الظلم لغة: الجَوْر ومجاوزة الحد، وأصله: وضع الشيء في غير موضعه المختص به؛ إمَّا بنقصان أو بزيادة؛ وإمَّا بعدول عن وقته أو مكانه. وقيل: هو التعدّي عن الحق إلى الباطل، والتصرُّف في ملك الغير، ومجاوزة الحد؛ ويؤخذ على وجه القهر؛ ويكون في البعض والكل. ونقيضه: الإنصاف، أي إعطاء الحق على التمام، والعدول بالفعل إلى الحق (تاج العروس: ظلم، مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني 537، التعريفات للجرجاني 186، الفروق اللغوية لأبي هلال العسكري 385).
أقسام الظلم
الظلم ثلاثة: الأول، ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه: الكفر، والشرك، والنفاق، ولذلك قال تعالى: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ﴾ ـ لقمان 13ـ، وإياه قصد بقوله: ﴿ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ﴾ ـ هود 18ـ، وقوله: ﴿ وَٱلظَّٰلِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًۢا﴾ ـ الإنسان 31ـ، وقال: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ﴾ ـ الزمر 32ـ، وقوله: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۗ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾ ـ الأنعام 93ـ. وآيات أخرى كثيرة.
والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد تعالى بقوله: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ۖ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ ـ الشورى 40 ـ، وبقوله: ﴿ إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ﴾ ـ الشورى 42ـ، وبقوله: ﴿ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا﴾ ـ الإسراء 33ـ.
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصد تعالى بقوله: ﴿ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ﴾ ـ فاطر 32ـ، وقوله: ﴿ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي﴾ ـ النمل 44ـ، ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ﴾ ـ النساء 64ـ، ﴿ وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ ٱلظَّٰلِمِينَ﴾ ـ البقرة 35ـ، أي: من الظالمين أنفسهم، وقوله: ﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ ﴾ ـ البقرة 231ـ.
وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛ فإنَّ الإنسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه، فإذا الظالم أبداً مبتدئ في الظلم، ولهذا قال تعالى في غير موضع: ﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ـ النحل 33 ـ، وقال: ﴿ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ ـ البقرة 57ـ، وقوله: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ﴾ ـ الأنعام 82ـ (مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصفهاني 537- 538).