التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,838
عدد  مرات الظهور : 162,280,031

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > نقد أدبي
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 23 / 08 / 2010, 42 : 11 PM   رقم المشاركة : [1]
عبد القادر الحصني
شاعر / مدير تحرير مجلة الموقف الأدبي

 الصورة الرمزية عبد القادر الحصني
 




عبد القادر الحصني is on a distinguished road

Post شوقي بغدادي قارّة شعرية تنتظر مغامرة النقد

1) صباح الشعر‏
صباح انحناءة العرفان للكلمة الشاعرة...‏
الكلمةِ في عنفوانها وصدقها وأجنحتها الذهبيّة المحلّقة في فضاء الخلق والإبداع.‏
صباح الخير أيها الشاعر المكرّم.‏
إليك.. إلى صرح عطائك الشعريّ الباذخ أرفع كلماتي، شهادةً لها بأنها عاينت رؤى من رؤاك، وقاربت مدى من مداك، وتأثّرت خطاك، وأنت تُرسي دعائم مقولاتك الإنسانيّة، وتقيم عليها مداميك تجربتك الشعريّة.. أفقاً بعد أفق، حتى استوت مثالاً لما يريده الصدق من الانسجام بين الرائي بوصفه الحياة وبين صورته في الشعر بوصفه المرآة، عنيت: تلك المأثرة التي تجعل الشخص والنصّ قائمين على جوهر واحد.‏
فشوقي بغدادي الإنسان‏
وشوقي بغدادي الشاعر‏
كان واحداً في ما يؤمن، وفي ما يفعل، وفي ما يقول، أديباً وقاصّاً وشاعراً، ورجل ثقافة وفكر، في زمنٍ انفكّت فيه الأزرار من عُراها، ما بين النفوس والعقول والألسنة لدى كثير من الناس، ودارت ما بين قلوبهم وشفاههم حربٌ عوان، على حدّ تعبير بدويّ الجبل.. وفي زمن توارى فيه المبدأ، وانحسر الموقف، وتراجع العلم، وجمد الدمُ في عروق الإلهام في حمَأة من الزيف الذي تبهرجه وسائل الإعلام.‏
فصباح الخير أيها الشاعر..‏
وصباح الخير أيها المُحتَفون بما فيكم من وفاء لأنفسكم، حين تلتقون على تكريم الإنسان/ الكلمة.‏
أنا أعرف أن مديح الارتفاع خير من هجاء ؟؟؟؟؟؟؟ لاسيما في مثل هذا الموقف، ولكنّ الأضداد تتداعى.. فلأمض إلى شهادتي، لأقول:‏
إن شوقي بغدادي في تجربته العشرية، على صعيد المضمون، قد حمل هموم وطنه وشعبه، وكان صوتهما العالي والصريح والجريء.‏
نازل المستعمر وأذياله، ووقف إلى جانب الحقّ ممثّلاً بالناس الأكثر عطاءً والأكثر فقراً وهواناً وحرماناً، ونازل الطغيان والاستبداد والفساد، وغنّى للأرض والشهادة والإنسان والحريّة، وتغنّى بالجمال في الطبيعة والمرأة.. كلّ ذلك في مندمج واحد، تتماهى صوره، وتأتلف رؤاه، وتتلاقى أفكاره، وتتناغم موسيقاه، في مهرجان من النصوص التي خطّها الشاعر، وما زال يخطّ بين دفّتيْ عمره، والتي إذا ما قُرئت مجتمعةً نمّت على عاشق للحياة الحرّة الكريمة.. عاشقٍ قلّما تحظى الحياة بمثله من المبدعين. وقد تجلى هذا العشق ي أبهى صوره وأكملها في عشقه لدمشق التي كثيراً ما شعرت، وأنا أقرأ أشعاره فيها: في حواريها وأزقّتها ووردها وبساتينها وغوطتها وربوتها وقاسيونها ومآذنها وقبابها وكنائسها، وأهلها في مهابة شيوخها وسماحتهم، وفي عنفوان شبابها ومحبتهم، وفي عذوبة أطفالها ووداعتهم ورقّتهم.. أقول: كثيراً ما شعرت بأنّ ما يخفق في صدر هذا الشاعر إنما هو قلب دمشق، وما يتردّد في لهاته إنما هو صوتها، في رنين فرحه وبحّة حزنه وأوجاع انكساراته. ودعوني، هنا، أن أصدق دمشق في همسة أُسِرُّ بها إليها، وهي أنّها غير ملومة في ولعها بشاعرٍ آخر سواه: شاعرٍ كان لديه من الحليّ والزينات والعطور والإكسسوارات أكثر مما لدى شوقي بغدادي، وكان لديه من التبغ والشمبانيا وأسطوانات الموسيقا الراقصة والمغامرات أكثر مما لدى شوقي بغدادي، وكان لديه من طلاوة اللسان، وسحر المرح والافتتان، وخلابة ما في قراءة الكفّ وفتح الفنجان أكثر مما لدى شوقي بغدادي.. فهي غير ملومة من أحدٍ إذن. ولكنّها إمّا وضعت يدها على قلبها، ورنت بأعماقها إلى من مشى في أحيائها وأسواقها، وشاركها الحياة في كل ساعة من ساعاتها، وإمّا تعبت، وأرادت أن تضع رأسها على صدر شاعر، وهي واثقة من أنّه وهو يضّم رأسها إلى صدره لا يرنو إلى أيّ مدينة أخرى في العالم، بالغاً ما بلغ جمالها، فإن ذلك الشاعر سيكون شوقي بغدادي... شوقي بغدادي بلا منازع.‏
أما على صعيد الشكل فإنّ تجربة الشاعر شوقي بغدادي قد مرّت على امتداد ستين عاماً، بثلاث مراحل هي:‏
1 ـ مرحلة نظام البيت.‏
2 ـ مرحلة العناية بالسطر والمقطع في إطار قصيدة التفعيلة.‏
3 ـ مرحلة النصّ المسرَّج في فضاء حريّة القصيدة في إطار قصيدة التفعيلة أيضاً.‏
ولي كلام على كل مرحلة من هذه المراحل.‏
أما المرحلة الأولى والتي غالباً ما وسمت بالتقليديّة، واتّهمت بالنظم والمباشرة ومجاراة المناسبات العامة، وقوّمت تقويماً جار عليها حتى من قبل صاحبها، فإنّني أسجّل، هنا، ما يرفع هذا الظلم بإشارتين، أثبتهما بعد قراءة متأنّية لقصائد هذه المرحلة.‏
أولاهما: أن قصائد هذه المرحلة لدى شوقي بغدادي قد افترقت عن قصائد الشعراء المجايلين له في معجمها الشعري، وفي بناء الجملة المستَقى من لغة الحياة وأساليب صوغها أكثر مما هو مُستقى من جاهزيّة هذا الصوغ في الكتب والتراث البعيد منه والقريب.‏
وثانيتهما: أن المناسبة والمباشرة لم تحرم قصائد هذه المرحلة من فضاءات إنسانية يوميّة كانت تنزاح القصيدة إليها، على الرغم من المناسبة، لتقول لوحات من حياة الناس في السيران والبستان والأسرة والحبّ، وكأنّ في داخل الشاعر، وعلى لا وعيٍ منه، ثمّة ما يتمرّد على المناسبة والمباشرة، هذا التمرّد الذي كان يحاوله الآخرون من شعراء القصيدة التقليدية، فيعرّجون على الحكمة وعلى التعليميّة وعلى التزيُّد في التوصيفيّة، فلا يخرجهم كل ذلك من القصيدة المتحدّرة من الكتب إلى القصيدة المتحدّرة من الحياة... القصيدة المتحدّرة من الحياة كما كتبها شوقي بغدادي.‏
أما المرحلة الثانية فنجد شاعرنا فيها مهموماً ببناء السطر الشعريّ في إطار بناء المقطع الشعريّ المحكم في استقرار تفعيلاته وفي نظام تقفيته وفي اتساقه في إطار وحدة القصيدة مضمونيّاً وعضوياً في شغل شعريّ يطاول ما أنجزه الروّاد، وينفرد بما يخصّه من معجم سهل وصوغ أسهل ووضح في الأداء لا يخلّ بما يقتضيه العمق.. فشوقي بغدادي شاعر عاديّ، إن صحّ التعبير، ولكن على نحو غير عاديّ. كيف ذلك؟ لا أعلم. إنّها خصوصيّة شوقي بغدادي.‏
أما في المرحلة الثالثة فشوقي بغدادي على درجة عالية من الحرية في تسريح نصّه على هواه في فضاء ما يقصد من القصيدة. فالعناية ما عادت بالسطر والمقطع بل باندياح النصّ لغوياً وتشكيليّاً، في مجرّة من القول الذي يوهمك بتلاشي ضوابطه في بعض الأحيان، ولكنّك إذا أمعنت النظر، وتحرّيت قوانين بناء النصّ، فإنك واجد هذه القوانين وتلك الضوابط على نحو عميق ومتوارٍ، تماماً كما النجوم المنثورة في الفضاء والتي يهيئ لك أنها على غير نظام، بينما هي متماسكة في فضائها في نظام على غاية من الدقّة والإحكام. ولعلّ بعض ما في مجموعته الشعريّة "شيء يخصّ الروح" أن يكون أمثلة على ما ذهبت إليه. وهي مجموعة شعريّة تنمّ على اكتمال التجربة الشعرية في رؤاها، وأخيلتها، ولغتها، وما تريد أن تقوله. فبعض قصائد هذه المجموعة لا تدع قارئها قارئاً متلقّياً فحسب، بل تزجّه في حراكها، وتجعله خائلاً ومخيولاً، إن صحّ الاشتقاق، لا متخيّلاً، فإذا ما جمح فرس في لوحته، ليخترقها، ويخرج إليك، هممتَ بالنهوض المفاجئ، من مكانك كيلا يدهمك.‏
إنها تجربة شعريّة كبيرة، حقّاً، في كل مراحلها. وإن شاعرها شاعر كبير، حال وهنُ النقد وغفلته عن اجتلاء أبعاده وأبعادها.‏
وإما تنبّه إلى ما غفل عنه، وقوي على ما فيه من قصور إزاءه وإزاءها، فإنه سيكتشف عظمة الشاعر وروعة الإبداع. فشوقي بغدادي قارّة شعريّة تنتظر مغامرة النقد.‏
* ألقيت هذه الشهادة في حفل تكريم الشاعر شوقي بغدادي الذي أقامته وزارة الثقافة بدمشق.‏

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
عبد القادر الحصني غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مغامرة النقد, نقد عبد القادر الحصني, شوقي بغدادي, قارة شعرية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مغامرة اليوم / غالب الغول غالب احمد الغول قصيدة النثر 2 18 / 02 / 2015 55 : 08 PM
ما قل ودل عن مغامرة نتنياهو الأخيرة نبيل عودة المقالة السياسية 0 21 / 01 / 2015 46 : 07 AM
الأساتذة عبدالحافظ بخيت متولي وعادل سلطاني رئيسا هيئة النقد ولتفعيل هيئة النقد هدى نورالدين الخطيب هيئة النقد الأدبي 7 04 / 01 / 2013 13 : 10 AM


الساعة الآن 05 : 08 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|