جشع وفساد لا حدود لهما
الثورة.. واسترداد أموال مصر المهربة!
الخميس 14 ربيع الأول 1432 الموافق 17 فبراير 2011
الإسلام اليوم / محمود الشريف
بعد فشل النظام السابق بمصر برئاسة حسني مبارك في السيطرة على الأوضاع والبقاء في السلطة، وسط اتهامات طالته بالنهب والسرقة لأموال الشعب، حاول الكثير من المسئولين السابقين تهريب الأموال المسروقة من الشعب خارج البلاد.
وترددت أنباء عن تحويل بعض رجال الأعمال الكبار وشخصيات من الحكومة السابقة مبالغ من حساباتهم في مصر للخارج خلال الأيام الماضية، مستغلين حالة الفوضى التي عمت البلاد عقب الثورة.
لم يصل الأمر إلى ذلك بل فقدت البورصة المصرية نحو 70 مليار جنيه (12 مليار دولار) في آخر جلستين، مما دعا المسئولين عنها إلى إصدار قرارًا بإغلاقها خشية تزايد الخسائر.
وأكد مصرفيون زيادة حجم السحوبات في حجم الودائع من كافة البنوك في مصر منذ بدايات الانتفاضة، محذرين في الوقت نفسه من التعرض إلى أزمة تعثر مصرفية.
ورهنت البورصة استئناف العمل بها بعودة البنوك واستقرار العمل فيها، مؤكدة أنها لن تستأنف العمل إلا في حل استقرار الأوضاع.
وذكر عدد من مديري الشركات أن المصانع المصرية خفضت إنتاجها نظرا لإغلاق البنوك، مما يزيد من الآثار السلبية على الاقتصاد المصري.
ويعتقد كثيرون أن الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك استغل أيام الاحتجاجات الثمانية عشر التي أسقطته لتأمين ثروته وحساباته الخارجية واستحالة تتبعها, إلا أن بعض الدول في العالم مثل سويسرا وفرنسا لم تتردد في تجميد أمواله وأموال عائلته وعدد من مسئولي النظام المصري السابق.
وكشفت صحيفة الجارديان البريطانية نقلا عن محللين مختصين بشؤون الشرق الأوسط قولهم: إن ثروة مبارك بلغت نحو 70 مليار دولار، جزء كبير منها موجود في بنوك سويسرية وبريطانية، أو على شكل عقارات في لندن ونيويورك ولوس أنجلوس، إضافة إلى ممتلكات خاصة على طول شاطئ البحر الأحمر.
وذكر تقرير أن المصدر الرئيسي لهذه الثروة هو إطلاع الرئيس على صفقات استثمارية حققت مئات الملايين من الدولارات لمصر، ولهذا تم نقلها إلى حسابات سرية في بنوك أجنبية، أو استثمارها في البورصات العالمية والعقارات.
وأكد التقرير أن علاء وجمال مبارك هما أيضًا من أصحاب المليارات، ونقلت الصحيفة عن أماني جمال، أستاذة العلوم السياسية في جامعة برينستون، قولها إن ثروة العائلة تتراوح ما بين 40 و70مليار دولار، وهي أرقام تقارب ثروات بعض من زعماء دول الخليج، الغنية بالنفط.
كشف تقرير أمريكي أن مصر تكبدت خسائر قيمتها 57.2 مليار دولار خلال الفترة بين عامي 2000 و2008 جراء الجريمة والفساد بمعدل سنوي 6.4 مليارات.
وقدَّر عدد من خبراء الاقتصاد تكلفة الفساد في مصر تصل إلى 80 مليار جنيه سنويًّا طبقًا لبعض الدراسات الاقتصادية بما يفوق ثلث الموازنة السنوية للدولة.
وقال الخبراء: إن الفساد والرشوة هما شرارة انطلاق الثورة الشعبيَّة التي تطالب بالتغيير والحرية والعدالة الاجتماعيَّة في مواجهة الفقر المدقع الذي يعيش فيه أكثر من نصف سكان مصر.
وأشاروا إلى أن أهم مظاهر الفساد انتشار ظاهرة الدروس الخصوصيَّة والتي تستنزف نحو 15 مليار جنيه سنويًّا ووصول قيمة التهرب الضريبي إلى 10 مليارات جنيه و6 مليارات كخسائر لمقاولي البناء والإسكان نتيجة الاحتكار في السلع الإستراتيجية على شاكلة الحديد والأسمنت، والتي أدت إلى ارتفاع الأسعار حتى وصل سعر الطن إلى 10000 جنيه للحديد بسبب ممارسات أحمد عز الاحتكاريَّة دون محاسبته حتى تضخَّمت ثروته.
وقال الدكتور محمد الراوي أستاذ الإدارة المتفرغ بالجامعة الأمريكية: إن حجم الخسائر على الاقتصاد المصري بسبب الفساد اختلفت من دراسة إلى أخرى، ولكن مركز الأهرام منذ عام 2009، أصدر دراسة حول تكلفة الفساد التي قدرت بحوالي 80 مليار جنيه، ولكن هذه تقديرات متدنِّية بعدما فوجئنا بحجم الأموال التي يمتلكها من عملوا في النظام المصري.
وأشار الراوي إلى أن أسهل أنواع الفساد التي يمكن السيطرة عليها تتعلَّق بالجهاز الإداري للدولة، حيث أن أغلبيَّة الفساد تتعلَّق بالرشوة من أجل تيسير الأعمال لطالب الخدمة بمجرد البدء في تطبيق القوانين الإداريَّة ومعاقبة الموظف الحكومي أيًّا كان شأنه وبذلك سوف ينتهي الفساد تمامًا.
وطبقًا لبعض التقارير التي تناولتها بعض وسائل الإعلام الأجنبيَّة خلال الأيام الأخيرة، أشارت إلى أن أحمد عز رئيس لجنة الخطة والموازنة في مجلس الشعب وأمين التنظيم في الحزب الوطني تصل ثروته إلى 60 مليار جنيه رغم أن عز يعتبر حديثًا في الاقتصاد المصري، فعمره الاقتصادي لا يتجاوز 15 عامًا.
وتربح عدد من رجال المقربين من النظام المخلوع بشكل غير عادي، إذ وصلت ثروة أحمد عز أمين التنظيم السابق بالحزب الوطني الحاكم "سابقًا، إلى نحو 60 مليار جنيه، ووزير الداخلية السابق إلى 8 مليارات جنيه، وأحمد المغربي وزير الإسكان السابق إلى نحو 11 مليار جنيه، وأيضًا زهير جرانة الذي دخل الوزارة وهو مفلس بعد خسارة شركته جرانة للفنادق، حيث استغلَّ منصبه كوزير للسياحة ونجح في إعادة هيكلتها من جديد من خلال الوزارة والتعاقدات التي كانت تتعاقد عليها الأفواج القادمة من الخارج، فضلا عن احتكار الشركات الأجنبيَّة لقطاع الأسمنت بعد خصصتها، والذين رفعوا سعر الطن إلى 800 جنيه، في الوقت الذي تصل فيه التكلفة الإجمالية له إلى 120 جنيهًا فقط، بالإضافة إلى 2 مليار جنيه فساد في المحليات.
تأثر المصادر الحيوية لمصر
أما بالنسبة لعائدات قناة السويس فإنه من المتوقع أن تشهد تراجعا ملحوظا، على الرغم من التصريحات التي تطلقها الحكومة حول ضبط الأمور، وذلك نتيجة للخوف من تعرض الشحنات التي تمر بقناة السويس لأي عمليات تخريب.
وكانت عائدات قناة السويس قد ارتفعت بنسبة 13.3% لتصل إلى 1.2 مليار دولار مقارنة بنحو 1.1 مليار دولار، إلا أن الأمور قد تسير إلى مستوى منخفض حتى تشكل حكومة جديدة منتخبة من الشعب وتستطيع ضبط الأمور.
ولم يقتصر الأمر على عند هذا الحد حيث من المتوقع أن تشهد تحويلات المصريين من الخارج أدنى مستوى لها خاصة بعد طول فترة إغلاق البنوك، وحالة الفوضى التي سادت المجتمع نتيجة محاولات كبار رؤوس النظام المخلوع تهريب المزيد من الأموال للخارج.