وانا اسبّح مع المسبّحين بسبحة حروفك
اميرة الحروف كل ما هنا جميل لا رائع بل اكثر
انتظر المزيد والمزيد
واتابع
................
الكريمة الغالية فاطمة .. هل تكفيك شهادتي أنّك الأرفع و الأرقى .. و الأجمل ..
أم سأحتاج لأن أبحث عن معان أخرى تتوّجك حقا مالكة على الإحساس المرهف .. و الحس الجميل ..
و الحضور الأجمل و الأروع ..
لا تكتمل سعادتي إلا حين أرى بصمتك تزيّن برقتها المسافات ..
سيدتي .. شكرا ..
محبتي ..
... لم يزعجني جلوسها رفقة رجل، بقدر ما آلمني احتكاكها المشبوه بفؤاد .. و هو المهووس بالتسكّع الحر في الشّوارع و المدن النّسائية للتّرفيه المؤقت فقط .. و هي أنقى ما في الدّنيا .. و أصدق شيء لامسته مخيّلتي واقعيا .. حتّى انكسر الواقع فجأة، على إثر مزحة خريفية متنكّرة .. و تبعثرت شعاراته أمامي، فكان صعبا أن أرفع الحروف المتكرّرة بشرعية معدومة .. لأعيد كتابتها فوق جزء منسوخ عنها، أتلفته فرضيّة الاستنساخ .. لذلك كان التّقليد جريمة عظمى ترتكب في حقّ الأنوثة .. !!و عقابها، أن تموت الذّكرى شنقا .. بالرّسمية الّتي يرفضها فؤاد .. و توقّرها سذاجتي المصلوبة على حائط غربي .. ترفّع يوما ليعلّمني كيف تمارس الرّجولة رغما عنّي .. بأشيائي .. و عطوري .. و امرأة تنكّرتُ لها بزيّ الجنون حتّى عشقتها لحدود الموت .. فكان أن قتلتني بأسلحتي ..
كان صديقي و كنت أحبّ فيه وداعته و تنّصله من الجدّية، الّتي يلبسها دوما بذلة رسمية، في حين هو يتبرّأ من كلّ ما هو رسمي، مولعا بكلّ ما هو مستورد من السّترات الجلدية السوداء و النّظّارات الّتي تذَّكرني حين أراه، بمافيا الأفلام السّينمائية، لكنَّها مع ذلك تُكسبه وقارا خاصا و جاذبية صارخة،كان متمرّدا على كلّ ما له صلة بالعادات و التّقاليد الكاتمة على النّفس ..
لا يمرّ يوم دون أن يضع في حقيبته و بين أشيائه الخاصة، رقصة لأنثى محنّطة .. و كأنّ النّساء عنده، أشياء للاقتناء و المساومة، لمن يملك أكثر جاذبية و قدرة على تشفير الأنوثة بطريقة يصعب معها تصميم رقم معيّن من جسد الصفر .. !!
مع كلّ سيجارة كان يشعلها .. تتشبّث أنثى بدخانها لتعود إلى نَفَسِه، يعيد طرحها بدخان مفصول الأجزاء .. يستحيل فرز السّقيم منه عن ما تبقّى من كبرياء محموم .. و كان الدّخان متطرّفا جدا، لا يقبل فصل معانيه .. يرضى فقط بالدّفعات المشبوهة بانتقام مجهول ..
حين سألته عنها ابتسم .. ابتسامته الماكرة، الّتي اعتدت رسم انعراجاتها على وجهه الوّسيم، اللّئيم، بطريقة يمكنني معها تحديد مناطقها الآهلة بزهو مخادع و مكامن انتصار .. و منطقة غامضة .. تفضح انكسارا داخليا، مجهولا ممسوح المعالم .. إلّا من ذرّة غبار ..
قال :
مجرّد صفقة نسائية يا صديقي .. ستنتهي بمجرّد التّمويل الكامل ..
و كنت أعلم تماما مقاصده الدّنيئة و أهداف صفقاته المشبوهة .. جيّدا .. خاصة إذا تعلّق الأمر بصفقة نسائية خالصة، حتّى البّوليس الدّولي، لن يكشف خارطة ألاعيبه المقنّنة و المدروسة بحنكة رجل قانون مقتدر ..
فكلّ زبوناته يوقّعن على عقود نزع للملكيّة، بإدراك تام و أهليّة قانونية و رغبة مستميتة في قبض ثمن البّيع نقدا .. ( بحرقتين ) .. !لكنّه بعدها يتوارى و تخلفه أوراقه الموثّقة و مساعيه السّلمية من أجل قضايا نسائية .. !!
هذا ما آلمني جدا، لحدِّ البّكاء المغترب .. بين أسوار مدينة غير مدينتي، تلك الّتي علّمتني كيف أتنّصل منها .. كما أتنّصل من امرأة خائنة ، حين استَرْجَعَت منّي شيئا لي و وزّعته على الأرصفة، كي تنتعله الفصول كلّما مرّت قُبالة جرحي، بجانب الوّادي الّذي جرى يومها من عروقي و جفّ على حدودها ، أبكي على مشارف خريف غير ذاك الّذي داعبت رياحه خصلاتها يوما و هي جالسة، بين فكّي رجل آخر .. ذئب آخر .. رمزا آخر من رموز ديكتاتوريات الحبّ الملفّق .. أكثر جرأة على ترويض الجموح و الجروح .. قصيدة لا تمتّ لعربيّتي بصلة، غير أنّها جاءت ملثّمة .. بعبرية دنيئة .. كأنّها أعادت تشكيل لغتي بحركات جديدة لا أفقه منها شيئا غير أنّي أخرسٌ أمامها .. حاورتني في وقت تبعثر فيه لساني بين شاهدين .. الخريف و جثّثي .. و شيئا من كلمات مبهمة خرساء ..
الخريف في قريتي .. يعتزل طقوسه و يفنّد أقاصيص انهمار الأوراق التّالفة .. و يرشو السّماء كي تمطر، فتغفو مع سحر أمطارها، كلّ رغبة مستعرة في البّكاء ..
وحدها المشاعر العاصفة تُبكي غيوم الشّتاء و تعزف لحنها الممزوج برقصات خريفية خفيفة لأشجار الزّيتون العارية، في موسم جني الزّيتون ... موسم قطف الثّمار لا سقوطها المنهار على حواف الوادي .. فكلّ ما تحبطه شرعيّة ساكنة لا يصلح لأن يتبنّاه الوطن و لا الحبّ .. كلّ شيء توثّقه قوّة السّيف و التّصديات .. لذلك كانت الثّمار المتساقطة من تلقاء نفسها .. شمسا محذوفة من تاريخ الشّروق المرفوع قهرا على كتفيّ الجبل .. عارا على قدسية الزّيتون .. خدشا على ملامح العروبة ..
الخريف في قريتي يستنطق المرايا .. بتغريد عصافيره و هي في أعشاشها مختبئة، موقّرة للرّسائل المشفّرة الّتي يبعث بها عاشق ما، لتلتصق بشجرة زيتون ..كلّ حبّة زيتون مناضلة في سبيل قصص العشق البريئة .. تتصفّح كلّ رسالة ثم تشهق و تتأوّه .. الجني هو اغتيال صريح للأسرار المدفونة ..
الخريف في قريتي، يدّق الطّبول قبل كلّ فاجعة إنسانية .. حتّى تختفي الجرذان .. و تتسلّل الأرانب خلف الأحراش .. و تداري الورود انسكاب عطرها بجرح من شوكها المسموم ..
كلّ غارة جوّية تسبقها صفّارة إنذار .. و وقت معلوم للانصراف اللّيلي .. يتوقّف القصف المزعوم فجأة .. لتختفي المجوهرات و خرائط الكنوز المدفونة في الممرّات السّرية و تحت أرض الأبنية القديمة و الجرائد التّاريخية و المجلّات الإباحية، الّتي تحلّل لك سربا من جرائم الأموال و النّفوس و القلوب و حتى سرقة الأفكار و الخواطر .. و الحفلات الغنائية على عزف قذائف الجمر و القهر و حتى الشّعر ... المصطلحات المسخّرة خدمة للقضايا الإنسانية و العاطفية، قد تتبادل كلماتها هنا لتصبح غارة فقط .. فكلّ الاحتمالات ممكنة و صائبة في مدلولها العام ..
[align=justify]... كما استباحت هي .. على نفسي و أوراقي ليلتها غارة شعرية .. مدمّرة .. قريتي الّتي تشحن ذاكرتها .. قبل أيّ ممارسة خريفية، حتّى لا تقع في براثن يُتْمٍ خاص .. يفرغها من محتواها و يصادر عنها ترياقها .. الّذي يجب أن تأخذه لعمر خاص، جرعة .. جرعة مع الفصل بين الجرعات .. حتّى تتوالى بعد ذلك الانتكاسات و الأشجان، دون أن تلملم عنها كلّ أوراقها .. و أزهارها .. و تتركها عارية .. في حين أنّ فصل الدّمار لم يحن أوانه بعد .. فكيف ستجابه خافقاته الملتهبة .. ؟ و في حضنها انتكاسة صيفية .. يحدث أن تقع مشادة كلامية بين فصلين .. فصل ألّح على معاقرة داره طيلة موسمين، نكاية في تعاقب الفصول المشبوب بعدالة مجروحة .. و فصل كان يجهّز حقائبه للعودة للوطن .. فتنقلب قوى الطبيعة ضدّي و ضدّ كلّ متيّم بأشجار الزّيتون .. اليتيم إلّا من ظلّ شجرة .. فأتساءل عن أحقيّة الانتماء .. ؟ و أيّ فصل أجنبي .. ذاك الّذي يرضى أن يتكفَّل بيُتم الطبيعة .. ؟ إلّا لدوافع إجرامية، ديكتاتورية.. ساعتها ستفقد الطبيعة ألوانها و تقتفي السّواد .. و تلاحقني به .. أصبحت المدينة دون ملامح ( تماما كما هي الآن .. فاقدة لملامحها بوشاية حجر كان يتصنّت عليهما صدفة، حين مرّرت شيئا من شواهدها فوق سكونه فأيقظته .. و استرسلت تمدّه بالذكرى كي يستشهد بها حين يراني متكئا قبالتهما .. أتجرّع ألمين .. ) .. أضاعت القرية معالم فصولها و اختفيت أنا خلف عباءة مطرّزة بأنواع الأوراق المتساقطة و المبتلّة و الجافة و الهرمة و المتيّبسة و المزهرة و الخجولة و الجريئة في تنصّلها المرغوب من جدودها لأجل رجل .... !!! ( و كأنّه احتياط النّفط العالمي !!!!! ) لتدفئة الفصول الباردة بنفحات ليلية مكيّفة لأجل الحار منها ... وحده الشّتاء يحمل قسوة خاصة .. و دفئا خاصا تستدعيه القسوة أحيانا ليتربّص بعودة محتملة و حنان لمعاودة تجربة قاسية .. على أعتاب صفعات للمطر و الثّلج و البَرَد و أصداء الرّعد المخيفة المصطدم أيضا بجذع شجرة زيتون عتيقة بأوردة جافة .. وحده الألم يدعوني لاستدراج أمسية خريفية لتبادلني اشتياقي الرّهيب لإعصار مدّمر .. كي تمارس شذوذها على وجنتيّ و تبكيني رغما عني .. و حده الشّجن القاتم يطفئ انسكاب النّور من قمر مسلوب البزوغ الحر .. تفاصيل أيلول في تلك المدينة شوّهتها تصاميم متطابقة بصورة خاطئة .. فانتقم الخريف و وزّع موجاته الكهربائية على أنهار العالم ليكون التّشبّع قويا .. و الحريق مهوّلا .. ناحية الشّرق يرقد تواطؤ رهيب .. يرفض أن يحمّلني شيئا من شراراته كي أحرقها .. و أحرق صفحة من صفحاتها .. كفيلة بأن تحرقها في كلّ الصفحات .. فالاحتراق القاتل لا يتكرّر مرتين .. كي أسترجع شيئا منّي فقدته على خلفية غيرة حارقة، كتلك الّتي قلّدتني إياها تحت شجرة خائنة .. خلَّفتني بذاكرة مفحّمة .. و جسد مصلوب .. فنجان قهوتي لتلك اللّيلة .. قهر مرارته و أشعل طيفها فوق رغوته المجنونة .. ذابت كقطعة سكّر مستسلمة .. لم أشربه .. لكنت متّ من سمّها المدفون بلياقة شديدة، تحت تلك الغيمة السوداء المخادعة .. رقدت لهفتي و بثّتني على بعد ارتشافتين من عمر زمنها، كلّ السّم و كأنّ أفعى سكنت قعر الفنجان و اختفت في متاهة عملية الإذابة .. سمّها المهجور من زمن آخر حبّ .. يصلح لأن يعبّر جدّيا عن مشاعر نبيلة .. عدت لقريتي .. بعدهما بساعتين .. كانتا هديّتي للصّاعقة، كي تتسلّى بسحق ألوانها على جسدي .. ثم أتفرّغ بعد ذلك، لمحو خربشات طفولتهما من على جدار شعوري .. عدت لقريتي كي أداوي جرحا خلّفته ورقة جارحة، من خريف صديقتي و رفيقها ... !!! و حتى أستجير بخريف قريتي .. علّه يثأر لي من لحظة شجن لقنّني إياها خريف المدينة الظالم .. القاسي .. تحت شجرة أوراقها غيورة جدا .. ترفض كأنثى أن تداعبني ورقة شجر متمدّنة .. و كأنّي أقتصّ منها ومن فصلها الكلاسيكي التّافه .. و من طقوس الحبّ الأيلولية الممارسة بإسراف شديد تحت غيمة متواطئة .. و شمس غائبة مرشوّة .. و حضور أقل ما يقال عنه أنّه الجنون بحاله .. امرأة حشدت كلّ أناقتها .. لتراهن على أنّي رجل سهل أن أهزم بتواطؤ خريفي و شجرة فقدت شاعريتها .. و رجل هو صديقي .. و هفوة رياح مشّطت شعرها أمامه و أسدلت خصلاته الممشوقة، لتغطّي حنقي و غصّتي، حتّى تلطمني بموج تجاهلها .. عدت إلى قريتي لأنّي فقدت وعيي على إثر إطلالتها المشرقة ( أكثر مما ينبغي )كأنّها شمس طلعت محترقة، لتنتقم من مُدَخّن سجائر أجبرته امرأة على تدخين عشر علب فانفلت الدّخان منها بشكل تطوّعي .. ليُغلّف السّماء بسحب مدمنة، أرهقتني من فرط إدمانها .. فهاجرت .. انفرجت لي حدود الوّطن كي تطوّقني و تسلّمني شبه ميت لعهدة أشجار الزّيتون كي تتكفّل بعلاج قُرحتي و تُلطّف جرحي، بغصنها الّذي تبرّأ فجأة من خريف ظالم و تحالف مع الشّتاء ..
... الشّتاء هذه السّنة جاء باردا أكثر من سابقيه ... و كأنّه فقدان موسمي لعاطفة دافئة و لحضن موقد كلاسيكي بمدخنة و إطار يُفطر على فحم قروي فاخر .. و أعواد و أغصان .. و لفافة تبغ ضخمة تُعطِّر المكان من وحي مسكها الأخاذ، تنفث دخانا جائرا من صدري ذات زمن بعيد .. !! تطاردني بلعنات زمني الحاضر بدخانها، نكاية في روما و ركحها المسرحي، ذاك الّذي لفظ آخر أنفاس لعشق قديم .. قبل قرون من حادثتي .. في اقتباس تاريخي للوجع و للخيانة .. هل يعقل أن يتلثّم الزّمن فجأة و يفاجئني بأصفار و أرقام فوضوية تربكني .. تلك الّتي يعترف بها العالم من حولي .. تعترف بها التوابيت القديمة .. و القبور القديمة و الأسرار الفرعونية و جسد كليوباترا .. أنثى الجمال الشاهق .. ثم يستفيق و ينزع قناعه فجأة أيضا و يقلّدني رفاته و فوانيس الشّرق الخافتة، المنهارة .. حتّى أنطفئ و بين شفتيّ ميلاد جديد لقصيدة قديمة جدا .. حدّ البدايات الأولى للكون .. جرحي أنكر المسافات الزّمنية، ألغى قوانين حساب الزّمن .. في سابقة خطيرة و رضى فقط بالاقتباسات و التّشابه الحسّي .. لا فرق بين تواريخ ما قبل الميلاد و ما بعده .. و ما بعد، بعد عصر الجنون و الهوس السّطحي ..
الشّتاء أيضا تغيَّر، غيَّر عاداته و معطف الفرو التّقليدي .. بمدفئة عصرية، ترفض أن تُثَبّت على أرض واحدة .. صُنِعت لتكون حرّة في تنقلاتها بين الغرف و الصّالون .. و حتّى مكاتب المكاشفة .. الخارجة عن قوانين العمل، مدفئة متبرّئة تماما من تقاليدها...... كأنثى .
كلّ شيء تغيّر حتى لوحات الشّجن ..
لأوّل مرّة أشعر بوحدة قاتلة و أنا تحت شجرتي، و كأنّي لم أعتد المبيت خارج أسوار غرفتي، أواجه زخّات المطر الغاضبة المرتطمة بتقاسيم وجهي المضطربة .. كأنّها دعوة جادة و صارخة للبكاء، كأنّها دعوة للتّحالف من أجل تعبئة الوادي المجاور بمياه ساخطة متمرّدة، مستهترة .. ستجرف كلّ عاشق أراد الاختفاء بين أحجاره و تحت أشجاره الوارفة .. يحرّر قصيدة انصياع .. يحرّر الشهقات و الآهات و شيئا من حبّ مجنون .. تجاوزها الزّمن ..
الشّتاء بتهكّمه الشديد، أضاع جدِّيتي .. و شوَّه معالم نزعتي نحو الاستقرار العاطفي و الرّوحي الجاد ..
قريتي و الشّتاء قضية وطن .. تسرف في ارتشاف مياه وديانها حتّى الثمالة .. ثمّ تنهض و بين أنفاسها الشّتوية الطالع، مكاشفة وطنية تهزّ أواصل الاعترافات السّطرية .. لا شيء يضاهي كشف الأوراق علنا و بلسان فصيح .. دون الحاجة لقراءة عابرة .. ثم يأتي الفجر و فوق كتفيه حمامة بريّة بيضاء .. تفرد جناحيها لتغطّي مسافات اللّيل القاتمة ..
صارخة هي الطبيعة في عبثها هذه اللّيلة .. حتّى أفرشتي انتحرت خلف الرّداء العاجي الّذي لبسته السّماء حقدا و زهوا .. حتّى شجرتي عجزت أمام جبروتها ( الأنثوي ) .. ليلة اضمحلت فيها كلّ معالم السّكينة .. و حلّت محلها عواصف مجنونة، مجبولة على التّهديم و التّدمير ..
دلفت خارجا في ساعة جدّ متأخرة .. كان اللّيل قد مدّ قدّه الفاره ليغطي فجوات النّور المتسلّلة من مصابيح بعيدة .. و في غمرة حبّ قاسية، تجرّدت الطبيعة من هوسها و ولعها المجنون في التحرّش بالرّبيع في غير موسمه ..
فجأة تداوت السّماء بقطرة مطر .. غسلت شجنها لهنيهة، قبل أن يدّوي الرّعد و يسرح البرق كألعاب نارية في الفضاء البعيد .. كان يتصوّر على شجرتي بملامحها .. بقدّها .. بجسدها النّحيل، كثيرا ما كانت تفاجئه إغفاءة و لحظات شرود .. يسهو على جسدي .. فيتحطّم بذلك شيئا منها رفضته عنصريّتي .. حتّى تحطّمت .. أمام انكساراتي ..
تغيّر منطق الصّمت حولي .. صراخ صاخب، لرعد يتيم فقد لتوّه والديه ... و صعقات و برق و طوفان ... و نار و حريق مهوّل ...
اللّعنة تتبّعتني .. صعقة غاضبة أصابت شجرتي فأردتها قتيلة .. و قتلت بفضل اندفاعها الغيور طيف أنثى، كانت للتوّ سيّدة و مالكة على أرجوحتها، على أغصانها، على ظلالها، على زهرها و ثمراتها و أعشاش الطيور و فراخها .. كانت مالكة هناك على حقائبي، و على موطني و على آثار طفولة شرختها أصداء النّساء .. أعادت هي وصل المقطوع منها بتواطؤ نسائي و القدر الجميل .. لأنّها كانت أجمل ما حدث لي منذ زمن الرّجولة .. شبّ حريق عظيم بالشجرة واكبه صراخي المكتوم و بكائي الصّامت .. و نظرات استلهمت من البرق اندفاعه و بريقه المحموم .. تُعاكس تلك المرسومة على لوحة السّماء و تشنّجات على مستوى الجزء من الذاكرة، الّذي كان يخفيها كذكرى جميلة .. و كأنّه تزامن رهيب لعدد من الحرائق .. !!
أتراه جرحي من نقل عدوى الاحتراق لرفيقة عمر بحاله ... ؟
لم يفق أحد . و لم يجرؤ أحد على إيقاف غضب الطبيعة، من تحت أفرشته الشّتوية,, فقط كنت أنا .. أرتدي لواء وطن و ظلّ أنثى تصوّر .. نكاية في أرض حملت ظلّين .. مهووسين بالانتقام .. ظلّي و ظلّ شجرة للتوّ عاكستها رغباتها .. فماتت هي ..
وحدي كنت أراقب في سكون مدمّر .. مراحل الاحتراق، بدءا من شرارة اللّعنة الّتي انحطت على كتفيّ لمواساتي قبل وصولها لتفتكّ بالشّجرة .. كنت أرمق الدّخان بنظرات منتشية و رغبة مميتة في تقلّد مراسم الاحتراق .. و تتويج ذاكرتي ملكة على عرش الاشتعال المشبوه .. و هي ..بركان خامد بدعوة مستترة للاحتراق بين حنايا الألم .
كاتب نور أدبي متألق بالنور فضي الأشعة ( عضوية فضية )
رد: أجزاء من رواية ( تصاميم أنثى )
لم تكن ليلتي عادية ولم اقطع نفسي عن عادة قراءة كتاب إن بداته بالعشية أكمله لو طلع الصباح
لكني أترك الرواية أو القصة من عاشر صفحة وأضعها بالقرب مني إن أغرتني - وفي الغالب لا تفعل -
أكملها بعد أيام ولكن ليلتي هذه لم تكن ليلة عادية ولم تكن روايتك رواية عادية ولم يكن مرافقك عادي
لأترك الرواية واتركه قبل أن أكمل هذا الكتاب الذي كتب بنص ادبي رائع راقي ولغته لغة جميلة أنيقة
وقد روى هذا الكتاب قصة ألخصها بوجود الإنسان والحضارة وأعترف بأنها ليست رواية عادية فيها
الشخوص وفيها الأحداث المتسلسلة بل كما اخصرت بأني وجدت الإنسان الذي سهّل على كاتبة أنثى
تتحدث بلسان ذكر لم أشعر باغتراب نفسي ولم أشعر بهذا التلبس بأنه مقحما على الاطلاق ، ولولا
أن تحدثت سيدتي نصيرة عن الأمر لنسيت تماما أن الكاتب أنثى !
كنت هنا الإنسان العربي الأكثر إيغالا بانتمائه ، كنت هنا العاشق لتاريخ امة في زمن لم يعد يعرف
التاريخ هذا النوع من العاشقين فأبدعت في الكر والفر ما بين الحاضر والماضي ، تكشفين عن
واقع مشظى كتلك النفوس التي لا تعرف صنعة البناء ولا تعرف قيمة الشجرة ، نفوس تستهوي
العيش بصفات الغزاة ، كأن أوطانهم غنيمة حرب وكأن نساءهم أديرة مستباحة .. أحسنت اللغة يا شهد
وأحسدك كم تمنيت أن أصل إلى عشر ما تملكين من أدوات لغوية غنية رائعة رائعة ، أما هذا الصالح
لا يمكنني وصفه إلا بالأب الصالح ،
مررت كثيرا أيتها الفتاة بمثل ما تمرين .. وقد كتبت عشرات المواضيع ولم أكملها
فالكتابة عمل شاق مضني – أعرف ذلك – وإن لم تجد قارئا يتسلل إلى قلبك إحباط وليس يأس ؛ كنت
أتوقف عن الكتابة فعلا .. ولكن في مثل هذا الحال أن تقومي بالتحرش بالكتّاب وأخذ المبادرة بأن تلفتي
النظر إلى موضوعك ؛ عليك أن تشاركي الآخرين وتتفاعلين معهم حتى تكسبي اكبر عدد من القراء بينهم
، هذه مسألة ضرورية .. لا أحد يذهب ليأخذ ما عندك إن لم تعرضيه .. لماذا تحتكر دور النشر كاتبا مبدعا
وهو يرضى بذلك ؟ لأنه ببساطة يعرف إن لم تأخذ كتابه لن يباع حتى لو كان أعظم الكتب ..
من ناحية النقد اعترف بأني قارئ ولست بناقد ، عقلي يحلل كل الأمور بتبسيط كأي إنسان عادي وجدا
إن قرأت شيئا أعجبني أبتسم وإن لم يعجبني أقلب الصفحة بسرعة ولكن معك هنا ، مكثت طوعا وحبا
بارك الله فيك وأزف إليك خبرا يقول إن المغرب العربي قد أذن بميلاد راوية عربية موهبتها علامة فارقة
قلمها صاحب قضية ، بيد إنسانة عربية ، نطمئن على مستقبل الأمة معها ، ولو وُجد في كل بلد عربي 5 مثلها
لأصبحت حياتنا شهد :)
حياة شهد ربي معك يعافيك ويعطيك المروة
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رأفت العزي
لم تكن ليلتي عادية ولم اقطع نفسي عن عادة قراءة كتاب إن بداته بالعشية أكمله لو طلع الصباح
لكني أترك الرواية أو القصة من عاشر صفحة وأضعها بالقرب مني إن أغرتني - وفي الغالب لا تفعل -
أكملها بعد أيام ولكن ليلتي هذه لم تكن ليلة عادية ولم تكن روايتك رواية عادية ولم يكن مرافقك عادي
لأترك الرواية واتركه قبل أن أكمل هذا الكتاب الذي كتب بنص ادبي رائع راقي ولغته لغة جميلة أنيقة
وقد روى هذا الكتاب قصة ألخصها بوجود الإنسان والحضارة وأعترف بأنها ليست رواية عادية فيها
الشخوص وفيها الأحداث المتسلسلة بل كما اخصرت بأني وجدت الإنسان الذي سهّل على كاتبة أنثى
تتحدث بلسان ذكر لم أشعر باغتراب نفسي ولم أشعر بهذا التلبس بأنه مقحما على الاطلاق ، ولولا
أن تحدثت سيدتي نصيرة عن الأمر لنسيت تماما أن الكاتب أنثى !
كنت هنا الإنسان العربي الأكثر إيغالا بانتمائه ، كنت هنا العاشق لتاريخ امة في زمن لم يعد يعرف
التاريخ هذا النوع من العاشقين فأبدعت في الكر والفر ما بين الحاضر والماضي ، تكشفين عن
واقع مشظى كتلك النفوس التي لا تعرف صنعة البناء ولا تعرف قيمة الشجرة ، نفوس تستهوي
العيش بصفات الغزاة ، كأن أوطانهم غنيمة حرب وكأن نساءهم أديرة مستباحة .. أحسنت اللغة يا شهد
وأحسدك كم تمنيت أن أصل إلى عشر ما تملكين من أدوات لغوية غنية رائعة رائعة ، أما هذا الصالح
لا يمكنني وصفه إلا بالأب الصالح ،
مررت كثيرا أيتها الفتاة بمثل ما تمرين .. وقد كتبت عشرات المواضيع ولم أكملها
فالكتابة عمل شاق مضني – أعرف ذلك – وإن لم تجد قارئا يتسلل إلى قلبك إحباط وليس يأس ؛ كنت
أتوقف عن الكتابة فعلا .. ولكن في مثل هذا الحال أن تقومي بالتحرش بالكتّاب وأخذ المبادرة بأن تلفتي
النظر إلى موضوعك ؛ عليك أن تشاركي الآخرين وتتفاعلين معهم حتى تكسبي اكبر عدد من القراء بينهم
، هذه مسألة ضرورية .. لا أحد يذهب ليأخذ ما عندك إن لم تعرضيه .. لماذا تحتكر دور النشر كاتبا مبدعا
وهو يرضى بذلك ؟ لأنه ببساطة يعرف إن لم تأخذ كتابه لن يباع حتى لو كان أعظم الكتب ..
من ناحية النقد اعترف بأني قارئ ولست بناقد ، عقلي يحلل كل الأمور بتبسيط كأي إنسان عادي وجدا
إن قرأت شيئا أعجبني أبتسم وإن لم يعجبني أقلب الصفحة بسرعة ولكن معك هنا ، مكثت طوعا وحبا
بارك الله فيك وأزف إليك خبرا يقول إن المغرب العربي قد أذن بميلاد راوية عربية موهبتها علامة فارقة
قلمها صاحب قضية ، بيد إنسانة عربية ، نطمئن على مستقبل الأمة معها ، ولو وُجد في كل بلد عربي 5 مثلها
لأصبحت حياتنا شهد :)
حياة شهد ربي معك يعافيك ويعطيك المروة
...........................
سيدي الفاضل رأفت العزي ..
وقفت طويلا أمام ما كتبت هنا .. و كنت بحاجة ماسة للصمت حتى أتفقد شيئا مما ضاع مني .. بين كلماتك
سيدي الكريم لا أعرف ما يجب أن أقول في موقف كهذا .. و أنا في غالب الاحيان اعجز أمام ما يكتب لي .. فكلّ الكلام يعجز امام كرمك ..
فأن أجدك هنا هو قمة الاعتزاز .. و أجد حرفك يزيّن صفحتي و بكل هذا الجمال فهو كلّ الشرف ..
جدا سعيدة لأن رأيك كان هكذا .. في كلامك كأبتي محمد الصالح وجدت الحافز و الدافع على المواصلة ..
فألف شكر ..
أما عن موضوع التفاعل صدقني الوقت هو كل المشكلة و قد اعتذرت مرارا عن ذلك و أكرّرها هنا ..
طيلة النهار في العمل ثم العودة مساء و ظروف الحياة و الكتابة .. أحاول جهدي التفاعل ما استطعت و عندك كلّ الحق فيما ذهبت إليه ..
سيدي الفاضل .. شكرا لأنك تواجدت في صفحتي .. و أتمنى أن يوفقني الله و أستطيع إيصال ما أردت من خلال هذه الرواية .. كلّ ما أريده ان اخدم وطني العربي ..
و لو بكلمة صادقة ..
تمنياتي لك بكلّ السعادة و السكينة .. و شكرا
تقبل فائق تقديري و احترامي و امتناني العميق ..