جرحي فوهة بركان..ثلم في ارض بور..لازمني سنينا عدة..نائما تحت دفء غبائي..مفترشا كتماني ملتحفا برقع انطوائي . و تمر الايام و جرحي معفى من الأنين..صامتا يحبو كما تسعى الرذيلة في وطني..صامتا ينخر كما تنخر الأطماع في وطني.
اغتسلت بسيول تشرين و تلحفت بشموس أيلول..وطرقت دروبا ليست كالدروب..و عبثا حاولت شفاءه..و هاهو ذا باق..فاغرا فاه كرضيع مج ثدي أمه..غارزا رايته في كبدي..مبتسما بسمة التحدي و كأني اسمعه يهمس:
أي صاحبي !! عجبت لأمرك..تعجز عن قتلي و قد برعتم في تقنية حفر القبور.. يصعب عليك اغتيالي و قد أثريتم نشراتكم بتعداد الموتى مضاهاة ؟؟؟
عجبت لك تموت البسمة في وجهك و يصرخ الحزن لابسا ملامحك،، تغيب عنك الوجهة و تبقى لاهثا تروم اللاشيء..عجبت لك.
عجبت لك.. كيف تطفئ المصباح في زاوية من زوايا المتحف، تسجي عليها عناكب النسيان خيوطها، و تمسحه برؤيتها عيون الإعجاب..عجبت لك.
عجبت لك كيف تقاد من يسراك بيد مصدرة.. و تكتفي بيمناك لرسم صومعة تشقى و يجرح عينيك السهر و أنت تنمق حواشيها..عجبت لك.
لن تنال مني قلامة ظفر مادامت همتك تزحف على ثرى الواقع البارد.
هكذا اذا..يا جرحي !!! تنتهي الرحلة هنا و تبدأ الرحلة من هنا....هكذا اقرر الرحيل..لن تمنعوني هذه المرة،، مهما في وجهي نحتم و مهما تمسكت بسروالي أمي و مهما جفاني والدي و غلق في وجهي الباب و قال ابحث عن أهل سوانا...سأرحل.
سأسلك الطريق الغربي...الذي طالما عزفت الريح فيه على وتر الحيرة...الطريق اليابس...المبهم كأحزان وطني..سأسلكه و أودع أشجار التوت حيث أفرخت يمامتي.. سأكتم صوت قلبي و انسي ما تركته ورائي و أقدم استقالتي...لن آبه بضحكاتكم أيها الأصدقاء.. و لكني سأتبع هذه الرؤى التي تراودني..سأجوب وديانا و هضابا.. و اسكن بلدانا بلا أسماء.. و سأفاجئ أمي حين ارفض عطاياها..سأفاجئها حين أرد لها زيتها و قهوتها و حفنات اللوز..سأكلل رأسها بقبلة حرى.. اقبل عتبة بيتنا.. احيي جارتنا و اسلك الطريق الغربي.. محملا بأمتعتي هوية
بيمناي مئذنة و على جبيني منقوش بيت مرقسي و على كتفي بندقية جدي.
الحراش 18/09/1993