عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
لُعبتي الصباحية
لُعبتي الصباحية
أنفاسُ الخريف تُداعبُ أنفاس الصباح.. بينما أنا مُستلقية أُمارِسُ لُعبتي بين الوسائد الدافئة.. خلف الستائِر المُغلقة على نوافِذ غُرفتي الصغيرة.. التي تحتضن أحلامي.. وتُشاركني هدوء المساحة فوق سريري الذي تعِب مِن تقلباتي المُحتجة غضباً.. ما أقسى أن يأتي الصباح سريعاً.. بعد ليلة من التأمل.. والتكهن.. والتبصر..
لم يكن فوز ترامب بالمفاجئ لي.. كيف لا يفوز وقد وعد بِمُحاربة الإرهاب الفِلسطيني.. والإعتراف بدولة الإحتلال كدولة يهودية..
ودك أوكار الدواعش!
تخبطتُ غضباً.. كافة نقاطه التي ارتكز عليها لِأجل الوصول إلى البيت الأنيق.. تؤدي إلينا.. مِن كافة الجهات!
ألقيتُ بأريكتي المخملية ـالتي شاركتني أفكاري ـ جانِباً.. ونهضتُ أستقبِلُ أولى ساعات الصباح بتثاقل.. أزحتُ الستائِر عن لون النهار.. كانت الشمسً تختبئُ خلف الغيم السابِح.. وخطوات الطلبة فوق الأرصِفةِ تتركُ وقع انطباعاتهم عن الانتخابات الأمريكية.. لا شك وأن جل اهتمامهم كان مُنصبٌ على السيدة ترامب وأناقتها.. إنها هي مُلائمة للبيت الأنيق
بملابِسها البيضاء .. وشعرها المُنسدل فوق أكتافها بانسيابية.. خطواتها المدروسة.. لم تكن مُرتبكة.. إنها مُعتادة الإضاءة.. والسجاد الأحمر..
لو أعارتنا شيئاً مِن حياتها.. وبعضاً من يومياتها.. لتوقفنا عن التفكير بالمُنغصات المتوالية.. من داعش والنُصرة.. قلت في نفسي
ثُم غادرت غُرفتي.. كان التيار الكهربائي متوقفا عن الضخ على مايبدو.. كُنت التزمت بالنوم باكراً والاستيقاظ باكِراً ذات عامٍ مر عليّ دون مُتابعة الأخبار.. فنجحت بإهمال الكهرباء.. وتخليتُ عن قلق انقطاعها.. لكن ظروف الانتخابات .. ومتابعة الأخبار.. فرضا عليّ القلق والسهر.. والتكهن طيلة الأربع وعشرون ساعة يومياً! أمام شاشات التلفزة.. وعبر أروقة الشبكة العنكبوتية ..
تفقدتُ ملامحي المُتعبة.. إنه السهر الذي يدعني أُصنِفُ الأحداث
وأُلونها حسب تكهناتي.. لا أعلم لِما شعرت بالارتياح لخسارة هيلاري! لقد أعادتني لِحقبة كوندليزا رايس.. هل تعود الكوندليزا ذات انتخابات.. فتُرشح نفسها ـ لِرئاسة العالم ـ أقصد لِرئاسة الولايات المُتحدة..
أنهيت أعمالي الروتينية مِن تناول الفطور.. وتوضيب حقيبة حاسوبي الشخصي.. وتنسيق ملابسي.. لأبدو ذات إطلالة مُختلفة.. لقد تركت السيدة الأنيقة انطباعاً إيجابياً لدي.. كم تبدلت نفسيتي رغم أنني كُنت مُرهقةً ..
استقليت السيارة بتأني.. وحذر لِأصطدِم بدراجة موزع الصُحف.. الذي كان ينطلِقُ على عجل ليوصل أخبار البيت الملون للقُراء في بيوتهم المتواضعة.. الدافئة..
تبعثرت الأنباءُ هُنا وهناك.. بقوة الرياح التشرينية.. لكنه تمكن مِن جمعها ثانيةً.. وحملها بين يديه، بينما عيناه مُنشغلتان بمتابعتي .. تأخرت في الوصول إليه بِضع ثوانٍ.. كم بدت مهمةٌ هذه الثواني.. لقد أنجز عملاً مهماً خلالها.. لقد منع انتشار الأنباء الصباحية.. ليوصلها للمنازل بكل أمانة.. على مايبدو أننا مُتفقين بالترتيب.. والتقدم باعتذار رقيق مني كافٍ ليصفح ويمضي كُلٌ منا إلى غايته.. لكنه سُرعان ما أنبني بِنظرة ثانية .. جعلتني أتراجع وفوق شِفاهي ترتسِمُ ابتسامة خادعة.. تُحاول إرضاءه وتقبل ما حصل بكل رضى..
تابعتُ قيادة السيارة من جديد..بين الأزقة الضيقة .. مُبتعدة عن الإزدحام .. وضجيج المُفاجأت الداعشية .. مِن سيارات مُفخخة .. وقناصي الدقائق الهامة.. لأصطدِم مِن جديد بمربع رُسم وسط الشارع..
تلى المُربع مربع ثُم آخر.. تناثر فوقهم بِضع قطرات حمراء.. تمهلت مُتابعةً آثار الدِماء البريئة، التي رحلت على عجل.. غير مُكترِثة بنتيجة الإنتخابات الأمريكية .. ولا بأناقة السيدة الجديدة ونحافتِها.. ولا بمراسم تنصيب الفريق الفائز لِرئاسة تدمير العالم..
مرت سحابةٌ رمادية أعلى المربعات الحمراء .. أرسلت بِضع قطرات مِن المطر.. اتحدت والدماء المُتناثرة، بِكُل رفقٍ ولين..
كانت كمن يُحدثها أخباراً غير تِلك التي نقرأها ونسمعها أو نُشاهِدها عبر الفضائيات..توالت السحابة بالانخفاض باعِثةً مِن ثغرها القطرات رشيقة .. لِيبدأ جريانها مُتحدةً بالدماء ..تابعتُ المشهد مِن خلف نافِذة السيارة.. لينتهي بي الطريق أمام مكتبي الذي لحقت به أضرارٌ طفيفة جراء سقوط شظايا بِالقُرب منه..
تأملتُ وجه السماء.. هُناك احتفالات.. وهُنا قلوبٌ تبحث عن الإنسانية تحت سحاب رماديُ العبرات.. حملتُ حقيبة حاسوبي
الذي أودعته أسرار مكتبي .. وحياتي اليومية.. مؤتمنة الكاميرات على سيارتي، ومضيت إلى استئناف نشاطي المُعتاد في فن المُحاسية .. غير مُكترثة بألوان القذائف والشظايا.. سيكون كُل شيء على مايرام ذات نهارٍ.. وإن طال الإنتظار..
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب
رد: لُعبتي الصباحية
[align=justify]الأخت الغالية عروبة، أسعد الله أوقاتك...
بعد كلِّ غياب اضطراري عن الموقع، يكون أول ما أفعله، حين الدخول إليه، البحث عمَّا ما فاتني من كتاباتِ بعض أعضاء الموقع الذين أكره أن يفوتني أيٌّ من إبداعاتهم التي نشروها في غيبتي..، وأنتِ من هؤلاء الذين أبحث عن كتاباتهم، وكذلك السيدة هدى وأخي محمد الصالح والدكتورة رجاء وآخرين أفاضل مثلكم..
وقد أوصلني بحثي هذه المرة إلى قصتك الرائعة هذه..، فإذا بي لا أُفاجَأُ بروعتها فقط، بل بعدم وجود أيِّ تعليق بعدها!.. لماذا؟
لن أخوض في هذا الاتجاه الذي بات يبدو لي الخوضُ فيه عقيمَ الفائدة، بل سأذهب إلى القصة التي أسرتني بجمالية أسلوبها وشفافية عبارتها، وتلك القدرة التصويرية المذهلة التي تفيض بها مخيلتك صوراً في غاية الغرابة ولكنها في غاية الجمال أيضاً وفي غاية القدرة على التأثير في قارئها..
هذا من حيث الأسلوب.. أما من حيث المضمون، فمقاربتك لموضوع انتخاب ترامب وظلاله الراهنة والمُتَوَقَّعة مستقبلاً، فقد كانت مقاربة لافتة أيضاً، وكذلك الربط بين الحدث الانتخابي الأمريكي والموضوع الوطني والدم الذي سفحه الإرهاب على الأرض ليمتزج مع مطر السماء، فقد كان ناتج هذا الربط الآسر معادلة من العيار الثقيل دلالياً وعاطفياً وإنسانياً..
ما أروع ما قرأت، سيدتي..! أنتِ مبدعة متميزة بحق، ويسعدني دائماً أن أتمتع بقراءة ما تجود به قريحتك..
دمتِ تلك المبدعة الآسرة، وتقبَّلي محبتي وتقديري..[/align]
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: لُعبتي الصباحية
هل أقول لكم بأنني عُدتُ تلميذةً تقرأ قواعِد اللُغة العربية .. لأحظى بمروركم وإعجابكم
د. محمد توفيق الصواف
هي محاولة مني للاقتراب من الواقع أكثر.. الأسلوب واللغة .. فعلاً خيالي كان أقوى في
المُساعدة على اختيار المفردات لوصف تفاصيل الأمور..
على الدوام أنتظركم
ولو أبى آخرون التعليق .. سيعودون ذات ربيع
تقديري واحترامي لكم دكتور
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام
رد: لُعبتي الصباحية
[align=justify]أختي الغالية الأديبة عروبة..تختفي عناوين كتابات بعضنا ، بسبب ما يُعرض في الموقع من مواضيع أخرى قد لا تكون ذات أهمية..يختفي الإبداع وقد يطفو غيره ! لذلك أعتذر ..أزعم بأنني مدمن قراءة كل ما يُعرض ، ولكن ما مرت أمامي قصتك!
لن أزيد على ما قاله أخي الأكبر الدكتور الصواف فقد وفى وكفى ! غير أنّ ما يستهويني في كتاباتك الكم الهائل من النشاط وحركة الجمل الدائمة والمرتكزة على الواقع/الخيال..فقوة الدال والمدلول والدلالة (بحسب اللغويين) طاغية! شكرا لك على متعة القص..تحيتي وإعجابي..[/align]
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: لُعبتي الصباحية
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري
[align=justify]أختي الغالية الأديبة عروبة..
لن أزيد على ما قاله أخي الأكبر الدكتور الصواف فقد وفى وكفى ! غير أنّ ما يستهويني في كتاباتك الكم الهائل من النشاط وحركة الجمل الدائمة والمرتكزة على الواقع/الخيال..فقوة الدال والمدلول والدلالة (بحسب اللغويين) طاغية! شكرا لك على متعة القص..تحيتي وإعجابي..[/align]
أ. محمد الصالح
شُكراً التقييم .. والمرور.. لكم أحلى التحايا
تقديري ومودتي
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: لُعبتي الصباحية
أ. مرمر نورت مُتصفحي الذي ينتظرك على الدوام
مرور وتعليق مشكورين
تحيتي ومودتي
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف
رد: لُعبتي الصباحية
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. رجاء بنحيدا