[رشيد الميموني]

ذكريات الغدير : علاقة حب

لشد ما كان يبهرني منظر العشب المبلل بماء المطر والشمس ، تشرق من جديد في سماء صافية الأديم بعد أيام ممطرة ، ثم لهوي مع أقراني بالكرات الزاهية الألوان لتمتزج بألوان الزهور المحيطة بنا على ضفة الغدير .
وكم كان شعوري بمتعة غامرة وأنا أجلس على ضفة ذاك الغدير بعد أن ينصرف الآخرون ملبين دعوة أوليائهم للالتحاق بالحقل فيسود السكون من جديد بعد جلبتنا وصيحاتنا ونحن نلهو بالكرات الصغيرة .
كانت تلك أسعد لحظاتي وأنا أخلو إلى الغدير .. كأننا على موعد .. ليبدأ حوار هامس بيننا يتخلله بوح وشكوى واعترافات .. كنت أحس به ينصت لي باهتمام ثم أصيخ السمع لأحس بما يقوله لي ..
في مرة أسررت إلى أحد رفقائي بعلاقتي بالغدير فنظر إلي بريبة وما لبث أن شاع الأمر بين أقراني لتبدأ الشكوك حول إصابتي بمس . فالمكان ، حسب روايتهم ، يعج بالجان خاصة حين يخلو من الإنس .
كان ذلك يؤثر على نفسي ويحزنني فتخبو مؤقتا جذوة متعتي بحديث الغدير بل وأهجره أياما ، فأعرضت عنهم عازما على الا أبوح لأحد بشيء مما أحسه أو أفعله في خلوتي مع الغدير .
ويبدو أن رفيقي الذي أذاع الخبر أبى إلا أن يقدم لي خدمة دون أن يشعر . إذ اغتنم فرصة انشغال مدرسنا بتصحيح بعض الأوراق في فترة الاستراحة ونحن نلعب بالقرب من الفصل الدراسي على مشارف الوادي ليخبره بشكوكه حول صحتي العقلية ..
انتهت فترة الاستراحة وبدأت الحصة من جديد .. كان الجميع يعلم ما قاله رفيقي للمعلم وكانوا ينتظرون ردة فعله التي لم تتأخر ..
"اليوم أدركت أن من بين تلامذتي من يحمل حسا راقيا تجاه الطبيعة التي تنتظر منا الحب ما دامت تحبنا بجبالها ووديانها وتلالها و- ثم التفت الي مبتسما – غدرانها .. جميل هذا الشعور الذي يصل الى الاحساس بأن هذه العناصر تبادلك الحديث .. ويا ليت الجميع يمتلك هذا الاحساس .."
أطبق الصمت وكأن على رؤوس الحاضرين الطير .. دمعت عيناي وأنا انظر الى معلمي .. متمنيا لو عانقته في تلك اللحظة التي طار فيها فكري إلى الغدير لأعتذر له عن غيابي الأخير .
بعد الحصة انطلقت كالمجنون ، لأجد غديري مبتسما وكأنه كان يعلم كل ما سيحدث .

[خولة السعيد]

نص جميل وراق... ذكريات لابد أن استرجاعها كان فيه شيء من اللذة والحنين ، ولربما شاركك الغدير استرجاعها وأنتما تنظران لبعض...
لطالما اتهمنا بالجنون أو بالمس لأننا نحدث ما يبدو للآخرين جامدا في حين نسمع ( نحس ) منه ردا ونتبادل أطراف الحديث، ولا أخفيك أني كنت أحدث وأعد الطبيعة بل حتى ذكرياتي وطفلة بداخلي أستطيع استرجاعها والحديث إليها ووعدها والوفاء بالوعد .. ربما لأني لا أتمكن من مجاورة الطبيعة كثيرا ( جنون أكبر / ابتسامة) ..
هنيئا لذلك الأستاذ الذي ما زلت تذكره بالخير ، فلعله واحد من الذين نقشوا حب الطبيعة أكثر بقلبك ..
الصورة المرافقة تبهج الصدر ، فشكرا لك على متعة النص والصورة والحنين

[رشيد الميموني]

العزيزة خولة
ربما لا أستطيع ان اصف لك حالتي الان بعد سقوط مطر الخير لما له من وقع على نفسي خاصة حين اتواجد بين الجبال .. يشتد شوقي وحنيني للتواجد بين الوديان والحقول تحت المطر الغزير ..
شكرا لمرورك الذي أيقظ في نفسي هذا الحنين
دمت بمودة

[عزة عامر]

يبدو أن نور أدب لا يجذب إلا المتشابهون ، لا أخفيكم سرا كنت ولازلت أفعل ذلك ، وأخشى أن أبوح لأحد بيسلقني بسخرية ومزاح ، الأشياء الجامدة من منظور البشر لا تملك حسا ومشاعرا ، ولكن هناك نوادر فيهم يتعلمون أنها ربما أكثر شعورا بنا وفهما لنا من كثير الناس .. ويسعدني إن كان ذلك جنونا أن أكون كذلك ..
تذكرت بحروفك مواعيد الجنون ولقاءاتها ...

[رشيد الميموني]

اقتباس  عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزة عامر يبدو أن نور أدب لا يجذب إلا المتشابهون ، لا أخفيكم سرا كنت ولازلت أفعل ذلك ، وأخشى أن أبوح لأحد بيسلقني بسخرية ومزاح ، الأشياء الجامدة من منظور البشر لا تملك حسا ومشاعرا ، ولكن هناك نوادر فيهم يتعلمون أنها ربما أكثر شعورا بنا وفهما لنا من كثير الناس .. ويسعدني إن كان ذلك جنونا أن أكون كذلك .. تذكرت بحروفك مواعيد الجنون ولقاءاتها ...

يسعدني أن نتشابه في هذا النوع من الجنون (ابتسامة)
شكرا لحضورك البهي عزة