التسجيل قائمة الأعضاء اجعل كافة الأقسام مقروءة



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,820
عدد  مرات الظهور : 162,187,528

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. > ملف القصة / خيري حمدان
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 25 / 05 / 2013, 12 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

لماذا يا سامي؟

لماذا يا سامي؟

بتّ أشتهي النوم، تورّمت عيناي من شدّة السهر والقلق. منذ أيام وجرذ كبير يقلق الألفة والهدوء الذي لم يفارق جنبات بيتي منذ سنوات، خاصّة بعد أن تأقلمت مع واقعي الجديد كأرمل. ألفت الوحدة ولا أدري لماذا لم أحاول الإرتباط بأخرى. تصادف أن استيقظت في إحدى الليالي لشرب الماء أو للتبوّل "يجب أن أجري بعض الفحوصات لمعرفة ما إذا كنت أعاني من تضخّم في غدّة البروستات"، وما أن فتحت عينيّ حتى رأيته يحدّق بي متفحّصًا واثقًا من ذاته، هازًا ذيله الرفيع. بقي يحدّق بي بعينيه الصغيرتين البرّاقتين. "جرذ" همست غير مصدّقًا ما أرى! لكنّها الحقيقة، وسرعان ما اختفى صاحبي كما ظهر، اختفى في خزانة ملابس زوجتي المتوفّاة. ما الذي يريده وماذا يقصد بهذه التصرّفات الغريبة؟ لم أتمالك نفسي، قضيت حاجتي على عجل، ثمّ عدت وفتحت الخزانة لأجده بانتظاري يحدّق بي مجدّدًا، هزّ رأسه وغاب ثانية في دهاليز الخزانة وما خلفها. نسيت أمره للحظة، وبدأ نظري يجول داخل الخزانة، أذكر بأنّني قد طلبت من إبنتي الكبرى أن توزّع ملابس الفقيدة للمحتاجين والأقرباء والمعارف، لكثرتها ولأنّها ذوّاقة تعرف كيف ومتى تشتري وتحيك الملابس. لكن بالرغم من كلّ هذا، ما تزال الخزانة مكتظة بكافّة الأنواع الممكنة، فهناك التنانير الطويلة والقصيرة، والفساتين والقمصان. لفت نظري سترة من القطن الخفيف كانت تعشقها وترتديها غالبًا في المناسبات. سحبتها من داخل الخزانة، ضممتها لصدري وشعرت بتجعّد ورقة أو أوراق في جيبها الداخلي.
أصابني الفضول، لكنّي لم أسارع في تفحّص الورقة أو الأوراق المتواجدة في السترة. وضعتها على الكنبة وذهبت لأعدّ فنجانًا من القهوة، هاجمتني في تلك اللحظة إبتساماتها ونزقها وحالات الخوف والترقّب والغضب والحبّ والتمنّي والدلال والإستحسان والإقبال والإبتعاد الروحي. هاجمني طيفها كما لم يفعل يومًا ما، وكأنّها لم تغادر منزلي إلى الأبدية قبل سنتين. كدت أنسى الورقة الغريبة في جيب السترة، جمعت شتاتي وجلست قبالة التلفاز أشاهد برنامج حوار لئيم. دلقت ما تبقّى من القهوة في جوفي وأخرجت الورقة من جيب سترتها الداخلي، كانت عبارة عن فاتورة قديمة للغاية لكنّها كتبت بخطّ يدها الأنيق على ظهرها "لماذا يا سامي؟".
أنا سامي، أنا زوجها المترمل قبل سنتين، ما معنى هذه السؤال يا تُرى؟ نظرت إلى صورتها التي ما تزال معلّقة على الحائط "ما السرّ وراء سؤالك يا سعاد؟". نظرت إلى تاريخ الفاتورة لعلّه يهديني إلى سرّها. لديّ إحساس خفيّ بأنّ الجرذ لن يعود للظهور ثانية، كأنّه أنهى مهمّته بعد أن نقل لي رسالتها القصيرة الغامضة. يبدو التاريخ عاديًا للغاية، لكنّه يعني الكثير لسعاد، يبدو التاريخ مؤلمًا وموجعًا وإلا لما كتبته في لحظة إنفعال على ورقة عابرة. لماذا "ماذا" يا زوجتي العزيزة؟ ما الذي فعلته أو ما الذي فشلت في تقديمه؟ كيف جرحت مشاعرها دون أن أدرك ذلك؟ لا أقدر على فهم امرأة أمضيت معها قرابة عشرين عامًا! والآن، فات الوقت، ليس بمقدوري أن أفعل الكثير لأفهم أسئلتها المحيّرة المغيّبة. نعم، هذا ليس سؤالا واحدًا فقط، بل حالة من القلق والتوتّر لم أتمكن من التقاطها آنذاك، فكيف لي أن أفهم الآن ما حدث في اليوم الذي انحفر في ذاكرتها وارتبط بغيابي قبل غيابها!
بعد يومين حضرت إبنتي علياء لزيارتي، سألتني عن سبب عزلتي وانعدام الرغبة لديّ للخروج والترفيه وبدء حياة جديدة، بعد مضيّ سنتين على وفاة سعاد؟ لم أجبها بشيء لكنّي وضعت الورقة بين يديها. نظرت إليها مطوّلا، قرأت تلك العبارة الغامضة، هزّت رأسها مستغربة ولم تجد هي الأخرى تفسيرًا منطقيًا! قالت لي بعد تردّد،
- أذكر يا والدي بأنّها كانت حزينة في تلك الفترة، وأذكر بأنّها كانت تتجنّب إظهار مشاعرها أمامنا.
- لن أجد طعمًا للراحة بعد اليوم إلا إذا وجدت الإجابة. سؤالها قاتل، لأنّه عام وخاص في الوقت نفسه. "لماذا يا سامي؟" هذا جنون يا علياء. ربّما تكون الإجابة لدى الجرذ، نعم..أعتقد بأنّه يعرف كلّ شيء.
- أبي، هل أنت بخير؟ ما حكاية الجرذ؟ هل بدأت تهذي، البشر يموتون كلّ يوم وكلّ لحظة، هذه سنّة الحياة. يجب أن تنسى، حاول أن تجد امرأة أخرى كي تملأ الفراغ الذي تعاني منه. صدّقني، لن تمانع سعاد أبدًا إذا فعلت ذلك.
أنا مسكون باللحظات النادرة، وعيي الداخلي لا يعرف الراحة، كأنّه قطعة من الإسفنج ترفض النسيان. تحوّل الوعي إلى رقعة كبيرة تعرضُ طِوال الوقت شريط الذكريات اللعين الجميل. هنا جلست سعاد، هنا بكت وهناك وقعت متعثّرة ببساط الممرّ الجديد. لكن ما سرّ تلك العبارة "لماذا يا سامي؟". المشكلة أنّنا غالبًا ما نفشل في فهم كنه الأشياء وأبعادها إلا بعد فوات الأوان. بعد أيام ذهبت لزيارة قبرها، جسلت قبالة رأسها وأبقيت سؤالها بالقرب من قلبي. لم أتمكن من التوصّل لإجابة شافية ولم يظهر الجرذ ثانية في منزلي. لكنّني فيما بعد، كنت أستيقظ أحيانًا وصدى صوتها يردّد مجددًا "لماذا يا سامي؟".

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11 / 06 / 2013, 56 : 11 PM   رقم المشاركة : [2]
فاطمة البشر
جامعة بيرزيت ، رئيسي الكيمياء / فرع التسويق، تكتب الخواطر والقصص القصيرة

 الصورة الرمزية فاطمة البشر
 





فاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond reputeفاطمة البشر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: فلسطين

رد: لماذا يا سامي؟


أحياناً لا ندرك إحساس غيرنا بوجوده ، ولا نعي أن الإنسان كتلة من المشاعر ،
وإحساس سيء واحد كفيل بإرهاق الجسد والروح معـاً ...
فقط في غيابهم نستوعب هذا ، ونسعى لإسعادهم!
قصّ شيق وجميل ... أبدعت أ. خيري حمدان ..
ودي ووردي
توقيع فاطمة البشر
 
أنا لم أكن يوما إلا أنا ....

تلك الفتاة التي تحلم بغد زاهٍ مشرق ...

تلك الفتاة التي تنثر حباً وأملاً ...
تلك الفتاة التي ترسم حلماً ...
تلك الفتاة التي ستصنع مجداً ...

ولا تزال تنتظر الأياام......


فاطمة البشر


https://www.facebook.com/fatima.bisher
فاطمة البشر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01 / 08 / 2013, 50 : 02 PM   رقم المشاركة : [3]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

:sm3: رد: لماذا يا سامي؟

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة البشر

أحياناً لا ندرك إحساس غيرنا بوجوده ، ولا نعي أن الإنسان كتلة من المشاعر ،
وإحساس سيء واحد كفيل بإرهاق الجسد والروح معـاً ...
فقط في غيابهم نستوعب هذا ، ونسعى لإسعادهم!
قصّ شيق وجميل ... أبدعت أ. خيري حمدان ..
ودي ووردي

الأديبة العزيزة فاطمة البشر. أشكرك على حضورك الراقي وكلّ عام وأنت بألف خير.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01 / 08 / 2013, 15 : 03 PM   رقم المشاركة : [4]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: لماذا يا سامي؟

الغالي خيري ..
قصة حملت من المشاعر الشيء الكثير .. ولكن طغا عليها الشعور بالوفاء لذكرى عزيزة .. ثم هذا الشعور بذنب خفي لمجرد العثور على هذه الورقة ..
أحسست أن البطل سيعيد حساباته وسيحاسب نفسه على كل شيء اقترفه ويحاول جاهدا ليتذكر ذلك ..
كنت أمني النفس ككل قارئ بمعرفة سر ذاك السؤال .. لكن نقلتك الذكية الممتعة جعلتني افضل هذا النهاية المفتوحة على كل الاحتمالات ..
سعيد بقراءة نصوصك أخي وأستمتع بها لأقصى درجة ..
محبتي الأخوية لك بدون حدود .

التعديل الأخير تم بواسطة رشيد الميموني ; 05 / 08 / 2013 الساعة 13 : 02 PM.
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05 / 08 / 2013, 10 : 02 PM   رقم المشاركة : [5]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

:sm3: رد: لماذا يا سامي؟

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
الغالي خيري ..
قصة حملت من المشاعر الشيء الكثير .. ولكن طغا عليها الشعور بالوفاء لذكرى عزيزة .. ثم هذا الشعور بذنب خفي لمجرد العثور على هذه الورقة ..
أحسست أن البطل سيعيد حساباته وسيحاسب نفسه على كل شيء اقترفه ويحاول جاهدا تيتذكر ذلك ..
كنت أمني النفس ككل قارئ بمعرفة سر ذاك السؤال .. لكن نقلتك الذكية الممتعة جعلتني افضل هذا النهاية المفتوحة على كل الاحتمالات ..
سعيد بقراءة نصوصك أخي وأستمتع بها لأقصى درجة ..
محبتي الأخوي لك بدون حدود .

الأديب العزيز رشيد الميموني، لا أعتقد بأنّ هذا التصّ قابل لاحتمال نهاية غير مفتوحة، والأفضل كما تفضّلت الإبقاء على كافّة الإحتمالات. أشكر حضورك وقراءتك وأعتزّ دومًا برأيك.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لماذا, سامي؟


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بقلب زاهد ..! د. رجاء بنحيدا قصيدة النثر 3 15 / 08 / 2020 13 : 05 AM
دعاء علي عبدالله صالح; ناهد شما أمثال - دبابيس- طرائف 0 24 / 02 / 2011 06 : 07 PM
شاهد عيان .. مصري .. عادل ابوعمر القضايا الوطنية الملحّة 3 07 / 02 / 2011 51 : 10 PM
غزل شامي .. ( ياهيك الغزل .. يا بلا ) شـــــ ســـوريــة ـــــام أمثال - دبابيس- طرائف 10 16 / 02 / 2010 48 : 01 AM
عبد الناصر صالح طلعت سقيرق كلمات 0 21 / 08 / 2009 37 : 03 PM


الساعة الآن 25 : 01 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|