تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
الجَلْسَة الثَّالِثة
مَغيب الشَّمس
مُنْذُ -عام 2008 - إلى هذا اليوْم ،وأنا أَجُرُّ أوْراقي في هذا المَقْهى حتى تَكَدّسَتْ أعمالي البَسيطَة والمُتناثرة ، كنتُ أبحث في كلّ زاوية ورُكن وحائِط وعلى الأرْصفة وفي الحوَاري وبين الدَّهاليز ...لأسْتنطق بساتين النُّور ومَرافئْ الأدَب -ومع كل هَمسة أكتبها دمعة .. وأخرى ابتسامة وكلمة-.. وفي النفس ينابيع الرّوح للحياة و حبّ الإنسان -فحب الإنسان كنز حقيقي يُشيع في نفسي الرّضى-...
وفي إحْدى اللَّيالي شعرتُ بملَل يتخبّطني من كُل مكان حتى تَنَمَّلَتْ أطْرافي من طريقة جلستي ،و امْتَدَّتْ يدايْ لتَحْضُن قدميْ وانْحنى ظهْري نحْو رُكْبَتي، صُرْت أُمَدِّد جَسدي حتى تَعود الدِّماء لمجاريها ، ثم قفزتُ لتَجْري أنسجة الحروف في فكري،يا -الله -حِرْتُ ماذا أكتب! فقد سمعت كلمات غير مفهومة ونميمة، ربما لأني أطلت الجلوس فغفوت إلا قليلا ، في اليوم ذاته الذي مررت من هنا أدرت ظهري وتابعت الكتابة ، قلّبت أوراقي، إنها أحلام اليقظة مرسلة لي والحق .. لا أريد أن أكون - إيزيس -لأنام عاشقة ..آمنة هانئة، فأنا بطبيعي لا أحب اللون الأحمر أو أي من الرسومات المقلوبة والتي تمثل شكل قلب أحمر ينبض ..وسهام الألوهية في الحب، فحروفي كأوْتار عود مُرهفة لا تَتَحمَّل أن تَنْخَدِش، كما أنَي أرْفِض أنْ أكونْ كلمات حَجَريَّة قاتِمة، فقد أخْتَنق فلا يغنّي لي قلمي ولا يطربني، أو أصير مجرد حبر على السطور ، ونقطة وفواصل تنتظر من ينادي اسمها في طابور الجمعية حتى تنقرض السطور من حكاياتي متى أرادت الحواشي وشاءت الكراسي.. فليس من العدل والمنطق أن أكون مجرد عَلَم على ورق دون أي عقد وشهود على العهد... وأظن أن التشهير والحضور هو إلزام في الأعراس!
-يا إلهي كيف لذاك الصَّوت يَفهم ما في خاطِري فما أن لَبثَ إلاَّ و أكْمَلَ عِبارَته:
- شهرزاد ...
ارْقصي على -ألف ليلة وليلة- ثمّ تمايلي بأحْرفك على مُتكأ هذه الأريكة وهزّي بقلمك على ألحان العود
و-أُمْ كُلثوم-
وعلى الرغم أني لا أحب الحُزن سرت معه، كان يُعجبني ذاكَ الصَّمتْ المشحون بروح وجروح النادل ،فقد تجلّت فيه الأرواح للقلوب الصافية ولمفردات كلماتي ولأصدقائي الأدباء والأديبات ...ولكل من أقرأهم -ليل نهار-
******
في هذه الجلْسة سأَلَتْني امْرأة رَزينَة خَلوقَة :
هل تسمحي أن أُصادق حُروفك وأقرأ وأكْتُب على هذه الطَّاولة ،فقد تُلْهمني الأرْواح المُنْتشرة ،وذاكَ الإطار الخلاَّب والرُّسومات المُزَخرفة على سجَّاد ة الأدب.. والصوَر المعلقة،...ثم عرّفتني بنفسها اسمي (غادَة) ..أكتُبْ مقالات وقضايا لأُصيب فيها الحَّق ،كوني بصُحبتي وقودي بي إلى الشَّوق وعرِّفيني على صوْتُ الهدى ،كما أني سمعت أنه مكان أمين تاريخي -يُنادي فيه الأوَّلين السابقين ويعود السَّابقين للحداثة -فكيف هذا !ومما لفتَ نظري أكثر أنه لا يسمح بذوي الأقلام الصفراء أن تدخل للمقهى ،ذاك ما قرأته على لائحة الطَلبات والدخول ..فأعجبني واقتحمت المقهى بسرور وما أن وجدتك إلا وقررت أن أنفض لك ما أحمله ولكن هلا تصفين لي ذاك النادل:
-ابتسمتْ وقلت : (غادَة) اسم جميل يعود بي( لكاميليا) .. أعْجَبني حديثها وسُؤالها .. فأجبتُها وقلْبي يَخفق و دون تَردُّد بحتُ بسرِّي:
هو طَيِّب اللّغة ،راقي جَميل الإيقاعْ لذا هوَ حبيبي...ولا أعْلم سَبَب تَوَتُّره وتَوَدُّده واهْتمامُه الزَّائد بي عن غيرهم هل هو غرام وعشق أم أن قلمي يعجبه!
هو بسيط اسْتوحى أدبه ونَمَت ثقافته من قهوته التي يتردَّد عليها كبار الأدباء حتى صارت مكتبة تَنْزُف نورا ومعرفة ..
- استوقفني عند المرفأ الخامس للمقهى (صديق النادل) قائلا :-
-عفوا يا سيدتي الكاتبة: يعْتذر اليوْم -النادِل- عن غيابِه ، وقد عاهْدته أن أبْذُل أقْصى ما بجُهدي لأُحافظ عليْها فكما تعْلمي هي مسْؤولية ليسَت بسَهْلَة خاصَّةً وأنَّه يصدر الكثير من الفنون في مكانه الجميل ..
ثم صمتَ بُرهة ...وكأنه ينتظر ردَّة فعلي و دَهْشتي ..
شهقتُ وابتلعت الهواء لأُتقن دوْري وتصّنعي ..ثم اعتدلت و رسمت ابتسامتي خوفاً أن يكشف أوراق شوقي له فأنا أخاف أن أخسره إذا علم أني بحبه هائمة ...
- أجبتهُ بكبرياء :
أنتَ تتكلم عن إنسان لا أعرفه فلما تعتذر؟
نَظرتْ إليّ المرأة الوَقور فغمزتُ لها أن تصمتْ لحين أن أنتهي منه
- ثم تابعت بثقة :
ما أعلمه ...أنه لا يرتادْ هذا المكان إلاَّ - ذَوي المُطالعة- هَزَزْت كَتْفي الأيْسَر ،قد يكون هو منهم ولم أَلْمحه ! فكبار الأدباء نَبْتتهم الأصليَّة أتَتْ من جُزِر تلكَ المقاهي البسيطة، لذا أنا أعْشَق -مقهى الشوْق- لكن ما لا يعجبني هو أني لا أحْضُر -إلاَّ والناس نيامْ .. وفي النَّهار الأقلامْ صيامْ -فلا يُوجد من يُصحّح ويُعقّب على كلِماتي ، وأبديْتُ لهُ سوءْ معاملَة أحدُهم عندما اعْتقد أنّي أسْعى من أجْل صفْحات قليلَة ...لا تُسقي عروقي الأدبية فلا أحصل على العصائر الطازجة والمفيدة..!
- سألتُه وقد رَانَ عليْه حزنٌ شديد، وكَسا وجْهه شحوبٌ لافِت، وتغيَّر سُلوكه وتبدَّل حالُه، فمالَ إلى الوِحْدَة، وظهر عليه الاكْتِئابْ فأصابَني شيءٌ من الخوْف عليْه :
- ثم اسْتطردتُ هل من حادثٍ أَلَمَّ به، و حَلَّ بساحته فأصابهُ مَكْروه، حتَّى أغْضبك وأحزَنك ، واغْتال البَسْمَة من على وجهك، وأدخلكَ في دَهاليزْ الحُزن المُظلمة، فحالَكَ لا يَسرُّني، وحُزنك لا يُرْضيني على الرَّغم أنِّي لا أعرفكَ كانت حيلَة منّي وأظُنَّهُ لم يَكْشِفْ أَمري
-تردَّدَ صديقه وصَمتَ طَويلا ً..ثُم أَجابَني بِنَبْرَة حَزينَة وملامِح الحُزْن تبْدو على وجهه وهَيْكَلُه:
- نَعم ..هُناك أمر يُتْعِبَهُ و زادَني مَرارَة
يا -إلهي- بَدتْ الكلمات تَقْطُر منهُ أَلما فهو يَشعُر بحُزْنٍ ليَأْسِ صَديقه..
- و باختصار قال:
تمرّ على الإنسان ساعات وأيام هي الأسوأ في حياته، دونها الموت بكثير، الذي نقبل به وإن صاحَبَهُ بكاءٌ وعويلٌ وصراخٌ وندَب،إنّها بَراثين المَلَلْ ، وفُقْدان الشَّهية ، والوِحْدة ، والشَّجَن...
-أجبتُه وأنا أُوَاسيه:
فليَصْبِر ويُصابِر ويَتَجلّد ،فلا أظُّن أنَّ أحَدْ قد سَلُم من ذلك المَرض...وليُعينُه الله على العُموم ..أتمَّنى له الشِّفاء قُلْتُها وأنا أَكْتم حُزني.. وانْفِجارْ دُخاني...
******
ثُمَّ عُدت للمرأَة الوَقورْ وطَمْأَنُتُها إلاَّ قَليلا:
أنا لا أنْشر أوْراقي ، بعضُها أحْفظها في -مقهى حبيبي -والأخرى قد تَرحل وتُقبر أو تُمسح فلا أنا حفظتها ولا أنا تَذكّرْتها في مَخْزون ذِكْراي إلا بقصّة مُشابهة، على العُموم ما دُمتُ أمْلك سِهام ورُصاصٌ أُ صيب فيه حبيبي فهذا شيءٌ جميل وآمِن ، وبِتأوّه لُمت نفسي ،لا أعْلَم كيْف بُحتُ لها عن سرّي !
وما يَقْهرني أنّي هجرتُ -روايتي الثانية- رُبَّما خفتُ أن يُسافر- حبيبي النادل- وتُؤصَد أبْواب المقْهى فأجْلس مَلومَة مَحْسورَة في الكَون ..وَحيدَة ،وليس لي إلا جهازي ومفاتيح لوْحة أدَنْدِن عليها فالحَديد يُخْرس القلَم ويُنْطق الأضواء المُشِعَّة بإشْعاعٍ مُتَمَوِّج عصْريْ.
وإن كنتُ أكتبُ أيَّتها -النَّاقدة- المًمَيّزة فأنا أكْتُب على زُجاج ونافِذة إلاّ أنّي أشْعر أن هُناك علاقة دافِئة ترْبطني بقلمي الرصاص وأريكتي وكتابي، أستمتع لقراءة الطَّبْعات الوَرقيَّة مما يجعلني أغيب ، ومُتعَتي بين الحين والحين .. أن أصطحب أصدقائي الأدباء من كل عصر وزمن وبعض من الكتاب معي وأقرأ أجمل ما كتبوا ، وإن أرهقتُ عينيْ وازداد احْمرارها ..لكن لا بأْس عصير الجَزر يعوّضني عن ذلك ويجعلني أبْحث وأقرأ ، حينها -حمدت ربي- أني لم أفصح لصديقه عن عاصر العصائر ،لذا عَضَضْتُ طَرَف لساني فانْقطعَ جُزءٌ رَطْب و -نُقْطَة من أوَّل السَّطر - كما صار في مسرحية -أنيسْ مَنصور- ، هو ليس خيال أقول الحقيقة لأنّي أكتبها وأرسمها بألْحان وزَفير، و بالنَّايْ أنْفَخْ لأُغنِّي بأناملي ،أكْتُم الصَّوت لأُداعب الحُروف وأعْزف قصّة تشبهني أو أقتبس شخوص لألْتَصق بروح البطل، وهذا ما يجعلني امْرأة مُتناقضة أُسافِر لضواحي ومُدن ،أرتدي ثوبٌ ليس لي وأبدّل الألوان والأشكال ..أستعْرض النُّجوم على مسارِح بطوليّة ، وأظنُّ أن الرُّواة يُعانون من تنقُّل الأرواح والصُّعود لمنازل عالية.. والسّكن في البَراري والاخْتفاء والهجَّرة ،أو غَزَل السُطوح على حِبال من الشِّعر والنُّظم ، فيطلقون قصائد الشعراء للبحث عن فتاة مُراهقة تسْقيهم حُباً وإلْهاما ،ولوْ أنّهم - يقولون ما لا يفعلون -ولكن لا بأس مادامت مجرّد خطوط لا تُقرأ.إلا من كتب بلوحة ترسم بمداد وأبجديات الصدق والنقاء وبنهر عذب يقطر حبورا حينها ستدوم له الروح وإن رحل لسماءه ..
***
بالصُّدفة ..مَرّ سائلٌ وهو يحمل جريدته الرياضية والهدف كاد يفجّر -مقهى الشوق- شَهقت بصوتٍ عالٍ و كتمتُ أنفاسي بباطِن كَفّي ... ثم اعتذرت للمرأة بذوْق..
واتجهت إليه ظناً مني أنه مُحرِّر مُمَيَّز في -جريدة رياضية- اعْتَدَلت في مشْيَتي ويديْ تَحمل أوْراقي وقلمي كادَ يتكوَّر ليُصيب الهَدف ،أَرَدْتُ أن أسْأْله لما غابَ وغادَر لاعب المَرْمى مكانُه وانْدفع المُهاجم بكلامه يوم أن تحدَّث عن إشاعَة رحيلُه ،تجرَّأت وأنا أتحدَّث معه كانت فُرصة غيابْ -حبيبي النادل- بأن استغل غيابُه وأعتزل أسلوبي، و أتحدَّث لكُرَة أرضيَّة فأنا أَخاف إذا ما سمع أني تحدّثت لهذا الرَّجل الكروي سيُصاب بصدمة فأقع من فكره الراقي وأغرق في يَم لسان العاميَّة ولا أكون قلمٌ فصيح ودود ..!
-سألته هل تسمح لي بكلمة كروّية:
أفكّر أن أنشر -قصة قصيرة- في مقهى رياضي ليتَهافَت الشّباب فتنتشر كلماتي وإن تناولها اللاعبين وقذفها البعض، فجْأة اعْتدلت عن الفِكرة وأسكتّ لساني وعدتُ لمكاني..!
فضمير الغائب اجْتاحَني وأخذَ يَلومني لوْمة لائم بالهوى والجُنون ، تراجعْت وألبستُ قلمي ثوبٌ أبيض وزُرقة وإن تَراكمتْ الغُيوم فلا بُدّ للسماء أن تُمطر بقصص وأساطير ..
******
جلس جالسٌ من أهلِ اللغة .. أظنّه -أنيسْ ،أو العّقاد ،أو نَجيب -وعلى الأغْلب مِن مَن يكتبون- مُنذ السّتينات-
-اتّكأت على طاولته وسألته :
-هل تذوَّقت -طعم من نور الأدب الجديد-!؟ .. فقطرة من مطر وسطر واحد كفيلة أن تُبلِّل فكري وخيالي ،رجاءً لا تُصُمْ أُذنيْك ..هلا تسمعني :
إني أكتبُ وأنا أسْتحضر فِكري بأسلوبٍ جمالي يتراقص على الزّجاج وأزيده روْنقا من لمَسات النّور وانْفعالات الخمْسينات .. أنْصَحُك أن تَفعل مثْلي وتمزُج الأطْباق..
ثم صرختُ بلسان أدَبِيْ فالتفت إليَّ أحدهم وهو يلبس قُبعة وشال أحمر،وابْتَسَم الآخر وهوَ يرْتدي نظّارته وصَلعتُه تبْدو كمِرآة بألفِ حرْف ،وذاكَ الفيْلسوف بأصابعه يلامس تجاعيد جبهته ليعصر ويعقد فكره، والناقد والقاص طلعت يلوح من سماء القبّة الذهبيَّة و يضع يَدُه اليُمنى على خدّه ليُخْفي غمّازته بطلعته وهدوءه ، وعازِف الكَمانْ الذي أطرَب العالم بلَحْن -عبد الوهاب ،وفريد ،وحليم-
- التفتَ إليَ الجميع وكأني سأنْشد أنشودَة المَهْد:
<منذ كنتُ طفلة إذا ما أمطرَت السَّماء أَخرج بغَرْشَه لتمْتلئ ثم أَسْكُبها على ورَق لتَنطق الحروف كل ما ظَمَأَت ، إنها أقداح ذكرى معطَّرة بانْهمار المَطَر، وغرْشة هي -صحن مَعْدَني مُقَّعَّر يسْتخدمه الكُبار في السّن للشرب- ،
- ثم تابعت :ما لهذا الهوى يقتلْ قلمي فقلبي بهواه قتيل ،و سموات كلماتي تَزدهي فأنادي الفحول والطيبون،ودائرة الخيال تزحف بسيفٍ وقلم ..وصَهيل السّيوف تتباهى في زحمة النور، واللحن يُحْي كل روح فترفّ الحروف والصحائف من بهاء ظلٍ ظليلْ ..جميلٌ بليغْ.. آه..رحلَ الشوْق للنّهر الحَبور ،وطَرُبَ النُّور بلحون وطُبول ..وما زلتُ أعْرُج لأرْتقي للمسْتحيل >
- هلا.. تُخبروني كيف أسْلو للمستحيل وأنشدُ حكاية حروفي.. بنشيد ٍعبقريْ !
صفَّقوا وعادوا لكراسيهم المُترامية دون أيْ تعليق
داهَمَني شَكّ بأمري وحدثتُ نفسي.. ربّما تكون أرْواح وأحاسيس أسْتَحضرها ،لأكتُب على طاولتي المُستديرة!
******
- سألَ ضميرٌ مجْهول عنّي : -
مَن سَمحَ لكِ أن تأتي بأريكة خضراء مُخمَليّة وتُسرفي في كلماتك!
دقَّقتُ النظر فيه من يكون ! بالطبع هو ليس -النادِل- ولا هو من -أقلام النور- أو مِمّن يزور مَحطّتي المُتواضعة أقصد ، مَقر الأدباء ، -إن أدباء وأديبات النور هم من رفعوا قلمي حتى أصابه سَهمٌ طائِش ورواية وقصص ، وحروف تنبض جمالا- هو يُصر -لا- لهذا القلم ، ولا أعلم ما العلّة وحالة الرفض التي يُعاني منها لي !
- وبإصْرار شديد أمرَني :
إن كتبتِ فلتَكتبِ على رُكن مُنطوي أو زاوية قصصيّة أو ضعيها في مفكّرة الذكريات
جاءني وهو يمشي بتعالي يا لهُ من إنسان مُكابر يَرتدي قميص أبيض وبَذلَة ،وربطة عُنْقه تكاد تخنُق حِبال حنجرته ..وهو يحذّرني بحاجبيه وملامحه تودُّ أن تصفَع كلماتي -بالكاف ،والألف- المشدوده
-يومها قال لا تستندي على طاولة الفكر وتُطيل الجلوس
-نظرتُ إليه بُرهة :
وأنا أسْترجع ذاكرتي .. آه تذكّرْته..هو ذاته السائل الذي قال أنت امرأة ثرْثارة، و قد يكون هو الذي زارني ذات يوم وقال أوراقك مُملّة في تلك المحطة التي أقمت فيها لبضع أشهر، لم أُمانع رَأيَه ..
-عاد ليُحذرني بإصْرار :
أنتِ لم تُؤصدي الأبواب بالإضافة أنكِ أضعتِ قفل القصّة، فكانت الغرامة والضّريبَة- للنّادل-
-أجبتُه وأنا أُدافع عن الحَيْ والأسلوب الذي أسْكُنه:
ثِمة شيء يدور في فكري مُنذ الصّرخة الأولى التي وُلِدتْ فيها روحي وكانت تُرفْرف على- بساتين النور -وما جعلني أزداد اليوم ثِقة هو شوقي وحواري على الشُّرفة، وتساءل الأُدباء والأديبات عن هَويَّتي في لَحْظة هُبوطي ، ثم ما المانع- يا سيّدي- أن لا أنطلق لأسلوبي ..وحياتي.. وحروفي.
الحقيقة خفتُ على حبيبي أن يُسجَن و أكون السب في حبْسه ووحْدته، فهو قطْعَة مِن قلْبي وحُروفي التي تَسْتند عليه ،- فحبيبي النادل- هو كلماتي التي تَقطُر مني عرقا وشهدا ، وأجرّها جراً حتى بدأتُ أشكُّ أني سفينة الصحراء، بتّ أخاف أن أُصاب بضربَة شمس..
فلا أنا كتبتُ ولا هوَ قرأَ حرف. .!لذا كنتُ في استراحة طويلة وعدتُ وأنا أَلهث باشْتياق لمقهى الأشْواق ..
وأخيرا..هّزّ رأسُه وانصرفَ وانْمحى اسْمه من القائمة ...وأنا ما زلتُ بانتظار عودةُ -النادِل- وقراءة حروفي من -شُروقِ الشَّمس ..إلى مَغيب الشَّمْس- ...
(هذه الجلسات التي تشكّل تلك القصة بالفعل هي سرد أكتبها في مفكرتي وأهنيك أستاذ محمد الصالح الجزائري على تفهمك و وضعها في -زاوية قال الراوي- لأنها تكاد تنطق فزدت و أرسلت بعض من حروفي ...كما أشكر الجميع على قراءة النصوص وجلساتي المتعددة..)
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتيحة عبد الرحمن
عبق ورد دعاني لأرتشف من روعته كاس تمني ولو للحظات
دمتِ حرفا عابقا يملأ المكان والقلب والروح روعة أستاذة خولة
تحايا ورد تليق بهذا الجمال / تقبليها مع خالص المودة
الغالية والأديبة فتحية عبد الرحمن
يا لقلمي الذي إذا كتب ما برأ ،وإذا غاب استلقى على السطور يتأرجح حيرة ، تأخرت على مصافحة عبق ورودك ونسائم الورود والجنائن ،سقيت حروفي من نبعك وما زلت أظمأ لنهر حبرك الجاري وملمس قلمك وجمال كلماتك التي جعلتي أحلق لأرسل لك شيء من روحي، لمن الروح ..إلا لكلمات تبوح بالسرور وإن كانت حينا تنطوي بجروح ، كما يفعل النادل مع كل الأقلام والأورق ترحيبا وسلام، والحق أني لا أستطيع أن أقاوم قلمك الذي يشع ببريق اسمك وإن كنت لم أراك ولكن حروفي شفافة تلمحك من خلف الأوراق وأنت ترسلي ضوؤك و تعبري لي عما في خاطرك حتى سعدت وأصابني سرور لتواجدك في مكتبة النادل ومقهى الشوق خاصة على ارتيادك بين الحين والحين على ما أكتب فتحية ..لا يحضرني إلا دوامة من الأسهم تصيبني دهشة وفرحة لإقبالك ، فجمال روحي لجمال حروفك ..واعتلاء ورقي روحك وخفة وروعة لتجاوب فكرك وقلمك لكل خيال محلق شارد هنا وهناك، لقد همس لي عاصر العصائر أن أقدم لك عصير طازج لتجلسي وتكتبي هنا أحملها و أسير في درب حرف يشبه حروفك ورقيك ، إلى أن سرت ..وكتبت ..واشتقت... فأرسلت ..أشواقي لك على مهب الريح والروح
-فشكرا لك ألف شكر على باقة الورود ، التي أمشي بها بين الكتب والأوراق وأنا أتباها بها على قلمي العنيد الذي لطالما غيابه يعود دوما بإذن الله ، كوني دوما بجانبي وفي كل فجر مقبل بابتسامتك وكل صباح ومساء على طاولة الضياء...
لك أشواقي وتحيتي ...ونخيل رياضي
خولة الراشد
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري
[align=justify][frame="13 10"]
حبيبي النادل... وفنجاني الشتائي
مع الليل الشتائي الطويل والفجر الطويل أُرسل الحروف، وأبتسم ابتسامة تنتثر على الأوراق ..لتثير الأشواق فتتلاعب الكلمات بكل هدوء ،وتخرج عن فواصل الكلمات لتحرّرْ العبارات والمجاملات ،وترتدي ثوب بسيط من الكلام ،في هذا الفجر يقرر قلمي المتكبّر أن يندفع بالكلام ليَعبر بحقيبته المُمْتلئة بالأوراق ..والأشواق.. فيسْتَوْطن حدود -حديث النفس-
هناك ..وهنا ..أجد نفسي معكم وإن كنت قد غادرت يوما -مقهى الأشواق- في حي النور عند الرصيف الخامس من درب الأشواق وتقاطع الأنفاس، ومُرَبّع الخيال ..
نعم للخيال.. أركان وزوايا أكتبها في مقهى الأدباء وإن لكثير من كلماتي تَتَدلّى من زوايا حجرتي ومن الثريّة المعلّقة التي تَتَحَسَّنْ عليّ بأحرف أجمعها في فنجان قهوتي ...هو فنجان أرتشف منه الحركات والنبضات والكلمات فأكون حديث النفس والهوى وإن غبت..
عادةً ما يأتي " حبيبي النادل " لي - بأريكتي الخضراء -صنعها لي خصيصاً .. بالإضافة أني فُزْت بها ..يوم أن كتبت له أشواقي.. أتذكرون ..أراكم تهزّون برؤوسِكم وترفعون أعناقكم لتستحضروا الذكريات ...وتقولون آه... ما أجملها من أيام ! -ابتسامة -جميلة وأشواق
أعتقد أنه شفق على أناملي ،هو معجب بعيني الواسعة أعلم ذلك، فالمرأة قطار سريع من المشاعر والرجل له محطات معها ، لذا دوما يحاول النادل أن يعصر لي عصير الجزر ويسْقيني الكؤوس... وعندَ الغداء يقدم لي وَجْبة مُكوّنة من- حِساءْ الجَزَرْ- فهو يُقوّي البصر .. وبين الوجبات والأشواق.. يسرع بشاي م نعنع.. وأحيانا بالكابتشينو وقطع من حلوى الأوراق وقلم وشعر.. وجريدة اليوم..إنه يعلم أني أحب الرغوة وبودرة الشكولاتة المنثورة من فوقها ويدرك أني أعشق الكتابة في الليل والفجر والسهر والسمر مع الأوراق والكتاب فيأتي بضوء القمر لأستكشف كلماتي وحروفي ..وبعازف الكمان لترقص الكلمات على أنغام الذكريات
أخيرا فُتح -مقهى النور- ونعذره لأنه جدد المكان من الطبيعي أن كل مكان جميل يحتاج للصيانة أما عن الكهرباء والذكريات فهو دوماً يشتكي لي
- يقول النادل والحزن يبدو على ملامح الكؤوس وجبين كلماته وخطوطها :-
أن قهوة الأشواق تفوق فاتورتها كل مقاهي المدينة ولا نعرف كيف نلحق على تلك المصاريف حتى بات الأمر مكلف .. وهناك بعض الخسائر، حينها نزفت دمعتي .. وانعصر له قلبي، فأنا أهواه وذكراه لا تغيب عن البال إني أحبه ..أحبه..لكنه لا يعلم بسبب كبرياء خطوطي وقلمي ..والمسافات وانقطاع التيار
- سألته وحروفي مستاءة ما السبب ..؟
-رد بكل قهر.. وأسف :
لأن الزبائن يغيبون كثير وأحيانا يحجزون مقاعد ..ولا يحضرون ، حزنت بالطبع عليه خاصة أن هذا
- المقهى- يعني لي الكثير ..إنه بدايتي ..مع أوراق الخريف ،و ملكوت شتائي .. فهو حكايتي وقصصي ..وكل خاطر لي وخيال أناديه من أجله ، هو- مقهى الأدباء والأشواق وحديث النفس بين الأنوار- أتمنى أن لا تنطفئ الأنوار وتذبل الشموع المقابلة لعمارة ومجلة نور الأدب ...لن أكون غريبة ..الدار والسكن إن غبت أو حضرت ...اذكروني دوماَ..
لي لقاء في كل مساء ..على معزوفة تسيتقظ على أوتار الحب ،والحرية .. لتتبادل بيننا الهمسات.. بذكرى تداعب الاوراق ..والأشواق
الجلسة الثانية...
أجلس على الكنبة الخضراء ..كنبة حبيبي النادل ..وأنا أفكر دوما أن أكتب ،أحضرت مقلمتي وألواني الجميلة ومفكرتي لأخربش بخطوطي ،و أرسم دائرة تحميني من ضياع الفكرة والأبطال،ولكن لا تستحضرني تلك الفكرة أو الخاطرة كما أريد فأحاول أن أحرك أناملي لأجعل منها حكاية أو كلمات أنثرها على الطاولة المستديرة وأنا أرتشف كأس الجزر وحبيبي النادل ينظر إليّ بحماس كي أتابع أسطري ، أحاول أن أحفر الصخر على مخارج الحروف ،وتتدلى القناديل من الأعلى.. وهو ينتظر ..وينتظر ..قبل مطلع الفجر، فقد تأتي البلدية والمديرية بسبب مخالفته ، عن عدم إغلاق مقهى الأدباء في الموعد المحدد ، وقد ينطفئ النور وهو يتحمل الغرامة، هو يضحي من أجلي ، ربما يحبني وأتمنى ذلك فهو يعشق الأدب..وأنا وأعشق من يسقي الأقلام حبا وسمعا، كثير من الأدباء أعرفهم يترددون هنا منذ الخمسينات كان الرواة.. والفلاسفة بل يقال ..أن ابن خلدون ..قد مر من هذا المقهى.. وأن فيروز تغني كل يوم أغنية ، وعبدالوهاب لحن ألحانه هنا ، وإن عددت لكم لن يحصي قلمي، فأحيانا أجده كسول لا ينطق عن الهوى ولا يسمن من جوع ، لذا أنطلق به عند مقهى الشوق ..ودار الأشواق
إنه يهمس لي:-
أيا امرأة الأبجديات كلها، قفي أمام بابي الحزين...فأنا أقاسي جرحا أقسى من كل جرح، وحزنا أفدح من شجر البوح، فدعي لغيري ذاك الملح، يكفي أن تراك العيون يوما بدوني ليحلّق الحزن فوق الغيوم وبين النجوم،
ثم عودي واجلسي على أريكتي بجانب المدفأة واقرئي كتابا مسليا، وتمني في سرك لقلبك أحلاما هانئة
تعجبت كيف نطق عن الهوى؟
أم أنها مفردات تتقاطر مع أوهام خيالي ...يا الله من أين ذاك الصوت هو آت.. أين أنت؟
-همس ثانية
أيا إيزيس حياتي المنكسرة...أين رحلة النهر أين أنت إني أبحث عن حبيب؟ أين الجسد المبعثر الذي قيل لي أنّك ستجمعين؟
ما هذا ...وأين أنا ..همست له هل هو أوزوريس أم هو النادل أم عند النهر تنادي...!
أجبته دون أن أعلم من يكون:-
لك الطاعة .. سأستحضر فكري و خيالي ..سأرشق على الأوراق مشاعري ..وعلى مقهى الأشواق سأكتب روايتي وخواطري وقصصي.. أتسمعني !..
- خذ قلبي..المتهافت المسكين وهيء لنفسك شواء الهوى..فقد يقرأ لنا أحدهم فنجان الشتاء أم أني أسطورة عبر قرص القمر ....![/frame][/align]
جمعتُ الجلستين..وأنقلها من الخاطرة إلى قسم القصّة القصيرة..الأستاذة خولة وجدتها أقرب إلى القصة من الخاطرة أو قصة مجموعة خواطر!! شكرا لك ..ولي عودة بإذن الله...تحيتي وتقديري..
الأديب وشاعر النظم والبحر محمد الصالح الجزائري:
ها.. أنا عدت بقصة تتكأ على جلستي الثالثه وهي- مغيب الشمس- و التي تابعت فيها - قصة حبيبي النادل وفنجاني الشتائي ، وذلك لتشمل كل منهما الأخرى وتتصل الأولى بشمس الحقيقة ..
أيها الشاعر الحر ..أنتَ تُمطر بغيوم فكري لتُصلح همتي وتثير حماسي، فكلما قفزت حروفك على أي عمل من أعمالي كقصة خاطرة ..... تُظهر شمس الحقيقة والحرية لتقدم لي أجمل برواز كما هو يتضمن في تلك- الجلستين -وبما أنك قد عرضت القصة بلوحة واحدة ،اندفعت بروحي الحماسية لأرسل لكم الثالثة وللمعلومية إن -مغيب الشمس- هي قصة كتبتها أيضا وأناأجلس ، أحسنت إنها قصة في قصة أخرى (كما وأنهم توأمين لثالث ..من رحم واحدة و لحظة تنبض من روح تتنفس بثلاث توائم ،) أحداث تجتمع بقصة واحدة أسردها، هنا أستخدم كلمة - جلسة- لأتابع جلستي في مقهى أشواقي الذي أستلهم منه كلماتي ، لأني بالفعل أكتب بنفس تنبثق من خارطة قلمي ومن أول خط وأنا أجلس لأستحضر مفكرتي فتخرج الحروف من خيط إبرة بفكرة تتكثف لتصير قصة وخيال يأخذني للماضي الحاضر .
سيدي أردت أن أشكرك لتفهمك لأسلوبي الذي لطالما كتبت فيه قصة تناولت فيه السرد والخاطرة والخيال ،وبهذا تكوّنة الأشكال لتصير عمل عشوائي حر يتسم بالحركة العشوائية ، و بقراءتك المتتبعة تكشف الغطاء عن كلماتي إلى أن تشكل فيها من اللحظة الأولى ما أرمي به وعلى الرغم من الكثافة ،إلى أنك في نطاق يتجاوز أسلوب قلم آخر ففهمت المغزى من وجهة نظري ، وذلك لكون الذات المتأملة في أعماقي تنتشر على نطاق أوسع لتشمل جوانب وجدانية ومخيلة أدبية أطوّر فيها كل مشهد يرفع الستار عن الآخر، وهكذا أَكونْ كما أشرت إليه وكأني اخترقت الخط الثاني بالأول لأصل إلى لحظة مغيب الشمس وذلك من بعد الزوال....!
ملاحظة :حَبّذا لو تكون الثلاث جلسات معا في إطار واحد إن رأيت هذا أجمل أو أفضل ويعود لك الاختيار لتسهل على القارئ وسأكون ممتنة .جدا.....
لك تقديري وشكري ..لك نخيل رياضي...
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
[frame="13 10"]
[gdwl]حبيبي النادل... وفنجاني الشتائي[/gdwl]
[gdwl]الجلسة الأولى[/gdwl]
مع الليل الشتائي الطويل والفجر الطويل أُرسل الحروف، وأبتسم ابتسامة تنتثر على الأوراق ..لتثير الأشواق فتتلاعب الكلمات بكل هدوء ،وتخرج عن فواصل الكلمات لتحرّرْ العبارات والمجاملات ،وترتدي ثوب بسيط من الكلام ،في هذا الفجر يقرر قلمي المتكبّر أن يندفع بالكلام ليَعبر بحقيبته المُمْتلئة بالأوراق ..والأشواق.. فيسْتَوْطن حدود -حديث النفس- هناك ..وهنا ..أجد نفسي معكم وإن كنت قد غادرت يوما -مقهى الأشواق- في حي النور عند الرصيف الخامس من درب الأشواق وتقاطع الأنفاس، ومُرَبّع الخيال .. نعم للخيال.. أركان وزوايا أكتبها في مقهى الأدباء وإن لكثير من كلماتي تَتَدلّى من زوايا حجرتي ومن الثريّة المعلّقة التي تَتَحَسَّنْ عليّ بأحرف أجمعها في فنجان قهوتي ...هو فنجان أرتشف منه الحركات والنبضات والكلمات فأكون حديث النفس والهوى وإن غبت.. عادةً ما يأتي " حبيبي النادل " لي - بأريكتي الخضراء -صنعها لي خصيصاً .. بالإضافة أني فُزْت بها ..يوم أن كتبت له أشواقي.. أتذكرون ..أراكم تهزّون برؤوسِكم وترفعون أعناقكم لتستحضروا الذكريات ...وتقولون آه... ما أجملها من أيام ! -ابتسامة -جميلة وأشواقأعتقد أنه شفق على أناملي ،هو معجب بعيني الواسعة أعلم ذلك، فالمرأة قطار سريع من المشاعر والرجل له محطات معها ، لذا دوما يحاول النادل أن يعصر لي عصير الجزر ويسْقيني الكؤوس... وعندَ الغداء يقدم لي وَجْبة مُكوّنة من- حِساءْ الجَزَرْ- فهو يُقوّي البصر .. وبين الوجبات والأشواق.. يسرع بشاي م نعنع.. وأحيانا بالكابتشينو وقطع من حلوى الأوراق وقلم وشعر.. وجريدة اليوم..إنه يعلم أني أحب الرغوة وبودرة الشكولاتة المنثورة من فوقها ويدرك أني أعشق الكتابة في الليل والفجر والسهر والسمر مع الأوراق والكتاب فيأتي بضوء القمر لأستكشف كلماتي وحروفي ..وبعازف الكمان لترقص الكلمات على أنغام الذكريات أخيرا فُتح -مقهى النور- ونعذره لأنه جدد المكان من الطبيعي أن كل مكان جميل يحتاج للصيانة أما عن الكهرباء والذكريات فهو دوماً يشتكي لي
- يقول النادل والحزن يبدو على ملامح الكؤوس وجبين كلماته وخطوطها :- أن قهوة الأشواق تفوق فاتورتها كل مقاهي المدينة ولا نعرف كيف نلحق على تلك المصاريف حتى بات الأمر مكلف .. وهناك بعض الخسائر، حينها نزفت دمعتي .. وانعصر له قلبي، فأنا أهواه وذكراه لا تغيب عن البال إني أحبه ..أحبه..لكنه لا يعلم بسبب كبرياء خطوطي وقلمي ..والمسافات وانقطاع التيار
- سألته وحروفي مستاءة ما السبب ..؟
-رد بكل قهر.. وأسف : لأن الزبائن يغيبون كثير وأحيانا يحجزون مقاعد ..ولا يحضرون ، حزنت بالطبع عليه خاصة أن هذا
- المقهى- يعني لي الكثير ..إنه بدايتي ..مع أوراق الخريف ،و ملكوت شتائي .. فهو حكايتي وقصصي ..وكل خاطر لي وخيال أناديه من أجله ، هو- مقهى الأدباء والأشواق وحديث النفس بين الأنوار- أتمنى أن لا تنطفئ الأنوار وتذبل الشموع المقابلة لعمارة ومجلة نور الأدب ...لن أكون غريبة ..الدار والسكن إن غبت أو حضرت ...اذكروني دوماَ.. لي لقاء في كل مساء ..على معزوفة تسيتقظ على أوتار الحب ،والحرية .. لتتبادل بيننا الهمسات.. بذكرى تداعب الاوراق ..والأشواق..
[gdwl]الجلسة الثانية...[/gdwl]
أجلس على الكنبة الخضراء ..كنبة حبيبي النادل ..وأنا أفكر دوما أن أكتب ،أحضرت مقلمتي وألواني الجميلة ومفكرتي لأخربش بخطوطي ،و أرسم دائرة تحميني من ضياع الفكرة والأبطال،ولكن لا تستحضرني تلك الفكرة أو الخاطرة كما أريد فأحاول أن أحرك أناملي لأجعل منها حكاية أو كلمات أنثرها على الطاولة المستديرة وأنا أرتشف كأس الجزر وحبيبي النادل ينظر إليّ بحماس كي أتابع أسطري ، أحاول أن أحفر الصخر على مخارج الحروف ،وتتدلى القناديل من الأعلى.. وهو ينتظر ..وينتظر ..قبل مطلع الفجر، فقد تأتي البلدية والمديرية بسبب مخالفته ، عن عدم إغلاق مقهى الأدباء في الموعد المحدد ، وقد ينطفئ النور وهو يتحمل الغرامة، هو يضحي من أجلي ، ربما يحبني وأتمنى ذلك فهو يعشق الأدب..وأنا وأعشق من يسقي الأقلام حبا وسمعا، كثير من الأدباء أعرفهم يترددون هنا منذ الخمسينات كان الرواة.. والفلاسفة بل يقال ..أن ابن خلدون ..قد مر من هذا المقهى.. وأن فيروز تغني كل يوم أغنية ، وعبدالوهاب لحن ألحانه هنا ، وإن عددت لكم لن يحصي قلمي، فأحيانا أجده كسول لا ينطق عن الهوى ولا يسمن من جوع ، لذا أنطلق به عند مقهى الشوق ..ودار الأشواقإنه يهمس لي:- أيا امرأة الأبجديات كلها، قفي أمام بابي الحزين...فأنا أقاسي جرحا أقسى من كل جرح، وحزنا أفدح من شجر البوح، فدعي لغيري ذاك الملح، يكفي أن تراك العيون يوما بدوني ليحلّق الحزن فوق الغيوم وبين النجوم، ثم عودي واجلسي على أريكتي بجانب المدفأة واقرئي كتابا مسليا، وتمني في سرك لقلبك أحلاما هانئة تعجبت كيف نطق عن الهوى؟أم أنها مفردات تتقاطر مع أوهام خيالي ...يا الله من أين ذاك الصوت هو آت.. أين أنت؟
-همس ثانيةأيا إيزيس حياتي المنكسرة...أين رحلة النهر أين أنت إني أبحث عن حبيب؟ أين الجسد المبعثر الذي قيل لي أنّك ستجمعين؟ما هذا ...وأين أنا ..همست له هل هو أوزوريس أم هو النادل أم عند النهر تنادي...! أجبته دون أن أعلم من يكون:- لك الطاعة .. سأستحضر فكري و خيالي ..سأرشق على الأوراق مشاعري ..وعلى مقهى الأشواق سأكتب روايتي وخواطري وقصصي.. أتسمعني !..
- خذ قلبي..المتهافت المسكين وهيء لنفسك شواء الهوى..فقد يقرأ لنا أحدهم فنجان الشتاء أم أني أسطورة عبر قرص القمر ....!
[gdwl]الجَلْسَة الثَّالِثة[/gdwl]
مَغيب الشَّمس
مُنْذُ -عام 2008 - إلى هذا اليوْم ،وأنا أَجُرُّ أوْراقي في هذا المَقْهى حتى تَكَدّسَتْ أعمالي البَسيطَة والمُتناثرة ، كنتُ أبحث في كلّ زاوية ورُكن وحائِط وعلى الأرْصفة وفي الحوَاري وبين الدَّهاليز ...لأسْتنطق بساتين النُّور ومَرافئْ الأدَب -ومع كل هَمسة أكتبها دمعة .. وأخرى ابتسامة وكلمة-.. وفي النفس ينابيع الرّوح للحياة و حبّ الإنسان -فحب الإنسان كنز حقيقي يُشيع في نفسي الرّضى-... وفي إحْدى اللَّيالي شعرتُ بملَل يتخبّطني من كُل مكان حتى تَنَمَّلَتْ أطْرافي من طريقة جلستي ،و امْتَدَّتْ يدايْ لتَحْضُن قدميْ وانْحنى ظهْري نحْو رُكْبَتي، صُرْت أُمَدِّد جَسدي حتى تَعود الدِّماء لمجاريها ، ثم قفزتُ لتَجْري أنسجة الحروف في فكري،يا -الله -حِرْتُ ماذا أكتب! فقد سمعت كلمات غير مفهومة ونميمة، ربما لأني أطلت الجلوس فغفوت إلا قليلا ، في اليوم ذاته الذي مررت من هنا أدرت ظهري وتابعت الكتابة ، قلّبت أوراقي، إنها أحلام اليقظة مرسلة لي والحق .. لا أريد أن أكون - إيزيس -لأنام عاشقة ..آمنة هانئة، فأنا بطبيعي لا أحب اللون الأحمر أو أي من الرسومات المقلوبة والتي تمثل شكل قلب أحمر ينبض ..وسهام الألوهية في الحب، فحروفي كأوْتار عود مُرهفة لا تَتَحمَّل أن تَنْخَدِش، كما أنَي أرْفِض أنْ أكونْ كلمات حَجَريَّة قاتِمة، فقد أخْتَنق فلا يغنّي لي قلمي ولا يطربني، أو أصير مجرد حبر على السطور ، ونقطة وفواصل تنتظر من ينادي اسمها في طابور الجمعية حتى تنقرض السطور من حكاياتي متى أرادت الحواشي وشاءت الكراسي.. فليس من العدل والمنطق أن أكون مجرد عَلَم على ورق دون أي عقد وشهود على العهد... وأظن أن التشهير والحضور هو إلزام في الأعراس!
-يا إلهي كيف لذاك الصَّوت يَفهم ما في خاطِري فما أن لَبثَ إلاَّ و أكْمَلَ عِبارَته:
- شهرزاد ... ارْقصي على -ألف ليلة وليلة- ثمّ تمايلي بأحْرفك على مُتكأ هذه الأريكة وهزّي بقلمك على ألحان العودو-أُمْ كُلثوم- وعلى الرغم أني لا أحب الحُزن سرت معه، كان يُعجبني ذاكَ الصَّمتْ المشحون بروح وجروح النادل ،فقد تجلّت فيه الأرواح للقلوب الصافية ولمفردات كلماتي ولأصدقائي الأدباء والأديبات ...ولكل من أقرأهم -ليل نهار-
****** في هذه الجلْسة سأَلَتْني امْرأة رَزينَة خَلوقَة : هل تسمحي أن أُصادق حُروفك وأقرأ وأكْتُب على هذه الطَّاولة ،فقد تُلْهمني الأرْواح المُنْتشرة ،وذاكَ الإطار الخلاَّب والرُّسومات المُزَخرفة على سجَّاد ة الأدب.. والصوَر المعلقة،...ثم عرّفتني بنفسها اسمي (غادَة) ..أكتُبْ مقالات وقضايا لأُصيب فيها الحَّق ،كوني بصُحبتي وقودي بي إلى الشَّوق وعرِّفيني على صوْتُ الهدى ،كما أني سمعت أنه مكان أمين تاريخي -يُنادي فيه الأوَّلين السابقين ويعود السَّابقين للحداثة -فكيف هذا !ومما لفتَ نظري أكثر أنه لا يسمح بذوي الأقلام الصفراء أن تدخل للمقهى ،ذاك ما قرأته على لائحة الطَلبات والدخول ..فأعجبني واقتحمت المقهى بسرور وما أن وجدتك إلا وقررت أن أنفض لك ما أحمله ولكن هلا تصفين لي ذاك النادل:
-ابتسمتْ وقلت : (غادَة) اسم جميل يعود بي( لكاميليا) .. أعْجَبني حديثها وسُؤالها .. فأجبتُها وقلْبي يَخفق و دون تَردُّد بحتُ بسرِّي: هو طَيِّب اللّغة ،راقي جَميل الإيقاعْ لذا هوَ حبيبي...ولا أعْلم سَبَب تَوَتُّره وتَوَدُّده واهْتمامُه الزَّائد بي عن غيرهم هل هو غرام وعشق أم أن قلمي يعجبه! هو بسيط اسْتوحى أدبه ونَمَت ثقافته من قهوته التي يتردَّد عليها كبار الأدباء حتى صارت مكتبة تَنْزُف نورا ومعرفة ..
- استوقفني عند المرفأ الخامس للمقهى (صديق النادل) قائلا :-
-عفوا يا سيدتي الكاتبة: يعْتذر اليوْم -النادِل- عن غيابِه ، وقد عاهْدته أن أبْذُل أقْصى ما بجُهدي لأُحافظ عليْها فكما تعْلمي هي مسْؤولية ليسَت بسَهْلَة خاصَّةً وأنَّه يصدر الكثير من الفنون في مكانه الجميل .. ثم صمتَ بُرهة ...وكأنه ينتظر ردَّة فعلي و دَهْشتي .. شهقتُ وابتلعت الهواء لأُتقن دوْري وتصّنعي ..ثم اعتدلت و رسمت ابتسامتي خوفاً أن يكشف أوراق شوقي له فأنا أخاف أن أخسره إذا علم أني بحبه هائمة ...
- أجبتهُ بكبرياء : أنتَ تتكلم عن إنسان لا أعرفه فلما تعتذر؟نَظرتْ إليّ المرأة الوَقور فغمزتُ لها أن تصمتْ لحين أن أنتهي منه
- ثم تابعت بثقة : ما أعلمه ...أنه لا يرتادْ هذا المكان إلاَّ - ذَوي المُطالعة- هَزَزْت كَتْفي الأيْسَر ،قد يكون هو منهم ولم أَلْمحه ! فكبار الأدباء نَبْتتهم الأصليَّة أتَتْ من جُزِر تلكَ المقاهي البسيطة، لذا أنا أعْشَق -مقهى الشوْق- لكن ما لا يعجبني هو أني لا أحْضُر -إلاَّ والناس نيامْ .. وفي النَّهار الأقلامْ صيامْ -فلا يُوجد من يُصحّح ويُعقّب على كلِماتي ، وأبديْتُ لهُ سوءْ معاملَة أحدُهم عندما اعْتقد أنّي أسْعى من أجْل صفْحات قليلَة ...لا تُسقي عروقي الأدبية فلا أحصل على العصائر الطازجة والمفيدة..!
- سألتُه وقد رَانَ عليْه حزنٌ شديد، وكَسا وجْهه شحوبٌ لافِت، وتغيَّر سُلوكه وتبدَّل حالُه، فمالَ إلى الوِحْدَة، وظهر عليه الاكْتِئابْ فأصابَني شيءٌ من الخوْف عليْه :
- ثم اسْتطردتُ هل من حادثٍ أَلَمَّ به، و حَلَّ بساحته فأصابهُ مَكْروه، حتَّى أغْضبك وأحزَنك ، واغْتال البَسْمَة من على وجهك، وأدخلكَ في دَهاليزْ الحُزن المُظلمة، فحالَكَ لا يَسرُّني، وحُزنك لا يُرْضيني على الرَّغم أنِّي لا أعرفكَ كانت حيلَة منّي وأظُنَّهُ لم يَكْشِفْ أَمري
-تردَّدَ صديقه وصَمتَ طَويلا ً..ثُم أَجابَني بِنَبْرَة حَزينَة وملامِح الحُزْن تبْدو على وجهه وهَيْكَلُه:
- نَعم ..هُناك أمر يُتْعِبَهُ و زادَني مَرارَة يا -إلهي- بَدتْ الكلمات تَقْطُر منهُ أَلما فهو يَشعُر بحُزْنٍ ليَأْسِ صَديقه..
- و باختصار قال: تمرّ على الإنسان ساعات وأيام هي الأسوأ في حياته، دونها الموت بكثير، الذي نقبل به وإن صاحَبَهُ بكاءٌ وعويلٌ وصراخٌ وندَب،إنّها بَراثين المَلَلْ ، وفُقْدان الشَّهية ، والوِحْدة ، والشَّجَن...
-أجبتُه وأنا أُوَاسيه: فليَصْبِر ويُصابِر ويَتَجلّد ،فلا أظُّن أنَّ أحَدْ قد سَلُم من ذلك المَرض...وليُعينُه الله على العُموم ..أتمَّنى له الشِّفاء قُلْتُها وأنا أَكْتم حُزني.. وانْفِجارْ دُخاني...
****** ثُمَّ عُدت للمرأَة الوَقورْ وطَمْأَنُتُها إلاَّ قَليلا: أنا لا أنْشر أوْراقي ، بعضُها أحْفظها في -مقهى حبيبي -والأخرى قد تَرحل وتُقبر أو تُمسح فلا أنا حفظتها ولا أنا تَذكّرْتها في مَخْزون ذِكْراي إلا بقصّة مُشابهة، على العُموم ما دُمتُ أمْلك سِهام ورُصاصٌ أُ صيب فيه حبيبي فهذا شيءٌ جميل وآمِن ، وبِتأوّه لُمت نفسي ،لا أعْلَم كيْف بُحتُ لها عن سرّي ! وما يَقْهرني أنّي هجرتُ -روايتي الثانية- رُبَّما خفتُ أن يُسافر- حبيبي النادل- وتُؤصَد أبْواب المقْهى فأجْلس مَلومَة مَحْسورَة في الكَون ..وَحيدَة ،وليس لي إلا جهازي ومفاتيح لوْحة أدَنْدِن عليها فالحَديد يُخْرس القلَم ويُنْطق الأضواء المُشِعَّة بإشْعاعٍ مُتَمَوِّج عصْريْ. وإن كنتُ أكتبُ أيَّتها -النَّاقدة- المًمَيّزة فأنا أكْتُب على زُجاج ونافِذة إلاّ أنّي أشْعر أن هُناك علاقة دافِئة ترْبطني بقلمي الرصاص وأريكتي وكتابي، أستمتع لقراءة الطَّبْعات الوَرقيَّة مما يجعلني أغيب ، ومُتعَتي بين الحين والحين .. أن أصطحب أصدقائي الأدباء من كل عصر وزمن وبعض من الكتاب معي وأقرأ أجمل ما كتبوا ، وإن أرهقتُ عينيْ وازداد احْمرارها ..لكن لا بأْس عصير الجَزر يعوّضني عن ذلك ويجعلني أبْحث وأقرأ ، حينها -حمدت ربي- أني لم أفصح لصديقه عن عاصر العصائر ،لذا عَضَضْتُ طَرَف لساني فانْقطعَ جُزءٌ رَطْب و -نُقْطَة من أوَّل السَّطر - كما صار في مسرحية -أنيسْ مَنصور- ، هو ليس خيال أقول الحقيقة لأنّي أكتبها وأرسمها بألْحان وزَفير، و بالنَّايْ أنْفَخْ لأُغنِّي بأناملي ،أكْتُم الصَّوت لأُداعب الحُروف وأعْزف قصّة تشبهني أو أقتبس شخوص لألْتَصق بروح البطل، وهذا ما يجعلني امْرأة مُتناقضة أُسافِر لضواحي ومُدن ،أرتدي ثوبٌ ليس لي وأبدّل الألوان والأشكال ..أستعْرض النُّجوم على مسارِح بطوليّة ، وأظنُّ أن الرُّواة يُعانون من تنقُّل الأرواح والصُّعود لمنازل عالية.. والسّكن في البَراري والاخْتفاء والهجَّرة ،أو غَزَل السُطوح على حِبال من الشِّعر والنُّظم ، فيطلقون قصائد الشعراء للبحث عن فتاة مُراهقة تسْقيهم حُباً وإلْهاما ،ولوْ أنّهم - يقولون ما لا يفعلون -ولكن لا بأس مادامت مجرّد خطوط لا تُقرأ.إلا من كتب بلوحة ترسم بمداد وأبجديات الصدق والنقاء وبنهر عذب يقطر حبورا حينها ستدوم له الروح وإن رحل لسماءه ..
*** بالصُّدفة ..مَرّ سائلٌ وهو يحمل جريدته الرياضية والهدف كاد يفجّر -مقهى الشوق- شَهقت بصوتٍ عالٍ و كتمتُ أنفاسي بباطِن كَفّي ... ثم اعتذرت للمرأة بذوْق.. واتجهت إليه ظناً مني أنه مُحرِّر مُمَيَّز في -جريدة رياضية- اعْتَدَلت في مشْيَتي ويديْ تَحمل أوْراقي وقلمي كادَ يتكوَّر ليُصيب الهَدف ،أَرَدْتُ أن أسْأْله لما غابَ وغادَر لاعب المَرْمى مكانُه وانْدفع المُهاجم بكلامه يوم أن تحدَّث عن إشاعَة رحيلُه ،تجرَّأت وأنا أتحدَّث معه كانت فُرصة غيابْ -حبيبي النادل- بأن استغل غيابُه وأعتزل أسلوبي، و أتحدَّث لكُرَة أرضيَّة فأنا أَخاف إذا ما سمع أني تحدّثت لهذا الرَّجل الكروي سيُصاب بصدمة فأقع من فكره الراقي وأغرق في يَم لسان العاميَّة ولا أكون قلمٌ فصيح ودود ..!
-سألته هل تسمح لي بكلمة كروّية: أفكّر أن أنشر -قصة قصيرة- في مقهى رياضي ليتَهافَت الشّباب فتنتشر كلماتي وإن تناولها اللاعبين وقذفها البعض، فجْأة اعْتدلت عن الفِكرة وأسكتّ لساني وعدتُ لمكاني..! فضمير الغائب اجْتاحَني وأخذَ يَلومني لوْمة لائم بالهوى والجُنون ، تراجعْت وألبستُ قلمي ثوبٌ أبيض وزُرقة وإن تَراكمتْ الغُيوم فلا بُدّ للسماء أن تُمطر بقصص وأساطير ..
****** جلس جالسٌ من أهلِ اللغة .. أظنّه -أنيسْ ،أو العّقاد ،أو نَجيب -وعلى الأغْلب مِن مَن يكتبون- مُنذ السّتينات-
-اتّكأت على طاولته وسألته :
-هل تذوَّقت -طعم من نور الأدب الجديد-!؟ .. فقطرة من مطر وسطر واحد كفيلة أن تُبلِّل فكري وخيالي ،رجاءً لا تُصُمْ أُذنيْك ..هلا تسمعني : إني أكتبُ وأنا أسْتحضر فِكري بأسلوبٍ جمالي يتراقص على الزّجاج وأزيده روْنقا من لمَسات النّور وانْفعالات الخمْسينات .. أنْصَحُك أن تَفعل مثْلي وتمزُج الأطْباق.. ثم صرختُ بلسان أدَبِيْ فالتفت إليَّ أحدهم وهو يلبس قُبعة وشال أحمر،وابْتَسَم الآخر وهوَ يرْتدي نظّارته وصَلعتُه تبْدو كمِرآة بألفِ حرْف ،وذاكَ الفيْلسوف بأصابعه يلامس تجاعيد جبهته ليعصر ويعقد فكره، والناقد والقاص طلعت يلوح من سماء القبّة الذهبيَّة و يضع يَدُه اليُمنى على خدّه ليُخْفي غمّازته بطلعته وهدوءه ، وعازِف الكَمانْ الذي أطرَب العالم بلَحْن -عبد الوهاب ،وفريد ،وحليم-
- التفتَ إليَ الجميع وكأني سأنْشد أنشودَة المَهْد:
<منذ كنتُ طفلة إذا ما أمطرَت السَّماء أَخرج بغَرْشَه لتمْتلئ ثم أَسْكُبها على ورَق لتَنطق الحروف كل ما ظَمَأَت ، إنها أقداح ذكرى معطَّرة بانْهمار المَطَر، وغرْشة هي -صحن مَعْدَني مُقَّعَّر يسْتخدمه الكُبار في السّن للشرب- ،
- ثم تابعت :ما لهذا الهوى يقتلْ قلمي فقلبي بهواه قتيل ،و سموات كلماتي تَزدهي فأنادي الفحول والطيبون،ودائرة الخيال تزحف بسيفٍ وقلم ..وصَهيل السّيوف تتباهى في زحمة النور، واللحن يُحْي كل روح فترفّ الحروف والصحائف من بهاء ظلٍ ظليلْ ..جميلٌ بليغْ.. آه..رحلَ الشوْق للنّهر الحَبور ،وطَرُبَ النُّور بلحون وطُبول ..وما زلتُ أعْرُج لأرْتقي للمسْتحيل >
- هلا.. تُخبروني كيف أسْلو للمستحيل وأنشدُ حكاية حروفي.. بنشيد ٍعبقريْ ! صفَّقوا وعادوا لكراسيهم المُترامية دون أيْ تعليقداهَمَني شَكّ بأمري وحدثتُ نفسي.. ربّما تكون أرْواح وأحاسيس أسْتَحضرها ،لأكتُب على طاولتي المُستديرة!
******
- سألَ ضميرٌ مجْهول عنّي : - مَن سَمحَ لكِ أن تأتي بأريكة خضراء مُخمَليّة وتُسرفي في كلماتك! دقَّقتُ النظر فيه من يكون ! بالطبع هو ليس -النادِل- ولا هو من -أقلام النور- أو مِمّن يزور مَحطّتي المُتواضعة أقصد ، مَقر الأدباء ، -إن أدباء وأديبات النور هم من رفعوا قلمي حتى أصابه سَهمٌ طائِش ورواية وقصص ، وحروف تنبض جمالا- هو يُصر -لا- لهذا القلم ، ولا أعلم ما العلّة وحالة الرفض التي يُعاني منها لي !
- وبإصْرار شديد أمرَني : إن كتبتِ فلتَكتبِ على رُكن مُنطوي أو زاوية قصصيّة أو ضعيها في مفكّرة الذكريات جاءني وهو يمشي بتعالي يا لهُ من إنسان مُكابر يَرتدي قميص أبيض وبَذلَة ،وربطة عُنْقه تكاد تخنُق حِبال حنجرته ..وهو يحذّرني بحاجبيه وملامحه تودُّ أن تصفَع كلماتي -بالكاف ،والألف- المشدوده
-يومها قال لا تستندي على طاولة الفكر وتُطيل الجلوس
-نظرتُ إليه بُرهة : وأنا أسْترجع ذاكرتي .. آه تذكّرْته..هو ذاته السائل الذي قال أنت امرأة ثرْثارة، و قد يكون هو الذي زارني ذات يوم وقال أوراقك مُملّة في تلك المحطة التي أقمت فيها لبضع أشهر، لم أُمانع رَأيَه ..
-عاد ليُحذرني بإصْرار : أنتِ لم تُؤصدي الأبواب بالإضافة أنكِ أضعتِ قفل القصّة، فكانت الغرامة والضّريبَة- للنّادل-
-أجبتُه وأنا أُدافع عن الحَيْ والأسلوب الذي أسْكُنه: ثِمة شيء يدور في فكري مُنذ الصّرخة الأولى التي وُلِدتْ فيها روحي وكانت تُرفْرف على- بساتين النور -وما جعلني أزداد اليوم ثِقة هو شوقي وحواري على الشُّرفة، وتساءل الأُدباء والأديبات عن هَويَّتي في لَحْظة هُبوطي ، ثم ما المانع- يا سيّدي- أن لا أنطلق لأسلوبي ..وحياتي.. وحروفي. الحقيقة خفتُ على حبيبي أن يُسجَن و أكون السب في حبْسه ووحْدته، فهو قطْعَة مِن قلْبي وحُروفي التي تَسْتند عليه ،- فحبيبي النادل- هو كلماتي التي تَقطُر مني عرقا وشهدا ، وأجرّها جراً حتى بدأتُ أشكُّ أني سفينة الصحراء، بتّ أخاف أن أُصاب بضربَة شمس.. فلا أنا كتبتُ ولا هوَ قرأَ حرف. .!لذا كنتُ في استراحة طويلة وعدتُ وأنا أَلهث باشْتياق لمقهى الأشْواق .. وأخيرا..هّزّ رأسُه وانصرفَ وانْمحى اسْمه من القائمة ...وأنا ما زلتُ بانتظار عودةُ -النادِل- وقراءة حروفي من -شُروقِ الشَّمس ..إلى مَغيب الشَّمْس- ...
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
العزيزة خولة ..
لقلمك اندفاع السيل الجارف تارة وهبوب النسيم العليل تارة أخرى .. تتبدى فصول السنة في تعابيرك فتعيش على إيقاعها بين السطور ..
هنيئا لنا بقلم خصب مثل قلمك وهنيئا للنور بك خولة .
مودتي وورودي .
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة يوسف عبد الرحيم
الأستاذة خولة
بوح جميل لعبارات أنيقة مع انسيابية ارائقة للحروف
استمتعت هنا
سلمت يمينك
الأديبة فاطمة يوسف عبد الرحيم..
وما كان ذلك البوح إلا بأشواق تزاحمت في محبرتي إنها بحر من الذكريات هي دائرة أعيش بها مع أدباء كل عصر، وضعت لنفسي حيزا أغطي به ذاتي وانطويت مع كل روح لأسمع كل همس ولمس، على الرغم أن الحزن قد طرق بابهم إلى أن محبرتي غسلت دموعهم ، انزويت معهم وتسلقت الجذوع دون أدنى تفكير حتى لقيت من لم ألقاه، وما أبهرني أنهم كانوا يسمعوا حديثي دون أن يتكلموا ، ولن تصدقي لو قلت لك اليوم استيقظت وأنا أتمتم بحروف أبجدية وكأني في الحلم كنت أقرأ كتاب ، ربما لأننا نقرأ ونكتب فتلاحقنا الحروف إلى أحلامنا لتحفر كتاب وتبحث عن ثوب لها ، يقال أن كل كاتب يملك حلم من ورق وأنا وأنت لغة وحلم وحروف تمطر على عبارات تتغنى يحدائق الأدب والياسمين والريحان ...
فشكرا لك ألف شكر
لك أشواقي لك نخيل رياضي
خولة الراشد
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
الأديبة العزيزة خولة الراشد
لأن الزبائن يغيبون كثير وأحيانا يحجزون مقاعد ..ولا يحضرون
بودّي أن أقتبس أكثر وأكثر من ذلك. ما أصعب أن يحجز الزبائن الأماكن الشاغرة في القلب ويحضرون ولا يحضرون، نشعل الشمع من أجلهم ولا ندري هل أوراق الخريف قد تساقطت أم أنّها على وشك أن تفعل ذلك. بوح يعبّر عن صراع داخليّ مبدع ويعكس حالاتنا الرافضة للوحدة وعدم التماهي مع الحياة من حولنا.
خالص مودّتي.
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى نورالدين الخطيب
[align=justify]
الأديبة الحبيبة أستاذة خولة تحياتي
رائع ما كتبت ورائعة أنت
لا تغيبي عن مقهى النور وتحملي قليلاً انكسار الظل في أفياءه
اكتبي واستمري في ارتياد مقهاك الأدبي حتى ينزاح الثلج من فوق الدروب ويعود الدفء لأرجاءه
دمت وسلمت
هدى الخطيب
[/align]
الأديبة هدى الخطيب الغالية
أحمل أوراقي و خيالي لأسافر لمدينة سافرت إليها أشواقي لعل الإلهام يأخذني فأرقد طويلا ورغم أن لا شيء ينتهي في أدبي يلهث قلمي ليعبر المحيطات.. لذا لا بد من العودة لأقطر من المياه وأزيل التراب والغبار عن الأوراق... غبت أم حضرت فالقلم بين أناملي وعندك الورق والنور ولك الهواء و الطبيعة والورود تتناثر على البساتين لك الجنان والإلهام ونعائم الكلمات ،فسبحان الله أينما نكتب يرفرف القلب ، فالروح تنفست ها هنا وكثير ما كتبت وتعلمت وإن غادرت ستظل أشجار الأدباء من حولي ينشدوا أشعارهم ويقصوا حكايات و يخيطوا ومضاتهم بسخرية ،حتى تهطل قذائف النقاد من السماء بحروفها لترطب كل عمل جليل وتخلد كل من يطل علينا ويبعث السلام ،إن أوراقي تعارك الأمواج وتصارع هيجان البحار وأحيانا تتمتع بصفوان و تخلد على وسادتها، وأجدها حينا تغدر بي إذا امتنع القلم عن نثر الخيال ومتابعة ما لذ وطاب، لذا استدل قلمي على مقهى الشوق ليقتحم الأدباء ويسامر الحروف ويلفظ درر وجواهر ويبحث عن اللؤلؤ المكنون والأصداف ، إنه يا سيدتي الإصرار والطموح فمن أراد الطموح ليعلو بإصرار وحذاري من العتبات والنظر إلى الأسفل وإلا فشد الحرف حباله ونصبت حباله وتعلق بالمفعول به ووقع والحقيقة قد ينهش جسد قلمي الجراح والآلام لكني أحاول لا أستسلم فأرفع الراية البيضاء بأوراق تنطق لتصل إلى جمال الأدب ولمعان الحروف وإن لم أصب ولكني أحاول أن أستمد القوة من الخيال فغايتي أن أجر الأنفاس وأحرك النصوص وأتلاعب بالشخوص يقال كل إنسان له إبداع في مجال ما ، وأنا ما زلت أبحث عن نفسي
لك أشواقي ومحبتي ..لك نخيل رساضي
تحيتي وتقديري
خولة الراشد
تعمل مجال الكمبيوتر - التعليم عن بعد، خريجة أدب عربي، تكتب القصص الاجتماعية والعاطفية والنثر
رد: حبيبـي النـادل ..وفنجاني الشتـائي
اقتباس
عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ]
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ميساء البشيتي
نعم عاد النور
ولكن الكثير من الأحبة لم يعودوا
ربما لو قرأوا هذه الكلمات الجميلة لعادو
غاليتي .. خولتي .. شكرا لك وكوني بالقرب دائما
الغالية والأديبة ميساء البشيتي..
عادالنور وعدت إليكم بمقهى الشوق ودمت بأريج المحبة مع ميساء ، غفوت لأيام وليالي كنت أكتب قصص وأحاسيس وسلاسل من الكلمات في كتاب أمد ذراعي لأحضن الجميع أحضن ميساء بكل فرحة وبهاء..
وذات مساء قررت أن أبحث عن نبض قلبي لأكتب سطرا لكل القلوب وجدت أن الروح تمتد بي إلى الربيع ، وأنا وأنت صوت ووحدة حرف ووطن فلنكتب بداية الشمس ونجمع الكلمات المبعثرة لننير الجنائن والبساتين فما أجمل اتحاد الصفوف، أحاول بهذ أن أجعل لي منتجع أرمي به ما طاب ولذ وأستخرج كميات من العواطف والحب والمشاعر لمن هم في الكتب المكدسة في الرفوف تتراكم عليها الغبار ، إن هذا المقهى يعني لي القراءة والكتابة والخيال ...
إن التوازن بين البداية والنهاية والتأرجح على السلّم الموسيقي يأخذنا إلى حكاية أو خاطرة أو قصة أو ومضة أو نغمة. ميساء خرجت بملكوت الشتاء وحفرت الماضي على الصخر لأقتلع الحروف وأجر الأيام لأتلاعب بالأبطال وأبني لهم أعشاش أسافر بهم ، أداعبهم ، ولكنهم يبطئوا من مسيرتي ، فأتنفس لأستريح على مقهى الشوق وكم يؤنسني هذا المكان أجدهم أمامي وكما أني في حلم يخترقون من نافذتي كلما لعبت بالمفاتيح،يتمددون على مساحات الخيال لأنجب لهم فكرة على سطح الذكريات ، وأحيانا أتركهم خلفي وأدير ظهري للريح فلا يلقح قلمي الكلمات ولا يفتح النوافذ فأسكن في أعماق ذاتي وأعود مع الأيام لأزرع الحروف وأبني التلال إن هذه الجلسات متعددة أكتبها كلما وجدت نفسي مع قلمي الوحيد ألون الليل وأتلاعب بالزمان أحكي للأوراق ما كان وفي كل مكان أنادي الأدباء