دعت دار الكتب والوثائق المصرية لندوة ومؤتمر دولي عقد الأسبوع الماضي في القاهرة بعنوان "وثائق العرب في الارشيفات الأجنبية" بالتعاون مع الفرع الإقليمي العربي للمجلس الدولي للارشيف "عربيكا"، والمنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم "ايسيسكو"، وسط حضور عربي ودولي كبير لرؤساء الأرشيفات العربية والأجنبية وأساتذة الجامعات.
مخطوطة إسلامية من القرن الـ17 في المتحف البريطاني في لندن
وشدد المجتمعون على ضرورة بعث مكتبة إلكترونية أو ميكروفيلمية لأصول الوثائق التي تتناول تاريخ العالم العربي في إطار التعاون بين الدول العربية الأجنبية، مع الإهتمام بالوثائق التاريخية لفلسطين التي يعمل الاحتلال على طمس هويتها الثقافية والتاريخية.
وأكد المدير العام للأرشيف الإيطالي موريزو فاللاسي في كلمة الأرشيفات الأجنبية، على اهتمام الأرشيف الإيطالي بالعلاقات مع دول حوض البحر الأبيض المتوسط، ومن خلال مشروع "رقمنة الأرشيفات التاريخية المتوسطية"، الذي سيشمل إنشاء مركز دولي للبحث والتوثيق، بالاضافة لبعض اتفاقيات التعاون بين الارشيف الايطالي وبعض الارشيفات العربية وتبدأ بدولة الامارات.
وثائق من العصور الوسطى
كما ناقش المؤتمر على مدار ثلاثة أيام عددا من الموضوعات، حيث تناولت فعاليات اليوم الثاني للمؤتمر والذي انقسم لثلاثة جلسات جاءت الأولي بعنوان "وثائق تاريخ العرب في العصور الوسطي المحفوظة في الأرشيفات الأجنبية".وتحدث في هذه الجلسة جوزيه رامون كروز نائب مدير الأرشيف الإسباني حيث تناول "وثائق العرب في العصور الوسطي المحفوظة في أرشيف مملكة أراغون ببرشلونة" فعرض لأرشيف مملكة أراغون والذي يعد واحداً من أكبر الأرشيفات في العالم المتعلقة بالعصور الوسطي ويضم هذا الأرشيف كمية كبيرة من الوثائق العربية، وذلك بسبب العلاقات الغنية والقوية بين مملكة أراغون والعالم العربي المطل على البحر المتوسط خلال العصور الوسطى.
مخطوطات عربية في أميركا وأوروبا
تحدث الدكتور سعيد مغاوري الأستاذ بجامعة المنوفية عن "وثائق البرديات العربية في المكتبات والمتاحف الأوروبية والأمريكية"، موضحا أن المكتبات والمتاحف والجامعات الأوروبية والأميركية تقتني مجموعة هامة ونادرة من وثائق البرديات العربية، وأغلبها يرجع للقرن الأول الهجري، وأبرزها على الإطلاق مجموعة مكتبة النمسا الوطنية بفينا التي يزيد عددها عن 50 ألف بردية عربية لا يزيد المنشور منها عن بضع مئات فقط. وتوجد أيضاً مجموعات أخري في مكتبات ألمانيا وانغلترا وفرنسا، أغلبها يحمل أسماء أشخاص وباحثين كان لهم الفضل في إخراجها من مصر وإيداعها في تلك المكتبات أمثال مجموعة جون رايدندز بانغلترا وغيرها.
أما الدكتور أحمد المصري أستاذ الوثائق المساعد بكلية آداب بني سويف تكلم عن إحدي وثائق المكتبة الوطنية بباريس والتي تحمل اسم "وثيقة الدشيشة الكبرى للسلطان قايتباي" وهي عبارة عن نسخة مجمعة لبعض وثائق السلطان قايتباي. وجاءت الجلسة الثانية بعنوان "الوثائق العربية في الأرشيفات البريطانية والأميركية" تحدث فيها فهد بن عبدالله السماري من السعودية حيث تناولت ورقته أبرز المجموعات الوثائفية المتعلقة بتاريخ الدول العربية والمحفوظات في أرشيف الأوراق الخاصة بمركز دراسات الشرق الأوسط بمكتبة سانت أنتوني بجامعة أكسفورد.
أما الدكتور عبدالواحد النبوي الأستاذ بجامعة الأزهر فجاءت ورقته عن "الوثائق العربية في الأرشيف البريطاني" من خلال قراءة العلاقات البريطانية التونسية في القرن الـ19، حيث أشار إلي أنه لدى الأرشيف البريطاني العديد من الوثائق ذات الصلة بتاريخ العالم العربي نظراً لارتباط السياسة البريطانية بتاريخ المنطقة وخضوع أغلب الدول العربية للاحتلال البريطاني. وأضاف: أنه قد يستغرب البعض أن يكون في الأرشيف البريطاني وثائق تتعلق بتاريخ الدول التي خضعت للاحتلال الفرنسي ومن بينها تونس.وكشف النبوي في ورقته البحثية عن وجود مجموعة مهمة من الوثائق التي تتناول التنافس الانغليزي الفرنسي في منطقة شمال إفريقيا بوجه عام وتونس بوجه خاص، ويلاحظ أن بعضها باللغة العربية والبعض الآخر باللغتين الانغليزية والفرنسية.
أما "وثائق ثورة 1919 في أرشيف وزارة الخارجية الأميركية"، فقد تحدث عنها دكتور عماد هلال من جامعة قناة السويس ثورة1919 - صورة أرشيفيةحيث أشار في بحثه إلي أن الأرشيف الأميركي يبدو في نظر البعض قليل الأهمية بالنسبة لتاريخ مصر في فترة الإحتلال البريطاني بصفة عامة وثورة 1919 بصفة خاصة. ولذلك نجد أن كل الأعمال التي أرخت لثورة 1919 لم يهتم مؤلفوها بالإطلاع على الوثائق الأميركية لاعتقادهم بأن بُعد المسافة وقلة المصالح الأميركية في مصر في تلك الفترة يجعل الوثائق الأميركية مصدراً ثانوياً.
وأكد أن أرشيف وزارة الخارجية الأمريكية يضم مجموعة ضخمة من الوثائق المتصلة بتاريخ مصر من 1832 وحتي الوقت الراهن، وهي في غالبها يمكن اعتبارها مصادر من الدرجة الأولي. والتي تبين الدور الأميركي في قيام ثورة 1919 وأحداثها ونهايتها.
عن "الوثائق العربية في الأرشيفات الإيطالية" تحدث موريزيو فاللاسي مدير عام الأرشيف الإيطالي والذي عرض من خلال ورقته لمشروع فريد تضطلع به وزارة الثقافة والتراث الإيطالية وهو "مشروع أرشيف تاريخ وسائطي للبحر المتوسط" وهو يهدف إلي تجميع وربط وتبويب وثائق تاريخ البحر المتوسط من الأرشيفات الإيطالية وغيرها من أرشيفات دول البحر المتوسط من خلال بوابة متعددة اللغات مترابطة بشبكات تتصل ببعضها على نطاق واسع لعمل إسهامات منظمة قادرة على عرض التاريخ العالمي للبحر المتوسط.
وجاءت كلمة الدكتور على أحمد أبو الرجال رئيس مركز الوثائق باليمن عن "الوثائق اليمنية في أرشيف مركز الوثائق الدبلوماسية الفرنسية حيث أشار إلي إلي جهود المركز الوطني للوثائق باليمن في جمع وتصوير الوثائق المتعلقة بتاريخ اليمن من أرشيفات الدول الشقيقة، وكان مركز الوثائق الدبلوماسية الفرنسي قد حصل مؤخراً على أرشيف القنصلية الفرنسية في مدينة عدن (1858 - 1942) والقنصلية الفرنسية في مدينة الحديدة (1880 - 1914) بعد أن كان مفقود، وكلف مركز الوثائق السيدة آن صوفي كراس بحصر هذه الوثائق وإعدادها قوائم أولية.
وعن "وثائق تاريخ العرب الحديث والمعاصر في الأرشيف الألماني" تحدث الدكتور وجيه عتيق من جامعة القاهرة حيث حاول في ورقته التعريف بالأرشيف الألماني وبأهم محتوياته ووثائقه التي لا غني عنها لدارس تاريخ عالمنا العربي الحديث والمعاصر وأهمها: مراسلات السفراء الألمان في العاصمة العثمانية مع قادتهم في ألمانيا، وتقارير القناصل والمبعوثين الألمان في مصر والعراق وبلاد الشام، وتقارير التجار والرحالة الألمان.
فلسطين في أرشيفات الغرب
وشملت فعاليات اليوم الثالث عدة جلسات كان أهمها عن "وثائق فلسطين في الأرشيفات الأجنبية" حيث تحدث الدكتور قاسم أبو حرب مدير مركز الوثائق بفلسطين والذي ألقي الضوء على سياسة الاحتلال الإسرائيلي وممارسته المستمرة للاستحواذ على الوثائق الخاصة بتاريخ فلسطين والأردن والعمل على قطع الصلة بين أبناء الشعب الفلسطيني وماضيهم وتراثهم الثقافي والحضاري.
أما محمد بحيص رئيس الأرشيف الوطني الفلسطيني، فقد تناول ما تعرضت له وثائق فلسطين للنهب والضياع وتفرق أكثرها بين أكثر من دولة. فمنها ما حفظ في الأردن ومنها ما نهبته إسرائيل، وما يوجد الآن يعاني قلة الموارد ومشكلات كثيرة أخرى.
كما تحدث الدكتور خالد أبو دية الأستاذ بجامعة النجاح بنابلس عن "الوثائق الفلسطينية في الأرشيف الوطني الكندي وطرق استرجاعها" فقد أشار إلي أن الأرشيف الوطني الكندي يضم مئات الآلاف من الوثائق التي تتعلق بالقضية الفلسطينية من سنة 1917 وحتي الآن، وخاصة ما يتعلق منها بالدور الكندي في قضية اللاجئين.بحوث حديثة.
قام الدكتور عبدالكريم بجاجة الخبير في الأرشيف الوطني للوثائق بالإمارات في ورقته بإحصاء 239 معاهدة دولية بين المغرب العربي والبلدان الغربية، وخلص إلي أنه يوجد في البلدان الغربية 122 رصيداً ارشيفياً تتعلق بتاريخ العرب من القرن الـ16 إلي القرن الـ19.
وتناول الدكتور محمد عفيفي مدير مركز البحوث والدراسات التاريخية بجامعة القاهرة "الوثائق المصرية في الأرشيف الفرنسي" حيث لفت الانتباه إلي ظاهرة مهمة هي وجود العديد من الوثائق المفردة أو حتي السجلات المكتوبة باللغة العربية ضمن المقتنيات الفرنسية لهذا الأرشيف. وأغلب هذه المادة العربية ترجع إلي الفترة السابقة على الاحتلال، أو حتي السنوات الأولي للاحتلال حيث كانت لغة الإدارة هي العربية، وبالتالي اطلع رجال الحكم والإدارة على هذه النماذج لفهم واستيعاب النمط الإداري القديم.
أما التجربة السودانية في استعادة الوثائق من الخارج تحدث عنها تاج الدين الجولي من دار الوثائق القومية بالسودان التي تمكنت من استعادة الكثير من الوثائق المهمة من إيطاليا وأثينا وقبرص ولندن وفرنسا وأسبانيا.
التكنولوجيا والتوثيق
[align=justify]لم يغفل المؤتمر أمر التكنولوجيا وتناول الدكتور عبدالحميد ندا الأستاذ بجامعة أسيوط موضوع "تطبيقات تكنولوجيا المعلومات في إتاحة الوثائق العربية بالأرشيفات الغربية لافتاً إلي أن الوثائق العربية تعاني من تفكك الوحدة العضوية والشتات بين الأرشيفات الوطنية والعربية والعالمية. حيث تحتفظ الأرشيفات الغربية بعدد غير قليل من الوثائق العربية. كما ناقش تطبيقات تكنولوجيا المعلومات لحل بعض تلك المشكلات ومساعدة الباحثين في التعرف على البيانات الببليوغرافية للوثائق العربية ومشاهدة صور إلكترونية منها وطباعتها.[/align]