قانون الأحراج (من مواد الموسوعة الفلسطينية-القسم الأول -المجلد الأول)
قانون الأحراج (من مواد الموسوعة الفلسطينية- القسم الأول- المجلد الأول ):
يعتبر قانون الأحراج والغابات الإسرائيلي المعمول به حاليا امتدادا لقانون الأحراج والغابات البريطاني الذي سنته سلطات الانتداب في فلسطين, وصدر للمرة الأولى في كانون الأول عام 1925 وعدل عام 1926 .
أعلنت السلطات البريطانية المنتدبة آنئذ أن القصد من سنَ القانون المذكور هو حماية أشجار البلاد التي تقع ضمن ماأطلق عليه "الأرض المشاع" ووضعها تحت إشراف الدولة, سواء كانت مثمرة أو غير مثمرة . وقد عرف القانون " أرض الغابة " بأنها :" كل أرض مغروسة بأشجار غير مثمرة كثيفة أو غير كثيفة , والأرض المغطاة بالشجيرات الصغيرة التي يمكن أن تستخدم وقودا أو لصنع الفحم أو ماشابه ذلك, وكذلك الأرض المغروسة من قبل الإنسان بغراس الأشجار غير المثمرة أو الأشجار البرية التي تنمو من تلقاء نفسها ".
وقد ميَز القانون البريطاني بين نوعين من الأحراج ضمن مادة حددت الأحراج والغابات التابعة للحكومة , وتلك التي يمتلكها أشخاص. كما تنص هذه المادة على أنه يحق لكل صاحب غاية أن يطلب من الحكومة أن تضع غايته تحت إشرافها ومراقبتها وإدارتها, وفقا للشروط التي يتفق عليها الطرفان. كما خوَل القانون المذكور المندوب السامي وضع أراض غير مشجرة تستحق التشجير سواء كانت " الأراضي " ملكية خاصة أو مملوكة من قبل قرية أ طائفة تحت إشراف موظف الغابات , على أن يعطى الدخل الصافي الناجم عن استثمار هذه الأراضي لمن كان يملكها في السابق .
كذلك أعطى القانون السلطات المنتدبة صلاحية الاستيلاء على أي أرض تعتبرها "غابة دولة" . ولما كانت السلطات المنتدبة البريطانية قد استغلت أيضا قانون "الأراضي الموات" العثماني الذي ينص , في جملة ماينص, على أنه يحق للدولة الاستيلاء على كل أرض تبعد عن القرية مسافة لايصل إليها صوت المؤذن إذا ماقام برفع صوته من أطراف القرية فإن الحكومة البريطانية استولت في الواقع في أراض واسعة من فلسطين وحولتها إلى أراضي غابات أو منحت أقساما منها للمشرفين على الغابات .
وأعطى القانون البريطاني صلاحيات واسعة لموظفي الأحراج فيما يتعلق بتنفيذ المواد الخاصة بكيفية استخدام الأهالي للغابات ودخولها أو المرور فيها , والعقوبات التي تطبق بحق من ينتهك نصوص القانون الخاص بها .
وقد أدخلت (إسرائيل) تعديلات على القانون البريطاني في عامي 1956و1960. وجاء في هذه التعديلات , التي شددت بمقتضاها القيود المفروضة
على استخدام السكان للغابات أو مرورهم فيها, مايلي:" لايجوز لأي انسان كان الدخول إلى غابة الدولة أو إلى غابة خاصة خاضعة لإشراف الحكومة إلا بعد أن يحصل على تصريح خاص. وكل من يقوم بأخذ أشجار للبناء من الغابة أو كل من يقوم بقطع أو حرق الأشجار أو تقشيرها أو التصرف بها بشكل أو بآخر, أو كل من يقوم بقطع و نقل مافي الغابة من حجارة ونحوها, أو يحرق الحجارة لاستخراج الكلس, أو يصنع الفحم من الأشجار أو الزفت من دون أمر خطي صادر عن موظف الأحراج, أو من دون تفويض منه, وكل من يشعل حريقا في الغابة أو يضرم النار في شجرة دون حرص عليها, وكذلك كل من يتسبب في شبوب حرائق, ومن يمرر مواشي وحيوانات أخرى في الغابة, كل واحد من هؤلاء يتعرض لدفع غرامة لاتزيد على خمسين ليرة – أو يودع السجن لمن لاتزيد على ستة أشهر, أو تنزل به العقوبتان معا, بالإضافة إلى أنه قد يغرم بدفع تعويض عن الضرر الذي أحدثه في الغابة وفقا لما تنص عليه المحكمة .
ويمكن للمحكمة المنوط بها فرض عقوبة على كل أنواع المخالفات الواردة في هذا القانون أن تقضي بأن يدفع قسم من رسوم الغرامة إلى الشخص الذي جاء إلى المحكمة وأبلغ عن المخالفة . إضافة إلى ذلك يحق لموظف الأحراج أن يحتجز كل محصول غابة تنطبق عليه إحدى المخالفات , وكذلك كل الأدوات التي استخدمها المخالف أثناء العمل(أدوات – عربات – بهائم) . وهذه الممتلكات يمكن أن تخضع للمصادرة بصفة عقوبة إضافية إلى العقوبة العادية . ولكن في كل حال تصادر فيها الممتلكات يتعين على موظف الأحراج أن يبلغ حاكم المنطقة. ويحق للموظف أن يمنع كل من يخالف هذا الأمر دون أن يتلقى تخويلا قانونيا بذلك .
وقد ورد في تعديل القانون سنة 1956 أيضا مادة تصنف ما يسمى"بالأشجار المحمية" وتعددها. ولم يكن قانون الأحراج والغابات البريطاني يضم هذه التقسيمات , ولا حتى مصطلح "الأشجار المحمية ".
أما بالنسبة إلى العقوبات التي تطبق ضد المنتهكين لقوانين الأحراج فقد صدر في عام 1960 قانون "أنظمة الغابات الإسرائيلية" الذي منح صلاحية إدارة الغابات والإشراف عليها لموظفين مخولين إصدار تراخيص سارية المفعول بالنسبة إلى قطع الأشجار والرعي. كما يقوم موظفو الأحراج بجباية الرسوم المستحقة على التراخيص . وكل الأنظمة والأوامر خاضعة لوزير الزراعة, وهو يمنح من صلاحياته المسؤولين عن الإشراف والحراسة في الغابات .
وقد وردت في هذا القانون مادة تنص على أن "من يحرق أو يقتلع, عن سابق إصرار أو بصورة اعتباطية, شجرة تنمو في أرض خاصة أو حكومية قد يواجه عقوبة حبس لاتزيد على ثلاث سنوات. ويجوز إلزامه أيضا بدفع تعويض للمالك عن كل شجرة أو دغلة تضررت أو دمرت ".
وكان يشرف على الغابات في السابق قسم تشجير خاص تابع لوزارة الزراعة الإسرائيلية. إلاَ أن هذا القسم ألغي واستحدث قسم تشجير خاص بالغابة الطبيعية والغابة الاصطناعية يتبع الكيرين كايمت(الصندوق القومي اليهودي) منذ عام 1959 .
وقد عمدت السلطات الإسرائيلية إلى الاستفادة من قانون الأحراج للاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي العائدة للقرى العربية . إذ اتخذت هذه السلطات إجراءات مضادة عندما كان يتضح لها أن إجراءات التسوية , ولاسيما تلك التي تمت أيام الانتداب, لم تكن في مصلحتها. ففي زمن الانتداب البريطاني تمت عمليات تسوية الأراضي في كثير من القرى العربية . وسجلت الممتلكات الخاصة بأسماء أصحابها , أما الأراضي العمومية التابعة لتلك القرى , ولاسيما الأراضي الحراجية التي كان يستعملها سكان تلك القرى للرعي أو لقطع الأخشاب أو للبناء عليها في المستقبل, فقد اعتبرت ملكا مشاعا للقرية بكاملها وسجلت باسم المندوب السامي لمصلحة سكان القرية لعدم وجود مجالس محلية تسجل الأراضي باسمها في معظم القرى. وقد اعتبرت سلطات الكيان الصهيوني أن هذه الأراضي ملكها وما كانت لتسجل هكذا لو كانت التسوية تمت بعد قيام "الكيان" . ولما لم يكن بإمكان السلطات الإسرائيلية إلغاء إجراءات التسجيل فقد عمدت إلى إيجاد "حل" لذلك بإعلان تلك الأراضي أحراجا حكومية محفوظة . وبهذه الصفة الجديدة ماعاد جائزا لأحد استعمالها أو التصرف بها. وحتى سنة 1965 كان قد أعلن , مثلا, نحو 30 ألف دونم من أراضي قرى سخنين وطوعان وكفر سميع والرينة وجت وعرب السواعد, أحراجا محفوظة .
ثم عادت الحكومة وأعلنت في سنة 1969 قرابة 11,534 دونما أخرى تعود إلى أربع قرى عربية هي عين ماهل(960) دونما ودبورية (2,007) ويافا الناصرة (2,730) والمغار (5,837) أحراجا محفوظة .
ولقد دأبت السلطات الإسرائيلية على تفسير القوانين لصالحها من أجل مصادرة مزيد من الأراضي العربية . وكانت تعمد حيث لايمكنها تفسير القانون لصالحها, إلى سن قوانين وأنظمة جديدة, أو تقوم بالتحايل على القانون. والهدف من ذلك كله ابتلاع مزيد من الأراضي العربية. ولعل قضية أراضي كفر برعم خير مايجسد سياسة (إسرائيل) العنصرية ضد المواطنين العرب, وخاصة مايتعلق منها بنزع ملكية أراضيهم .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|