جعفر بن أبي طالب القرن الواحد والعشرين! بقلم علاء زايد فارس
في ذلك الصباحِ الباكر البارد، كانت الأمطار تتساقط في كل مكان في أرجاء المدينة المنظمة المرتبة، كان القاضي يجلس في ذلك المكانِ الدافئ برفقةِ مترجمه يحضِّرُ لجلسةٍ عاجلة للاستماع إلى لاجئٍ عربي جديدْ انضم إلى قافلة المغامرين بحياتهم للوصول إلى السويد، ذلك البلد الذي أصبحت تشدُّ إليه الرحال من المضطهدين في العالم الثالث وخاصةً العالم العربي الجريح! طلب القاضي أن يسمحوا للاجئ بالولوجِ إلى قاعة المحكمة، وبدأ المترجم يحضر نفسه ليكون قنطرةَ اتصال فاعلة بين ذلك اللاجئ العربي والقاضي السويدي متذكراً أول جلسةٍ له قبل عشر سنواتْ، حيثُ كان يتمنى أن يكون المترجمُ في صفهِ إن خانتهُ الكلماتْ، حتى تمضي الإجراءاتُ سريعاً دون عقباتْ...
دخل اللاجئ القاعة مستغرباً، حيث أن هذه المحكمة تختلف عن المحاكم التي رآها في وطنه، كيف لا؟؟؟! وهي قاعةٌ صغيرةٌ منظمة، لا فضيحةَ فيها أمام الملأ، لا صراخَ فيها، ولا يوجد فيها حرسٌ ولا قفصٌ معدني أو زجاجي ولا قيدَ في يديه ولا قدميهْ! وبينما هو كذلك بدأت الجلسة بابتسامة من القاضي قائلاً له بلكنةٍعربيةٍ ركيكة: - أهلاً وسهلاً بك في السويد.
- أهلاً بك سيدي!!
وهنا بدأ دور المترجم :
- هل عوملتَ معاملةً قاسية من أي أحدٍ هنا؟؟ - بتاتاً يا سيدي - هل تناولت طعامك قبل أن تأتي؟؟ - نعم يا سيدي.. - هل أعجبك الطعام؟؟ - نعم لقد كان شهياً جداً ..
إذا تبدو الأمور على ما يرامْ، فلتبدأ الجلسة الرسمية..
وبدأ القاضي بسؤالٍ تقليدي:
- عرفنا عن نفسكْ! - جعفرُ بن أبي طالب القرن الواحد والعشرين. - هل جئت هنا يا جعفرْ بصفةٍ غير شرعية؟؟! وكيف جئت؟؟! - نعمْ جمعت ما أملك من نقودْ، واستدنت مثلها، وخرجتُ في سفرٍ طويل، دفعت في الطرقات الكثير من الأموال كي أصل إلى هنا، تهربت من بلدٍ لبلدْ متخطياً أهوال السفر ومكائد الأمن العربي ونصب واحتيال القراصنة والمهربين العرب، وخاطرت في البحر 9 أيام كدت أموت فيها جوعاً وعطشاً، وجئتكم بجسدٍ منهك وأحلامٍ متعبة وجيوبٍ مفلسة حتى أطلب اللجوء!
- لديك 22 بلد عربي أضاقت عليكَ كلها، لماذا جئت إلينا طالباً للجوء؟؟!
قال جعفر والمترجم يترجم كلامه تباعاً: أيها القاضي ! كنا قوماً أهل إسلامٍ نعبد الله الواحد القهار ، ونأكل الحلال ، نتركُ الفواحش ، ونصل الأرحام ، ونحسنُ الجوار ، يساعد القوي منا الضعيف ، وكنا أغنياء نخرج الزكاة ولا نجد من يقبلها، فكنا على ذلك حتى أصبح لدينا زعماءَ منا، لا نعرفُ أنسابهم ونعرفُ كذبهم وخيانتهم للأمانة وسرقتهم وسوء أخلاقهم، فدعونا لعبادتهم من دون الله، وأغلقوا بل دمروا بيوت الله، نشروا الرشوةَ في ربوعنا، أمرونا بالكذبوخيانة الأمانة وقطع الأرحام وسوء الجوار وارتكابِ الموبقات، وإراقة الدماء الزكية الطاهرة، داسوا على أهل العلم ورفعوا أشر الخلقِ إلى أعلى المناصب والمراتب، قلدوهم الأوسمة ومنحوهم أعلى الرواتب، أمرونا بقول الزور، وأصبحت مجتمعاتنا كالغابة المظلمة يأكل القوي منا الضعيفْ، وضاع الكيل والميزانُ بين الناس، وأصبح القضاء سوطاً في يد الحكام، وأصبحت الواسطة والمحسوبية في كل مكانْ، تآمروا مع أعدائنا وحاصروا المحاصر، ومنعوا عنه سبل الحياة، فرفضنا هذه الحياة، فأرادوا أن يردونا عن نهجنا بكل السبل، فعذبونا وفتنونا عن الحق، ليردونا إلى ماهم فيه، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا ، وحالوا بيننا وبين الحق خرجنا إلى بلدك نطلبُ النجاة والعيشَ الكريم، واخترناها على من سواها، ورغبنا في جوارك ، ورجونا أن لا نظلم عندكم أيها القاضي.
- بكى المترجم وبكى القاضي السويدي وقال كما قال النجاشي قبل أكثر من ألف عام: اذهبْ فأنت آمنٌ في أرضنا، من أعطاكم الأمنَ غنمْ، ومن أذاكمْ غرمْ !
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يحيى مراد
لا ادري هنا
هل هي ارهاصات عصرنا
وعجائبه
ام هو نواقض الأمة وسلبياتها
التي تعطي الانطباع باننا
لسنا على جدارة بواقعنا
أو ,,
واقعنا لا يناسبنا
شكرا لك فاضلي الكريمة
رائعة ومعبرة
مودتي وتقديري
أشاركك التساؤلات
ولكن قرأت قول الله تعالى "((إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ))[الرعد:11]
فأدركت أن العيب فينا وفي ولاة أمورنا
وحينما جئنا لنصحح الخطأ دفعنا الثمن أضعافاً مضاعفة
سعدت لحضورك أخي العزيز
تحياتي لك ولحضورك الرائع
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: جعفر بن أبي طالبُ القرن الواحد والعشرين
ولا نتعلم الدروس ولا نأخذ الِبر
نهاية غير متوقعة
تحيتي
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
رد: جعفر بن أبي طالبُ القرن الواحد والعشرين
ليش يا علاء ليش !!!!؟ لماذا لم تخبرني بهذا الموضوع قبل أن تنشره
لأقوم بدور عمرو بن العاص .
دائما متألق يا أستاذ علاء ، ساخرك هذا المرة يدمي القلوب ويذرف الدمع
بالأحمر القاني .... بعد ألف وأربعمئة سنة لا زلنا في حاجة إلى النجاشي ..
تبا ......................
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فهيم رياض
ليش يا علاء ليش !!!!؟ لماذا لم تخبرني بهذا الموضوع قبل أن تنشره
لأقوم بدور عمرو بن العاص .
دائما متألق يا أستاذ علاء ، ساخرك هذا المرة يدمي القلوب ويذرف الدمع
بالأحمر القاني .... بعد ألف وأربعمئة سنة لا زلنا في حاجة إلى النجاشي ..
تبا ......................
لقد كتبت هذا الموضوع حينما شاهدت الشباب يغرقون في البحار من أجل أن يهربوا من الظلم الي امتلأت به بلادنا العربية
نعم أخي نحن بحاجة إلى النجاشي
فالاسلام عاد غريباً
والعروبة عادت غريبة
وعادت البلاد ومقدراتها ليعبث بها الجاهلون
البريئ دخل السجن
والفاسد المفسد المجرم وثلته المجرمة أخذت البراءة
هيا بنا يا صديقي نبحث عن نجاشي
وإن وجدته أخبرني عن مكانه وكيفية الوصول إليه!
تحياتي لك أخي العزيز
مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
رد: جعفر بن أبي طالبُ القرن الواحد والعشرين
[align=justify]
يعني أنت أصبحت فعلاً شيخ الطريقة
الأديب الغالي أستاذ علاء تحياتي
أبدعت فعلاً كما تبدع دوماً في نصوص الأدب الساخر
أحييك وأسميك شيخ الطريقة في مجال الأدب الساخر
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى نورالدين الخطيب
[align=justify]
يعني أنت أصبحت فعلاً شيخ الطريقة
الأديب الغالي أستاذ علاء تحياتي
أبدعت فعلاً كما تبدع دوماً في نصوص الأدب الساخر
أحييك وأسميك شيخ الطريقة في مجال الأدب الساخر
هذا هو الحال للأسف
تقبل عميق تقديري
[/align]
يا أهلا وسهلا بالأستاذة هدى
سعادتي لا توصف لوجودك
أستاذة هدى هذا النص بالذات كان وليد ألم شديد
حيث أني رأيت مشاهد أبناء العروبة وهم ينتشلون من البحار أحياءً وأموات
وسمعت وقرأت عن قصصهم المؤلمة
فتفطر قلبي كمدأ وألماً
وقررت أن أبحث معهم عن نجاشي جديد في هذا العصر
بوركت وسلمت يداك على هذا الرد
وجودك شرف كبير لي
حفظك الله وحماك لنا من كل سوء