[align=justify]
لا تسأليني .. فأنتِ الحسنُ يا ليلى
............وخيرُ مَن وضعتْ في عينِها كُحلا
وأنتِ أجملُ مَن أعلت حواجبَها
.............نفيا وقالتْ بأحلى حاجبٍ كلّا
أقول مثل أهالي الشام إن مدحوا
..........جميلةً ، حلوةَ العينين: ( ما يبلى)
يا مقدسيّة عينيْها ، وقد ذكروا
.....للمقدسيّاتِ - فيما قد روَوْا- فضلا
وأنتِ أحلى نساءِ الكون في نظري
.........والقدس تجعلُ مَن يَسْكُنَّها أحلى
والحسنُ في القدسِ .. أبقى الله فتنتَهُ
.....يعلو على الحسن في الدنيا..ولا يُعلى
والقدس لا تلدُ المولودَ إن ولدتْ
............إلا كبيرا ، له رشّاشهُ.. كهلا
ودُورها تحفظ الأسماءَ ..ذاكرةً
...........مذ كان شملُ أهاليها بها شَملا
مانة السيّد الفاروقِ .. فاتحِها
........كما روى ابن كثيرٍ مُسنِدا نقلا
في القدس تَنسى ثواني الوقتِ دقّتها
.......ودون قصدٍ يحطُّ الراحلُ الرحلا
وتعرفُ القدسُ شمّا مَن يمرّ بها
.....إن كانَ نسلَ بعيد الأصل أو أهلا
ومَن نما جدّه فيها ومات بها
............وكالسنابل ألقى حَبّهُ نسلا
أو مَن أتاها وريحُ الظلم تدفعهُ
.............بحرا بليْلٍ إلى مينائها نقلا
وتحفظُ القدسُ ما غنّى الصغار بها
........وما مِن الذكرِ في حاراتها يُتلى
في الأربعاءِ تطول المئذنات على
.....أمشاط أرجلها .. كيْ تبلغَ الظلّا
وفي الخميسِ ، تغنّي للحمام إذا
..........أحسَّ بالقلقِ الليليِّ أو ملّا
وفي الشتاءِ تمدّ الكفّ حانيةً
......لكي تُمَسّحَ في الحاراتِ ما ابتلا
وحين تؤذَى تقوم الليلَ واقفةً
.....تدعو لمن في سجون الظلم والقتلى
كلّ العواصمِ مِن رمل ومِنَ حَجَرٍ
......والقدسُ قد نبتتْ من دونها فُلّا
وشعبُها الرائعُ الجبّارُ يحرسها
.....بالقوس في يده ، تستعجلُ النبلا
له ثلاثون روحا ، لا يمُوت بها
....ويُبْدِلُ الشكلَ ،شكلَ الجسمِ إن ملّا
كالجنّ، يبدو قتيلا وهو مبتسمٌ
.......ويضغطُ الفكّ، لا يبدي إذا اعتلّا
يكون في العشق وردا ، أو يكون إذا
..........نادى المنادي ( ألا فلتركبوا) نصلا
في خصره سيفهُ ، يمناه تعصرهُ
.....وإنْ رأى القدسَ نادت ( أينك؟) استلّا
فحلٌ ، وأنجبَ فحلٌ كان أنجبهُ
.......مِن (بنت فحلٍ وفحلٌ خالُها)، فحلا
من ذا الذي قال إنّ القدس عاصمةٌ
...........لمنْ أتى مِن شتات الأرضِ محتلّا؟
سكرانَ كانَ .. وما يدري .. وقد عبثتْ
...........به الشياطينِ ماذا قال ، إذ زلّا
أملى ، وساء الذي أملاهُ إذ كتبوا
...........ولن يكون وحقّ الله ما أملى
وحين يعرفنا يوما ، ستُفهِمهُ
.........مَن نحنُ نظرتنا في عينه عجلى
كلام ذلك ، لا معنى له أبدا
...........وعندنا يدُهُ في أمرنا السفلى
فليكسر ترامب في كفّ أصابعهُ
.........لكي يعدَّ - وتبّتْ كفّه- الهَولا
سبعون عاما وكأسُ الذلّ في يدهمْ
........ونحن مِن عربٍ لا تشربُ الذلّا
سبعون عاما وما كلّت عزائمنا
..........ولن تكلّ وأخزى الله من كلّا
ونحن أدرى بَني الدنيا بقصّتنا
...........ووحدنا نملكُ المفتاحَ والحلّا
فمن هُمو، حين هذي القدس تسألهمْ؟
.....وتعرف القدس من سكّانها الأصلا
ونحنُ أبناء بطن القدس ، سرّتنا
.....في حِجرها قُطِّعت، والشاهد المولى
ومَن له خصلةٌ صهباء، مائلةٌ
.....على الجبينِ ، ووجهٌ يشبه الطبلا
لم يلمس القدسَ أحجارا مرصّعةً
.........ولمْ يمرِّرْ على حصبائها رِجْلا
ولمْ يرَ الطفلَ كيف الله يجعلهُ
........إذ عمرُهُ سنةٌ مِن أجْلها كهلا
ولم يجرّبْ على أبوابها مثلا
........رسمَ الهلال على قُبّاتها طفلا
ولمْ ير الشهداء اللهُ يرحمهمْ
.........ماذا يقولونَ في توديعها قولا
ولمْ يرَ القدسَ كيفَ النوم يهجرها
........إن مرّ مغتصبٌ في شارعٍ ليلا
لم يسمع الذكر والتسبيحَ مزدهرا
...لدى ( بني غانم) في العيد إن حلّا
لم يمش يوما بشعفاط.. ولا عرفتْ
........ما (تلة الشيخ بدرٍ) عينهُ شكلا
ما مصَّ في شهوةٍ مستعجلا شفةً
...لأكؤس ( السوس) و(الخروب) إذ تُملا
ولا أهاج أذانُ العصر مهجتهُ
.....إلى الصفوفِ، ولا في عمره صلّى
وسوف نبقى بها .. ما لاحَ في فلكٍ
..........نجمٌ ، وما قمرٌ في ليلها هلّا
وسوف إن أعلنوا يوما نهايتنا
........نقومُ من موتنا في وجههم نملا
وسوف نبقى ليبقى الله يُتعبهمْ
..........بنا ، ليُضحكنا سبحانه جلّا
من ماتَ منا ستحمي القدسَ زوجتُهُ
.....وإن يكن دون زوج ، أمُّه الثكلى
ومن لم تجد يدهُ في الجيب قنبلةً
...رمى عليهمْ ، - ليبقى حافيا- نعلا
الشاعر الجزائري الكبير: محمد جربوعة.
[/align]