من نفحات الإعجاز البلاغي البياني/ الجزء الثاني من القرآن الكريم
﷽
قال تعالى : ﴿ ومن يرغب ﴾استفهام يراد به الإنكار والتقريع ، وقع فيه معنى النفي أي لا يرغب عن ملة إبراهيم إلا السفيه، والجملة واردة مورد التسفيه للكافرين
قال عز وجل ﴿ وإنه في الآخرة لمن الصالحين ﴾ تأكيد بإن واللام لأنه لما كان إخبارا عن حالة مغيبة في الآخرة، احتاجت إلى تأكيد بخلاف حال الدنيا فإنه معلوم ومشاهد .
قال الواحد الأحد : ﴿ حضر الموت ﴾كناية غريبة وهو أنه غائب ولا بد أن يقدم ولذلك يقال في الدعاء : واجعل الموت خير غائب ننتظره "
قال الله جل جلاله : ﴿ ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ﴾النهي عن الموت إلا على هذه الحالة في الإسلام، والمقصود الأمر بالثبات على الإسلام إلى حين الموت، أي فاثبتوا على الإسلام ولا تفارقوه أبدا ، واستقيموا على محجته البيضاء ،حتى يدرككم الموت وأنتم على الإسلام الكامل كقولك .لاتصلّ إلا وأنت خاشع ٌ
قال تعالى : ﴿ وقالوا كونوا هودا أو نصارى ﴾ فيه إيجاز بالحذف أي قال اليهود كونوا يهودا وقال النصارى كونوا نصارى ، وليس معنى ذلك أن الفريقين قالوا ذلك لأن كل الفريقين يعدّ دين الآخر باطلا .
قال جل جلاله : ﴿ فسيكفيكهم الله ﴾ فيه إيجاز ظاهر أي يكفيك الله شرهم ، وتصدير الفعل بالسين دون سوف مشعر بأن ظهوره عليهم واقع في زمن قريب
قال تعالى ﴿ صبغة الله ﴾سمي الدين صبغة بطريق الاستعارة حيث تظهر سمته على المؤمن كما يظهر آثر الصبغ في الثوب .
قال الواحد الأحد ﴿ أتجادلوننا في الله ﴾ الاستفهام وارد على جهة التوبيخ والتقريع .
قال رب العزة ﴿ ينقلب على عقبيه ﴾استعارة تمثيلية حيث مثل لمن يرتد عن دينه بمن ينقلب على عقبيه
قال تعالى ﴿ فول وجهك ﴾أطلق الوجه وأراد به الذات كقوله: ﴿ ويبقى وجه ربك ﴾ وهذا النوع يسمى المجاز المرسل من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل ..
قال تعالى ﴿ كما يعرفون أبناءهم ﴾فيه تشبيه مرسل مفصل آي يعرفون الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة واضحة كمعرفة أبنائهم الذين من أصلا بهم .
بين ﴿ أرسلنا ﴾ و ﴿ رسولا ﴾ جناس الاشتقاق وهو من المحسنات البديعية
قال تعالى ﴿ ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون ﴾بعد قوله تعالى ﴿ ويعلمكم الكتاب والحكمة ﴾وهو من باب ذكر العام بعد الخاص لإفادة الشمول ويسمى هذا في البلاغة : الإطناب
قال تعالى ﴿ أموات بل أحياء ﴾فيه إيجاز بالحذف أي لا تقولوا هم أموات بل هم أحياء ( بينهما طباق )
قال تعالى ﴿ بشيء من الخوف ﴾ للتقليل أي بشيء قليل
قال الواحد الأحد ﴿ هم المهتدون ﴾صيغة قصر وهو من نوع قصر الصفة على الموصوف
قال تعالى ﴿ يلعنهم الله ﴾فيه التفات من ضمير المتكلم إلى الغيبة إذ الأصل " نلعنهم" ولكن في إظهار الاسم الجليل ﴿ يلعنهم الله ﴾إلقاء الروعة والمهابة في القلب
قال تعالى ﴿ كحب الله ﴾فيه تشبيه مرسل مجمل حيث ذكرت الأداة وحذف وجه الشبه
قال جل جلاله﴿ أشد حبا لله ﴾ التصريح بالأشدّية أبلغ من أن يقال " أحب ّ لله " كقوله تعالى : ﴿ فهي كالحجارة أو آشد قسوة ﴾
قال تعالى ﴿ خطوات الشيطان ﴾استعار عن الاقتداء به واتباع آثاره قال في تلخيص البيان : وهي أبلغ عبارة عن التحذير عن طاعته فيما يأمر به وقبول قوله فيما يدعو إليه " ص 11
قال الله سبحانه ﴿ ومثل الذين كفروا ﴾ فيه تشبيه مرسل مجمل مرسل لذكر الأداة ومجمل لحذف وجه الشبه فقد شبه الكفار بالبهائم التي تسمع صوت المنادي دون أن تفقه كلامه وتعرف مراده .
قال تعالى ﴿صمٌّ بكم عمي ﴾ تشبيه بليغ حذفت الأداة ووجه الشبه هم كالصم في عدم سماع الحق وكالعمي والبكم في عدم الانتفاع بنور القرآن ،
قال جل جلاله﴿ ما يأكلون في بطونهم إلا النار ﴾ مجاز مرسل باعتبار ما يؤول إليه أي إنما يأكلون المال الحرام
قال تعالى ﴿كما كتب ﴾التشبيه في الفرضية لا في الكيفية أي فرض الصيام عليكم كما فرض على الأمم قبلكم وهذا التشبيه يسمى ( مرسلا مجملا )
قال تعالى ﴿ فمن كان منكم مريضا أو على سفر ﴾ فيه إيجاز بالحذف أي من كان مريضا فأفطر، أو على سفر فأفطر فعليه قضاء أيام بعدد ما أفطر
قال تعالى ﴿ هن لباس لكم وأنتم لباس لهن ﴾ استعارة بديعة شبه كل واحد من الزوجين لاشتماله على صاحبه في العناق والضم باللباس المشتمل على لابسه قال في تلخيص البيان : " المراد قرب بعضهم من بعض واشتمال بعضهم على بعض كما تشمل الملابس على الأجسام فاللباس استعارة "
قال تعالى ﴿ الخيط الأبيض من الخيط الأسود ﴾ قال الشريف الرضي : استعارة عجيبة والمراد بها بياض الصبح وسواد الليل
والخيطان هاهنا مجاز وإنما شبههما بذلك لأن بياض الصبح يكون في أول طلوعه مشرقا خافيا، ويكون سواد الليل من قضيا مولّيا، فهما جميعا ضعيفان إلا أن هذا يزداد انتشارا وهذا يزداد استسرارا ، وذهب الزمخشري إلى أنه من التشبيه البليغ
قال جل جلاله ﴿ يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ﴾ هذا النوع من البديع يسمى "الأسلوب الحكيم "
فقد سألوا الرسولﷺ عن الهلال لم يبدو صغيرا ثم يزداد حتى يتكامل نوره ؟ فصرفهم إلى بيان الحكمة من الأهلة وكأنه يقول : كان الأولى بكم أن تسألوا عن حكمة خلق الأهلة لا عن سبب تزايدها في أول الشهر وتناقصها في آخره ، وهذا ما يسميه علماء البلاغة " الأسلوب الحكيم "
قال تعالى ﴿الشهر الحرام بالشهر الحرام ﴾
فيه إيجاز بالحذف تقديره : هتكُ حرمة الشهر الحرام تقابل بهتك حرمة الشهر الحرام ويسمى حذف الإيجاز
قال تعالى ﴿يبلغ الهدي محله ﴾ كناية عن ذبحه في مكان الإحصار
قال تعالى ﴿أخذته العزة بالإثم ﴾ذكر لفظ الإثم بعد العزة يسمى عند علماء البديع .. بالتتميم لأنه ربما يتوهم أن المراد عزة الممدوح فذكر بالإثم ليشير إلى إنها عزة مذمومة.
قال الله عز وجل﴿ قل هو أذى ﴾ تشبيه بليغ حيث حذفت أداة التشبيه ووجه الشبه فأصبح بليغا وأصله الحيض شيء مستقذر كالأذى ،
قال تعالى ﴿فبلغن أجلهن ﴾أي قاربن انقضاء عدتهن أطلق اسم الكل على الأكثر ، فهو مجاز مرسل لأنه لو انقضت العدّة لما جاز له إمساكها والله تعالى يقول :﴿ فأمسكوهن بمعروف ﴾
* قال أبو حيان التوحيدي : تضمنت الآية الكريمة من ضروب البلاغة وصنوف البيان أمورا كثيرة منها : الاستفهام الذي أًُجري مجرى التعجب في قوله تعالى﴿ألم تر إلى الذين ﴾ والحذف بين﴿موتوا ثم أحياهم ﴾ أي فماتوا ثم أحياهم ، والطباق في قوله تعالى﴿موتوا ﴾﴿ أحياهم ﴾وكذلك في قولهعز وجل ﴿يقبض ﴾ و﴿يبسط ﴾ والتكرار في قوله سبحانه ﴿فضل على الناس ﴾ و
﴿لكن أكثر الناس ﴾والالتفات في ﴿وقاتلوا في سبيل الله ﴾والتشبيه بدون الأداة في قوله
﴿قرضا حسنا ﴾ شبه قبوله تعالى إنفاق العبد في سبيله بالقرض الحقيقي فأطلق اسم القرض
عليه، والتجنيس المغاير في قوله تعالى ﴿فيضاعفه ﴾ وقوله﴿أضعافا ﴾ .
قال جل جلاله ﴿أفرغ علينا صبرا ﴾ استعارة تمثيلية فقد شبه حالهم والله تعالى يفيض عليهم بالصبر بحال الماء يصب ويفرغ على الجسم فيعممه كله ، ظاهره وباطنه فيلقي في القلب بردا وسلاما وهدوءا واطمئنانا .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|