شذرات من مقال الدكتور سليمان الشطي في عدد مجلة العربي رقم 709 - ديسمبر 2017 بعنوان "مشهد مؤلم" اللغة العربية في عصرنا.
تستحق اللغة العربية منا الكثير وما ينالها منا غير القليل، وهذا القليل لا يكاد يظهر. وهذا الإهمال جعل الكاتب يركز على قضايا اللغة العربية الداخلية، أي الحديث عنها باعتبارها لغة قومية لها كيان وثروة غنية من الألفاظ والمصطلحات التي تجعلها ذات قدرة على البقاء وتلبية حاجات العصر. ولها إمكانات تطور ذاتية. اللغة العربية لها أهميتها وهي ضرورية في حياتنا العملية. وهي أيضاً لغة قومية تلتف الأمة حولها وترى فيها عنواناً لوجودها ووسيلة لتعاملها في الحياة. لكن الكاتب يرى أن لغتنا يتيمة الأب، ويعني بذلك أنه ليس وراءها من يرعاها كما يرعى الأب أبناءه ويقصد بذلك "الأمة" فأمة العُرب قد خذلت اللغة العربية في أيّامنا هذه ولم تناضل من أجل بقائها واستمرارها. لكني لست مع الكاتب فيما ادّعاه فاللغة العربية قد تكفّل الله بحفظها بحفظ كتابه الكريم وهيأ لها من علماء اللغة ومجامع اللغة في القاهرة ودمشق وأحسب في بغداد أيضاً، كما المعاهد التي تدرس اللغة العربية في كل أرجاء العالم العربي. وأورد الكاتب كذلك أمثلة اللغات الإنجليزية والفرنسية والفارسية والعبرية. وجنح الكاتب في مقاله جنوحاً خيالياً عندما أورد قصيدة للشاعر الكويتي محمد المشاري بعنوان "البائسة" صور فيها اللغة العربية كامرأة عجوز هي أم عقها أبناؤها. ولهذا نجد أن الموضوع قد خرج عن إطاره العلمي إلى آفاق خيالية، وقد كنا نحسبه أن يبرر آراءه التي افتتح بها موضوعه. فيخرج بعدها موضحاً بمثال استعمال الناس في دول الخليج العربي للغة الإنجليزية في الأسواق والمستشفيات والشركات إلخ.
تأتي على ذاكرة المؤلف زيارته لألمانيا وكيف أن الألمان يعتزون بلغتهم ولا يخطر على باله تعصبهم الأعمى للغة حتى أنني حين كنت في ألمانيا استعجلت الرحيل. كما ذكر المؤلف عندما كان ابنه في أحد مطارات الولايات الجنوبية في أمريكا وتحدث الإنجليزية حيث الغالبية تتحدث الإسبانية فلاقى استهجان الموظف. ثم ضرب مثلا لاعتزاز الرئيس الفرنسي ديجول والزعيم البريطاني تشرشل بلغتيهما.
وفي نهاية مقاله أحبّ أن يَخرُج ويُخرِج معه القارئ من هذا المأزق، وهو تطبيق ما نصت عليه دساتيرنا العربية من أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية والتمسك بتحقيق هذا على صعيد الواقع، ومن حق المواطن أن يخاطب بلغته وتوثق عقوده بها وبها يعلم أبناءه وتنطق وسائله الإعلامية بها من دون أن تزاحمها لغة أخرى. وبها تسمى متاجر بلده، فإنها لغة كريمة تستحق كل ما يبذل من أجلها.