التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,822
عدد  مرات الظهور : 162,212,906

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > أدباء وشخصيات تحت المجهر > أدباء أعرفهم
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 28 / 09 / 2010, 32 : 08 AM   رقم المشاركة : [1]
د.حسين جمعة
كاتب وأديب ، رئيس اتحاد الكتاب العرب

 الصورة الرمزية د.حسين جمعة
 





د.حسين جمعة is a jewel in the roughد.حسين جمعة is a jewel in the roughد.حسين جمعة is a jewel in the roughد.حسين جمعة is a jewel in the rough

Post شاعر الشام شفيق درويش جبري (1898 ـ 1980م) ـــ أ.د.حسين جمعة

[align=justify]شاعر الشام شفيق درويش جبري (1898 ـ 1980م) ـــ أ.د.حسين جمعة
ولد شفيق درويش جبري ليلة النصف من شعبان (1314هـ) الموافق (1898م) وقيل (1897م) بدمشق في حي الشاغور قرب القنوات وهو حي شعبي عريق قائم حتى اليوم. وكان أبوه من كبار تجار الشام؛ وتوفي يوم الأربعاء (6 ربيع الأول 1400هـ/ الموافق 23/ 11 1980م) عن اثنتين وثمانين سنة؛ ودفن بمقبرة (باب الصغير) من الحي نفسه بدمشق؛ دون أن يترك وراءه أسرة أو ولداً لأنه آثر العزلة وعزف عن الزواج... وهو القائل في آخر قصيدة نظمها؛ ونشرت في المجلة العربية (حزيران 1979م):
سألت جُهَينة أمها عمّا بها = هاكِ الجوابَ إذا شفاكِ جوابي
إن الثمانين التي استنفدتها = أحيت مشيبي بعد موت شبابي
ثم ينهيها قائلاً:
عجبي من الأوهام كيف تزاحمت = ظُلُماتها في فكري الوثّاب؟
إني لأشعر بالتهاب خواطري = ويريحني إطفاء كلّ لهاب
إن أتعبتْ فكري الثمانين التي = درجت فهذا السر في الإتعاب!!
وهو شاعر ناثر باحث ناقد لغوي أستاذ جامعي... وكان أبوه قد أرسله إلى (الكتّاب) فحفظ القرآن وتعلم القراءة والكتابة، ثم أدخله في سن السادسة مدرسة (الآباء العازاريين ـ الخاصة) بدمشق وحصل فيها على الثانوية عام (1913م).
بدرت نباهته منذ وقت مبكر، وتفتحت عيناه على المآسي التي كانت تزيد حقده على الظلم والاستبداد والقهر، إذ شهد إعدام المناضلين الأحرار على يد الحاكم التركي (جمال باشا السفاح) في
(6/ 5/ 1916م)، ثم عانى مرارة ويلات الحرب العالمية الأولى ما جعله يرحل مع أبيه إلى فلسطين والإسكندرية([1](... ومن ثم عاد إلى سورية فعيّن في دائرة المطبوعات بوزارة المعارف سنة (1918م). وكان وزير المعارف آنذاك محمد كرد علي، وهو الذي اختارهُ أمين سر له في عام (1920م) ثم رشحه لعضوية مجمع اللغة العربية بدمشق سنة (1928م) واختير عضواً فيه ذلك العام.
ثم عين أستاذاً ثم مديراً للمدرسة العليا للآداب (1928م) حتى أغلقت بقرار فرنسي عام (1934م)... وفيها ألقى محاضرات كثيرة دارت حول زعماء الشعر العربي ونثره، كونت مادة كتابية المهمين عن (الجاحظ والمتنبي) وكان " المتنبي أول الشعراء الذين خالطهم" وعمره خمسة عشر ربيعاً([2]).
ويبدو لي من مسيرة حياته أنه عمل بعد وزارة المعارف في دائرة المجمع بدمشق.
هكذا كان دأبه حتى إنشاء الجامعة السورية سنة (1947م) فصار أستاذاً فيها ثم انتخب عميداً لكلية الآداب (1948م) وتتابع انتخابه أربع مرات لهذا المنصب حتى تقاعد في تشرين الأول (1958م)... وفي هذه المرحلة انتخب عضواً في مجمع اللغة العربية بالقاهرة عام (1950م)، وكذلك كان مقرراً للجنة الشعر في المجلس الأعلى للفنون والآداب حتى تقاعده... كما أنه ألف كتابيه الهامين (دراسة الأغاني) و(أبو الفرج الأصفهاني).
ثم عمل أستاذاً محاضراً في معهد الدراسات العربية العالية بالقاهرة (1959 ـ 1960م) فكانت محاضراته فيه مادة كتابيه (أنا والشعر) و(أنا والنثر)، وعمل أستاذاً زائراً في جامعة الكويت لعام (1969م).ثم صار عضواً مؤازراً في المجمع العلمي العراقي ببغداد سنة
(1970م).
وكان يتقن اللغة العربية ومثلها اللغة الفرنسية، بل أكثر؛ ثم تعلم اللغة الإنكليزية، واطلع على الأدبين الفرنسي والإنكليزي بلغتيهما..
وإذا كان شفيق جبري قد تميز بالنباهة والرهافة، والمشاعر الفياضة فإنه أحبَّ العزلة وآثرها، وربما كان يرى في بيته الكائن في بلودان تحقيقاً لهذه الرغبة، في الوقت الذي كان يحب الثقافة والمثاقفة... فأقبل منذ وقت مبكر على قراءة التراث فعرف ـ مثلاً ـ ابن المقفع والجاحظ والمتنبي والبحتري والشريف الرضي وابن خلدون... بمثل ما عرف من المحدثين أحمد شوقي وآناتول فرانس ولوتي، والشعر المهجري، والشعر الحر وإن لم يعجب به.
وكان شاعراً موهوباً حاكى البحتري في ديباجته والمتنبي والشريف الرضي في قوة المعنى وجزالة اللفظ وجمال الصورة([3])... ونقل كثيراً من آرائه عن الأدب الفرنسي ولا سيما (أناتول فرانس) في كتابه (أفكاري) المؤلف من خمسة أجزاء... علماً أنه ترجم قصائد لفيكتور هوغو، كما ترجم قصيدة (البحيرة) للشاعر (لامارتين) وقارنها بقصيدة البحتري في وصف (بركة المتوكل)... أما بحيرة (طبريا) فقد عرض لها باعتبارها وجهاً للتباين في الروح بين المتنبي، وبين الكاتب الفرنسي (لوتي Loti ـ 1850 ـ 1923م) كما انتهى إليه الدكتور جهاد نعيسة([4])، إذ قال: "إذا ما كان جبري قد رأى في هذه البحيرة مكاناً لراحة النفس وهدوء البال وإذا ما كان المتنبي قد رأى فيها صورة الحرب فإن لوتي قد رأى فيما كتبه عنها في كتابه (الجليل) صورة السلام".
وقيل: إنه نشر أول قصيدة له في جريدة (سورية الرسمية) عام (1920م) وكانت في رثاء صديق له؛ بيد أن الديوان حوى قصائد قيلت قبل هذا التاريخ، علماً أنه أنشد في (7/ 5/ 1920م) قصيدة رثى فيها شهداء السادس من أيار (1916م) ومنها:
دمشقَ الشام هل نفذ القضاء؟ = فزلزلت الكواكب والسماء
لقد جَلَّ العزاء فلا عزاءٌ = وعزَّ الصبر وانقطع الرجاء
... ... ...
ثوى في ظلمة الأجداث قوم = يملُّ غداةَ يومهِمُ الثواء
من العُرْب الذين لهم نفوس = تلازمها المدائح والثناء
أتاهم حادث الأيام ليلاً = يَقلُّ به التعاطف والإخاء
فسيقوا للمنايا وما حمتهم = سيوف القوم والأَسَل الظماء
... ... ...
فلا شعر يعزّي عن مصاب = ولا نثر يخفُّ به العناء
ولكن نذكر الشهداء منا = لما يقضي بذكرهم الوفاء
وشهد معركة ميسلون، ورأى اندفاع جحافل جيش الاحتلال الفرنسي بقيادة الجنرال (غورو) تزحف لتقهر وطنه بعد أن سقط البطل يوسف العظمة ورفاقه شهداء في ميسلون (24/ 7/ 1920م)، ولما استشهد صديقه الثائر البطل (إبراهيم هنانو) رثاه في قصيدة ألقاها أمام جمهور مثقف عظيم بجامعة دمشق منها:
أمة تنشد الحياة وماضٍ = ملأ الأرض من دويّ وثَابِهْ
سحب المجد كالخضم على الأرض = فضاقت فجاجها بانسحابهْ
حاولوا صدع شملها واستشاروا = كل جنس لصدعه وانشعابه
حجب الله كيدهم عن مغانيها = فعاشت منيعة في حجابه
إنها مادة قوية تحض أبناء الوطن على التمرد والثورة على المحتل الفرنسي.
وكان أحمد شوقي قد زار دمشق عام (1929م) وأنشد فيها قصيدته المشهورة؛ ومطلعها:
قُمْ ناج جلق وانشد رسم من بانوا = مشت على الدهر أحداث وأزمان
ويبدو أن الفتى الشاعر شفيق جبري قد التقى آنذاك أمير الشعراء، وتحدث إليه بتواضع وأدب وكلمات رقيقة جعلته يخاطبه قائلاً: "أنت أيها الفتى شاعر"، فما كان من شعراء دمشق الذين كانوا في المجلس إلا أن قالوا: شاعر الشام... فصار لقباً له، وغلب عليه، وإن لقب به شعراء آخرون....
وفي ضوء ما سبق تبين لنا أن شفيق جبري صدر في أدبه وفكره عن روحه الوثابة وقد امتلك من المبادرة والحساسية ما جعله يتذوق القديم والحديث على السواء، وحاز خبرات صقلتها رحلاته إلى أغلب البلاد العربية، وعدد من البلاد الأوروبية ولا سيما فرنسا فضلاً عن أمريكا، وهو الشاعر الدمشقي الذي شغف بطبيعة دمشق الساحرة وغوطتها الغناء، ثم نضج فكره وأدبه على معاناة دائمة من ظلم الحكم العثماني ومرارة القهر الذي مارسه المحتل الفرنسي والإنكليزي لبلاد الشام ومصر والعراق...
فقد عركته الحياة وجبلته الهموم؛ فكان دائم التطلع إلى الحرية والخلاص له ولبلاده العربية فغنى لثورة الشام بمثل ما غنى لثورة مصر ([5]) ولم يركن له بال ولم يهدأ له لسان على الرغم من أن الاستعمار الفرنسي جهد في كم الأفواه، ومارس كل صنوف الإذلال والاستعباد...
لذلك كله كان واحداً من مبدعي بلاد الشام الحقيقيين على مدى ستين عاماً من القرن العشرين... فهو يذكر مع أقرانه من المبدعين آنذاك أمثال (خليل مردم بك ومحمد البزم، وخير الدين الزركلي، وبدوي الجبل، وبدر الدين الحامد، وأنور العطار، ومحمد الفراتي وغيرهم) من سورية، و(طه حسين والعقاد والرافعي وشوقي وحافظ والبارودي و...) من مصر، و(ميخائيل نعيمة وجبران خليل جبران والأخطل الصغير والقروي وأمين الريحاني وخليل مطران و...) من لبنان، و(الزهاوي والرصافي ثم بدر شاكر السياب ونازك الملائكة و...) من العراق...
إنه واحد من هؤلاء الأفذاذ الذين حملوا همَّ الأمة في قلوبهم وعقولهم فنسجوه إبداعاً متميزاً بلغة شفّافة بديعة ظهر عليها حلاوة اللفظ وجماله، وبهاء العبارة ورونقها، وعفوية التعبير وصدقه، و... وامتلأت بشحنة عالية من الألم والحسرة؛ وبث اللواعج الصادقة..
وما من قارئ أو باحث إلا لمس ذلك في شعره ومؤلفاته التي أشرنا إلى قسم منها، ونجملها جميعها فيما يأتي:
1 ـ المتنبي مالئ الدنيا وشاغل الناس ـ مطبعة ابن زيدون ـ دمشق ـ 1930م.
2 ـ الجاحظ معقل العقل والأدب ـ دمشق ط1 ـ 1932م.
3 ـ أبو الفرج الأصفهاني ـ دار المعارف بمصر ـ ط1 ـ 1955م ـ وط2 ـ 1965م.
4 ـ دراسة الأغاني ـ مطبعة الجامعة السورية ـ دمشق ـ 1951م.
5 ـ محاضرات عن محمد كرد علي ـ معهد الدراسات العربية العالية ـ القاهرة ـ مطبعة الرسالة ـ 1957م.
6 ـ أنا والشعر ـ معهد الدراسات العربية العالية، القاهرة ـ المطبعة الكمالية ـ (1959م).
7 ـ أنا والنثر ـ معهد الدراسات العربية العالية ـ القاهرة ـ مطبعة نهضة مصر ـ 1960م.
8 ـ العناصر النفسية في سياسة العرب ـ دار المعارف بمصر ـ 1945م.
9 ـ أرض السحر ـ وزارة الثقافة والإرشاد القومي ـ دمشق ـ مطبعة فتى العرب ـ 1962م.
10 ـ بين البحر والصحراء ـ دار المعارف بمصر ـ سلسلة اقرأ ـ 1946م.
11 ـ نوح العندليب: وهو ديوان شعر كبير مطبوع ـ طبعه مجمع اللغة العربية بدمشق ـ وصدر بعد وفاة الشاعر والشاعر نفسه هو الذي أثبت عنوان ديوانه على غلاف كتابه (الجاحظ)([6]).
12 ـ له مقالات كثيرة صدرت في مجلة مجمع اللغة العربية آخرها مقالة (روح الشاعر) وتوازي (روح الأديب أو الكاتب) ونشرت في (تموز/ 1980م) بعد ستة أشهر من وفاته.
13 ـ وله دراسات أخرى مثل:
1 ـ أحمد شوقي.
2 ـ أحمد فارس الشدياق.
إن كل مدقق عارف بأصول الإبداع والبحث العلمي يدرك بجلاء أن شفيق درويش جبري كان علامة مضيئة في الحياة الأدبية والثقافة والنضالية لهذه الأمة... فهو الإنسان الذواقة المرهف الذي مزج الحياة بالثقافة فالتصق بالتراث العربي مستلهماً إياه دون أن يتأطر فيه، وانفتح على المعاصرة فقرأ ثقافة الآخر دون أن يُسْتَلب عقله وفؤاده... وقف في الحالين عند صُوىً كبرى استجاب لإشاراتها البعيدة التي تجعل أمته تتقدّم، في الوقت الذي كان يتمتع باللغة الجميلة ومضمون القراءة المميز...
هكذا استجاب شفيق جبري لحركة الحياة المتطورة في عالم الحداثة؛ فوفَّر لنفسه التوازن بمثل ما حقق لها الأصالة والمعاصرة المتساوقة مع انتمائه العربي الذي جعله مرتكز حياته وحياة أهل الشام وهو القائل: "إننا معاشر أهل الشام نفضل الشعر الذي نرى عليه آثار القومية وآثار الوطنية؛ لأننا في زمن غلاب ونضال، إننا نستخدم الشعر حتى يقوى فينا هذا الغلاب وهذا النضال"([7]) .
ولهذا فإن علاقة دمشق وبلاد الشام بالعروبة تجسد علاقة الفرع بالأصل؛ في الوقت الذي يبثهما وجده وروحه... فقد عشق دمشق وغوطتها ونهرها حتى الثمالة، وسكب روحه فيها نبعاً ثراً؛ وشعراً وجدانياً صادقاً مشبوباً على العاطفة المتوهّجة، عاش للشام بجوارحه وعقله وآماله ورغباته، وصار كل منهما جزءاً من نسيج لحم الآخر، وقطرة من قطرات دمه، فلا مراء أن يتحول إلى حبة من ترابها في مقبرة (باب الصغير) بعد أن كان ذرة من مائها يوم ولد...
لذلك غدت نغمة أصيلة وعطرة يرددها على شفتيه في السرّاء والضرّاء، في حالات الفرج والشدّة، والفرح والألم، والقهر والحرية... إنه ابن سورية الرائعة التي توجتها عروبة الزمان عنفواناً وأصالة وألقاً، فما استكانت لقهر الظلمة وعبث العابثين ووحشية القتلة... ودمشق عاصمتها وغار مجدها التليد ظلت رافعة الرأس عزيزة قوية؛ بمثل ما فارقها ابنها البار حراً كريماً، وهو الذي صمد في وجه النكبات والمحن فجابه الخطوب مع مدينته بكل اقتدار وشجاعة إذ خاطبها في (7/8/1923م) قائلاً:
وطني دمشق وما اجتويت ظلاله = يا دَهْرُ إنك قد أَطَلْتَ نزالهُ
ماذا جنى؟ حتى شددت عقاله = بالله حُلَّ إن استطعت عقاله
ما راعني إلا شتيت رجاله = فمتى تضمُّ المكرمات رجاله؟!
وكان قد أنشد من قبل في (28/2/1921م) قصيدة منها:
هبط الدهر إلى آفاقنا = وخلا الجوّ فأذكى الفتنا
فمروج الشام تشكو ضيمها = أين من يكشف عنها المحنا؟
أرقب الصبح وليلي سرمد = فأناجي في الليالي الدُّجَنا
وانصراف العين عن رَقْدتها = في دياجي الليل يُقْذي الأعينا
وطني كيف أرجّي بيعه؟ = ذَلَّ من راح يبيع الوطنا
أيها الطامع في حوزته = لستُ أرضى بالثريّا ثمنا
أيها القوم أفيقوا، وَيْحَكم!! = وثبَ الدهر، فما هذا الونى؟!
فالشاعر نسج قصائده الرائعة للشام، أحبها وأحبته، وأُفعم بحب الوطن، فكان يريد للمجد أن يزهو في جنة الله في أرضه، بما حباها الله من فيحاء المساحة، وجمال الطبيعة المزدانة بالأشجار العظيمة والكثيرة والمتنوعة وبما خصّها من مياه عذبة أنهاراً وعيوناً وآباراً، وبما منحها من أدباء وأعلام يعزفون أشعارهم على أوتار قيثارة المحبة والتضحية والحرية والاستقلال... ولعل قصيدته (نوح العندليب) توحي بقصة عنادل الوطن التي تبكي أوطانها حين تفارقها، أو حين تعاني أنواع الألم والمرارة وهي ترى الدمار والعبث والقتل ينتشر في ساحاتها... وكان شاعرنا قد أنشدها في سنة(1924م) والثورة السورية تتأجج في النفوس على المحتل الفرنسي الذي يمارس وحشية القتل والتدمير، ومنها:
كتمت الشجون عن العندليب = فراح يبثّك أشجانَهُ
وأخفيت عنه دموع الجفون = وقد بلَّل الدمع أجفانه
فيا لك من ممعن في الحنين = ألم يشهد الناس تحنانَه؟!
أتبكي العنادل أوطانها = ولا يندب المرء أوطانَهُ؟!
لهذا يبثنا شفيق جبري ـ وهو العندليب الحزين ـ أشجانه حسرة وألماً كلّما رأى الشام جريحة متألمة،... وينشدها فرحاً وألقاً كلّما وجدها عزيزة كريمة... فالشام كلمة حلوة، ممزوجة بالشهد يرددها الشاعر على أنغامه الرائعة بعاطفة مشبوبة بالمحبة والمتوهّجة بالعشق، والمملوءة بكراهية المحتل الفرنسي لأنه أذاق بلاد الشام الويل... فتراه يكرر كلمة الشام عشقاً وهياماً بالوطن وكأنه يتغزل بمحبوبته، بل أكثر... فلا مراء بعد هذا أن يكون شاعر الشام... فالشام مثلت لديه آية الشعر والقداسة، والعشق والحرية ,... ولهذا نراه في قصيدة (فرحة الجلاء) يخصها بدمشق/ الشام قبل غيرها، على اعتبار أنها رمز النضال والحرية منذ جابهت همجية المتوحشين الذين دنّسوا أرضها... وبذلك كان ينتقل بنا إلى آفاق رحبة من الدلائل الفريدة في الإيحاء، ينثرها بشعور متوقد، وهو يستوحي (فرحة الجلاء) التي غمرته يوم راح يشاهد آخر جندي يغادر وطنه عام (1946م) فأنشد قصيدته الرائعة تلك، ومنها:
حُلُم على جنبات الشام أم عيد = لا الهمُّ همُّ ولا التسهيد تسهيد
أتكذب العين والرايات خافقة = أم تكذب الأذن والدنيا أغاريد
ويل النماريد لا حسٌّ ولا نبأ[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
د.حسين جمعة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 09 / 2010, 57 : 01 PM   رقم المشاركة : [2]
عادل سلطاني
شاعر

 الصورة الرمزية عادل سلطاني
 





عادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond reputeعادل سلطاني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: شاعر الشام شفيق درويش جبري (1898 ـ 1980م) ـــ أ.د.حسين جمعة

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

أهلا أستاذنا الدكتور الفاضل " حسن جمعة" مشكورسيدي الكريم على هذه الدراسة الأكاديمية الموثقة والعلمية التي نحن في أمس الحاجة إليها ..جميل أن نفضت غبار التاريخ والنسيان على شخصية شاعرة دمشقية فذة أشرقت شمسها في قرن العظماء الموسوعيين من أبناء أمتنا الواسعة والمشتتة للأسف الشديد في راهننا المعيش .. جميل أن نلمس عن كثب ونتحسس عن قرب ملامح هذه الشخصية التي قلما يجود بها التاريخ فنتعرف على بعدها التأثيري الإبداعي لنلمس أبعادا عديدة تناولتها هذه الشخصية شعرا ونثرا وترجمة وثقافة ومثاقفة و انفتاحا على الآخر رغم فلسفة العزلة التي آثرها مذهبا وتيارا في الحياة لتنعكس فلسفته الوجودية معانقة الإنسان في المطلق .. فنجده من خلال ما تفضلتم به يعانق أفكار القدامى والمحدثين من خلال أعمالهم لتتجسد موضوعيته " مصداقيته العلمية" من خلال المقارنات بين شعر ونثر ليتجسد أيضا بعده الإنساني الكوني الذي يحتاجه بناء الإنسان وهندسة الإنسان في القرن الواحد والعشرين ..
تحياتي أستاذنا الكريم ومشكور على هذا الفيض الدارس العلمي الموثوق
عادل سلطاني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
أ.د.حسين جمعة, الشام, جبري شاعر, شفيق درويش


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اللغة العربية إرث متصل ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة اللغة العربية و قواعد الكتابة 1 27 / 07 / 2012 23 : 03 PM
طبيعة الثقافة الصهيونية ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة المقالة السياسية 1 28 / 09 / 2010 29 : 02 PM
أردوغان وسلَّم الارتقاء ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة المقالة السياسية 1 18 / 12 / 2009 27 : 09 PM
القدس ونزيف الجرح الغائر ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة القدس في ألمٍ وليلٍ داج 1 27 / 08 / 2009 57 : 05 PM
الاستلهام الثقافي وحوار الحضارات ـــ أ.د.حسين جمعة د.حسين جمعة هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية) 3 07 / 07 / 2009 10 : 03 PM


الساعة الآن 29 : 03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|