[خالد حسون]

مخبئة في نفسها سرا لم تستطع به أن تبوح، لم تقصد مكانا ولا تعرف أين ستذهب، في الشوارع ضائعة والدموع في خضها تنوح، لم تعرف كيف وجدت نفسها في المحطة، صعدت في أول حافلة ولم تكن تعرف أين ستنزل، وجدت نفسها في مدينة غريبة والليل عليها نزل، هاربة من القدر وباحثة عن المجهول الذي أمامها، ولسوء حظها كانت الشتاء تمطر والمدينة باردة، واقفة شاردة تتذكر شبخ الفضيحة الذي يطاردها، وفي نفس اللحظة اغتصبتها أعين حادة نظروا اليها كوردة تذبل على أي فراش و وسادة، وبكل وضوح رسمت في ذاكرتها طريق الفساد، دفعوا لها بالمقابل لكنها رفضت لأن عقلها غير قابل...
أحست بالبرد والجوع والحل غير واضح، تتمشى في الشارع بخطوات حائرة في ضلام الليل الساكن، لأول مرة عرفت بأن الدنيا صغيرة وضيقة، وأن أحلامها كبيرة ولكن كوابيس الواقع تدمرها،وأن مشكلتها حقيقية وأن الحل كلأسود في الابيض،من المستحيل والمحال أن تبقى على هذا الحال، استسلمت للجوع والبرد وقصدت أول حانة، عرفت بأن حياة الشارع فتحت لها أحضانها، وجدت الاكل و الشراب والدفئ، وجدت أناسا يعيشون في السراب من الواقع هاربة، واكتشفت بأن هذا هو الملجأ لأقرانها، حاولت أن تقنع نفسها بأن هذا ليس مكانها...
وجدت نفسها واقفة على حافة مستنقع الدعارة، عالم الخبث والقذارة، عرفت بأن العيش هنا يستلزم عليها بيع لحمها، عرفت بأن البشر يريدون أن يفرسوا بدون رحمة، أحست بالخوف ولم تعرف ممن عليها أن تخاف، اقتنعت بأن الوسخ في الاصل هو مكروب، وان لم يكن لها ذنب فلماذا عليها أن تعيش في الذنوب، خرجت للشارع وعلى قوانينه عاشت متمردة، باعت كل شيء الا عرضها...من بعد سبعة أشهر كان عندها ولدها، كلما رأت في عينيه كلما نزلت الدمعة من عينها، تذكرت الماضي قبل تسعة أشهر عاشت ليلة سوداء، عندما دخل عليها أبوها سكران و وجدها وحدها، وباليد التي غرست الوردة انتزعت قيمتها ...

هذا الطفل الذي رأى النور من أبشع أخطاء الغريزة...ما زالت البنت تتساءل ان كان هذا
الطفل ابنها ام أخاها..كل من كان فلا تريده، تركته في باب المسجد ونظرت اليه النظرة
الاخيرة وهي تعرف بانه اذا كبر فلن يسامحها...بحثت الام على ابنتها فلم تجدها ففقدت
عقلها أما الاب فقد مات نتيجة الشراب المفرط...


ملاحظة : هذه القصة حقيقية و أنا كتبتها بأسلوبي الخاص...