حسن الحاجبي
|
رد: حوار استبياني / لماذا فرضت علينا الصلاة وما الفائدة التي نجنيها من الصلاة؟؟
*** الصلاة هي أوجب الواجبات بعد الإيمان , وأفضل الأعمال و آكدها .
...وذلك باعتبار أنها ــ بعد الشهادتين ــ أساس أركان الإسلام , وأنها أفضل أعمال الدين على الإطلاق , ومن هنا أمكن صياغة القاعدة التالية : "من لا صلاة له فلا دين له " . وإليك بيانها من الكتاب والسنة .وهو كما يلي :
إن الصلاة هي الغاية التي من أجلها خلق الإنسان ابتداء , وهذه حقيقة قرآنية كبرى , فالكون كله بذراته ومجراته دائر في فلك العبادة , ركوعا وسجودا لله الواحد القهار , قال تعالى : "ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء " .ثم إن قوله تعالى " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " إنما هو الصلاة . نعم للعبادة مفهوم شامل , ولكن الصلاة أشمل , فبالصلاة يكون العبد عابدا لله بكل شيء. وبغيرها لا يكون عابدا له بأي شيء , بل بدونها يكون كافرا أو عاصيا له في كل شيء, ولذلك فقد كان أول مؤاخذة ذكرها الكفار على أنفسهم وهم يعذبون في نار جهنم ــ والعياذ بالله ــ أنهم لم يكونوا من المصلين , رغم أنهم لم يكونوا مسلمين أصلا . قال عز وجل يحكي سؤال أهل النعيم للمجرمين :"ما سلككم في سقر ؟ قالوا لم نك من المصلين , ولم نك نطعم المسكين , وكنا نخوض مع الخائضين , وكنا نكذب بيوم الدين , حتى أتانا اليقين , فما تنفعهم شفاعة الشافعين ".
فرغم أن أكبر الكبائر هو الشرك بالله والكفر به , وبما يترتب على ذلك من الكفر بالبعث والنشور , فقد جعله الله آخر ما ذكر في الآية , وقدم تضييع الأعمال الصالحة وعلى رأسها الصلاة , ولذلك قال المعذبون مقالتهم وكأنهم وجدوا أن الذين نجوا حقيقة من العذاب , إنما نجوا بسبب عبادتهم لله بالصلاة وبما يليها من أعمال , ثم وجدوا أن طائفة من عصاة المسلمين وفجارهم قد ألقي بهم معهم في النار والعياذ بالله , بسبب تركهم للصلاة , فلم ينجهم إيمان بلا عمل من عذاب الله , أما هؤلاء الكفار بالله أصالة , فكفرهم بيوم الدين كان سببا في انصرافهم عن الصلاة التي من أجلها خلقوا , فلذلك قالوا أول ما قالوا " لم نك من المصلين " . هذه هي الحقيقة , ومن هنا لما ذم الله تعالى الإنسان وتوعده بما فيه من هلع , إستثنى طائفة من الناس جعلهم بمنجاة من العذاب , لعلة مركزية أساس , هي كونهم مصلين , وألحق بهذا الوصف صفات شتى إنما هي تفاصيل نعتية ــ معطوف بعضها على بعض ــ لكونهم مصلين , وذلك قوله تعالى :"إن الإنسان خلق هلوعا , إذا مسه الشر جزوعا , وإذا مسه الخير منوعا , إلا المصلين ,الذين هم على صلاتهم دائمون , والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم , والذين يصدقون بيوم الدين , والذين هم من عذاب ربهم مشفقون , إن عذاب ربهم غير مامون , والذين هم لفروجهم حافظون , إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين , فمن ابتغى وراء ذلك فأولائك هم العادون , والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون , والذين هم بشهادتهم قائمون , والذين هم على صلاتهم يحافظون , أولائك في جنات مكرمون ".
فهذه الأوصاف كلها إنما هي نابعة من كونهم مصلين , فتدبر... لأن الصلاة تصنع فيهم هذا كله , ثم تحفظه وتنميه , والعجيب أن أول وصف فرع عن كونهم مصلين هو أنهم " على صلاتهم دائمون " , ثم كان آخر وصف ختم به السياق هو أنهم " على صلاتهم يحافظون " , وذلك لجعل الأعمال الصالحة جميعها مراقبة بميزان الصلاة , إدامة لفعلها , وحفظا لوقتها و خشوعها , وذلك ما يضمن لها البقاء والثبات . فلا صلاح للإنسان بغير صلاة إبتداء وانتهاء....
الدين هو الصلاة / فريد الأنصاري
|