّغْوُ؛ واللغو: النُّطْق. فنقول: هذه لغتهم التي يَلْغون بها: أي يَنْطِقون.. ولغات الطير: أصواتها؛ قال ثعلبة بن صعير: [/align]

[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
باكرتهم بسباءِ جَوْن ذارعٍ=قبل الصباح وقبل لَغْوِ الطائر [/poem]
ولغي بالشيء يَلْغَى لَغىً: لَهِج.
واستلغاني الناس: سمعوا لغتي، كقول الشاعر:

[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
وإني إذا استلغاني القومُ في السُّرى=بَرِمْتُ فأَلْفَوني بسرِّك أعجما[/poem]
واللغة: اللسان، ويكنى باللسان ـ أيضاً ـ عن الكلمة كقول الشاعر أعشى باهلة:
[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
إني أَتتني لسانٌ ما أُسَرُّبها=من عَلْوَ لا عَجَب منها ولا سَخَرُ [/poem]
فاللسان: اللغة، وعليه قوله تعالى: وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه (إبراهيم 14 /4) أي بلغة قومه ومثله اللِّسْن، كقول المتنبي([3]):
تجمّع فيه كُلُّ لِسْنٍ وأُمَّةٍ=فما تُفهِمُ الحُدَّاثَ إلا التراجموهنا نُبين أن لفظ اللغة لم يرد في القرآن الكريم؛ وإنما ورد المصطلح الدال عليه وهو مصطلح «اللسان».... وهذا المصطلح أحدث ما انتهت إليه الدراسات اللسانية في القرن العشرين بينما استعمله الإسلام قبل أربعة عشر قرناً لأنه مادة النطق.
فاللغة ـ وأعلاها المنطوقة والمكتوبة ـ أداة للاتصال والتواصل في حياة الناس، ووسيلة أصيلة لمعالجة شؤون مختلفة كالبحث والتحليل والنقاش، إنها نظام مجرد لكل ما هو مادي ومعنوي.. ما يعني أن أي شعب يستعمل اللغة ليعبر بها عما يؤمن به ويشعر ويعتقد ويفكر... فهي وسيلة لبلوغ أهداف ووظائف يرغب فيها المرء سواء كانت منطوقة أم مكتوبة أم كانت إشارة أم رمزاً أم رسماً أم نحتاً... وكذلك هناك لغة الجسد، ولغة الحركة، ولغة النار... ولغة بريل... ولغة الموسيقى والإيقاع، ... ولكل منها وظائفها الخاصة بها وأنساقها الفكرية الدلالية والجمالية والفنية.. وهي لغة تنشأ من الوظائف الاجتماعية والحاجة التي تلبي رغبات الإنسان، منذ الطفولة ثم ترتقي طبيعة ووظائف. فالطفل يشكل عالم اللغة الخاص به من المفردات التي يتعامل معها في محيطه ليكون مفاهيم محددة تعبر عن إرادته ومشاعره، وأفعاله. فهو مثلاً إذا لم يستطع أن يتسلق شجرة، فإنه يستخدم شيئاً وسيطاً للارتقاء إليها كطاولة أو غيرها، ولكل من هذه وتلك محددات لغوية خاصة؛ ما يعني أن اللغة صورة طبيعية موازية لاستخدامها في الحياة؛ أي إن اللغة تدل على عقل إنسان ما وسلوكه، أو على خصائص شعب ما، إذ ترمز إلى مستواه الثقافي، ورقيه الحضاري... ثم هي ضرورة اجتماعية، وظاهرة ثقافية تصل الأجيال بعضها ببعض، ومن ثم تصل بين الأكوان والشعوب([4]).
فهناك علاقة جدلية بين اللغة والمجتمع من جهة وبين اللغة والفكر والثقافة والفن والأدب والشريعة والقانون.. من جهة أخرى. وكم من إنسان يرى فيها بأنها وعاء للفكر متعلقة به منذ وجودها، وهي تتميز بخصائص الجماعة التي تنشأ فيهم، إذ تعبر عما يشعرون، ويفكرون، ويستعملون، ويجربون... وبها تثرى خبراتهم ومعارفهم في إطار التعبير عن التوسع والتنوع والاختلاف الذي يقع في الحياة، أياً كانت درجة القرابة وتشابه الأنساق فيها وفي أصحابها.
وهذا يشي بأن اللغة كانت في الماضي السحيق أو القريب تنتمي إلى أُرومة واحدة ـ وكذا الكتابة ـ ولمّا تبلبلت الألسنة اختلفت اللغات وتباينت لشدة ارتباطها بالأنساق الزمانية المكانية؛ الاجتماعية والتاريخية. ولا شيء أدل على هذا الشأن من تباين اللغة الفرنسية عن الإسبانية على الرغم من انتمائهما إلى أصل واحد وهو اللغة اللاتينية، أما اللغة العربية الفصحى فقد بقيت ثابتة لثبات الخصائص الزمانية ـ المكانية لأهلها، ولبنيتها الحيوية؛ على الرغم مما تعرضت له من غزوات شتى لإكراهها على التنازل لغيرها...
ولسنا نشك في أن اللغة العربية تعد الجسر الذي يصل بين الأجيال في الماضي والحاضر والمستقبل ما يؤكد ثباتها من جهة وتحولها إلى أشكال متطورة من جهة أخرى في إطار الارتقاء المعرفي والعلمي. فهي بثباتها وتحولاتها تظل محافظة على نظامها النحوي والصرفي والبلاغي والصوتي، ما يجعلها متماسكة في نقل التراث وكأنه ممتد في الزمان والمكان والثقافة دون تغيير، بعكس ما يقع لعدد من أبنائها الذين يتحوّلون عنها. ومن ثم فإن النمط اللغوي العربي، يتطور شكلاً، ومضموناً دون أن يتناقض مع عنصر الثبات في الوقت الذي يدفعنا إلى القول: إن أي تطور لغوي في المفردات والتراكيب والصور والأخيلة يرتبط بالنسق السلوكي السائد في حياة قوم ما، فخبراتهم وثقافتهم وأدبياتهم وفنونهم، وعاداتهم وتقاليدهم و.... هي التي تحدد أوضاع اللغة، ما جعل (تايلور) يعرف الثقافة تعريفاً يلتصق باللغة الاجتماعية. فرأى بأنها ذلك الكل المركب والمعقد والمكتسب بكل ما يشتمل عليه من معارف وعقائد وعادات وأعراف وفنون وأخلاق وقانون.. أي إن الثقافة هي ذلك الشكل الذي يشتمل على الإنجازات الاجتماعية والثقافية المادية والمعنوية للتراكيب اللغوية بكل عناصرها ومكوناتها([5]).
وعليه فقد اشتدت عناية علماء اللغة والباحثين الاجتماعيين بالدراسات الأنثروبولوجية منذ بدايات القرن العشرين، حين ربطوا اللغة بالبيئة الاجتماعية والثقافية، وبذلوا محاولات حثيثة لقراءة التاريخ اللغوي وفق هذا التصور... وقد تميزت الجامعات الأمريكية المعاصرة في هذه الدراسات منذ ستينيات القرن العشرين، إذ ازدادت قيمة الدراسات الأنثروبولوجية على يدي اللغوي الأمريكي الأنثروبولوجي (دل هايمز Dell Hymes) حين قدّم جهوداً كبرى في هذا الاتجاه([6]).
ولعل الأمانة العلمية تحتم علينا الإشارة إلى أسبقية العرب في مثل هذه الدراسات، إذ عالجوا مضمونها، وإن لم يقفوا على مصطلحاتها. وكان «أبو الريحان البيروني» قد تحدث عن قيمة اللغة واختلافها بين الأقوام تبعاً للبيئة الاجتماعية والثقافية؛ فقال: «يجب أن نتصور أمام مقصودنا الأحوال التي يتعذر استشفاف أمور الهند، فإما أن يسهل بمعرفتها الأمور، وإما أن يتمهد له العذر، وهو أن القطيعة تخفي ما تبديه الوصلة؛ ولها فيما بيننا أسباب، منها أن القوم يباينوننا بجميع ما يشترك فيه الأمم، وأولها اللغة»([7]).
إذاً اللغة ـ باعتبارها الصوتي ـ عنصر محايد، ولكنها في مجموع أصواتها لفظاً مفرداً وتركيباً ليست محايدة؛ إذ تصبح مجموعة ألفاظ تعبر عن مشاعر جماعة ما، وما يتواضعون عليه من أفكار وثقافات، فضلاً عن التصاقها بالبيئة الطبيعية التي تقطن فيها تلك الجماعة([8]).
هكذا قدَّمت لنا الدراسات اللغوية جملة من الإضاءات المفيدة والمثيرة حول مفهوم اللغة ونشأتها وتطورها وأنواعها ووظيفة كل نوع فيها، في الوقت الذي عالجت خصائصها المميزة.. ودلَّت طبيعة أي لغة على معنى حضاري ما..
فاللغة ظلت تتجدد بتجدد الفكر والحاجات والعادات حتى انتهت في التاريخ القديم إلى الحروف والمقاطع؛ واخترع كل شعب ما يلبي حاجته من تلك الحروف كما نجده في السومرية والأكادية، والهيروغليفية.. ولا يستطيع بحث لغوي ما، مهما أوتي من العمق والإحاطة أن يبين لنا شكل اللغة الأولى للإنسان.. هل كانت محاكاة، والنفس تلتذ بالمحاكاة؛ ثم أصبحت تواضعاً؛ دون أن يتناقض هذا مع الرأي القائل: إنها توقيف في أصل تعليمها للإنسان، إذ وضع الله فيه الملكة والقدرة على التعلم؛ باعتبار الإنسان صورة للصانع الأكبر؟([9]).. ولهذا فهو يمتلك بالقوة خواص الصانع الذي أحكم خلق الكون.. ثم انعقدت بين الإنسان والحياة والطبيعة علائق وثيقة طوّرت لغته ومن ثم انشعبت تبعاً للبيئة الاجتماعية والاقتصادية والطبيعية…
ولا شك في أن مفهوم اللغة وتاريخ نشأتها يختلفان عن مفهوم الكتابة؛ وتاريخها وتطورها؛ وإن ارتبط كل منهما بالآخر في أذهان الناس….. علماً بأن الكتابة تمثل رموزاً للغة؛ ولا سيما في نشأتها الأولى. وهنا نسجل لأجدادنا العرب القدامى من الكنعانيين والسومريين والآراميين والفينيقيين إجلال البشرية لهم وتعظيمها لاختراعهم.. فقد احتلوا مكانة عظيمة في التاريخ الإنساني حين أبدعوا لنا الأبجدية الأولى للبشرية التي وصلت إلينا من جبيل في لبنان ورأس شمرا في سورية.. هذه الأبجدية التي استطاع العلماء حل رموزها؛ وأدركوا في ضوء تحليلها عظمة قيمتها التاريخية والحضارية.
ونرى أن هناك تطابقاً بين اللغة والكتابة في بداية نشأة الكتابة، حين كان الإنسان القديم يرسم ما يريد التعبير عنه، وفق ما ظهر في الكتابات القديمة للفراعنة كما تدل عليه الرسوم في (مدافن الملوك) بأقصر مصر... ومثلها كانت الكتابة السومرية في سورية وبلاد الرافدين... ثم ظهرت الحروف الأوغارتية التي بلغت ثلاثين حرفاً، على حين ظهرت الحروف الهيروغليفية التي بلغت اثنين وعشرين حرفاً وهي متطابقة في العدد مع أبجدية (جبيل)، وكلتاهما ترقى إلى القرن الرابع عشر قبل الميلاد ـ كما نعتقد ـ.
ويبدو لي أن اللغة الكنعانية انتقلت إلى الآرامية أو السريانية، وكلتاهما كتبتا بالأوغارتية... ثم امتدتا إلى اللغة العربية وحروفها على نحو ملموس، وفق ما سنشير إليه من ألفاظ كثيرة دخلت في صميم اللغة اللفظي. وكان عدد من علماء السريان قد ترجموا عن اللغة السريانية إلى العربية عدداً غير قليل من الكتب...
وفي صميم ذلك كله يبقى البحث في أصول اللغات مستمراً؛ لأنه ما من لغة بقيت كما هي؛ بل ارتقت بوساطة قوانينها وفِعْل أبنائها يوماً بعد يوم؛ فمثَّلت على الدوام حال كل أمة تنتمي إليها وتعبر عنها... وتبقى اللغة العربية متصلة بجذورها التاريخية التي تؤكد وحدة الثقافة، والحياة، في الوقت الذي تؤكد فيه وحدة الشعور الذي ترعرع على الأرض العربية. وعلى الرغم من ذلك نقر بأن أيَّ باحث لم يستطع أن يقول في هذا الشأن القول الفصل؛ وإن تعمّقت الدراسات اللغوية بشكل كبير في القرنين الماضيين.. فهذه الدراسات استطاعت أن تقف عند مصادر اللغة، وميزت بدقة طرائق كل لغة ومذاهبها في التعبير، والتأثيرات المتنوعة التي تعرضت لها.. ولكنها تناولت اللغة بما هو معروف للإنسان، لأنها عاجزة عن الإيغال في أعماق التاريخ.. إذ ظلت هذه الآراء قائمة على التخمين فيما يتعلق باللغة الأولى.
وحين ندرس اللغة باعتبار تنوعها تبعاً للجنس البشري لا بد من أن نتحدث عن موقع لغتنا في إطار بنيتها ودلالتها ومستوياتها دون أن نخرجها ـ هنا ـ عما رآه اللغويون لأنها جزء من لغة الإنسان؛ وهي تنتمي إلى شكل من ثلاثة أشكال هي:
الشكل الأول: اللغات الفاصلة: وهي كل لغة لا تتغير بنية الكلمة فيها في حال إفرادها وتركيبها.. ولا زالت اللغة الصينية تمثلها حتى الساعة، وهي تبلغ نحو (70) ألف كلمة، يستعمل الصينيون منها نحو أربعة آلاف كلمة.
الشكل الثاني: اللغات اللاصقه: وهي كل لغة احتفظت بصيغة ثابتة ـ للكلمة في حال الإفراد والتركيب ثم سبقت بحروف أخرى أو ألحقت بها حروف لإيجاد معانٍ جديدة ليست لها في حالتها البنائية الأصلية؛ ويمثلها اللغة الفرنسية والإنكليزية واليابانية..
الشكل الثالث: اللغات المتصرفة: وهي كل لغة تتغير بنية الكلمة من داخلها؛ أو بإلحاق حروف بها أو تقديمها عليها، ومن ثم تتغير دلالاتها تبعاً لتغير المبنى.. ولا تكتفي بذلك بل تتغير دلالتها في حال التركيب تقديماً وتأخيراً، حذفاً وزيادة،.. وفي حال تنوع التراكيب بين الحقيقة والمجاز.. والإيحاء والإيجاز والاطناب…. وتعد اللغة العربية أبرز اللغات التي تتصف بذلك..
2 ـ مستويات اللغة ووظائفها:
لا بد من أن لكل لغةٍ دلالةً ووظيفة، إذ اتفق علماء اللغة على أنها تتصف بأربعة مستويات في دلالتها:
ـ المستوى الأول؛ هو المستوى الصوتي: ويعتمد على دلالة الحرف بذاته، أو بمقطعه الذي يدخل فيه،.. تكوَّن وفق العلاقة الماثِلة بين الدال والمدلول.
ـ المستوى الثاني؛ هو الصرفي: وتنتقل اللغة فيه من مجرد الصوت والحرف الذي يوحي بدلالته إلى البناء التكويني في تغير الدلالة مع تغير البنية.. سواء كانت التحولات التي تلحق بالكلمة خارجية أم داخلية.
ـ المستوى الثالث؛ هو المستوى النَّحْوي: وتنشأ فيه أنظمة دقيقة تضبط التراكيب والدلالة معاً، وتستخرج لذاتها قوانين تربط بين الألفاظ بصورة دقيقة وفعالة في مختلف الحالات الدلالية والتركيبية.. لتتم عملية التواصل بشكل واضح ومفهوم.
ـ المستوى الرابع؛ وهو المستوى الوظيفي: يعد هذا المستوى أرقى المستويات لأنه يجمع إلى المستويات السابقة وظائف كبرى في مقاصد اللغة.. وجماليتها في وقت واحد... وتغدو اللغة وسيلة وغاية؛ معاً؛.. ومن أهم وظائف اللغة في هذا المستوى:
1 ـ وظيفة الاتّصال: تصبح اللغة في أعلى مستوياتها وسيلة تفاهم اجتماعي وفكري وفني ونفسي.. وتحقيق عملية الالتقاء بين أفراد الجنس البشري وإن اختلف الزمان والمكان والأفراد.. والثقافة. ومن ثمّ صارت اللغة نمط حياة، يتقنه كل فرد من أفراد المجتمع، كما كان عليه الشأن في العصر الجاهلي الموغل في القديم.
2 ـ وظيفة الاختزال والتكثيف الدلالي: تجمع اللغة بين الحقل المعجمي والحقل الدلالي بشكل موجز ومؤثر.. وتنتقل اللغة فيه من المعاني الحقيقية إلى المعاني المجازية في إطار السياق والتراكيب الدلالية الاصطلاحية.... وتتنوع في طرائق التكثيف وهي تختزن التاريخ والواقع والحقيقة والمجاز وهو ما يدل عليه الشعر الجاهلي.
3 ـ الوظيفة الحضارية التاريخية: حين تصبح اللغة حاملة لقدرات هائلة في وظيفة الاختصار والإيحاء فإنها تتسع في فضاء المفاهيم وحقل تكوين النتاج الفكري الذي تنتجه الأجيال.. ويكون من مهمات اللغة نقل هذا النتاج لكل الأجيال والبيئات الاجتماعية والثقافية.. فالحقل الدلالي للغة ينتقل من مجرد حقل خاص بمجتمع ما إلى أن يصبح حقلاً دلالياً إنسانياً، وهو ما انتقلت إليه اللغة العربية في صدر الإسلام، أي لم يعد الحقل الدلالي المعجمي عائقاً في سبيل تطور الحقل الدلالي التوليدي والمجازي والإنساني.. واليوم لن يتحقق لنا ذلك دون أن نقيم ورشات عمل لغوية تضع المفاهيم والآليات، لتنفيذ ما نحتاج إليه من خلال التجريب وفق مبدأ العيّنات والاستعارة، وإتقان مبدأ التعريب والاشتقاق والنحت والتركيب وغيره.
4 ـ الوظيفة الجمالية: وهي وظيفة تعبير مؤثرة ومفيدة، وتضم فيما تضم اللغة الشعرية، وشعرية الأجناس الأدبية والفنية.. وتغدو الأشكال الفنية الأدبية مدار اهتمام الدارسين في إدراك ماهية الجمال التشكيلي للغة النص وعناصره الفنية الأخرى في أنساقها التركيبية وفي سياقاتها المتعددة... وتدرس اللغة الجمالية من جهة تكوينها وتركيبها وأنظمتها الأسلوبية واختلاف حقل الدلالة في ذلك كله... فالوظيفة الجمالية لم تعد تتوقف عند حقل الدلالة المعجمية أو المجازية، أو التكثيفية البلاغية، أو عند الإيقاع والصوت.. وإنما أخذت تُعْنَى بالتشكيل الجمالي اللغوي ذاته في تنوع دلالته وعمقه وتأثيره، ونظامه.. ومن هنا تتجدد هذه الوظيفة مع تجدد الآراء والنظريات النقدية على مدى العصور.
وهذا كله يفرض على الباحث أن يبرز مفهوم اللهجة التي تنقلب إلى لغة في بعض الأحيان أو تدخل في ظاهرة الاشتراك حتى تصبح من صميم اللغة في أحيان أخرى.
فأياً كانت اللغة في جنسها ومستوياتها ووظائفها فإنَّها قد تتفرع تبعاً للهجاتها، ثم تنقلب اللهجة بعد تبنِّيها اجتماعياً وثقافياً وسياسياً لغة مغايرة للغة الأم... فتكتسب اللهجة في مسيرة تطورها خصائص تنفرد عن اللغة الأصلية.. وهذا ما حدث مع اللغة اللاتينية التي أنجبت الفرنسية والإسبانية.. وغيرهما من بقية اللغات الأوربية في العصر الحديث.
واللهجة بعد أن كانت مختلفة في النطق عن اللغة الأم شرعت تتخذ لنفسها أصواتاً جديدة وأنظمة تغاير الأنظمة القديمة..
أما اللهجة في العربية فظلت تتميز باتصالها باللغة الأم وظلت قوانينهما متشابهة إن لم نقل إنها متطابقة... ولا زالت عالقة في اللفظ ولم تصل إلى غيره.
ولهذا فإن تعريف اللهجة يعني أسلوب أداء الكلمة إلى السامع من مثل إمالة الفتح والألف، أو تفخيمها أو ترقيقها أو تسهيل الهمزة أو تحقيقها في جرس الألفاظ وصوت الكلمات.. فهي تتعلق بالأصوات وطبيعتها وكيفية أدائها... وفق قانون الجهد الأقل.
وهذا لا يعني اختلاف ألفاظ اللغة بشكل مطرد بين اللهجة واللغة الأم على ما قيل من بعد المسافة بين أبنائها كما روي ـ قديماً ـ عن لغة حمير من عرب الجنوب ولغة عرب الشمال.. فنحن نرى اشتراكهما في كثير من صور الأبنية، وتماثل النطق وإن اختلف المعنى كما نجده في لفظ (ثِبْ) فهو في لغة حمير بمعنى (اجلس) وفي لغة عرب الشمال بمعنى (اقفر)، ولهذا قيل: من دخل ظفار حمَّر.. أي تحدث بلغة أهل حمير ودلالاتها... كما أن لفظ (السُّدفة) ـ عند عرب الشمال ـ يعني الظلمة عند تميم؛ والضوء عند قيس..
وفي ضوء ذلك كله ندرك أنه ليس بالضرورة أن تنفصل اللهجة لتشكل لغة متمايزة من اللغة الأم، فربما تتوحد فيما بينهما لتشكل لغة أدبية موحدة؛ على بقاء اللهجة مستعملة في نطاقها المحدود..
ولعل ذلك كله هو الذي كوَّن ظاهرة الاشتراك والترادف في اللغة العربية، وهو ما ندر في غيرها من اللغات الحيَّة.. مما يدل على غناها واتساع موادها.. حتى قيل: إن في معجم (لسان العرب) لابن منظور مئة وعشرين ألف مادة.. ولم يشتمل لغة العرب كلها.
وبهذا كله تكمن قيمة اللغة العربية وقد أدرك العلماء أهميتها في البعد الاجتماعي والفكري والثقافي... واستشعروا تميزها في حالة الارتقاء والتراجع، وهو ما نعالجه في الفقرة الآتية.........
3 ـ اللغة العربية ارتقاء وتراجع:
ـ لم تكن اللغة ـ أي لغة ـ في يوم من الأيام مجرد أداة للتواصل والتعارف بين أبنائها أو بينهم وبين الآخر، ولم تكن مجرد وعاء فكري ثقافي سياسي اجتماعي أدبي فني محايد.. وإنما هي كل ذلك في صميم استمرار حياة الأمة وتجسيد روحها المميزة لها... فاللغة خطاب متعدد الوظائف والأهداف([10])؛ وربما يحمل في نظامه البنائي وسياقه المتنوع كثيراً من الدلائل، علماً أن الكلمة الواحدة، أو الجملة الواحدة تصبح ذات معانٍ شتى إذا تبدل السياق.
ولعل الإمام عبد القاهر الجرجاني (ت: 471 هـ) قد أدرك الغاية الكبرى من اللغة ونظامها؛ فيما تبناه في (نظرية النظم) التي اشتهر بها في كتابه (دلائل الإعجاز)، ما يفيد بأن أهدافها ووظائفها لا تستبين إلا في أوضاعها الدقيقة التي بُنيت عليها في تناسق الدلالة وتلاقي المعاني على الوجه الذي يرتضيه العقل من أجل الاتصال والتفاهم والتعبير([11]).
وبناء عليه فاللغة العربية؛ هي اللسان الأم الذي ينطق بها ما يزيد على /300/ مليون عربي ويعرفها ما يزيد على مليار إنسان. فهي لغة ممتدة في الزمان والمكان، ولم تكن في يوم من الأيام لغة طارئة، إنها «اللغة القديمة التي تعود إلى ما قبل التاريخ، والتي ترفّعت عن لهجات الخطاب منذ زمن، ورويت لنا كابراً عن كابر» ([12]).وهي إحدى مقومات الوجود العربي، والمعبّرة عن ذاته وهويته وثقافته، وبها يُعْرَف. بل أضحت في عرف كثير من الدارسين أكمل اللغات السامية وأرقاها، تنشأ وتتكاثر كالكائن الحي.
لهذا استطاعت على مدى وجودها أن تقدم خدمات جُلَّى لأبنائها ولاسيما أنها صارت مادة فنية للأمثال والحكم والخطب والرسائل والقصائد الجميلة؛ ولعل أكثرها جمالاً ما عُرف في العصر الجاهلي بالقصائد العشر.
ومن ثم قدمت خدمات متعددة الاتجاهات في القديم والحديث لأبنائها ولأبناء البشرية.
هكذا تدرجت اللغة في الجاهلية الأولى، وتلقفتها الجاهلية الثانية لتكون أعظم مادة يصوغ فيها العرب أفكارهم ومشاعرهم بأساليب مثيرة وساحرة، وما زالت ترتقي وتكتسب مفردات جديدة على الدوام في الوقت الذي ترود حقولاً غير معروفة، ثم جاء الإسلام فأغناها بحقول دلالية لا حصر لها، ووحَّد لهجاتها، وقَدَّم لها خدمة لا نظير لها، إذ عَدَّها لغة العبادة، ما جعلها لغة كل مسلم، فتطاولت تعبيراً واستعمالاً. ولمَّا أثبتت أنها لغة قادرة على مواكبة الحياة واستيعاب العلوم والمعارف في الماضي بما تملكه من الصيغ الدلالية واللغوية القادرة على التوالد والنماء كانت هذه اللغة تؤصل ذاتها في محافل شتى وأماكن عدّة، فلا عجب بعد هذا كلّه أن تصبح لغة رسمية في هيئة الأمم المتحدة منذ عام (1973م)، ثم في منظماتها عام (1975م) كاليونسكو، وكانت الجمعية العامة منذ عام (1963م) قد اعترفت بأثرها المهم في صون الحضارة الإنسانية؛ فضلاً عن كونها تمثل اللغة الرسمية لعدد من بلدان العالم ولاسيما الإسلامي؛ ليس على اعتبار أنها تتساوى في بعض الخصائص مع عدد من اللغات الأخرى وإنما على اعتبار أنها قادرة على تشكيل معارفها ومفاهيمها ومصطلحاتها في سياقها الخاص دون أن تتناقض مع العام.
ولعل هذا ما أدى إلى انعقاد المؤتمرات العالمية لاستخدام اللغة العربية إلى جانب الإنكليزية والفرنسية. فإذا كان بعض الناس يرون أن اللغة العربية ـ وبحجة الانفتاح الحضاري على العالم، اليوم ـ لا تستطيع مضاهاة نظام العولمة باعتباره نظاماً معرفياً واقتصادياً جديداً يقبل عليه العالم بكل سلبياته وإيجابياته، فإن اللغة العربية كانت في القديم ـ وما تزال ـ مفتاحاً إلى الثقافة العالمية وعلومها اللغوية واللسانية، فضلاً عن أنها إحدى مقومات العقيدة الإسلامية، دون أن تلغي الآخر أو تحجر عليه، كما تفعل العولمة هذه الأيام، فالعربية استوعبت الفلسفة وأفكارها وتناولت كل ما يتعلق بها مثل (القديم والمحدث، والوجود والعدم، والصورة والجوهر والعَرَض، والأزل والأبد، والعلة والمعلول، و...) وكذلك تعاملت مع مصطلحات الطب ومفرداته وأفكاره مثل: (التشريح والكحالة، والاستسقاء، والذبحة، والترياق، والبنج، والكافور و...) أما في الرياضيات فقد اتسعت العربية فيها لمصطلحاتها وأفكارها ورموزها مثل: (الدائرة، والقطر، والمثلث، والمخروط، و....). وكذا يقال في الجبر والفيزياء والكيمياء وغيرها.
إذاً، استطاعت اللغة العربية منذ القرن الثاني الهجري أن تتطور تطوراً كبيراً لتستوعب علوم اليونان والهند والفرس؛ ومعانيها، وتولّد كثيراً منها في ضوء مثاقفة إبداعية عقدت للعرب ـ من بَعْدُ ـ رياسة بعض العلوم والفنون لسنين طويلة في الوقت الذي قدَّمت لهم لغتهم سهولة ومرونة لا تضاهى في التأليف والإبداع، لأنها تتصف بقوانين التفاعل مع غيرها من اللغات.
ويبدو أن شأنها اليوم مغاير لما كانت عليه نتيجة ضعف أبنائها حتى أخذت تظهر بأنها هي الواهنة، فقد بدأت العربية تتراجع عن أداء دورها الإبداعي والحضاري العالمي، فلم تعد تنمّي الذوق والعقل بالصور الساحرة والأفكار المفيدة؛ وصارت الثنائية اللغوية، أو ازدواجية اللغة مع العاميات من أبرز مشكلات العربية. فإذا كانت الأشكال الاستعمارية قد فرضت في الحياة الحديثة لغة ثانية كالفرنسية والإنكليزية أو الإسبانية أو الإيطالية أو ... أو أن هناك مشكلات وجدت وفق الحاجة أو وقعت نتيجة استعمال خلل البنية الصرفية والنحوية فإن الأزمة تتمثل بأشكال جديدة، أبرزها كثرة الدخيل، وشيوع العاميات المغرقة في المحلية، ثم قيل: إنها أصبحت عاجزة عن استيعاب المصطلحات والمعارف والعلوم التي تتفجر في بلدان العالم ما يجعلها تتعرض لنزيف داخلي، فرض عليها الانسحاب لحساب أي لغة عالمية أخرى وبخاصة اللغة الإنكليزية، على اعتبار أن هذه اللغة تمثل اليوم لغة العولمة التي تقودها أمريكا. فالمجتمع العربي غدا ـ غالباً ـ مجتمعاً استهلاكياً لا إبداع فيه، لأنه يحتاج إلى كل ما تقدمه له المدنية الحديثة تقنياً واقتصادياً وثقافياً و....، وكل ذلك يأتيه بطريق الآخر ولغته، أي إن العقل العربي لم يعد منتجاً للفكر والإبداع، ولم يعد فارس الميدان سياسياً واقتصادياً ومعرفياً وعلمياً، فهو ضعيف متخلّف، يعيش على حلم مستحيل التحقيق لأنه لا يوفر له أدواته المطلوبة.
ولعل تراجع أهمية اللغة العربية في نفوس أبنائها قبل غيرهم يذكرنا بأن المدارس الأجنبية القديمة التي أسست في بعض المدن العربية كانت تدرس المواد العلمية باللغة العربية؛ ثم تراجعت عنها لِمَا رأته من عقوق أبنائها. ولا شيء أدل على هذا من الكلية الإنجيلية التي أسست في بيروت والتي سُميت بالجامعة الأمريكية عام (1866م)، وكانت العربية فيها لغة تدريس المواد العلمية، وكان هناك أساتذة أمريكيون يشاركون غيرهم في التدريس بها، إلى أن استبعدت عام (1884م) لتحلّ محلها اللغة الإنكليزية.
ولعل من أعظم الأمور الغريبة التي نُعانيها ـ اليوم ـ أن كثيراً من الجامعات العربية تدرس تلك المواد باللغة الإنكليزية أو غيرها، وهناك جامعات كانت تدرسها باللغة العربية ثم تراجعت عن ذلك تحت وطأة العولمة الجديدة.
لقد تجاهل أصحاب القرار العربي أن هذه اللغة كانت على الدوام قادرة على تجاوز أي مأزق لغوي معرفي علمي تتعرّض له وكأنهم نسوا قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أو تجاهلوه: [كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا لـه رواة]([13])، على الرغم من أن اللغة العربية نجحت في الامتحان الصعب الذي تعرضت له في القرنين التاسع عشر والعشرين يوم كان العرب يئنون من ظلم الانتداب الأوربي. فقد أُحدث ـ آنذاك ـ في دمشق معهدان للطب والحقوق سنة (1919م) واعتمدت العربية لغة للتدريس، واستطاعت بجهود أبنائها المؤمنين بقدرتها، والمعبرين بها عن هويتهم أن يجعلوها وسيلة لتدريس الطب والحقوق، ولم ينعتوها بأنها لغة عاجزة أو صعبة بل أكدوا أنها تستوعب كل ما نُقل إليها من مصطلحات وعلوم وأشكال فكرية وفلسفية، وأثبتوا أن بإمكانها الصمود في وجه الأقوياء الذين يريدون السيطرة على الضعفاء... فاللغة العربية في عام (1919م) عبَّرت عن وجود حضاري يصوغ العلوم والأفكار وفق أنموذج رشيد، فهل يفعل أصحاب القرار العربي اليوم مثل ذلك وهم يعيشون الأسبوع العالمي (22-28/2) للغة الأمم؟.
وبناء على ما تقدم نرى أن من أهم أسباب تقدمّ العربية وارتقائها أن تظل عيون أبنائها حارسة لها، وعقولهم قادرة على تطويرها، فلا يمكن لها بمفردها مهما امتلكت من عناصر البقاء والصمود أن تكون قادرة على مواجهة التحديات التي تعترضها وستتغلب عليها أي لغة أخرى تتطور بفعل النتاج المعرفي والتقني والصناعي والعلمي الذي تعززه مسيرة التغيُّر كل يوم لتصبح لغة الناس كافة، وبخاصة أن المجتمعات اليوم تعيش حالة كبرى من التحولات على كل صعيد وفي كل مجال... فإذا كانت اللغة أداة انتماء ووسيلة اتصال بالتراث الضارب بالجذور فهي ـ كذلك ـ أداة تمدّن وتحضّر ووعاء استيعاب لكل ما يستجد من معارف وعلوم وآداب وفنون وتقنيات ومصطلحات و.... فاللغة العربية – وللأسف – بدأت تنزوي في مجالات كثيرة، وتضعف قدرتها المعنوية، كما هو عليه الحال في ميادين الاتصالات والإعلام والتقنيات الحديثة و.. نتيجة عدم مشاركة أبنائها في دورة الإنتاج العالمية، بعكس ما كانوا عليه من قبل؛ عندما مثّلت خصائص روحهم وتفاعلهم مع كل جديد، فهي إرث متصل من الشفافية في الاتصال الاجتماعي؛ وكنز ثر من الدلائل المعرفية والفنية والاصطلاحية، ما يجعلها تتميز بجملة الظواهر الأصيلة التي ثبتت بين ظهراني الأمة حتى الساعة؛ وسنقطف شيئاً منها:
4 ـ الخصائص الأصيلة المشتركة:
ليس جديداً أن نقول: إن اللغة العربية تتفرد بخصائص لا نظير لها... إنها لغة متفردة لتفرد روح أهلها، فمن من اللغات تملك ما تملكه من مجلدات كتبت عن المثل كما هي عليه الحال في (أمثال العرب للضبي ومجمع الأمثال للميداني، والمستقصى في أمثال العرب للزمخشري وجمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري)؟!.
والأمثال تدل على خبرة الشعوب وحياتها وارتقائها الاجتماعي والفكري والإنساني الذي يتميز بالدقة والإيجاز والتصوير والرمز والقصة والصفاء و... مثل (لأمر ما جدَع قصير أنفه) و(على نفسها جنت براقش) و(من يمدح العروس إلا أهلها) و(مواعيد عرقوب) و(أنجز حر ما وعد) و(المنية ولا الدنية) و(يداك أوكتا وفوك نفخ) و(أبصر من زرقاء اليمامة) و(إياك أعني فاسمعي يا جارة) و(انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً) و( كل إناء بما فيه ينضح) و(كل فتاة بأبيها معجبة)..
فإذا كان لكل أمة أمثالها فإن الأمثال العربية تميز الذات العربية من غيرها؛ سواء تلك التي وردت في الشعر والنثر أم الأمثال التي أطلقها الناس وسارت على الألسنة حتى اليوم كما كانت عليه منذ وجدت، وكثير منها ذو جذور كنعانية وآرامية وسريانية وحميرية ويمانية وتدمرية كما أشرنا إلى واحد منها قبل قليل؛ إذ يعود إلى عهد الملكة زنوبيا([14]).. والمثل يضرب لقرينة ما تحصل في كل زمان ومكان، مشابهة مع المعنى الأول الذي وضع له وفق خصائصه المعروفة (إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكناية)... وإذا كان المثل في (بابل) وسيلة تعليمية وتربوية وخلقية ومادة للتصوير لوظيفة ما ([15]) فإنه ظل كذلك منذ العصر الجاهلي حتى اليوم، علماً أنه ظل يحمل الصبغة الشعبية النابعة من البيئة العربية، ومن ثم دخل في إبداع المبدعين كما نجده في حكاية (الحية الصفراء والرجل الطماع) في قصيدة النابغة الذبياني؛ ومنها:([16])

[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
وإني لألقى من ذوي الضغن منهم=وما أصبحت تشكو من الوجد ساهره
كما لقيت ذات الصفا من حليفها=وما انفكت الأمثال في الناس سائره[/poem]
وإذا كانت أسواق العرب مكاناً خصباً لتبادل الأمثال منذ القديم فإن الندوات والمؤتمرات تشبه اليوم ما كانت عليه الأسواق؛ إذ ينتقل بوساطتها المثل من لسان إلى لسان، ومن مكان إلى مكان.
وكذا يقال في الوصايا والحكم والمواعظ التي انتظمت حياة الأمة وأدبها نثراً وشعراً... ويكفي لأي منا أن يراجع كتاب ( الأمثال والحكم ـ للماوردي ـ ت: 450 هـ) و(جمهرة رسائل العرب) أو (جمهرة خطب العرب) لأحمد زكي صفوت ليدرك ذلك... فالحكمة، والوصية تمثل خبرة الحياة لمن يسوقها ويقدمها لغيره بلغة موجزة ذات دلائل كبرى في التربية، وتهذيب الخلق… وهي لا تزال تمثل هذا الجانب حتى يومنا هذا، وقد ساعدها على ذلك كثرة الحكم والوصايا التي وردت في القرآن الكريم والحديث الشريف؛ وهي الجامع الثقافي الخلقي لأبناء العربية، وقد قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: «مداراة الناس صدقة» وقال: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» وقوله: «ارحم من في الأرض يرحمك من في السماء» و«خير الناس أنفعهم للناس»([17]).
ومن الحكم التي سارت مسار المثل قول أحد الحكماء: «مَنْ كثر مزاحه زالت هيبته» و«من دام كسله خاب أمله» و«من اكتفى باليسير استغنى عن الكثير»([18]).
وهناك حِكَم أطلقها الشعراء فسارت مسار المثل يتداولها الناس في كل زمان ومكان كقول امرئ القيس:([19])

[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
إذا المرء لم يخزن عليه لسانه=فليس على شيء سواه بخزان[/poem]
وكقول طرفة:([20])
[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً=ويأتيك بالأخبار من لم تزود[/poem]
وكقول عمرو بن معد يكرب:([21])

[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
إذا لم تستطع شيئاً فدعه=وجاوزه إلى ما تستطيع[/poem]
[align=justify]وهذا كثير يميز اللغة العربية ثقافة وحياة وخصائص تعبر عن روح أهلها؛ من ولد عاد وجرهم و... إلى قحطان وعدنان، إلى الجاهلية والإسلام حتى اليوم([22]) وهو ما لا يمكن أن يكون له مثيل عند الأمم الأخرى... وكذلك هما ظاهرتا الاشتراك والترادف اللتان تميزها، وتعبر عن اجتماع القبائل العربية في دائرة لغوية واحدة، علماً أن بنية اللفظ ثابتة، وإن تغيرت طبيعة الصوت واختلفت الدلالة أحياناً،([23]) وهو ما استمر في اللهجات العامية حتى الساعة. فالاشتراك أو الترادف أو التضاد يؤكد أصالة النفسية العربية الممتدة ثقافة وعادات وتقاليد توارثها الخلف عن السلف، وإن اختلفت بعض أجزاء دلالية فيها([24])... ولا شيء أدل على هذا كله من الألفاظ التي تدل على ذلك في المعجمات العربية؛ علماً أن قسماً منها يرتبط ببعض القصص المثيرة عند العرب كما هو لفظ (ثِبْ)... وحكايته مرتبطة بالمثل الشهير «مَنْ دَخَل ظفار حًمرَّ» ([25]) أي تحدث بلغة (حِمْير)، أي لهجتها. وصار هذا المثل يضرب للرجل الذي يدخل في قوم من الأقوام وعليه أن يأخذ بما يؤمنون به ويفعلونه.
ولعل الباحث الحصيف يمد نظره إلى إدراك أن هذه العبارات ظلت سائدة ومستعملة في العربية على ألسنة العامة والخاصة وهي التي شكلت وعياً وجدانياً جمعياً حتى الساعة، بمثل ما قامت به الأمثال والوصايا والحكم...
ومن يتعرض للاشتراك أو الترادف لا يمكنه أن يتغافل عن بعض الألفاظ التي تتصل ببلاد النيل منذ الفراعنة... ولا شيء أدل عليها من لفظ (الحابي)، وهو لفظ يطلق على نهر (النيل). والحابي في اللغة العربية (المشرف الجنبين) و(النبات المرتفع) و(المعطاء) من دون حساب... وكل هذه المعاني مما يدل عليه نهر النيل في تسميته (الحابي)، ما يشي بأن هناك اشتراكاً في جملة من المفردات ومعانيها بين العرب القدماء في الجزيرة العربية وبين سكان وادي النيل، مما يعني أن هناك خصائص مشتركة بينهم منذ القديم وظلت مستمرة بعد الإسلام، اللهم إذا تجاوزنا لفظ (النيل) نفسه فهو معروف في العربية(([26])). ومن يراجع ألفاظ المعجم العربي يلمس كثيراً من الألفاظ الممتدة إلى الآرامية والسريانية مثل (الحانوت والصرصور والشتلة والزبون والمرجل والمزراب والدُّمية والسلة والحرباء والبان والأبيل والديباج وآب وآجر وآذار والإبَّار والأَبُّ والإبريق والأبنوس والأَتُون والإجاص...) وغير ذلك كثير وقفت عنده الباحثة جهينة علي في كتابها (المعرب والدخيل في المعاجم العربية)([27]).
ومن هنا فإن اللغة العربية ورثت كثيراً من الألفاظ نطقاً ودلالة من اللغات القديمة (الآرامية والسريانية و...) اللغوية المقارنة أثبتت وجود علاقة كبرى في المستوى الصوتي بين الأوغاريتية والعربية، بل إن كلاً منهما يستعمل المثنى في الأسماء استعمالاً متشابهاً، ولا مثيل له إلا في السريانية، فضلاً عن أن الميم صوت لغوي يلحق الضمير في العربية (هما ـ هم ـ إليكما ـ إليكم...) وهو كذلك في الأوغاريتية (هم، كم)([28]). ومن ثم كانت ألفاظ أخرى تكتسب معاني جديدة على الدوام، وترود آفاقاً بعيدة الجاهلية ومنذ صدر الإسلام حتى نهاية العصر العباسي، وهو ما رآه اللغويون القدماء وتحدثوا عنه كما شهدناه في بلاغة الآراء والأفكار التي ترددت أصداؤها على لسان ابن عباس (ت: 687م) في ضوء سؤالات (نافع بن الأزرق ) له، أو كما رأيناه في (المزهر في علوم اللغة) للسيوطي (911/ هــ – 1505م) وما انتهى إليه من طرح مسألة تعدد المعاني اللغوية...
ولعل المرء يقف مشدوهاً في هذا الاتجاه حينما يذكر كتاب (العين للفراهيدي ت: 174هـ) و(تهذيب اللغة للأزهري) أو (جمهرة اللغة لابن دريد) أو (المخصص لابن سيده) أو (فقه اللغة للثعالبي)...
فهذه أمثلة تؤكد الروح العربية التي تبرز أن اللغة منهج حياة راقٍ ومتطور في تعامله مع الوسط المحيط علماً أن النص القرآني باعتباره نصّاً لغوياً ما زال يؤكد ذاته وامتداده في حياة الأمة وثقافتها منذ (1424) سنة، وهو الذي نزل بلغة العرب الضاربة الجُذور في التاريخ، وبها أعجزهم..
ومن هنا كان لزاماً علينا أن نشير إلى كتب السيرة والتفسير والدراسات القرآنية التي نشأت خدمة للنص القرآني وأثبتت حضور اللغة في العقيدة والحياة والأشكال الجمالية مثل (مجاز القرآن لأبي عبيدة ت: 210 هـ) و(تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة ت: 276 هـ) و(السيرة النبوية لابن هشام ت: 204 هـ) و(دلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ت: 471 هـ) و(الخصائص لابن جني ت: 392هـ) و(التفسير الكبير للرازي ت: 313 هـ). ولا يسع الباحث إلا أن يتوقف عند كتاب (كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي ت: بعد 1158 هــ ) الذي أسس لفكرة المصطلح البلاغي والأدبي من وجهة النظر النقدية والثقافية، فسبق ما يقوم به المحدثون اليوم في الوقت الذي أرخ فيه لمفهوم الاصطلاحات الأدبية والفكرية والفنية وتطورها الدلالي حتى عصره...([29]).
ولا يفوتنا في هذا المجال أن نومئ إلى كتاب (الشفاء لابن سينا ت: 428 هـ) و(آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ت: 339 هـ) وكل منهما يغوص في مسائل معقدة ويعبر عن روح الأمة العربية وما ترتكز عليه من ماهية مميزة لها بخلاف ما كانت عليه أمم أخرى.
أما الشعر فهو ديوان العرب، وأول من أطلق عليه هذا المصطلح أمير المؤمنين عمر ، علماً أنه أول من دوّن الدواوين... والدواوين جمع ديوان، وهو مجتمع الصُّحُف..([30])
وإذا كان كثير من اللغويين يرون أن الديوان لغة مولَّدة في صدر الإسلام فإني أراها ذات دلالة على مكان اجتماع القوم في حلقة يروون فيه أشعارهم ويتسامرون فيها، ما يؤكد أن الشعر العربي يمثل روح الجماعة التي أبدعته… ولاشيء أدل على هذا من تسمية الشعر التقليدي بالشعر العمودي، نسبة إلى عمود البيت، والبيت الشعري نسبة إلى بيت الشَّعر، وبيت الشَّعر ما زاد على طريقة واحدة يقع على الصغير والكبير، ويقال للخباء المصنوع من صوف أو شَعَر بيت...([31]) فالبيت «من الشِّعر مشتق من بيت الخباء، وهو يقع على الصغير والكبير، كالرجز والطويل، وذلك لأنه يضم الكلام، كما يضم البيت أهله، ولذلك سمَّوا مقطعاته أسباباً وأوتاداً على التشبيه لها بأسباب البيوت وأوتادها، والجمع أبيات» و(بيوت) «والبيت من أبيات الشِّعر سمي بيتاً لأنه كلام جمع منظوماً، فصار كبيت جُمع من شِقق وكِفاء ورواق وعُمُد» ([32]).
وفي ضوء ذلك فالقصيدة الشعرية مجموعة أبيات تمثل روح الجماعة العربية الموزعة في بيوت متقاربة مصنوعة من الشَّعر أو الصوف أو غيرهما... وقد جمع كل بيت إلى أخيه ليعبر بلغة شفَّافة جميلة عن روح الجماعة التي صنعته على حين ظلت الكلمة في البيت الشعري تمثل الفرد داخل الكيان الأكبر... مثل الفرد في الأسرة...
ولو دخل المرء إلى بنية الكلمة العربية صرفاً ونحواً لأدرك المزية التي صُنعت من سُلاف الحروف وفق طريقة الاشتقاق والتركيب تقديماً وتأخيراً؛ حذفاً وزيادة، حتى يتولد من الكلمة الواحدة أسرة كبيرة لا يماثلها إلا الأسرة العربية. والصرف «علم بأصول تعرف بها أحوال أبنية الكِلَم التي ليست بإعراب ولا بناء» ... وهو شامل للعلوم اللغوية على نحو كبير... أما علم النحو فهو علم «يعرف به كيفية التركيب العربي صحة وسقاماً، وكيفية ما يتعلق بالألفاظ من حيث وقوعها فيه»([33]).. وهو ما لم تعرفه اللغات الأخرى قاطبة ([34]) فالصرف أو النحو لا يقتصر على مفهوم صورة اللفظ في البنية الظاهرة، وإنما ينتقل من المبنى إلى المعنى، وكل زيادة في المبنى تعني زيادة في المعنى؛ ومن ثم تتعدد الوظائف وتتنوع. وعليه فحين اتصفت البنية الشكلية بالنظام الثابت للمسند والمسند إليه (سعيد نجح، نجح سعيد؛ سعيد ناجح، سعيد في البيت، في البيت سعيد، أين سعيد، و...) فإن هذه البنية هي التي عصمت اللغة العربية من الانقراض أو التشويه أو.... ثم إن هذا النظام ينفتح على وظائف عدة في حال التقديم والتأخير، والإيجاز والإطناب، والحذف والزيادة والتكرار، والوصل والفصل، والإضمار والإظهار، و... علماً أن نظام التركيب النحوي يرجع إلى ثلاث صور على وجه الإجمال، وقد ذكرها عبد القاهر الجرجاني في قوله: «معلوم أن ليس النظم سوى تعليق الكَلِم بعضِها ببعض وجعل بعضها بسبب من بعض. والكلم ثلاث: اسم، وفعل، وحرف، وللتعليق فيما بينها طُرق معلومة، وهو لا يعدو ثلاثة أقسام: تعلق اسم باسم، وتعلق اسم بفعل، وتعلق حرف بهما»([35]).
ولذلك صار المبنى أصلاً للمعنى في ثباته وتحوله، وفي سكونه وحركته، وتبدل أحواله في إطار السياق المنبثق من الحراك الذاتي والمعرفي والثقافي والفني والاجتماعي... قديماً وحديثاً.
ولعل هذا الشأن ينطبق على النظام الصرفي باعتبار أوزان العربية وصيغها الثابتة والمتولدة، ما يثبت أن مفهوم التغير الدلالي في الأبنية يغدو منفتحاً على المعاني المجردة، وإن كانت الصيغة ثابتة / بنية ووزناً/ أو محدودة كما هي عليه الحال في أوزان الفعل الرباعي دون أن ننسى في هذا المقام ظاهرة صرفية لافتة للنظر تتجلى في الأوزان الرباعية ذات الأصل الثنائي مثل (زلزل ـ كركر ـ لملم ـ وسوس...) وهي ظاهرة محدودة ـ دون مراء ـ ولكنها ظاهرة متأصلة في اللغة الأوغاريتية خاصة وبقية اللغات السامية عامة. وهذا يعني أن الأحوال والقرائن هي التي تنتج الكلام المنفتح على الدلائل، على حين تظل البنية الصرفية أو النحوية ثابتة وفق ما انتهى إليه الجرجاني([36]).
وفي صميم ذلك توصل أكثر اللغويين إلى أصل الاشتقاق لأسرة الكلمة العربية، فتوافقوا على أنها (المصدر)، ومنه تتفرع الألفاظ والدلالات كما يتفرع الأولاد والأحفاد عن أصولهم... ما يعني أن البنية الصرفية المولّدة للكلمة العربية تمثل روح الأسرة العربية المولّدة... ويكفي للمرء أن يسوق مثلاً واحداً ليؤكد ما يذهب إليه، ومن أراد المزيد فليرجع إلى أي معجم لغوي ليدرك ذلك. فالغُصْن ـ مثلاً ـ غُصن الشجر، أو ما تشعب عن ساق الشجرة دقاقها وغلاظها، والجمع أغْصَان وغصون وغصنة... وغَصَن الغُصْن يَغْصنه غَصْناً: قطعه وأخذه.. وغَصَّن العنقود وأغصن: كبُر حبَّْه... وكل هذه الدلائل وغيرها مشتقة من مصدر واحد وهو (الغَصْن) ومعناه القطع والأخذ والمَدُّ والتشعيب([37]). .. ولعل هذا المعيار هو ما عرف بالاشتقاق الصغير أما الاشتقاق الكبير فهو الكلام العربي الذي يشترك في دائرة التقاليب الستة للكلمة مثل (ركب ـ ربك ـ كبر ـ كرب ـ برك ـ بكر) وهذا يماثل الأفخاذ والعشائر العربية.
ولا يمكنني في هذا المقام إلا أن أبرز ماهية روح أمتنا في الميزان الصرفي الذي وضعته لكلماتها وهو (الفاء والعين واللام: فَعَل)، وهو ميزان يشي بحيويتها وتطلعها إلى العمل والبناء والارتقاء والحفاظ على الحياة، بعكس الميزان الصرفي الذي تبناه اللغويون في اللغة العبرية وهو (القاف والتاء واللام: قتل)... وهو ميزان يوحي بالموت والاستئصال المْعَبّر عن الروح اليهودية خلال وجودهم التاريخي المليء بالدمار والهلاك للأرض والإنسان، وما صورة يوشع بن نون التي يتمثلون بها في التوراة ويسيرون على طريقها إلا الروح المنبثة في أجسادهم. فيوشع لديهم جبار عتيد يقضي على كل ما يصادفه في الأرض التي يصل إليها لتكون خالصة له ولأتباعه...([38]).
وهذا أمر يطول شرحه، سواء ما يتعلق بالحروف تقديماً وتأخيراً، حذفاً وزيادة... فكلها تشير إلى ظواهر لغوية مازالت ثابتة في تعبيرها عن روح هذه الأمة حتى الساعة؛ بما في ذلك حروف الجر؛ والحروف النورانية التي افتتحت بها أوائل السور القرآنية، وهو ثبات معروف على صعيد المستويين النحوي والصرفي، باعتبارهما المعيار الذي ينظم الكلام العربي... علماً أن التفكير العربي الذي تطور كثيراً عما كان عليه([39]) كان يحرص على تطوير اللغة من الداخل بإكسابها دلالات جديدة ومصطلحات جديدة وفق ما تتصف به من مرونة معايير الاشتقاق والنحت والتركيب. وهذا يلزمنا بأن نتوقف عند بنية الجملة الاسمية والفعلية وفق ما اتفق عليه اللغويون والبلاغيون من ارتكازها على (المسند إليه) و(المسند) سواء تقدم المسند إليه أم تأخر. فالمسند إليه هو الفاعل في المعنى سواء وقع فاعلاً أم مبتدأ؛ أم ما حَلّ مكانهما... ولا يزال هذا الركن ممتداً في اللغة المعاصرة عامية وفصيحة، وكذا هو المسند... فكلاهما عنصر ثابت في بنية الجملة العربية منذ تكوينها التركيبي([40])... وأما ما لحق بها من فضلة فهو المتغير، وهو الذي يدل على الحال والهيئة الإضافية... وحين يلحق التغيير أو التجديد الفضلة فإن الثابت يبقى ثابتاً ولم يستطع أحد تغييره أياً كان النمط التركيبي الذي يجري عليه الكلام.. بعكس ما هي عليه اللغات الأخرى؛ فاللغة الصينية مثلاً لغة قائمة على التصوير العقلي لكلمة متكاملة؛ أما اللغات الأوربية فهي إلصاقية، ما يجعلها تتغير بنية ودلالة في ضوء التطور الذي يجري لها، لهذا فإن لغة شكسبير مغايرة للغة البريطانيين اليوم.. بعكس ما هي لغتنا المستندة إلى ثبات الركنين (المسند والمسند إليه)... فلو نهض امرؤ القيس من قبره وقرأ عليه أحدنا قوله:([41]) [/align]

[poem=font="anaween,5,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4," type=0 line=0 align=center use=ex num="0,black""]
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل= بسقط اللوى بين الدخول فحومَلِ[/poem]
[FONT="anaween"][align=justify]لما تغيَّر عليه الحال... وهذا الثبات هو الذي يدل على خصائص الأمة العربية باعتبار اللغة جوهر نفسيتها وروح حياتها ونظامها الاجتماعي، وكأني بالمسند إليه يمثل حال سيد القبيلة؛ أو حال الأب (الأصل) في الأسرة... أي إن الجملة المركبة تستند إلى أصل وفرع مثل الأسرة العربية، أو العائلة أو العشيرة...وهذا الأمر يفرض عليَّ ألا أتغاضى عن معاني الحروف ودلالتها وفق الظاهرة الاجتماعية والنفسية والطبيعية التي تميزت بها لغة العرب، علماً أن القدماء والمحدثين قد وضعوا الكتب المتنوعة في هذا الباب؛ فمن القدماء (الحسن بن قاسم المرادي) في (الجنى الداني في حروف المعاني)، ومن المحدثين (حسن عباس) الذي بذل جهوداً ملموسة في بيان ذلك كما في دراسته المشهورة (حروف المعاني بين الأصالة والحداثة)([42]) وفيها قال: « لما كان الإنسان العربي قد تعايش مع الحرف العربي في الجزيرة العربية طوال آلاف كثيرة من الأعوام مرحلة حياة متطورة بعد مرحلة، يبدع به كلماته ويهذبها...فقد كان لا بد للحرف العربي أن يحمل مقومات شخصية الإنسان العربي حساً مرهفاً وشعوراً ونزعة أخلاقية...»([43]).
وإذا كان اللغويون يسلمون بأن اللغة ـ أي لغة ـ عرضة للتغير والتطور على مستويات عدة كالمستوى الصوتي والنحوي والدلالي([44]) فإن المستويات التي فرضتها اللغة العربية في المستوى الصوتي والنحوي فضلاً عن المستوى الصرفي ظل ملتزماً بقيود شبه صارمة منذ نشأتها([45])، ما أنتج ثوابت ممتدة في التاريخ على الرغم مما لحقها من التطور الدلالي الذي أصاب حروفاً كثيرة منها ..
وحين احتفظت بالثوابت والمتغيرات ظلت تعبر عن روح الأمةولعل الأمثلة على ذلك كثيرة في الحروف، فحروف النداء ـ مثلاً ـ ظلت ثابتة الأصوات والدلالة ـ على نحو ملموس وكبير ـ منذ صياغتها الأولى، فضلاً عن ثبات دلالتها الحقيقية في طلب الإقبال من المنادى عليه. ولذا لا يمكن للمرء وهو يلفظ النداء (أ ـ آ ـ أي ـ يا ـ أيا ـ هيا ـ وا...) إلا أن يستشعر ثباتها الصوتي والدلالي، وإن اكتسب فيما بعد اتساعاً في المعاني المجازية...([46]) ومن منا ينسى استغاثة تلك المرأة بالمعتصم (وامعتصماه)؟ إنه صوت ممتد حتى اليوم ثم مَنْ منا ينسى حرف الهاء في (ها)؟ فهو لا يزال يستعمل للتنبيه والإشارة للتنبيه والإشارة والنداء حتى اليوم في لغتنا، ومثله على نحو ما استعمال (هنا ـ هناك)؟. والهاء حرف مستعمل في الأوغاريتية والسريانية، على حين أنه غير مستعمل في العبرية.
ومن يتابع ما تبقى من اللغة الأوغاريتية في لهجة أبناء اللاذقية ـ اليوم ـ يدرك وجود عدد من الألفاظ المتداولة مثل (غَلّيني) أي (البحر) و(فِهْنِهْ) أي انظر إليه، أو عيّن الشيء....
وهناك عدد آخر تغيّرت أصواته على نحو ما، ونمثل له بالجدول الآتي:
الأصل الأوغاريتي الاستعمال في لهجة اللاذقية
إتِ ـ هِنِتْ أنت
بت ـ بتي بنت ـ بنتي
بت الطل بنت الطل (أو بنت الندى)
رجِل رِجْل
شَبِع شبَع
جابهْنِهْ جابهه
أخدُهْنِهْ أخذوه
إيلي إلهي
أما إلحاق (النون) للدلالة على الجمع فهو مشهور في ألفاظ العامة؛ وهو استعمال ممتد إلى الأوغاريتية، فلا زلنا نستعمل (وين كن) مكان (أين أنتم) وغيرها كثير لدينا، علماً أن هناك أصواتاً لم تتغير حتى اليوم لدى العامة مثل (وُلُو). وهو صوت للتنبيه في الأوغاريتية، وكانت تستعمل في تركيب (عيّن ولُو ابن السما)، وهو الاستعمال الشائع حتى اليوم ـ أيضاً ـ في اللاذقية.
وكذلك يقال في حروف العطف (و ـ أو ـ وــ لا ـ بل ) وإن اتسعت هي الأخرى دلالة ومجازاً... بيد أن الصوت بقي كما هو منذ العصر الجاهلي حتى الساعة... فإذا كنا ندرك أن الحروف المستقلة عارية من الدلالة بذاتها ـ وإن ذهب عدد من الناس إلى إكسابها دلائل رمزية كالمتصوفة([47])، ومن بعد؛ وضعها المحدثون رموزاً لعلامات ما ـ فإن أصواتها ما زالت ثابتة متصلة الجذور بنشأتها. لنأخذ حرف (اللام) وحكاية صوته (لِـَ)، فهو مجرد عن المعنى، لكنه يصلح في بنية الكلمة والسياق أن يستعمل (للجر وللقسم وللابتداء وللتوكيد) وله أربعون معنى([48]).
ومن هنا فإن بنية العامية التركيبية لا تختلف عن بنية الفصحى، ولهذا لا يمكن الخوف منها إلا إذا جنحت إلى استعمال اللغات الغريبة. فبنية الجملة العربية تبحث عن المشترك في الحياة الإنسانية لأصحابها، ما يعني أنها لا تنفصل عن الوظيفة الاجتماعية التي ارتبطت بها، ولا زالت كذلك حتى الساعة.
وبهذا فإن اللغة العربية أكدت أنها ليست مجموعة مفردات وتراكيب وصور، وليست مجموعة معايير هامشية وحيادية بل كانت وسيلة تفكير وحياة لأصحابها، تتطور بتطور حياتهم ومشاعرهم، وأفكارهم وتترك تأثيرها فيهم لتصبح منظومة شاملة واسعة ثرية تعتمد الانتقاء والاصطفاء في التفاعل مع الواقع الموضوعي، ولا تنفلت من النظام النفسي الاجتماعي الذي ترمز إليه باعتبار المسند والمسند إليه أصلاً يماثل البنية الاجتماعية للأسرة والعائلة والقبيلة والعشيرة، علماً أن «طريق الحس موضع تتلاقى فيه طباع البشر ويتحاكم إليه الأسود والأحمر»([49]) كما قال ابن جني.... وحين توحَّد الحس لدى العرب فإنما كان بفضل عدة أسباب أهمها اللغة العربية.
فاللغة العربية تفاعلت مع كل جديد، ومع كل ثقافة وافدة، واستوعبتها، حتى غدت منظومة حياة ومنهج معرفة، وأسلوب تعبير جمالي... وهذا يلزمنا أن نشير إلى حال العربية اليوم.
المصادر والمراجع
1 ـ الأمثال في النثر العربي القديم ـ الدكتور عبد المجيد عابدين دار مصر ـ للطباعة ـ ط1 ـ.
2 ـ الأمثال والحكم للماوردي ـ علي بن محمد بن حبيب الماوردي ـ تحقيق ودراسة الدكتور فؤاد عبد المنعم أحمد ـ مؤسسة شباب الجامعة ـ الإسكندرية ـ د/تا.
3 ـ تاريخ علم اللغة منذ نشأتها حتى القرن العشرين ـ جورج مونين ـ ترجمة الدكتور بدر الدين القاسم ـ مطبعة جامعة دمشق ـ دمشق ـ 1972 م.
4 ـ تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ـ مجلس دائرة المعارف ـ حيدر آباد الدكن ـ الهند ـ 1377 هـ.
5 ـ الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير ـ الإمام السيوطي ـ تحقيق محيي الدين عبد الحميد ـ دار خدمات القرآن القاهرة ـ د/تا.
6 ـ جمالية الخبر والإنشاء ـ د. حسين جمعة ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 2005م.
7 ـ الجنى الداني في حروف المعاني ـ الحسن بن القاسم المرادي ـ تحقيق د. فخر الدين قباوة ومحمد نديم فاضل ـ منشورات دار الآفاق الجديدة ـ بيروت ـ ط 2 ـ 1983م.
8 ـ حروف المعاني بين الأصالة والحداثة ـ حسن عباس ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 2000م.
9 ـ الخصائص لابن جني ـ تحقيق محمد علي النجار ـ دار الكتاب العربي ـ بيروت ـ د/تا.
10 ـ دراسات في اللغة العربية وتاريخها ـ محمد الخضر حسين ـ المكتب الإسلامي ودار الفتح ـ دمشق ـ ط 2 ـ 1960م.
11 ـ دلائل الإعجاز عبد القاهر الجرجاني ـ قرأه وعلق عليه محمود شاكر ـ مكتبة الخانجي ـ القاهرة ـ 1984م.
12 ـ ديوان امرئ القيس ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعارف بمصر ـ 1984م.
13 ـ ديوان طرفة بن العبد ـ تحقيق درية الخطيب ولطفي الصقال ـ مجمع اللغة العربية بدمشق ـ 1975م.
14 ـ ديوان النابغة الذبياني ـ تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ـ دار المعارف بمصر ـ 1977م.
15 ـ شعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي ـ جمعه ونسقه مطاع الطرابيشي مجمع اللغة العربية بدمشق ـ ط2 ـ 1985م.
16 ـ العربية ـ المستشرق الألماني يوهان فُك ـ ترجمه وقدم له الدكتور رمضان عبد التواب ـ مكتبة الخانجي بمصر ـ 1980م.
17 ـ الفتوحات المكية ـ للشيخ محيي الدين بن عربي ـ دار صادر ـ بيروت ـ د/تا.
18 ـ في جمالية الكلمة ـ د. حسين جمعة ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 2002م.
19 ـ في علم اللغة العام ـ عبد الصبور شاهين ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ ط 3 ـ 1980م.
20 ـ في اللغة والفكر ـ عثمان أمين ـ معهد البحوث والدراسات العربية ـ جامعة الدول العربية ـ القاهرة ـ 1967م.
21 ـ في اللهجات العربية ـ الدكتور إبراهيم أنيس ـ مكتبة الأنجلو المصرية ـ القاهرة ـ ط 5 ـ 1973م.
22 ـ كشاف اصطلاحات الفنون ـ التهانوي ـ وضع حواشيه أحمد حسن بسبح ـ منشورات دار الكتب العلمية ـ بيروت ـ ط 1 ـ 1990م.
23 ـ لسان العرب ـ ابن منظور ـ دار صادر ـ بيروت ـ د/تا.
24 ـ اللغة بين المعيارية والوصفية ـ تمام حسان ـ دار الثقافة ـ الدار البيضاء 1980م.
25 ـ اللغة والهوية ـ جون جوزيف ـ ترجمة د. عبد النور خراقي ـ سلسلة عالم المعرفة ـ الكويت ـ آب/أغسطس ـ 2007م.
26 ـ مجمع الأمثال ـ الميداني ـ تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد ـ دار المعرفة للطباعة ـ بيروت ـ لبنان ـ 1955م.
27 ـ المدخل إلى اللغة السريانية وآدابها ـ د. أحمد رحيم هبو ـ جامعة حلب ـ 1976م.
28 ـ المدخل إلى اللغة الكنعانية، الفينيقية ـ د. أحمد حامدة ـ جامعة دمشق ـ 1994ـ1995.
29 ـ المعرب والدخيل في المعاجم العربية ـ جهينة نصر علي ـ دار طلاس ـ دمشق ط 1 ـ 2001م.
30 ـ المقاومة: قراءة في التاريخ والواقع والآفاق ـ د. حسين جمعة ـ اتحاد كتاب العرب ـ دمشق ـ 2007م. [/align]
[/FONT]________________________________________
([1]) انظر كتابنا: في جمالية الكلمة (اتحاد الكتاب العرب – 2002 ص 18).
([2]) انظر. Sassure, F: 1972, P. 111.
([3]) ديوان المتنبي 3/385 ـ شرح العكبري ـ ضبطه مصطفى السقا وزميلاه ـ دار المعرفة ـ بيروت ـ د/ تا.
([4]) انظر ـ مثلاً ـ في علم اللغة العام ـ عبد الصبور شاهين ـ مؤسسة الرسالة ـ بيروت ـ 1980م ـ ص27. وانظر (في اللغة والفكر) ـ عثمان أمين ـ معهد البحوث والدراسات العربية ـ جامعة الدول العربية ـ القاهرة ـ 1967م ـ ص35.
([5]) انظر Ediward. E.Tylor, the Primitive Culture, London, John Marry. 1913. P.3
([6]) انظر Hilary Hemson, British social Anthropolgists and language, op, cit, P. 51
([7]) انظر (تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل، أو مرذولة، ـ مجلس دائرة المعارف العثمانية ـ حيدر آباد الدكن ـ الهند ـ 1377هــ ـ ص132.
([8]) انظر تاريخ علم اللغة منذ نشأتها حتى القرن العشرين 24 – 26 و52 – 54 و65 وكتابنا (في جمالية الكلمة ـ 18 وما بعدها).
([9]) انظر دراسات في العربية وتاريخها ـ محمد الخضر حسين ـ 10 – 11، وتاريخ علم اللغة منذ نشأتها حتى القرن العشرين 7 و18 – 21.
([10]) انظر اللغة والهوية – تأليف جون جوزيف – ترجمة د. عبد النور خراقي ـ ص 35ـ 48ـ سلسلة عالم المعرفة ـ الكويت ـ آب / أغسطس 2007م/ العدد 342 ودراسات في العربية وتاريخها 10.
([11]) انظر: دلائل الإعجاز 143.
([12]) العربية ـ يوهان فوك ص8.
([13] ) الجامع الصغير 6434.
([14]) انظر مجمع الأمثال 2/137 – 138.
([15]) انظر الأمثال في النثر العربي القديم 18 ـ 20.
([16]) ديوان النابغة 154 ومجمع الأمثال 2/145-146.
([17]) انظر الجامع الصغير على الترتيب 2/461، و649 و1/123 و548.
([18]) الأمثال والحكم للماوردي 39 و105 ـ 106.
([19]) ديوان امرئ القيس 90.
([20]) ديوان طرفة بن العبد 48.
([21]) شعر عمرو بن معد يكرب 145.
([22]) انظر دراسات في العربية وتاريخها 120 ـ 127.
([23]) انظر في اللهجات العربية 18 ـ 21 و25 ـ 28 و164 ـ 167.
([24]) انظر المرجع السابق 174 ـ 204.
([25]) مجمع الأمثال 2/306.
([26]) انظر لسان العرب (حبا ـ نيل).
([27]) انظر ما ذكرته الباحثة في (المعرب والدخيل في المعاجم العربية 8 و19 ـ 36).
([28]) انظر من أسرار العربية 254، والمدخل إلى اللغة السريانية وآدابها 110 والمدخل إلى اللغة الكنعانية ـ الفينيقية 28.
([29]) انظر مثلاً: كشاف اصطلاحات الفنون (1/71 ـ مادة الأدب).
([30]) لسان العرب ـ دون ـ لابن منظور ـ دار صادر ـ بيروت.
([31]) انظر لسان العرب ـ بيت.
([32]) لسان العرب ـ بيت.
([33]) كشاف اصطلاحات الفنون 1/21 و24.
([34]) راجع ما تقدم ص 5.
([35]) انظر دلائل الإعجاز 4 ـ 11 من المدخل، وانظر فيه 55 ـ 56 و81 ـ 83.
([36]) انظر المصدر السابق 4 ـ 11 من المدخل و63 ـ 67 و87 ـ 89.
([37]) انظر اللسان (غَصن) ولعل هذه المادة اللغوية تتيح المجال للغويين والمبدعين كي يصوغوا الفعل من الذوات والأعيان، انظر دراسات في العربية وتاريخها 68 ـ 71.
([38]) انظر كتابنا: المقاومة قراءة في التاريخ والواقع والآفاق ـ اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 2008م.
([39]) انظر تاريخ اللغة العربية ـ5 وما بعدها ـ لجرجي زيدان ـ تقديم عصام نور الدين ـ دار الحداثة ـ السلسلة التاريخية ـ بيروت ـ ط1 ـ 1980م.
([40]) انظر من أسرار اللغة ـ د. إبراهيم أنيس ـ 306 ـ 307.
([41]) ديوان امرئ القيس 8.
([42]) طبع في اتحاد الكتاب العرب ـ دمشق ـ 2000م.
([43]) المرجع السابق 12 ـ 13.
([44]) انظر مثلاً في علم اللغة العام 231 ـ 236 ـ عبد الصبور شاهين ـ بيروت ـ ط3 ـ 1980م واللغة بين المعيارية والوصفية 64 ـ 65 ـ تمام حسان ـ دار الثقافة ـ الدار البيضاء ـ 1980م.
([45]) انظر تاريخ علم اللغة منذ نشأتها حتى القرن العشرين 70 ـ 80.
([46]) انظر كتابنا (جمالية الخبر والإنشاء 177 وما بعدها).
([47]) انظر كتاب (الفتوحات المكية لابن عربي) 1/58 ـ 92.
([48]) انظر الجنى الداني في حروف المعاني (95 ـ 139).
([49]) الخصائص لابن جني ـ 1/90.
[table=99%][tr=tcat][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt1][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt2][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt1][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt2][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt1][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt2][td][/td][td][/td][/tr][tr=alt1][td][/td][td][/td][/tr][/table][table=99%][tr=tcat][td]الأصل الأوغاريتي[/td][td]الاستعمال في لهجة اللاذقية[/td][/tr][tr=alt1][td]إتِ ـ هِنِتْ[/td][td]أنت[/td][/tr][tr=alt2][td]بت ـ بتي[/td][td]بنت ـ بنتي[/td][/tr][tr=alt1][td]بت الطل[/td][td]بنت الطل (أو بنت الندى)[/td][/tr][tr=alt2][td]رجِل[/td][td]رِجْل[/td][/tr][tr=alt1][td]شَبِع[/td][td]شبَع[/td][/tr][tr=alt2][td]جابهْنِهْ[/td][td]جابهه[/td][/tr][tr=alt1][td]أخدُهْنِهْ[/td][td]أخذوه[/td][/tr][tr=alt2][td]إيلي[/td][td]إلهي[/td][/tr][/table]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د.حسين جمعة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 27 / 07 / 2012, 23 : 03 PM   رقم المشاركة : [2]
سليمان الدرسوني
كاتب نور أدبي

 الصورة الرمزية سليمان الدرسوني
 





سليمان الدرسوني is on a distinguished road

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: السعودية

رد: اللغة العربية إرث متصل ـــ أ.د.حسين جمعة

تحية اجلال وتقدير واحترام لما قدمتموه وما تقدمون للغتنا العربية ...
توقيع سليمان الدرسوني
سليمان الدرسوني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
إرث متصل، اللغة العربية،أ.د.حسين جمعة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الفساد الصهيوني يهدد العالم ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة المقالة السياسية 4 02 / 10 / 2010 12 : 04 AM
طبيعة الثقافة الصهيونية ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة المقالة السياسية 1 28 / 09 / 2010 29 : 02 PM
أردوغان وسلَّم الارتقاء ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة المقالة السياسية 1 18 / 12 / 2009 27 : 09 PM
القدس ونزيف الجرح الغائر ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة القدس في ألمٍ وليلٍ داج 1 27 / 08 / 2009 57 : 05 PM
الاستلهام الثقافي وحوار الحضارات ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية) 3 07 / 07 / 2009 10 : 03 PM


الساعة الآن 07 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|