التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,829
عدد  مرات الظهور : 162,250,113

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > التاريخ والتأريخ والتوثيق > قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 19 / 10 / 2009, 27 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
أسماء بوستة
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي

 الصورة الرمزية أسماء بوستة
 





أسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to behold

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: تونس

الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (2)

[align=center]الإرهاب صناعة صهيونية (2)
[/align]

[align=center][/align]
[align=center]بقلم - أوس داوود يعقوب[/align]


[align=justify]* أبرز الحركات والجماعات والمنظمات اليهودية والصهيونية المتطرفة في نهايات القرن التاسع عشر:

- منظمة (التحالف الإسرائيلي العالمي):

منظمة (التحالف الإسرائيلي العالمي)، ومعناها بالعبرية (الأليانس إسرائيليت يونيفرسل)، منظمة يهودية فرنسية توطينية تأسَّست عام 1860 في باريس بهدف (الدفاع عن الحريات المدنية والدينية للجماعات اليهودية وتنمية المجتمعات اليهودية المختلفة عن طريق التعليم والتدريب المهني وإغاثة اليهود في الأزمات). والواقع أن وضع فرنسا، باعتبارها الدولة المهيمنة في أوروبا آنذاك، قد أهَّل قيادات الجماعة اليهودية في فرنسا لتأسيس وقيادة أول منظمة يهودية في العصر الحديث تعمل في مجال (الدفاع عن حقوق الجماعات اليهودية على المستوى العالمي). ومن ناحية أخرى، لعبت المنظمة دوراً مهماً في خدمة المصالح الاستعمارية الفرنسية، من خلال نشر الثقافة الفرنسية. وكان لآل روتشيلد في فرنسا دور بارز في هذا الاتجاه حيث عملوا على تحويل سياسات (الأليانس إسرائيليت) وعلى التأثير عليها وربطها بالمصالح الاستعمارية الفرنسية آنئذ. كذلك عمل أدولف كريمييه رجل الدولة الفرنسي اليهودي الذي ترأس المنظمة في الفترة(1863 1880) على توثيق التعاون بين المنظمة وبين الخارجية الفرنسية والسلطات الفرنسية في مستعمراتها.
وفي المجال السياسي، تدخلت (الأليانس إسرائيليت) للدفاع عن حقوق يهود روسيا ورومانيا وبلجيكا والصرب. وكان أول إنجاز ناجح لها في ضمان الحقوق المدنية والدينية ليهود سويسرا عام1867. وفي مؤتمر برلين عام 1878، عملت المنظمة بالتعاون مع بعض المنظمات الأخرى على الدفاع عن حقوق يهود البلقان كما اهتمت بأوضاع يهود المغرب وتدخلت لدى سلطان المغرب في مؤتمر مدريد عام 1880 لتحسين أوضاعهم. وبعد الحرب العالمية الأولى، نشطت المنظمة في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919 من أجل حقوق يهود رومانيا وبولندا والمجر وغيرها من الدول المُوقِّعة على معاهدات السلام، كما تدخلت لصالح يهود المغرب العربي ويهود فارس.
كذلك عملت (الأليانس إسرائيليت) في مجال إغاثة ضحايا الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية من أعضاء الجماعات اليهودية في مختلف أنحاء العالم. فساعدت ضحايا يهود شرق أوربا خلال مجاعة عام 1869، كما ساعدت ضحايا الهجمات في روسيا عام 1881 ثم في عامي ( 1903 و1905). كما اشتركت في إغاثة ضحايا الحرب العالمية الأولى وضحايا المجاعة في روسيا عام 1922، كذلك ساعدت ضحايا الكوارث والاضطرابات الطائفية في كلٍّ من رومانيا والمغرب وتركيا ودمشق.

كما شاركت (الأليانس إسرائيليت) في تنظيم ومساعدة هجرة الجماعات اليهودية من شرق أوربا منذ عام 1869، وخصوصاً خلال الهجرة اليهودية الكبرى بعد عام1881، وأسست لجنة في مدينة كونيجسبرج لتنظيم عمليات الهجرة بالتنسيق مع منظمات يهودية أخرى. كذلك، اشتركت المنظمة في عدة مؤتمرات نظمتها المنظمات اليهودية لبحث إمكانات الهجرة والاستيطان في مناطق أخرى غير الولايات المتحدة.وقد تعاونت (الأليانس إسرائيليت) في مسائل الهجرة بشكل خاص مع جمعية الاستيطان اليهودي (إيكا). وبحلول عام 1891، كانت المنظمة قد قررت إيقاف مساعداتها للاجئين اليهود حتى لا تشجع مزيداً من الهجرة.
ومن أهم مجالات نشاط (الأليانس إسرائيليت)، المجالان الثقافي والتعليمي حيث أسَّست شبكة تعليمية واسعة في دول البلقان والشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وحققت تقدماً سريعاً في هذا المجال بفضل دعم البارون موريس دي هيرش الذي قدَّم للمنظمة عام 1874 مليون فرنك ذهب ثم عشرة ملايين فرنك ذهب عام 1889. وقد تأسَّست أول مدرسة لها في مدينة تطوان بالمغرب عام 1862 لحقتها مدارس أخرى في طنجة (1869) ودمشق (1865) وبغداد (1865) وطهران (1898) وتونس (1878) وفلسطين. كما أسَّست مدرسة حاخامية في إسطنبول عام 1897 ومدارس في اليونان وبلغاريا ورومانيا والصرب. وفي عام 1867، افتُتحت في باريس المدرسة الصهيونية الشرقية العليا لتدريب المعلمين، وقد وصل حجم الطلاب الملتحقين بمدارس (الأليانس إسرائيليت) عام 1914 نحو 48 ألف طالب. كما أرسلت المنظمة عدة بعثات لاستطلاع أوضاع يهود الفلاشاه في إثيوبيا عام 1868، وفي اليمن عام 1908. وقد أُغلقت أغلب مدارس (الأليانس إسرائيليت) في دول البلقان عقب الحرب العالمية الأولى ثم تركَّز نشاطها التعليمي منذ ذلك الحين في شمال أفريقيا والشرق الأوسط. وقد واجهت هذه المدارس معارضة من الجماعات اليهودية في هذه البلاد التي كانت تخشى تأثير التعليم الغربي العلماني على الحياة اليهودية التقليدية. وبالفعل، لعبت هذه المدارس دوراً مهماً في نشر الثقافة الفرنسية بين أعضاء الجماعات اليهودية في العالم العربي والإسلامي، وخصوصاً في دول المغرب العربي التي خضعت للاستعمار الفرنسي.

وقد كان للمنظمة نشاط مهم في فلسطين بدأ منذ عام 1867 حيث بدأت في تأسيس سلسلة من المدارس الابتدائية في القدس وحيفا ويافا وصفد وطبرية تقدم تعليماً فرنسياً علمانياً ودينياً. وفي عام 1870، تم تشييد مدرسة (مكفاه إسرائيل الزراعية) بدعم من هيرش وإدموند دي روتشيلد كما فُتحت بعدها، بعدة سنوات، مدرسة في القدس لتدريب اليهود على المهن. وقد كان التدريس يتم باللغة الفرنسية بالإضافة إلى اللغة العبرية. ومما يُذكَر أن مدارس المنظمة في فلسطين هي التي أتاحت الفرصة أمام إليعازر بن يهودا، أبو اللغة العبرية الحديثة، لتطبيق أساليبه الجديدة في تدريس العبرية. وقد اهتمت المنظمة أيضاً بفتح المدارس الثانوية، وكانت أكبرها في حيفا وحملت اسمي إدموند وموريس دي روتشيلد. ومما يُذكَر أن مؤسسي وقادة (الأليانس إسرائيليت) كانوا في بادئ الأمر معارضين للعقيدة الصهيونية، وذلك برغم رفضهم للاندماج (الذليل) الذي يُلغي تماماً أية هوية أو أي انتماء يهودي، ومن ثم تركيزهم على التعليم والتدريب للحفاظ على شخصية اليهود وتحسين أحوالهم. وقد اتهم ديفيد ولفسون رئيس المنظمة الصهيونية العالمية عام 1911 ممثلي (الأليانس إسرائيليت) بالمشاركات في الحركات المناهضة للصهيونية بين الجماعات اليهودية في الدولة العثمانية، كما تبنَّى سيلفيان ليفي الذي أصبح رئيساً للمنظمة عام 1920 موقفاً معادياً للصهيونية في مؤتمر فرساي للسلام عام 1919. وقد كانت (الأليانس إسرائيليت) تتعاون في نشاطها مع المنظمات اليهودية الأخرى المعارضة للصهيونية مثل الجمعية الإنجليزية اليهودية. أما في أعقاب الحرب العالمية الثانية فقد اتخذت اللجنة المركزية لمنظمة (الأليانس إسرائيليت) موقفاً مؤيداً للأهداف الصهيونية في فلسطين وطالب رئيسها رينيه كاسين (عام 1947) لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين السماح لليهود بالهجرة الواسعة واستغلال وتنمية الوطن القومي اليهودي في فلسطين. وبرغم أن المنظمة لم تدخل في صراع مباشر ضد العرب الفلسطينيين لأن نشاطها لم يأخذ شكلاً سياسياً مباشراً إلا أنها ساعدت على تحقيق الأهداف السياسية للحركة الصهيونية وذلك بشراء الأراضي في فلسطين وتحويل عديد من صغار الملاك العرب إلى أجراء والإسهام في استيعاب المهاجرين اليهود من شرق أوربا في مستوطنات زراعية.

ومع تنامي حركات التحرُّر الوطني في العالم العربي واشتداد الصراع حول فلسطين، أصبح وضع (الأليانس إسرائيليت) في هذه البلاد حرجاً. ومع الإعلان عن قيام الكيان الصهيوني عام 1948، ثم حصول دول المغرب العربي على استقلالها من فرنسا وما أعقب ذلك من هجرة أغلب أعضاء الجماعات اليهودية من المنطقة العربية خلال الخمسينيات متجهين سواء إلى فلسطين المحتلة أو إلى فرنسا أو غيرها من الدول، أُغلقت أغلب مدارس (الأليانس إسرائيليت) في العراق وسوريا ومصر، كما تقلَّص عددها في دول المغرب العربي. أما في فلسطين المحتلة، فقد أصبحت مدارس (الأليانس إسرائيليت) خاضعة للنظام التعليمي الصهيوني وأصبحت لغة التدريس فيها العبرية.
وقد زادت المنظمة من اهتمامها خلال الستينيات بالعمل داخل فرنسا، وخصوصاً أن جزءاً كبيراً من يهود المغرب العربي هاجروا واستقروا بها، كما تحتفظ بمكتبة مهمة في باريس تضم أكثر من 30 ألف مجلد وعدداً من المخطوطات النادرة.

- منظمة (التحالف الإسرائيلي في فيينا):

منظمة (التحالف الإسرائيلي في فيينا) ، ومعناها بالعبرية (الأليانس إسرائيليتش ذو فين)، منظمة يهودية تأسَّست في فيينا عام 1873، بهدف الدفاع عن الحقوق المدنية والدينية للجماعات اليهودية وتنمية مجتمعاتهم من خلال التعليم. وكان مقرراً في بداية الأمر أن تعمل هذه المنظمة كفرع لمنظمة (الأليانس إسرائيليت) في باريس ولكنها تأسست كمنظمة مستقلة بسبب رفض السلطات النمساوية التي كانت ترتاب في نوايا (الأليانس).
من أبرز مؤسسيها وأول رئيس لها جوزيف فون فيرتهايمر. وقد اهتمت هذه المنظمة بمساعدة يهود رومانيا والصرب، واشتركت في إغاثة ضحايا الحرب الروسية التركية اليهود (1877)، كما أيدت (الأليانس إسرائيليتش) في جهودها للحصول على الحقوق المدنية ليهود البلقان وتبنت قضيتهم خلال مؤتمر برلين عام 1878. كذلك اشتركت المنظمة في تنظيم هجرة يهود روسيا بعد أحداث عامي 1881 و1882 وهجرة يهود رومانيا الكبرى في الفترة بين عامي 1900 و1902، ونظمت عمليات الإغاثة ليهود روسيا بعد أحداث كيشينيف عام 1903. وقد قامت المنظمة بهذه الأنشطة بالتعاون مع جمعية الاستيطان اليهودي (إيكا). كذلك اهتمت المنظمة بمحاربة معاداة اليهود (خصوصاً تهمة الدم)، كما أقامت مؤسسات تعليمية في جاليشيا وبوكوفينا. وخلال الحرب العالمية الأولى، اشتركت (الأليانس إسرائيليتش) في إغاثة ضحايا الحرب من اليهود (أكثر من 100 ألف لاجئ من جاليشيا على وجه الخصوص). وبعد الحرب، شاركت المنظمة في تنظيم الهجرة اليهودية عبر الأراضي النمساوية.
وقد تمت تصفية منظمة (الأليانس إسرائيليتش) عام 1938 بعد ضم ألمانيا النازية للنمسا.

- جمعية (فرسان الهيكل):

جمعية استيطانية صهيونية ذات ديباجة مسيحية، لعبت دوراً كبيراً في إنشاء العديد من "المستوطنات" منها: "مستوطنة" يافا (1869) و"مستوطنة سارونا" على طريق "تل أبيب" يافا (1871)، و"مستوطنة ريفايم" (1872) التي صارت مقر إدارة الجمعية (1878)، و"مستوطنة فالهالا" (1892)، و"مستوطنة فيلهلما" (1902). وقد اشتقت الجمعية اسمها من جماعة فرسان الهيكل الأولى، وهم جماعة من الفرسان الرهبان ظهروا في فلسطين عام 1118 بعد وصول حملات الفرنجة لأرض الشام بما لا يزيد على عشرين عاماً، وكوَّنوا جماعة وظيفية قتالية استيطانية في العالم الإسلامي، وجماعة وظيفية مالية وسيطة في العالم الغربي. وقد كانت العلاقة بين العالم المسيحي في العصور الوسطى وجماعة فرسان الهيكل علاقة نفعية. وقد دخل الفرسان صراعاً مع كل من الكنيسة والسلطة الزمنية، لكن كلاًّ منهما تَحمَّل استقلالية الفرسان على مضض طالما كانت ثمة وظيفة لهم. وبانتفاء الغرض الذي قامت من أجله جماعة فرسان الهيكل، ومع فقدانها وظيفتها بعد سقوط عكا في يد المسلمين عام 1292، لم يَعُد هناك مجال للاستمرار في العلاقة فهجمت السلطة الزمنية (بتشجيع من الكنيسة) على الفرسان واتهمتهم بالهرطقة وقامت بتعذيبهم ومصادرة أموالهم وتشريدهم وقُتل رئيسهم جاك دي مولاي عام 1312 بأمر من فيليب الجميل ملك فرنسا وبمباركة من البابا كلمنت الخامس، واستولى فيليب الجميل على ثروة فرسان الهيكل وتمكَّن من إضعاف سلطة النبلاء وتقوية الدولة.
وتعود جمعية فرسان الهيكل الحديثة إلى حركة الأتقياء التي ظهرت في ألمانيا في القرن السابع عشر كحركة إصلاحية في الكنيسة الإنجيلية أكدت دراسة الكتاب المقدَّس وأكدت الإلهام الديني المباشر والذاتي. وقد استمرت هذه الحركة حتى القرن 19 وتركزت حول تيوزوفن بنجل الذي بشَّر بقيام (مملكة الرب وعودة المسيح إلى الأرض) في أعقاب كوارث مريعة سببها الابتعاد عن الروح المسيحية. وتَوقَّع بنجل عودة المسيح عام 1836 بعد ظهور المسيح الدجال متمثلاً في شخص نابليون بونابرت. وعندما حلت مجاعة بمملكة فورتمبرج عام 1817، دعا بنجل أتباعه إلى الهجرة إلى الشرق، فهاجر آلاف الفلاحين من هذه المملكة إلى جنوب روسيا حيث رحب بهم قيصر روسيا ألكسندر الأول.

وقد رأت مملكة فورتمبرج في هجرة مواطنيها خطراً يتهددها، ولذا لجأت إلى إنشاء جمعيات خاصة للمتدينين ذات استقلال ذاتي. وكانت أولى تلك الجمعيات تحت رئاسة جوتليب هوفمان والد كريستوف هوفمان مؤسس جمعية الهيكل الألمانية، الذي وجد أن ازدياد نفوذ الاتجاهات الليبرالية والثورية في البرلمان القائم في فرانكفورت دليل قاطع على سيطرة الاتجاهات الشيطانية بسبب فشل الكنيسة الإنجيلية في رسالتها. ولذا، دعا هوفمان إلى إقامة كنيسة جديدة مستقلة، وساعده في هذا صديقاه جورج ديفيد هارديج وعمانويل باولوس.
ومع اندلاع حرب القرم عام 1853، اعتقد هوفمان أن الوقت قد حان لإقامة (مملكة الرب) وسَلْخ (أرض الميعاد) في فلسطين عن الإمبراطورية العثمانية المتداعية وجَعْلها موطناً لـ(شعب الله المختار) تنفيذاً للوعود التوراتية. وقد فسَّر هوفمان هذه الوعود بأنها ليست لليهود ولكن للشعب المسيحي الإنجيلي.
ومن ثم، شكَّل هوفمان جمعية تحت اسم (أصدقاء القدس) عام 1854 دعت إلى اتخاذ الوسائل والتدابير لوضع مشروعه موضع التنفيذ. وطرح هارديج فكرة السعي لدى البرلمان الألماني في فرانكفورت من أجل التأثير على السلطان العثماني للسماح للألمان باستيطان فلسطين واستعمارها من أجل إيجاد عمل للمتعطلين من الألمان، وكان شعاره هو (ينبغي إيجاد عمل للشعب الألماني)، بمعنى أنه اكتشف الحل الاستعماري لمشاكل أوروبا، وهو تصديرها للشرق. وقد تبنت الجمعية اقتراح هارديج بالإجماع.
وبناءً على ذلك، كتب هوفمان مشروع دستور للجمعية الجديدة أسماه (مشروع دستور شعب الله) وسُمِّيت الجمعية (جمعية تجميع شعب الإله في القدس). ثم قام هوفمان وهارديج برحلات عديدة في أوروبا للدعوة لهذه الجمعية حيث لاقت دعوتهم بعض القبول وتبرعت بعض الأسر الثرية بالأموال لشراء الأراضي لتكون مواضع لتجميع شعب الإله قبل الانطلاق لاستعمار فلسطين. وقد أدَّت المجاعة التي أصابت فورتمبرج إلى انضمام العديد من الأنصار إلى الجمعية.
ومع انتهاء حرب القرم عام 1856 وعدم انهيار الإمبراطورية العثمانية كما تَوقَّع هوفمان، شنت الكنيسة الإنجيلية حملة شديدة على الجمعية، الأمر الذي أدَّى إلى تَقلُّص عدد أعضائها تدريجياً.

وقد دخل هوفمان وأنصاره، نتيجة هذا الهجوم الشرس، معركة كبرى مع الكنيسة الإنجيلية، وهو ما أدَّى إلى طردهم منها عام 1859. ولهذا، فقد أنشأوا طائفة دينية خاصة بهم دعاها هوفمان (الهيكل الروحي). وأدَّى انشقاق الجماعة إلى اشتداد الحملة الكنسية عليها الأمر الذي أدَّى إلى انفضاض الأتباع عنها. لكنها استطاعت أن تستمر وتحافظ على كينونتها، بفضل وجود أتباع كثيرين لها بين المهاجرين الألمان في أمريكا الشمالية وجنوب روسيا.
وقد أُعيد تنظيم الجماعة عام 1861 تحت اسم (جماعة الهيكل الألمانية) وكان شعارها (من أجل تجديد الحياة الدينية والاجتماعية لشعب الإله). وكان من الطبيعي أن تتم عملية التجديد هذه من خلال صيغة صهيونية واضحة: خروج (الشعب المختار)، أو (البقية الصالحة)، من أرض السبي والمنفى (أوروبا التي تسودها الآثام الأخلاقية والبطالة) دخول (أرض الميعاد أو صهيون)، أي استعمار فلسطين قيام مجتمع مثالي (صهيوني) يتسم بصفتين: أن يكون طابعه ألمانياً فاقعاً وسُمِّيت إحدى "المستوطنات" (فالهالا)، أي قاعة الآلهة التيوتون التي يقيمون فيها الولائم بعد أن يقضوا يومهم في الحرب والقتال، كما سُمِّيت مستوطنة أخرى ( فيلهلما)، أي (الوليامية )، نسبة إلى (فلهلم أو وليام قيصر ألمانيا)، وأن يتسم المجتمع المثالي الجديد أيضاً بأنه مستقل عن المحيط العربي، فيكون مجتمعاً صهيونياً "استيطانياً" وربما إحلالياً غير يهودي. وسيقوم المجتمع الجديد بتمثيل مصالح ألمانيا في الشرق، وستقوم هي بحمايته، أي أن المجتمع الجديد دولة وظيفية.

وقد أنشأت الجمعية علاقات وثيقة مع جمعيات صهيونية غير يهودية مماثلة في أوروبا بغرض استعمار فلسطين، من أهمها العلاقة بين هارديج وهنري دوتان السويسري مؤسس الصليب الأحمر والذي أسَّس جمعية تحت اسم (جمعية العمل الدولي من أجل تجديد فلسطين) وكانت تدعو إلى هيمنة المسيحيين (أي الاستعمار الغربي) على فلسطين عن طريق "الاستيطان" السلمي (أي التسلل). ولهذا، فقد سعى دوتان لدى السفير العثماني في باريس (جمال باشا) ولدى الوزير الفرنسي المفوض في إسطنبول (المسيو بوريه) من أجل الضغط على الباب العالي للسماح للمستعمرين الألمان من جمعية فرسان الهيكل بشراء الأراضي في فلسطين والاستقرار بها. وقد أدَّت ضغوط دوتان إلى موافقة الباب العالي على هذا عام 1868، وقام دوتان بإبلاغ هارديج بهذا الانتصار. ومن ثم، سافر هوفمان وهارديج مع أسرتيهما إلى فلسطين والتقيا في الطريق مع العديد من الدبلوماسيين الأوروبيين الذين زودوهما بنصائح عن كيفية التعامل مع الباب العالي وبينوا لهما ضرورة عدم التجنس بالجنسية العثمانية حتى يتمتعوا بالحماية الأوروبية (كما فعل "المستوطنون" الصهاينة اليهود بعدهم). وكان أحد الأسباب التي شجعت هوفمان وهارديج على البدء بمشروعهما "الاستيطاني" هو القانون العثماني الذي صدر في 1867 مبيحاً للأجانب حق تملك الأرض في المدن والريف في الولايات العثمانية كافة.
وعند وصولهما إلى حيفا عام 1868، قام هوفمان وهارديج بالتحايل على رفض الباب العالي الموافقة لهما على شراء الأراضي في حيفا عن طريق وسيط عثماني، وبدأ عام 1869 في بناء أول "مستوطنة" ألمانية في فلسطين من البحر حتى سفح جبل الكرمل (افتُتحت رسمياً عام 1870).
وقد حرص هوفمان وأتباعه على بناء "المستوطنة" على النسق الأوروبي مع المحافظة على علاقاتهم بالوطن الأم في ألمانيا. وقد نمت تلك "المستوطنة" حتى وصل عدد سكانها عام 1914 إلى 750 نسمة.

لكن الدعوة للهجرة من ألمانيا بدأت تتوقف، وخصوصاً بعد تَحسُّن الأحوال الاقتصادية في ألمانيا نفسها، بعد تحقُّق الوحدة الألمانية التي تلت انتصار ألمانيا على فرنسا عام 1871، إذ تحولت ألمانيا إلى دولة عظمى في أوروبا وبدأ الاهتمام بالحصول على مستعمرات أفريقية، واتجهت السياسة الألمانية إلى التحالف مع العثمانيين في مواجهة الإنجليز والروس، ولذا لم تحاول ألمانيا دَعْم فرسان الهيكل كثيراً. وانتهت الهجرة تماماً بحلول عام 1875. وقد أدرك المستوطنون هذا وتوقفوا عن السعي لتحقيق غايتهم المنشودة وهي تجميع (شعب الإله في القدس) وإقامة (مملكة الرب)، وتَركَّز اهتمامهم على تحسين أحوالهم المعيشية.

وفي عام 1874 دبت الخلافات بين المؤسسين حتى انفصل عنهم هارديج وشكَّل رابطة الهيكل. وكانت العلاقة بين "المستوطنين" وبين السكان العرب متوترة. وقد حدثت مشادة بين عربي و"مستوطن" ألماني، فقتل "المُستوطنُ" العربي، وانتقم أهله له، وهو ما دعا "المستوطنين" إلى طلب حماية ألمانيا التي سارعت بإرسال بارجة حربية لشواطئ فلسطين في سابقة لم تحدث من قبل. ولكن التوتر بين "المستوطنين" والسكان الأصليين أدَّى إلى مزيد من تقليص الدعم الألماني "للمستوطنين"، وذلك نظراً لأن ألمانيا كانت تود تحسين علاقاتها مع الباب العالي. وقد صدرت تعليمات مشددة من الخارجية الألمانية باعتبار "المستوطنين" ليسوا ألماناً، ما لم يرسلوا أبناءهم لأداء الخدمة العسكرية. وبعدئذ، حاول "المستوطنون" الألمان، أكثر من مرة، لفت نظر الحكومة الألمانية إلى أهمية فلسطين وإلى الضرر الذي قد يلحق بألمانيا إن وقعت فلسطين تحت السيطرة الفرنسية، بيد أن موقف الحكومة الألمانية كان مخيباً لآمال "المستوطنين". وقد اتخذت جماعة فرسان الهيكل موقفاً معادياً من "المستوطنين" اليهود لاعتبارات عدة دينية وسياسية واقتصادية. فمن الناحية الدينية، رفض هوفمان اعتبار اليهود (شعب الإله) لأنهم غارقون في الدنس، ومن الناحية الاقتصادية اعتبرهم فرسان الهيكل منافسين خطرين، ومن الناحية السياسية خشي فرسان الهيكل من سيطرة اليهود على مقدرات الحياة في فلسطين لحُسْن تنظيمهم وقدراتهم المالية.

وفي المقابل، استفاد الصهاينة من تجربة فرسان الهيكل في كيفية بناء "المستوطنات" والتنظيم على النسق الأوروبي وطالبتهم الصحف الصهيونية باتخاذ موقف متسامح ومتفهم للمصالح المشتركة بين اليهود والألمان. وقد ساعد على تحسُّن العلاقة، ولو لفترة قصيرة جداً، أن الحركة الصهيونية قبل وعد بلفور كانت تتطور في ألمانيا والتزم فرسان الهيكل بالسياسة الألمانية الرسمية في دَعْم الصهاينة في محاولة منهم للتقرب من الحكومة الألمانية. ولكن الحرب العالمية الأولى جاءت واتجه الصهاينة إلى الحلفاء ضد دول الوسط، وبعدئذ سقطت فلسطين في أيدي الإنجليز لتُنهي كل علاقة طيبة بين فرسان الهيكل والصهاينة، بل لتنهي المستعمرات الألمانية في فلسطين.

ومن الأمور التي قد تكون طريفة ودالة في آن واحد أن بقايا فرسان الهيكل قد أصبحوا نواة الحزب النازي في فلسطين في الثلاثينيات واختفوا تماماً مع سقوط النازية.
وأهمية جمعية فرسان الهيكل تَكمُن في أنها تُبلوِّر النموذج الصهيوني بشكل لم يتحقق من قبل، وربما لن يتحقق من بعد (بسبب صغر حجم التجربة).
مع الإشارة إلى أن التجربة الصهيونية الألمانية (غير اليهودية) تسبق التجربة (الصهيونية اليهودية) وهي في هذا تعبير عن أسبقية (الصهيونية ذات الديباجات المسيحية) و(صهيونية غير اليهود العلمانية) على (الصهيونية ذات الديباجة اليهودية).
ومن الأمور التي تستحق التأمل التشابه الكامل بين (الصهيونيتين) رغم اختلاف الشخصيات التي قامت بتنفيذ كل منهما: ففرسان الهيكل (مسيحيون) والصهاينة (يهود). ولعل هذا يعود إلى أن إشكالية الصهيونية هي إشكالية كامنة على المستوى الحضاري والمعرفي في الحضارة الغربية، ولذا فهي نموذج نهائي قادر على التهام أشكال الخطاب الديني المختلفة (يهودياً كان أم مسيحياً) لتعيد إنتاجه على هيئة مشروع لا ديني يستخدم ديباجات دينية.
[/align]


(يتبع)


نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع أسماء بوستة
 [frame="15 85"]
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إن لم يكن دينه إلى ديني دان
لقد صار قلبي قابلا كل صورة :
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني و إيماني
إبن عربي
[/frame]
أسماء بوستة غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الإرهاب الصهيوني، فلسطين، دراسات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (1) أسماء بوستة قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية 2 22 / 10 / 2009 43 : 11 PM
الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (6) أسماء بوستة قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية 0 22 / 10 / 2009 29 : 03 AM
الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (5) أسماء بوستة قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية 0 22 / 10 / 2009 17 : 03 AM
الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (4) أسماء بوستة قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية 0 20 / 10 / 2009 11 : 11 PM
الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (3) أسماء بوستة قصص و شهادات عن الجرائم الصهيونية 0 20 / 10 / 2009 08 : 10 PM


الساعة الآن 07 : 06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|