أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي
الإرهاب صناعة صهيونية (دراسة من إعداد أوس داوود يعقوب) الجزء (6)
[align=center]الإرهاب صناعة صهيونية (6)[/align]
[align=center][/align]
[align=center]بقلم - أوس داوود يعقوب[/align]
[align=justify] * المنظمات الإرهابية الصهيونية في ثمانينيات القرن الماضي:
إن محاولة فهم الحركات والجماعات والمنظمات الإرهابية الصهيونية، التي تأسست وبرزت في مطلع ثمانينات القرن الماضي، بصورة صحيحة لا يمكن أن تتم دون وضع هذه الجماعات في سياق تراث الإرهاب الصهيوني السابق، وهو تراث تمتلك هذه الجماعات حساً عالياً تجاهه. وقد حملت أكثر من عملية إرهابية تسميات ذات دلالة تاريخية بالنسبة لتراث الإرهاب الصهيوني قبل عام 1948، مثل تسمية إحدى عمليات منظمة (إرهاب ضد إرهاب "ت. ن. ت")، بلقب شلومو بن يوسف (الإرهابي الصهيوني عضو منظمة "إتسل" الذي أعدمه البريطانيون لارتكاب حادث مماثل في الثلاثينيات). وقد قام كثير من إرهابيي الجماعات الجديدة، ممن جرى التحقيق معهم، بالتأكيد على أن ما يقومون به متصل تمام الاتصال مع تراث الإرهاب الصهيوني السابق. حيث كانت الإجابات تأتي على النحو التالي: (لقد عملنا كما عمل سابقاً في "إتسل والهاجاناه وليحيل" كل من بن جوريون وبيجين وشامير).
ولقد تساءل الإرهابي الصهيوني أندي جرين، عضو منظمة (إرهاب ضد إرهاب "ت. ن. ت")، في مقابلة منشورة بالصحافة الصهيونية قائلاً: (لا أستطيع أن أحصي عدد الشوارع التي تحمل اسم "ديفيد رازل" الذي زرع قنبلة في سوق عربي عام 1939 فقتل 20 شخصاً. وإذا كان ما فعله هو الصواب، فكيف يصبح ما أفعله أنا من قبيل الخطأ؟!).
وتبين كافة المعطيات أن هذه الحركات والجماعات والمنظمات مرتبطة تماماً "بالاستيطان"، ويتصاعَد نشاطها مع تصاعُد النشاط "الاستيطاني". ولذا فليس غريباً أن نجد أن "المستوطنات" هي الأرضية الديموجرافية لحركات وجماعات ومنظمات الإرهاب الجديدة ولعضويتها. ومما يجدر ذكره أن حركات "الاستيطان" النشيطة مثل حركة (جوش إيمونيم) والأحزاب الأعلى صوتاً في الدعوة السياسية "للاستيطان" مثل (هتحيا وتسوميت) توفر الإطار السياسي لهذه المنظمات.
- رابطة (صندوق جبل البيت):
حركة صهيونية عنصرية، متطرفة أعلن عن تأسيسها عام 1983، وهي تمارس أنشطتها في الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومركزها الرئيسي في القدس المحتلة.
تمول هذه الحركة من قبل التجمعات المسيحية الصهيونية المتطرفة في أمريكا عموماً، وفي كاليفورنيا بالذات ويترأسها رجل الأعمال الأمريكي الثري (تاري أزينهوفر) وتضع على رأس مستهدفاتها العمل على هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل الثالث في موقعه وتنشيط عمليات احتلال الأراضي العربية وقد أكد هذا التوجه عضو الكنيست عن الليكود (يهودا بيرح) الذي أعلن يوم 22/ 1/ 1983 أن رابطة (صندوق جبل البيت) ستتبرع بعشرات الملايين من الدولارات "للاستيطان" في (يهودا والسامرة) أي أراضي الضفة الغربية، وأن الرابطة تضع نصب عينيها هدفاً أساسياً هو (إعادة بناء الهيكل الثالث في نطاق جبل البيت).
- ميليشيات (المدارس الدينية):
مجموعات إرهابية تضم طلاب (اليشيفوت)، أي المعاهد الدينية اللاهوتية في الكيان الصهيوني، الذين نظموا أنفسهم لتحقيق غاية واحدة هي قتل الفلسطينيين.
وهذه المدارس تضم عشرات الآلاف من الطلاب ويتم تجنيدهم وتدريبهم على استعمال السلاح في إطار مدارس خاصة تكفل لهم إضافة إلى هذا عدم الانقطاع عن الدراسات التوراتية والتلمودية.
- منظمة (سكان الدقائق الخمس):
مركزها (مستوطنة كفار سابا)، وهي مجموعة شديدة التطرف بالغة العدوانية تميل إلى إثارة المشاكل وافتعال أسباب العنف ضد الفلسطينيين والفوضى باستمرار.
- منظمة (سيودس شيسون):
تتلقى هذه الجمعية الدعم من وزارة المعارف الصهيونية وبلدية القدس ووزارة الحرب الصهيونية، وتعمل من أجل تعميق الوعي إزاء (الهيكل والقدس لدى الشعب اليهودي عامةً ولدى الجيش خاصة، وتهدف إلى الاستيلاء على المسجد الأقصى).
- حركة (حبّاد):
حركة صهيونية متطرفة، مهمتها (إنشاء أجيال من الكهنة ليخدموا الهيكل، وتربية البقر الأحمر لإلغاء الدنس، وتمكين اليهود من الدخول إلى الهيكل)، وتقوم الحركة بتنشئة الأطفال في قرية (حاريدية) قرب مدينة القدس وفقاً لمتطلبات الديانة اليهودية، على حد زعمهم، أما (البقر الأحمر) فتتم تربيته في قرية (حسيديم).
- حركة (نساء من جبل الهيكل المقدس):
يترأّس هذه الحركة الصهيونية المتطرفة ميخال أبيزر، وهي ربّة منزل تدعي (الحاخامية)، ومن سكان (مستوطنة هكريوت). وتعمل الحركة على جمع المجوهرات والذهب من النساء اليهوديات استعداداً لبناء الهيكل المقدّس، وتوضع هذه التبرعات في خزنة (معهد الهيكل).
- حركة (جبل البيت السرية):
إحدى الحركات الصهيونية المتطرفة، التي عملت بسرية، وكانت تركز نشاطها باتجاه العمل على هدم المسجد الأقصى، وإعادة بناء الهيكل الثالث في مكانه، وهي تحقيقاً لهذا الغرض تؤمن بضرورة طرد الفلسطينيين من أراضيهم، لكي تصبح (أرض "إسرائيل" الكبرى) خالصة لليهود الأصوليين والصهاينة.
وقد اكتشفت هذه الحركة في آذار (مارس) 1983، عقب اعتقال 45 شاباً من المتدينين الأصوليين الذين كانوا يعدون العدة لاقتحام ما يسمونه (جبل البيت) و"الاستيطان" فيه بقوة السلاح.
وكان الكثير من هؤلاء الشبان يحملون لدى اعتقالهم أسلحة تسلموها من المؤسسة العسكرية الصهيونية بمعرفة قيادات بارزة في جيش العدو، وقد تم اعتقالهم في منزل الحاخام يسرائيل أرئيل، وأطلقت عليهم أجهزة الإعلام الصهيونية اسم حركة (جبل البيت السرية) أو حركة (الحاخام أرئيل السرية) نسبة إلى زعيمها الحاخام يسرائيل أرئيل.
- جماعة (أبناء يهودا):
جماعة من اليهود المتطرفين غريبي الأطوار والعادات غيبية الرؤى، تستوجب عقائدهم الغريبة المشي ووجوههم دائماً في اتجاه الشمس أياً كان موقعها من السماء.
وقد اختارت هذه الجماعة الغريبة خرائب قرية لفتا العربية في المشارف الغربية لمدينة القدس للاعتكاف بها نظراً لتواجد ينابيع للمياه، وتقوم الجماعة بممارسة طقوس الطهارة فيها، ويعتبر أعضاء هذه الجماعة أنفسهم رسل السيد المسيح (عليه السلام).
وقد حاول عناصر جماعة (أبناء يهودا) في أواخر شهر كانون الثاني (كانون الثاني / كانون الثاني / كانون الثاني / يناير) 1984 تهريب صناديق من المتفجرات إلى ساحة المسجد الأقصى وقبة الصخرة لتدميرهما، وقد اكتشف الحراس الفلسطينيون الأمر، وأحبطوا عملية التفجير في الوقت المناسب، وقد أثبتت التحقيقات الصهيونية سعي الجماعة لقصف الحرم القدسي باستخدام طائرة من الجو.
وأثناء التحقيق مع أفرادها اعترف أحد المتهمين بأنه ( قبل حوالي أربع سنوات بدأت بالتفكير بضرورة تطهير "جبل الهيكل" من التواجد الإسلامي فيه، واليوم أرى في هذه المهمة هدفاً ومحوراً ورايةً في سبيل "إسرائيل" ونحو الخلاص.. كان من واجب الدولة أن تفعل ذلك حالاً وأثناء حرب الأيام الستة).
وقد ثبت من التحقيقات أن أفراد الجماعة تلقت فتاوى من حاخامات متطرفين باركوا هذا المسعى الإجرامي، وبرر بعض قيادتها مسلكهم هذا أمام المحكمة الصهيونية المركزية في مدينة القدس المحتلة.
- حركة (الاتجاه الثالث):
حركة "استيطانية" احتجاجية جديدة، أنشئت عام 1995 بفضل مساندة دان شوبرون رئيس أركان جيش العدو الأسبق ونائبين آخرين من نواب حزب العمل في الكنيست هما أفيجدور كهلاني وعمانويل زيسمان وكلاهما من الضباط القدامى. وقد أعلنت الحركة عن هدفها وهو (معارضة إعادة الجولان للسوريين)، ثم وسعت برنامجها لكي يضموا فيه سائر الأراضي المحتلة الأخرى.
ويسعى أتباع هذه الحركة إلى تمييز أنفسهم عن أنصار ("إسرائيل" العظمى)، وعمن يطلقون عليهم (اليساريين أنصار الخضوع الكامل لمطالب العرب).
وقد صوت نائبا الحركة في الكنيست ضد اتفاقية أوسلو، وتقترح الحركة تجميع المناطق الفلسطينية المتفرقة حالياً في تجمعات أوسع مركزة حول نابلس ورام الله وبيت لحم والخليل، وتربط بينها جميعاً شبكة من الممرات الضيقة الأمر الذي يضمن صراحة لسلطات الاحتلال ميزة السيطرة على مصادر المياه المتوافرة في الضفة، علاوة على احتفاظها بالرصيد العمراني الهائل الذي شيدته في أكبر عشرين "مستوطنة" صهيونية مثل: (أريال كروحيم وأوتاريم وجيفات زييف ومعالي أدوميم وبيتار وإيفرات)، كما أن من شأن هذا الاتجاه أن يدعم الصلة مع "مستوطنات" وادي الأردن، ذات الأهمية الإستراتيجية البالغة للكيان الصهيوني.
- جمعية (تجديد "الاستيطان" اليهودي في مدينة القدس القديمة كلها):
تسمى هذه الجمعية باللغة العبرية (عطر اليوشنا)، وقد اعتبرها المراقبون أهم أداة تحققت بوساطتها أهداف "الدولة العبرية" الديموغرافية في الأحياء الإسلامية من المدينة القديمة في أواسط الثمانينيات، وقد تأسست الجمعية عام 1979 من أجل استرجاع وبعث وتجديد "الاستيطان" اليهودي في تلك الأحياء التي ليست أقل يهودية من الحي اليهودي نفسه. وقد ركزت الجمعية جهودها على تحقيق عملية الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية التي لا زالت بين أيدي الفلسطينيين في المدينة القديمة بكل السبل الممكنة ومصادرة ما تبقى من أملاك فلسطينية وإحلال مُلاك يهود محلهم. ومن أبرز أنشطتها احتلال منازل في طريق الواد، واحتلال دير (مار يوحنا) في حارة النصارى بدعم من قوات الجيش الصهيوني.
- جماعة (تاج الكهنة):
جماعة (تاج الكهنة)، ومعناها باللغة العبرية (عطيرت كوهانيم)، أسسها ضابط سابق في الجيش الصهيوني من المتطرفين، يدعى متتياهو هاكوهيني، وهو أحد "مستوطني" مرتفعات الجولان، وجاء تأسيس الجماعة عام 1978 على هيئة مؤسسة تعليمية دينية (يشيفا) يقودها الحاخام شلومو أفينز. وأبرز عناصرها هم من صفوف القوميين – الدينيين. وتعتبر (يشيفا) النخبة الأصولية من عناصر حركة (جوش إيمونيم) العنصرية، وهي تكثف جهودها في دراسة الطقوس الكهنوتية التلمودية التي كانت متبعة في (هيكل سليمان) استعداداً وتحضيراً لمجيء (المسيح المخلص) مثلما أوضح ذلك الحاخام جافتس حاييم.
وقد قدرت صحيفة (جورزالم بوست) في بداية عقد التسعينيات عدد عناصر الجماعة بمائتي فرد، وهي تحظى بدعم مالي حكومي ضخم، وتقوم إضافة إلى نشاطاتها اللاهوتية بامتلاك الأراضي العربية، وهي تفضل العمل بصمت، بعيدة عن الضجيج الإعلامي الملفت للأنظار، وتؤمن مثلما يقول الحاخام أفينز بـ(وجوب أن تكون على استعداد للقيام بالشعائر الدينية عندما يبنى الهيكل)، وتعد نفسها وجمهورها كذلك للحظة التي يتحقق فيها هدفهم لأنه من وجهة نظرها (إذا شاء الجمهور أن يكون الهيكل فسيكون).
- جماعة (توراة كوهانيم):
تشبه في أفكارها وأيديولوجيتها عقائد جماعة (تاج الكهنة)، وتنذر نفسها لدراسة المعارف المتعلقة بـ(هيكل سليمان)، وكذلك السعي إلى امتلاك ما يمكن امتلاكه في الأحياء الإسلامية في مدينة القدس القديمة.
وتنتمي الجماعة إلى اليمين السياسي القومي الديني، وهي قريبة من حركة (جوش إيمونيم) "الاستيطانية"، وتعمل على اجتذاب طلاب (الهسدير) أي (الشباب الصهاينة الذين يخدمون فترة تجنيدهم في دراسة التوراة والتفقه في الشريعة، والمعروفين بالهالاخاه).
- حركة (إسرائيل الفتاة):
تنظيم عنصري "للمستوطنين" المتطرفين يتزعمه الحاخام نحمان كاهانا شقيق الحاخام العنصري مائير كاهانا زعيم حركة (كاخ). ويدرس الحاخام كاهانا لعناصر حركته خليطاً من لاهوت (إسرائيل الكبرى) وبعض المعارف المتعلقة (بهيكل سليمان).
وقد أقدم عناصر الحركة على شن سلسلة اعتداءات عنيفة ضد الفلسطينيين.
وقد اتهم ابن الحاخام نحمان كاهانا بإطلاق الرصاص من بندقيته الآلية على حشد من الفلسطينيين بمدينة القدس القديمة، وهي تستهدف الفلسطينيين في المواقع الإسلامية، وتنظم رحلات استفزازية لزيارة الأماكن الإسلامية المقدسة، كما توزع بطاقات بريدية تحمل صورة (الهيكل الثالث) في موقع الحرم الشريف وقبة الصخرة.
- حركة (هذه الأرض لنا):
حركة (هذه الأرض لنا) هي إحدى الحركات اليمينية حديثة المنشأ، أعلن عن تأسيسها في ديسمبر 1993 حين اجتمع مؤسسوها في حي (نفى عليزا) بـ(مستوطنة جينون سمرون) في الضفة الغربية بهدف تأسيس حركة تسلك طريق العصيان المدني، وبالرغم من نظرة الاستخفاف التي قوبل بها أعضاء الحركة فترة الإعلان عن تأسيسها، إلا أن حجم التأثير الواسع الذي أحدثته ألقى أضواء هامة وكاشفة على الأصول الإيديولوجية لها. وقد اعترف موشى فيجلن، وهو خبير كمبيوتر في الثلاثينات من عمره، بانتماء حركته إلى معسكر اليمين المتطرف نافياً أن يكون أعضاؤها من أتباع حركة الحاخام مائير كاهانا، قائلاً: (لسنا سياسيين في الحركة ولا ننتمي إلى الحركات السياسية ولا علاقة لنا بكاهانا أو غيره ولكن إن شئتم: نحن كل هؤلاء في ذات الوقت).
وقد عمد أعضاء الحركة إلى السيطرة على مواقع خالية، لبناء "مستوطنات" جديدة فيها وهو ما دعمه الحاخام بني ألون، أحد منظري الحركة، والذي يدير حلقة دينية في (مستوطنة بيت إيل) القريبة من مدينة رام الله.
كما تركزت أنشطة الحركة على دعم منظمات "الاستيطان" المتطرفة، وأعلن الحاخام ألون أن العصيان المدني أصبح الطريق الوحيد المتبقي أمامهم لأنهم يشعرون بأزمة نتيجة عدم سماع إسحاق رابين لمطالبهم. قائلاً: (عندما يكون ظهرك للحائط يجوز لك استخدام العصيان المدني شرط أن تكون مستعداً لدفع الثمن والمكوث في السجن).
وفعلاً صعدت الحركة مواجهتها مع حكومة رابين في أوائل شهر آب/ آب / آب / آب / أغسطس عام 1995، حيث قام الآلاف من "المستوطنين" المتطرفين ذوي القبعات السوداء بحركة عصيان شاملة احتجاجاً على المفاوضات الجارية بين حكومة رابين ومنظمة التحرير الفلسطينية، وصعدوا من تحركاتهم باحتلال 15 تلة محاذية "لمستوطنات" في الضفة الغربية فيما عرف بـ(حرب التلال)، وتصاعدت الصدامات الدموية بين المتطرفين الصهاينة والفلسطينيين جراء هذا العدوان الاستفزازي، بعد أن استولى "المستوطنون" على العديد من المواقع الأمامية التي أقيمت على طرق الضفة الغربية في ضواحي "المستوطنات"، وأعلن وزير الأمن الصهيوني موشى شاحال، آنذاك، تعقيباً على مجريات الأحداث أنه (في حال مواصلة "المستوطنين" لأعمالهم فإن ذلك قد يؤدي إلى سفك الدماء، مشدداً على أن حكومة إسحاق رابين لن تسمح بأن تعيش البلاد في أجواء من الفوضى بعد أن أصيب نحو 60 شخصاً)، واعتقلت الشرطة لتهدئة النفوس أكثر من مائة "مستوطن". كما أعلن الوزير شاحال أن الحكومة تعتزم إعلان حركة (هذه الأرض لنا)، حركة محظورة.
وفي معرض تعليقه على الأحداث ذكر شاموئيل ساكيت، أحد قادة الحركة أن: ( قطع الطرق ليس سوى الخطوة الأولى وهدفنا الآن هو تعزيز أنصارنا الذين انتشروا على طول الطرق لضمان أمننا في الوقت الذي تخلى فيه الجيش عنا "!".. إن هدفنا هو إثبات أن هذه الأرض هي أرضنا وأن "يهودا والسامرة"، لن تصبح يوماً غزة جديدة حيث يطبق الحكم الذاتي منذ أيار/ أيار / أيار / أيار / مايو 1994). وأضاف ساكيت أن حركته لن تتردد في اللجوء إلى القوة بقوله: (إننا مستعدون للمواجهة مع الأراضي الفلسطيني).
وبعد أن نجحت حركة (هذه الأرض لنا)، بدعم عدد كبير من أنصار الأحزاب اليمينية، في تعطيل حركة المرور بضع ساعات على مئات الطرق الرئيسية في كامل المدن، اعتقلت قوات الأمن نحو مائة شخص آخرين كان من بينهم فيجلن (رئيس الحركة) الذي دعا إلى (العصيان المدني) مهدداً الحكومة ومحرضاً "المستوطنين" على الانضمام إلى حركات المعارضة العنيفة في مواجهة أية اتفاقية تعقد بين الحكومة الصهيونية ومنظمة التحرير.
وقد قدم الحاخامات الثلاثة فيجلين وألون وهمويل ساكت، باعتبارهم الأعضاء القياديين للحركة إلى محاكمة كانت هي الأولى من نوعها تحت سقف (قانون المعاقبة على العصيان)، جراء تحركاتهم التي تحض كافة الصهاينة على التمرد.
- حركة (كاهانا حي):
تعد حركة (كاهانا حي) تنظيماً صغيراً نسبيّاً، وإن كانت أكبر عدداً من جماعة التنظيم اليهودي المقاتل (آيال)، أنشئت بعد قتل الحاخام مائير كاهانا في نيويورك، ويتولى رئاستها نجل كاهانا بنيامين، وقد أنشأها بعد انشقاقه على حركة (كاخ)، ورفض الانصياع إلى توجيهات زعمائها، ويساعده بصورة رئيسية دافيد أكسلرود، وهو يهودي متعصب ولد في أمريكا ثم هاجر إلى فلسطين المحتلة عام 1980، ويعد من غلاة المتعصبين الداعين لتدمير المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم في موقعه.
وتنشط جماعة (كاهانا حي) لتحقيق الأفكار العنصرية لكاهانا الأب، وتواصل اعتداءاتها على الفلسطينيين وعلى أملاكهم، وتهدد علناً بالاقتصاص منهم والعمل على إبادتهم، ويقع مركزها في (مستوطنة كفار تبواح) بقضاء نابلس.
وعقب مقتل إسحاق رابين خطب توعد بنيامين كاهانا بأن رابين (لن يكون آخر المغتالين).
وإثر العملية الفدائية ضد معسكر للجيش الصهيوني، أدت إلى مقتل ثلاثة جنود، والتي شارك فيها شابان فلسطينيان من أبناء قرية أم الفحم، وزعت الحركة منشوراً في آذار/ مارس 1992 عنوانه (اقصفوا أم الفحم) وجاء فيه: (لماذا عندما خرج عرب من أم الفحم وذبحوا ثلاثة جنود أرسلت الحكومة الطائرات لقصف حزب الله في لبنان بدلاً من أن تقصف أم الفحم؟ لماذا في كل مرة يقتل فيها يهودي يقصفون لبنان لا قرى العدو في دولة إسرائيل؟).
ولحركة (كاهانا حي) فروع عديدة في الولايات المتحدة، ترفدها بالأموال والأسلحة والأفراد المدربين على السلاح وأعمال التخريب، وينظم هذه الأنشطة في الخارج يكتوئيل بن يعقوب، وقد اتهمته المباحث الفيدرالية الأمريكية (FBI) بأعمال عنف ضد أهداف عربية في أمريكا، كما اتهم بالاشتراك في عملية اغتيال الكاتب الأمريكي من أصل فلسطيني أليكس عودة، المدير الإقليمي للجنة العربية الأمريكية لمناهضة التمييز، في 11 تشرين الأول/ أكتوبر العام 1985، كما يوجد لها فرع للفتيان يسمى (نوعر مائير) أي (فتيان مائير)، وقد ارتكب أربعة من عناصرها المبتدئين جريمة إلقاء قنبلة في سوق القصابين بالبلدة القديمة بالقدس في نوفمبر 1992 أدت إلى قتل وجرح عدد من المواطنين الفلسطينيين.
- جماعة (أمناء جبل الهيكل):
هي واحدة من المنظمات الإرهابية التي اتجهت إلى ترويع الآمنين من السكان الفلسطينيين وممارسة العديد من أشكال الإرهاب والاعتداء بهدف إكراه الفلسطينيين على الهجرة وترك أراضيهم التي ورثوها بحجة أنها جزء من (أرض إسرائيل الكاملة) التوراتية.
شاركت جماعة (أمناء جبل الهيكل) مع غيرها من الحركات والمنظمات الإرهابية الصهيونية، في تنظيم العديد من المظاهرات الصاخبة وعمليات الهجوم على المدنيين الفلسطينيين العزل، وأملاكهم في الخليل وباقي مدن الضفة الغربية والقدس، وقد بلغت ذروة أعمالها العدوانية في الفترة ما بين الأعوام (1980– 1984) وهي الفترة التي شهدت (380) اعتداء على الفلسطينيين، وأسفرت عن قتل ثلاثة وعشرين فلسطينياً وإصابة نحو (191) كانت إصابات بعضهم بالغة، كما تم خلالها اختطاف (38) فلسطينياً وتنفيذ المئات من الهجمات والاعتداءات على الممتلكات والسيارات والمنازل والمتاجر إضافة إلى (41) اعتداء على المؤسسات والهيئات الإسلامية والمسيحية، وفي تلك الفترة وقع حادث الاعتداء البارز الذي فجر سيارتي بسام الشكعة رئيس بلدية نابلس وكريم خلف رئيس بلدية رام الله، الأمر الذي أدى إلى إصابتهما بإصابات بالغة.
وبالرغم من اعتقال عدد من نشطاء الحركة بسبب نشاطاتهم الإرهابية ضد المدنيين الفلسطينيين فإن حكومة إسحاق شامير أفرجت عنهم في إطار عفو عام صادقت عليه.
وترتبط جماعة (أمناء جبل الهيكل) بحركة (كاخ)، وتعمل علناً من أجل هدم قبة الصخرة ومن أجل إعادة بناء هيكل سلميان المزعوم في الموقع ذاته.
وكانت المحكمة العليا الصهيونية قد أصدرت قراراً يقضي بالسماح لأعضاء الجماعة بالدخول إلى حرم المسجد الأقصى وإقامة شعائرهم التوراتية فيه الأمر الذي عد انتهاكاً جديداً للمقدسات الإسلامية واستفزازاً مباشراً للشعب الفلسطيني والسلطة الوطنية الفلسطينية بعد اتفاق أوسلو.
ويرأس هذه الجماعة جيرشون سالمون الذي كان عضواً نشطاً في رابطة (الدفاع اليهودية الأمريكية)، ويعمل مديراً تنفيذياً لمدرسة جبل المعبد، وقد اكتشف لديه مخزون هائل من الأسلحة والمتفجرات والخرائط التي عكست تدبيراً إجرامياً لنسف المنطقة وقتل المدنيين الفلسطينيين العزل في الأراضي المحتلة، وقد انضم سالمون وهو صبي إلى منظمة (الإرجون) الإرهابية وفي مطلع الستينيات انضم إلى حزب (حيروت) اليميني، وباسمه انتخب في مجلس بلدية القدس قبل أن ينضم إلى كتلة (جيئولا كوهين)، ويشترك معها في تأسيس حزب (هتحياه) المتطرف ويرأس فرعه في القدس.
وينادي سالمون بضرورة نقل المحكمة العليا إلى (جبل البيت)، وبأن يؤدي الرئيس الصهيوني القَسّم فيها، كما يدعو إلى تنظيم استعراضات عسكرية مسلحة للجيش الصهيوني في ساحة المسجد الأقصى.
- جماعة (شوفوبانيم):
جماعة (شوفوبانيم) هي إحدى جماعات "المستوطنين" الداعية للاستيلاء على الأراضي العربية، وفي فترة تصاعد عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية وحمى "الاستيطان" الصهيوني عام 1984، وكان لهذه الجماعة دورٌ بارز في إلحاق الأذى الشديد بأملاك المواطنين الفلسطينيين، وأدت ممارسات أعضاء هذه الجماعة العدوانية إلى الإخلال بالأمن والاستقرار، ومن أبرز أنشطة أعضاء الجماعة الاعتداء المتكرر على الفلسطينيين المقيمين جوار الحرم القدسي الشريف، وتعمد إزعاجهم بالصياح ليلاً نهاراً، والاعتداء عليهم أثناء أدائهم لفريضة الصلاة.
- جماعة (مواطنون من أجل يهودا والسامرة وغزة ) [ييشع]:
جماعة (مواطنون من أجل يهودا والسامرة وغزة)، والتي يطلق عليها اختصاراً باللغة العبرية (ييشع)، أسسها عام 1985 الياكيم يعتسيني وهو محام من غلاة القوميين الطليعيين من "مستوطني" (كريات أربع) ويعد واحداً من أشد "المستوطنين" المتطرفين.
وقد حددت هذه الجماعة نشاطها في تعبئة المعارضة السياسية لاستباق أية تسوية سلمية بين الصهاينة والفلسطينيين والعرب وبالذات مبادرات (حسين - بيريز) التي كانت بوادرها تلوح في الأفق آنذاك.
ويدعو الياكيم يعتسيني في كتاب له بعنوان (صدمة الانسحاب من أرض "إسرائيل") إلى مقاومة أية حكومة تعمل على إحلال السلام مع الفلسطينيين والعرب ، قائلاً: (من حق اليهود الأوفياء لأرض "إسرائيل" مقاومة حكومة "دولة إسرائيل" أو حتى الإطاحة بها إذا ما خانت الصهيونية والشعب اليهودي بالموافقة على ترك بعض أجزاء الوطن للحكم العربي).
وقد اتخذت جماعة (مواطنون من أجل يهودا والسامرة وغزة) قراراً يقضي بأن: (أي نظام للحكم في "إسرائيل" يتجه إلى تطبيق أية مقترحات سلمية سيعد نظاماً غير شرعي، كما عد الجنرال ديغول نظام المارشال بيتان الذي خان الشعب الفرنسي في فيشي).
وكان يعتسيني قد انتقد بحدة في كانون الثاني/ كانون الثاني / كانون الثاني / كانون الثاني / يناير 1985 كبار رجال الدولة والجنرالات العسكريين لأنهم لم يطبقوا (سياسة الأرض المحروقة في لبنان، بما في ذلك تدمير بيروت تدميراً كلياً، وطرد مئات الآلاف من الشيعة من الجنوب اللبناني).
- جماعة (التنظيم اليهودي المقاتل) [آيال]:
تعد جامعة بار آيلان من أشهر الجامعات الدينية في الكيان الصهيوني، وهي من أبرز مراكز التطرف الصهيوني وأهم مصدر له، وقد شكل عدد من طلبتها عام 1992، جماعة أطلق عليها (التنظيم اليهودي المقاتل) وعرفت بـ[آيال]، ويمكن إدراك حدود هذه الجماعة الإرهابية ومنظور تطوراتها الإجرامية من تقويمها لأداء جماعتين مصنفتين باعتبارهما من أشد الجماعات الإرهابية اليهودية تطرفاً وأكثرها عنفاً وعدوانية وهما: جماعة (كاخ)، وحركة (كاهانا حي)، حيث اعتبرت جماعة [آيال] أن هاتين الجماعتين لا تجيدان سوى الكلام، بالرغم مما عرف عنهما من اقترافهما أعمال عنف وإرهاب بشعة ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.
وتؤمن هذه الجماعة كغيرها من جماعات الإرهاب الأصولي اليهودي بقدسية (أرض "إسرائيل" الكاملة)، وتكفر من يجرؤ على التنازل عما تعتبره حقاً توراتياً لا رجعة فيه، وتعتبره مرتداً وجب قتله. وهي على علاقة وطيدة بغيرها من الأحزاب والقوى والجماعات الأصولية المتطرفة واليمينية الصهيونية، وبعد واقعة اغتيال إسحاق رابين على يد أحد من عناصرها ويدعى إيجال عامير، تبين أن مكتب إسحاق شامير رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق قد تدخل لدى جامعة "تل أبيب" عام 1992 من أجل السماح بعودة أفيشاي رافيف (زعيم جماعة آيال) للدراسة بعد أن طرد منها لسلوكه العنصري.
وفي أعقاب اغتيال رابين وُجهت اتهامات إلى جهاز الأمن الداخلي الصهيوني المعروف بـ[الشين – بيت] بتأسيسه لهذه المجموعة المتطرفة، وقد أعلن حاخام مدرسة ( بيت عوروت التلمودية )، الواقعة على جبل الزيتون في القدس الشرقية، وابن أحد قضاة المحكمة العليا أن: (جماعة آيال أنشئت وتطورت بواسطة جهاز "الشين – بيت")، ثم أعاد تأكيد هذا الاتهام في حديث للإذاعة الصهيونية بقوله: (إن قادة جهاز الأمن الداخلي "الشين – بيت" تعرف ليس فقط من هم أعضاء جماعة آيال بل إنها قامت بتأهيلهم وتمويلهم).
وقد كشفت صحيفة (يديعوت إحرونوت) بعد أيام من هذا الإعلان أن إيجال عامير قاتل رابين قد تدرب بالفعل كأحد الحراس في جهاز الأمن الداخلي [الشين – بيت] عام 1992، وأنه تلقى تدريبات على كيفية إطلاق النار ومحاضرات عن تمارين الحماية قبل إرساله في بعثه حكومية إلى لاتفيا، وقد تعلم في إحدى هذه المحاضرات الكيفية العلمية التي تتيح له اختراق حواجز الأمن الكثيفة بسهولة لحظة وصول أو انصراف الهدف.
وقد لفت نظر المراقبين الذين حضروا جلسة استماع لمحاكمة إيجال عامير هدوءه وابتسامته التي لم تفارق وجهه، وتعليقه الذي ذكر فيه أنه ربما يكون قد نفذ عملية القتل بمفرده ولكن لم يجذب الزناد وحده وإنما: (كل أمة "إسرائيل" التي تحلم بالوطن منذ ألفي عام وضحت بالدماء من أجله هي التي فعلت ذلك)، كما وصف إيجال عامير رابين بأنه لم يكن زعيماً شرعياً لليهود، مؤكداً أن اغتياله قد خدم قضية العدل في البلاد، وذكر أنه حاول اغتياله قبل ذلك عدة مرات.
والأخطر من ذلك أن التحقيقات كشفت تغلغل هذه الجماعة داخل (قوات الجيش الصهيوني)، وأن الأسلحة والذخيرة والمتفجرات التي ضبطت بحوزة القاتل، كان مصدرها المؤسسة العسكرية.
ويزيد من أهمية ما تقدم ذكره أن التحقيقات التي تمت عقب عملية اغتيال رابين أثبتت أنها لم تكن العملية الوحيدة التي خططت لها جماعة [آيال]، وإنما أعدت الجماعة لعمليات إرهابية أخرى في الأراضي المحتلة، كما أعدت قائمة جديدة للاغتيال على رأسها شمعون بيريز (الرئيس الحالي للكيان الصهيوني)، والعديد من الشخصيات الصهيونية والفلسطينية.
- (المنظمة الدولية لضحايا الإرهاب العربي):
تجمع صهيوني مغرق في يمينيته، ترأسه شيفرا هوفمان وهي واحدة من دعاة الفكر الصهيوني المتطرف، وتضم المنظمة عناصر شديدة العداء والكراهية للعرب، وتعمل على تعبئة الرأي العام ودفعه نحو المزيد من الاعتقاد بالمزاعم التي يبثونها عما يروجون له حول (الإرهاب العربي).
وقد ألقت هوفمان خطبة تحريضية صاخبة في احتفال أقامه (أنصار مائير كاهانا) بعد يومين من اغتيال إسحاق رابين على يد إيجال عامير، أكدت فيها أن: (حكومة رابين هي المسئولة عن العنف في "إسرائيل" لأنها أفرجت عن الآلاف من الإرهابيين من منظمة التحرير الفلسطينية مبرزة مقالات في الصحف عن العمليات الفدائية التي جرت وقائعها في العامين الأخيرين، كما عرضت صوراً ضمت نحو مائة من "الإسرائيليين" القتلى يحيطون بصورة لإسحاق رابين يصافح ياسر عرفات في إشارة موحية إلى أنهم القتلة).
[/align]