[د. محمد رأفت عثمان]

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد
أخي المسلم : ربما اجتهدت في الأخذ بالأسباب , تنفيذاً لأمر الله عزوجل , و لكنك سهوت في لحظة فغضبت إذ فاتك عرض من أعراض الدنيا , أو وقع ما كنت منه تحذر , و بدأت باللوم و الصراخ , متهماً تقصيرك تارة , و الآخرين تارة أخرى , غافلاً عن حكمة الله فيما قضى و قدر , و أنك إنسان تخطىء و تصيب , و أن ليس عليك بعد الاجتهاد لوم , و أن خطأ المؤمنين ممن حولك هو من تمام الدنيا , و أن لا سبيل للعصمة إلا بفضل الله عزوجل , و أن غضبك لله و على أعداء الله مبرر , و لكن أن تعلق قلبك بالأسباب و تقول لو فعلت كذا لكان كذا , فهذا من كيد الشيطان , ليحزنك , و الفاعل الحقيقي في الكون لِيُنْسيك , فسارع أخي المسلم في اعتقاد الصواب , و الحذر الحذر من تأليه الأسـباب , و تذكر أن ما أصابك ما كان ليخطئك , و ما أخطأك ما كان ليصيبك , و أن الأسـباب التي وضعها الخالق بين أيدينا ليست بفاعلة , إن لم يجزها ربها لتكون ناجزة , فلا تلق عليها لوماً , و لا تعلق قلبك بها يوماً , و لا تعتقد بتمام أمرك إن عليها حصلت , و لا فشل ما أنت عازم عليه إن لها افتقدت , فإن فعلت , ففي الشرك قد وقعت , و لرب الأرض و السماء نداً هي قد جعلت , و ما الخلاص مم قد اقترفت , ألّا ترى في الوجود غيره فاعل , و لا قلبك لسواه سائل , تأخذ بما تستطيع من الأسـباب , و تنتظر بعدها حكم رب الأرباب , فإن أتاك ما تحب , رضيت و شكرت , و إن أقبل ماتكره , صبرت و استرجعت , و يديك بالدعاء إليه رفعت , إلهي أسألك العافية , و دوام العافية , و الشكر على العافية , و الرضا قبل و بعد و أثناء العافية , قضيت و قدرت , فالحمد لك على ما قدرت و قضيت , اصرف عني ما أبغضتُ و كرهت , و ارزقني ما أحب و أحببت , و الحمد لله رب العالمين .

الكاتب : د. محمد رأفت أحمد عثمان / دمشق 8 نيسان 2015

- المؤمنُ القويُّ خيرٌ وأحبُّ إلى اللَّهِ منَ المؤمنِ الضَّعيفِ ، وفي كلٍّ خيرٌ ، احرِص على ما ينفعُكَ ، واستِعِن باللَّهِ ولا تعجِزْ ، وإن أصابَكَ شيءٌ ، فلا تقُل : لو أنِّي فعلتُ كان كذا وَكَذا ، ولَكِن قل : قدَّرَ اللَّهُ ، وما شاءَ فعلَ ، فإنَّ لو تَفتحُ عملَ الشَّيطانِ .
الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2664 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - المرجع : الدرر السنية .