التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,819
عدد  مرات الظهور : 162,169,939

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > إسرائيليات > إسرائيليات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 07 / 02 / 2009, 02 : 02 AM   رقم المشاركة : [11]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]
الفصل الثالث

1- الغدر والخيانة،

2- الانحلال الخلقي

أولاً: الغدر والخيانة

من المهم والمفيد أن نتعرّف على سلوكية اليهود من خلال سيرتهم كما وردت في النصوص التوراتية. فهم يعتبرون أنّهم الشعب المختار المقدّس الذي اختصه يَهْوه لنفسه ليكون شعبه الخّاص ويكون هو إلههم.
مثلُ هذه النظرة الضيّقة لا بدّ وأن يكون لها مرتكزات أساسية يستندون إليها في استعلائهم ونظرتهم الفوقية، تدفع بالأمم الأخرى أن تقتدي بسلوكيتهم وفكرهم الديني والمدني ويكونون قدوة الأمم. كالقيم الأخلاقية مثلاً والنظرة الانسانية، والسعي للتفاعل والتآخي والانسجام. والانفتاح نحو آفاق الحقّ والتسامح والحرية والعدالة والمساواة.
القدوة ينبغي أن يتحلّى دائماً بمواصفات ايجابية متميزة تؤهله أن يترفّع ويستعلي، مع الإشارة إلى أن القدوة دائماً يملكُ ذهنية منفتحة وروحاً متسامحة ونفساً سامية تدعو إلى التعاون والتسامح والإخاء.
كيف يمكن أن نوافق على أنّ اليهود هم الزّرع المقدّس والشعب المختار الذي اختّصه ربّ الجنود ليكون شعبه الخاص معتبراً أنّه الشعب الوحيد الذي يحقّ له الترّفع والاستعلاء وعلى كافة الشعوب أن تعمل لخدمته وأن تستعبد له حتى لو استدعى ذلك إبادتها..
لقد تناولتُ في الفصل الأول والثاني ما يتعلّق بالنزعتين العدوانية والعنصرية التي تشدّد عليهما النصوص التوراتية على أنّها خلاصة الدين اليهودي وجوهره، وقد بينّت مستنداً إلى هذه النصوص مدى انغلاقهم وتعصّبهم وعدوانيتهم وعنصريتهم، وفي هذا الفصل أعرض ومستنداً أيضاً إلى النصوص التوراتية ما تحمله هذه النصوص من إشارات وأحداث عن الغدر والخيانة والانحلال الخلقي لشعب اللّه المختار المقدّس. إنّها سلوكية أجداد اليهود اليوم الذين يمثّلون القدوة لهم والمرجعية الرئيسية في مجمل حياتهم الدّينية والمدنية..
إنّ حكام إسرائيل اليوم يستشهدون بسلوكية شمشون وجدعون وداود وأبناء يعقوب على اعتبار أنّهم يمثلّون الأسلاف، وما قاموا به من أفعال وأعمال يسمونه بطولات وأمجاد، ومن الضروري الاقتداء بسلوك هؤلاء الأسلاف ... إنّه استحضار للتاريخ رغم ما يحمله من مساوئ ونزعات يهودية سلبية تمثلّ الانحلال الخلقي ، والغدر والخيانة والعدوان والعنصرية الفاضحة.
إنّ من يقرأ الأسفار التوراتية، يخلصُ إلى نتيجة مفادها أنّ الغدر والخيانة والانحلال الخلقي كانت من الثوابت التي سار عليها أسلاف اليهود اليوم، وهذه الثوابت جوهرية في الفكر الديني اليهودي. فقد بنيت اليهودية على مبدأ التوّجس من الأغيار والاستعلاء والعدوان والعنصرية. وهذه النزعات لا بدّ وأن تطبع الروح اليهودية بصفات الغدر والخيانة والانحلال الخلقي، فاليهودي يحقّ له أن يسرق.. لكن ليس يهودياً مثله، بل أي شخص من الأغيار، وكذلك الأمر بالنسبة للزنى والقتل والغدر والخيانة وغيرها..
من هذه الزاوية الضيّقة يتعامل اليهود مع الأغيار، إنّها ثوابت جوهرية من أصول الدين اليهودي المدّون في كتابي التوراة والتلمود والذي يُدّرسُ في مدراس إسرائيل اليوم وفي المدارس الخاصّة لليهود في أماكن إقاماتهم في دول العالم . وعليه يتربى الأطفال اليهود، لتنمو في عقولهم الباطنة أفكار اللامساواة والعدوان والغدر والتوّجس والاستعلاء والعنصرية.
لهذا.. من الضروري أن نلقي الضوء على النصوص التوراتية (الأسفار) ولو بإيجاز، ونتحدّث عن السلوكية اليهودية التي سار عليها الأسلاف اليهود وغدتْ منهجاً رئيساً للأجيال . ونبدأ بفقرة "الغدر والخيانة".
نقرأ في سفر التكوين أنّ يعقوب (إسرائيل) وأبناءه سكنوا في منطقة شكيم عند عودتهم من فدان آرام. كان حاكم المنطقة يدعى حَمُور الذي كان يتصّف بالأخلاق الحميدة والروح الإنسانية المنفتحة. وقد أحبّ ابنه شكيم إبنة يعقوب (دنيه). وطلبها له والده حَمُور قائلاً:"شكيم إبني قد تعلّقت نفسه بإبنتكم. أعطوه إيّاها زوجة وصاهرونا. تعطونا بناتكم وتأخذون لكم بناتنا وتسكنون معنا وتكون الأرض قدامكم. اسكنوا واتجروا فيها وتملكوا بها .."(.[1])
".ثم قال شكيم لأبيها وإخوتها. دعوني أجد نعمة في أعينكم. فالذي تقولون لي أعطي. كثروا عليّ جداً مهراً وعطية فاعطي كما تقولون لي وأعطوني الفتاة زوجة"([2])
لقد اعتبر بنو إسرائيل مثل هذه المصاهرة تدنيسا لهم، فشريعتهم ترفض الاختلاط بالشعوب، والمصاهرة اختلاط لن يقبلوا به. ونظراً لأنّهم كانوا غرباء عن المنطقة وعددهم قليل وليس بمقدورهم مجابهة سكان شكيم إن حاولوا الإعتداء عليهم ليمنعوا مثل هذه المصاهرة. فكان لا بدّ من الغدر والخيانة حتى يتمكّنوا من التخلّص من هذه المصاهرة (الاختلاط) . مستغلّين طيبة وشجاعة حَمُورَ حاكم المنطقة وابنه شكيم.
وضع أبناء يعقوب خطة (حيلة) مفادها الموافقة ظاهرياً على هذه المصاهرة شرط أن يقبل حمور وولد شكيم وكل سكان شكيم أن يختتنوا حيث نقرأ:"فأجاب بنو يعقوب شكيم وحمور أباه بمكر. قالوا لهما لا نستطيع أن نعطي أختنا لرجلٍ أغلف. إن صرتم مثلنا بختنكم كلّ ذكر نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم"([3])
وافق حمور وولده على هذا الشرط ولم يكونا يعلمان بأنّ هذه عبارة عن خطة ومؤامرة للغدر بهما وبسكان شكيم جميعهم .فنقرأ:"فحسن كلامهم في عيني حَمُور وفي عيني شكيم بن حَمُور. ولم يتأخر الغلام أن يفعل الأمر. لأنه كان مسروراً بابنة يعقوب. كان أكرم جميع بيت أبيه، فأتى حَمُور وشكيم ابنه إلى باب مدينتهما وكلّما أهل مدينتهما قائلين. هؤلاء القوم مسالمون لنا. فليسكنوا في الأرض ويتجرّو فيها. وهوذا الأرض واسعة الطرفين أمامهم نأخذ لنا بناتهم زوجات ونعطيهم بناتنا، غير أنّه بهذا فقط يواتينا القوم على السكن معنا شعباَ واحداً بختننا كلّ ذكر كما هم مختونون"([4])
لقد التزم سكان شكيم بالأمر واختتن كل ذكر في المنطقة تأكيدا على حسن نواياهم واحترامهم لبني يعقوب. غير أنّ بني إسرائيل لم تكن نواياهم حسنة تجاه سكان شكيم ولم يكن هذا الشرط إلاّ خدعة ليغدروا بسكان المنطقة جميعهم ويتخلّصوا من المصاهرة.. حيث نقرأ:" فحدث في اليوم الثالث إذ كانوا متوجعين أنّ ابني يعقوب شمعون ولاوي أخوي دنيه أخذا كلُّ واحد سيفه وأتيا على المدينة بأمنٍ وقتلا كلَّ ذكر وقتلا حَمُور وشكيم ابنه بحدِّ السيف"([5])
"ثم أتى بنو يعقوب على القتلى ونهبوا المدينة لأنّهم نجسّوا أختهم. غنمهم وبقرهم وحميرهم وكلّ ما في المدينة وما في الحقل أخذوه وسبوا كلّ ثروتهم وكلّ أطفالهم ونساءهم وكلّ ما في البيوت"([6])
وكان يعقوب نفسه قد غدر بأخيه (عيسو) بعد أن تآمر مع والدته رفقة على ذلك حسب ما يرد في سفر التكوين. حيث خطّطتْ والدته ليأخذ بكورية وبركة أخيه بالحيلة والمكر، ونفّذ يعقوب المخطّط تنقيذاً جيداً ونجح في سلب بكورية وبركة أخيه عيسو مستغلاً وضع والده الصّحي حيث كان قد شاخ وكلّت عيناه عن النظر فلم يعد يرى فنقرأ:"وحدث لما شاخ إسحق وكلّت عيناه عن النظر أنّه دعا عيسو ابنه الأكبر وقال له يا بني فقال له ها أنذا. فقال إنّني قد شختُ ولستُ أعرف يوم وفاتي، فالآن خذْ عدّتك جعبتك وقوسك واخرج إلى البرّية وتصّيد لي صيداً. واصنع لي أطعمة كما أحبُّ وآتني بها لآكل حتى تباركك نفسي قبل أن أموت. كانت رفقة سامعة إذ تكلّم إسحق مع عيسو ابنه فذهب عيسو إلى البرّية كي يصطاد صيداً ليأتي به وأمّا رفقة فكلّمت يعقوب ابنها قائلة إنّي قد سمعت أباك يكلّم أخاك قائلاً أئتني بصيد واصنع لي الأطعمة لآكل وأباركك أمام الرّبّ قبل وفاتي فالآن يا بني اسمع قولي في ما أنا آمرك به. اذهب إلى الغنم وخذ لي من هناك جدْيين جيّدين من المعزى فأصنعها أطعمة لأبيك كما يحبُّ فتحضرها إلى أبيك ليأكل حتى يباركك الله قبل وفاته"(.[7])
"فذهب وأخذ وأحضر لأمّه فصنعت أمّه أطعمة كما كان أبوه يحبّ وأخذت رفقة ثياب عيسو ابنها الأكبر الفاخرة التي كانت عندها في البيت وألبستْ يعقوب ابنها الأصغر. وألبست يديه وملاسة عنقه جلود جديي المعزى وأعطت الأطعمة والخبز التي صنعت في يد يعقوب ابنها. فدخل إلى أبيه وقال يا أبي فقال هاأنذا. من أنت يا بني فقال يعقوب لأبيه أنا عيسو بكركَ. قد فعلت كما كلّمتني . قم اجلس وكل من صيدي لكي تباركني نفسك . فقال إسحق لابنه ما هذا الذي أسرعتَ لتجد يا ابني. فقال إنّ الرّبّ إلهك قد يسّر لي. فقال إسحق ليعقوب تقدّم لأجُسّك يا بني أأنت هو ابني عيسو أم لا فتقدم يعقوب إلى إسحق أبيه. فجسّه وقال الصوت صوتُ يعقوب ولكنّ اليدين يدا عيسو. ولم يعرفه لأنّ يديه كانتا مشعرتين كيدي عيسو اخيه فباركه "([8]).
حضر عيسو من صيده وصنع أطعمة لأبيه كما أمره ولم يكن يعلم أنّ يعقوب قد غدر به واحتال على أبيه وسلبه بكوريته وبركته.. فتقدّم إلى أبيه قائلاً:"ليقم أبي ويأكل حتى تباركني نفسك. فقال له اسحق أبوه من أنت فقال أنا ابُنك بكرك عيسو. فارتعد إسحق إرتعاداً عظيماً جداً وقال فمن هو الذي اصطاد صيداً وأتى به إليّ وأكلت من الكلّ قبل أن تجئ وباركتهُ. نعم. ويكون مباركاً. فعندما سمع عيسو كلام أبيه صرخ صرخةً عظيمة ومُرَّة جداً. وقال باركني أنا أيضاً يا أبي . فقال قد جاء أخوك بمكر وأخذ بركتك . فقال ألا إنّ اسمه دُعي يعقوب .. فقد تعقّبني مرّتين. أخذ بكوريتي وهوذا الآن قد أخذ بركتي"([9]).
لقد حقد عيسو على أخيه يعقوب لأنّه خدعه ومكر به، وقَرّر قتله فهرب يعقوب إلى حاران عند أخواله كما نصحته والدته رفقة. وأقام هناك وتزوج أربع نسوة أنجب منهن اثني عشر ولداً "([10])
ويبدوا أنّ يعقوب اعتاد على الغدر والخداع، فنقرأ في سفر التكوين أنّه خدع حميه (لابان) وهرب من فدان آرام إلى كنعان بعد أن أخذ كلّ المواشي والمقتنيات.. وقد لاحقه لابان وتمكّن من إدراكه في جبل جلعاد كما يرد في سفر التكوين الاصحاح الواحد والثلاثون: " فأخبر لابان في الثالث بأنّ يعقوب قد هرب فأخذ اخوته معه وسعى وراءه مسيرة سبعة أيام فأدركه في جبل جلعاد"([11])
بدأ لابان بتأنيب يعقوب على فعلته. فقد خدعه ومكر به فاستنكر لابان هذا السلوك قائلاً:" لماذا الهرب خفية وخدعتني ولم تخبرني"([12])
كما احتال أولاد يعقوب على أبيهم ليغدروا بأخيهم الصغير يوسف فأخذوه معهم إلى البرّية وتآمروا عليه هناك وغدروا به ورموه في بئر ليموت فيها ويتخّلصوا منه لأنّه كان له حظوة عند أبيه.. فنقرأ:"فلمّا أبصروه من بعيد قبلما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه. فقال بعضهم لبعض هو ذا هذا صاحب الأحلام قادم . فالآن هلُمّ نقتله ونطرحه في إحدى الآبار ونقول وحشٌ رديءٌ أكله"([13])
ونقرأ في سفر التكوين أيضاً عن (تامار) كنّة يهوذا ابن يعقوب كيف خدعْت حميها واحتالت عليه. حيث ظهرت له في الطريق على أنّها زانية ليدخل عليها ويضجع معها لأنّه لم يزوّجها ابنه (شيله). علماً أنّها كانت زوجة لولديه تباعاً (عيرا وأُونان) وكلاهما توفيا وبقيت تامار أرملة تنتظر أن يتزوجها الابن الثالث لحميها وكان يدعى (شيله):"قالت يهوذا لتامار كنتَّه اقعدي أرملة في بيت أبيكِ حتى يكبرُ شيلة ابني لأنّه قال لعله يموتُ هو أيضاً كأخويه. فمضتْ تامار وقعدت في بيت أبيها"([14]).
عندما توفيتْ يهوذا، استغلّت كنَّته تامار ذلك وخطّطتْ لفعلتها السيئة حيث نقرأ: "فأخبرت تامارُ وقيل لها هوذا حموكِ صاعدٌ إلى تمنةَ ليجّز غنمه. فخلعتْ عنها ثياب ترمُّلها وتغطّتْ ببُرقع وتلفّفت وجلستْ في مدخل عينايم التي على طريق تمنة ، لأنّها رأت أنّ شيلة قد كبُر وهي لمُ تعط له زوجةً فنظرها يهوذا وحسبها زانيةِ . لأنّها كانت قد غطّتْ وجهها . فمال إليها على الطريق وقال هاكي أدخُل عليك. لأنّه لم يعلم أنّها كنَّته. فقالتْ ماذا تعطيني لكي تدخل عليَّ. فقال ما الرَّهن الذي أعطيك. فقالت خاتُمكَ وعصابتُك وعصاك التي في يدكَ. فأعطاها ودخل عليها فحبلتْ منه ثم قامت ومضتْ وخلعت عنها بُرقعها ولبستْ ثياب ترمُّلها."([15])
وفي سفر الخروج نقرأ عن احتيال وخداع بني اسرائيل للمصريين وسلبهم فضتّهم وذهبهم وأمتعتهم بتوجيهات من موسى الناطق باسم يَهْوهَ:"وفعل بنو إسرائيل حسب قول موسى. طلبوا من المصريين أمتعة فضةٍ وأمتعة ذهبٍ وثياباً. وأعطى الرّبّ نعمة للشعب في عيون المصريين حتى أعاروهم فسلبوا المصريين([16]).
وأنا أطالب المصريين اليوم وغداً وبعد غد أن يسترّدوا ممتلكاتهم التي سُلبتْ احتيالاً وغدراً وأن يطالبوا بمحاكمة السارقين وإنزال العقوبات عليهم، مثلما يطالب اليهود (حكام إسرائيل) باستعادة أرض إسرائيل المزعومة لأنّها أرض أسلافهم. وبإعتبار حدود التوراة هي الحدود الرئيسة للمملكة المزعومة وعلى التوراة الميثولوجية يستندون في ترجمة سلوكيتهم المادية.
أمّا في سفر القضاة فنقرأ عدّةُ حوادث غدر واحتيال وقتل بشع قام بها اليهود منها حادثة الغدر والخيانة التي قام بها رجلٌ بنياميّ يدعى (إهود بن جيرا) ويسمّيه كاتب السفر (قاضياً).. أرسله يَهْوهَ أو كلّفه أن يقضي لإسرائيل ويخلّصها من أعدائها الموآبيين الذين ضربوا اسرائيل وامتلكوا مدينة النخل وشدّدوا عليهم حتى اضطروهم إلى عبادة ملك موآب (عجلون) ثماني عشرة سنة كما يروي كاتب السفر حتى صرخوا إلى الرّب يستغيثون فأرسل لهم مخلّصاً لينقذهم وكان هذا المخلّص (إهود بن جيرا) وهو رجل أعسر. فدّبر خطّة للغدر بملك موآب وقتله:"فعمل إهودَ لنفسه سيفاً ذا حدّين طوله ذراع وتقلّده تحت ثيابه على فخذه اليمنى وقدّم الهدّية لعجلون ملك موآب وكان عجلون رجلاً سميناً جداً. وكان لما انتهى من تقديم الهدية صرف القوم حاملي الهدّية وأمّا هو فرجع من عند المنحوتات التي لدى الجلجال وقال. لي كلام سرٍّ إليك أيّها الملك. فقال صه. وخرج من عنده جميع الواقفين لديه. فدخل إليه إهودَ وهو جالسٌ في علّية برودٍ وكانت له وحده. وقال إهودَ عندي كلام اللّه إليك فقام عن الكرسيّ فمدَّ إهودَ يده اليسرى وأخذ السّيف عن فخذه اليمنى وضربه في بطنه فدخل القائم أيضاً وراء النَّصل وطبق الشّحم وراء النّصل لأنّه لم يجذب السيّف من بطنه."([17])
ثم نقرأ أيضاً عن حادثة مقتل (سيرا) رئيس جيش مملكة حاصور على يد إمرأة تدعى (ياعيل) وهي امرأة حابر القيني.. وبيت حابر القيني كانوا في صلح مع (يابين) ملك حاصور. وحابر القيني من (قاين) من بني حوباب حمي موسى. وعندما حدث صراع بين حاصور وبني إسرائيل، انتصر الإسرائيلّيون حسب ما يزعم كاتب السفر فهرب قائد جيش حاصور (سيسرا) والتجأ إلى بيت حابر القيني نظراً لوجود عهد وصلح بينهما: "وأما سيسرا فهرب على رجليه إلى خيمة ياعيل إمرأة حابر القيني لأنّه كان صلح بين يابين ملك حاصور وبيت حابر القيني. فخرجتْ ياعيل لاستقبال سيسرا وقالتْ له ملْ يا سيدي . ملْ إليّ لا تخفْ فمال إليها إلى الخيمة وغطّته باللحّاف. فقال لها اسقيني قليل ماءٍ لأنّي قد عطشتُ. ففتحتْ وطبَ اللبن وأسقته ثم غطّته. فقال لها قفي بباب الخيمة ويكون إذا جاء أحدٌ وسألك أهنا رجلٌ أنّك تقولين لا. فأخذتْ ياعيل إمرأة حابر وتَدَ الخيمة وجعلتْ الميتدة في يدها وقارَتْ إليه وضربت الوتد في صُدغه فنفذ إلى الأرض وهو متثقّل في النّوم ومتعبٌ فمات."([18])
في سفري صموئيل الأوّل والثاني نقرأ مزيداً من حوادث الغدر والخيانة والقتل نفذّها بنو اسرائيل فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين سكان كنعان من جهة أخرى.
كاتب السفر يروي هذه الأحداث باسهاب، مرّجعاً إياها إلى رضى ورغبة ربّ الجنود يَهْوهَ، فنقرأ عن الصراع بين شاول ملك بني اسرائيل كما يسميه وداود، وكيف كان شاول يخطّط لاغتيال وتصفية داود لأنّه كان يغار منه ويحسده بينما صموئيل النبّي يخطّط لتصفية شاول والتخلّص منه وتسليم السلّطة لداود، ونظراً لأنّ شاول تجاوز صموئيل النبّي عدد مرات، وهذا أمرٌ لم يكن ليرضى به صموئيل فهو المرجعية الرئيسة دينياً ودنيوياً ولا يقبل أن يتصرّف شاول أي شيء دون الرجوع اليه واستشارته وأخذ موافقته لأن يهوه يريد ذلك كما يزعم.
لقد أراد شاول أن يتخلص من داود بأية وسيلة وأخذ يخطّط لهذا الأمر فتارة يدفع به إلى محاربة الفلسطينين ليُقتل في المعركة. وتارة يخطّط لاغتياله سراً وتارة عبر تزويجه ابنته وهكذا.. أمضى شاول أيامه يبحث في الوسيلة التي تخلّصه من داود. "وقال شاول لداود هوذا ابنتي الكبيرة مَيْرةُ أُعطيكَ إياها إمرأة. إنما كنْ لي ذا بأسٍ وحارب حروب الرّب. فإنّ شاول قال لا تكن يدي عليه بل لتكنْ عليه يدُ الفلسطينين."([19]).
ماتَ شاول وثلاثة من أولاده في حرب مع الفلسطينيين كما يرد في سفر صموئيل الأول ولم يبق من أولاده إلاّ (إيشبوشث). فجعله (أَبنيرُ بنُ نيرَ ) ملكاً على اسرائيل مكان أبيه. فقد كان أَبنير رئيس جيش شاول. أما بيت يهوذا فقد اتبعوا داود. واشتدت الحرب بين الطرفين على السلطة.
كانت لشاول سرية اسمها "صفة" بنت أية. وكان ابنير قائد الجيش يدخل إليها ويضطجع معها كما يروي كاتب السفر:"وكان في وقوع الحرب بين بيت شاول وبيتُ داود أنّ أَبنير تشدّد لأجل بيت شاول. وكانت لشاول سّرّية اسمها رصفةُ بنتُ أيّة. فقال إيشبوشث لأبنير لماذا دخلت إلى سرّية أبي. فاغتاظ أَبنير جداً من كلام إيشبوشث وقال ألعّلي رأس كلبٍ ليهوذا اليوم أصنع معروفاً مع بيت شاول أبيك مع إخوته ومع أصحابه ولم أسلمّك ليد داود وتطالبني اليوم بإثم المرأة."([20]).
قرّر أَبنير التخلي عن إيشبوشث بن شاول وينضّم إلى داود استنكاراً فراسلَ داود واتفق معه على المصالحة وتسليمه السلطة على جميع إسرائيل ويهوذا فوراً، وقد وافق داود لكنه اشترط على أبنير أن يأتي له بامرأته ميكال بنت شاول التي فرض عليها والدها التخّلي عن داود والزواج من رجل آخر يدعى (فلطئيل بن لايش). وقد تمّ له الأمر حيث نقرأ:”فأرسل داود رُسلاً إلى إيشبوشث بن شارل يقول أعطني امرأتي ميكال التي خطبتها لنفسي بمئة غُلْفَةٍ من الفلسينيين فأرسل ايشبوشث وأخذها من عند رجلها من فلطئيل بن لايش وكان رجلها يسير معها ويبكي وراءها إلى يحوريم. فقال له أَبنير إذهب ارجعْ.. فرجعْ."([21])
لقد غدر أَبنير بن نير بايشبوشث وتخلّى عنه لصالح داود، لكنّه لم يهنأ بهذا الغدر.. وانقلبت خيانته عليه. حيث نقرأ:"فجاء أبنير إلى داود إلى حبرون ومعه عشرون رجلاً. فصنع داود لأبنير وللرّجال الذين معه وليمة وقال أبنير لداود أقوم وأذهب وأجمع إلى سيدي الملك جميع إسرائيل فيقطعون معك عهداً وتملكُ حسب كلّ ما تشتهي نفسكَ. فأرسل داود أبنير فذهب بسلام"([22]).
غير أنّ (يوآب) أحد قوّاد داود استنكر هذا الأمر ورأى ضرورة قتل أَبنير. لأنّه قتل أخاه (عسائيل). فترك الأمر سراً ولم يخبر داود وقرّر اغتيال أبنير بخدعةٍ وغدرٍ. حيث نقرأ: "ثم خرج يوآب من عند داود وأرسل رسلاً وراء أَبنير فردوه من بئر السيرة، وداود لا يعلمُ. ولمّا رجع أَبنير إلى حبرون مال به يوآب إلى وسط الباب ليكلّمه سراً وضربه هناك في بطنه فمات بدم عسائيل أخيه."([23])
إنّ حادثة اغتيال أبنير غدراً وخيانة تركت صدى كبيراً وخاصة لدى ابن شاول (إيشبوشث) الذي تعرّض بعد وفاة أبنير لحادثة اغتيال أيضاً من قبل قائدين يعملان عنده.. فقد قتلوه غدراً حيث نقرأ:"ولمّا سمع ابن شاول أنّ أَبنير قدمات في حبرون ارتخت يده وارتاح جميع إسرائيل. وكان لابن شاول رجلان رئيساً غزاةٍ اسم الواحد بعنة واسم الآخر ركاب ابنا رمّون البئيروتيّ من بني بنيامين"([24]).
" وسار ابنا رمون البئيروتي ركاب وبعنة ودخلا عند حرّ النهار إلى بيت ايشبوشث وهو نائمٌ نومة الظهيرة. فدخلاً إلى وسط البيت ليأخذا حنطة وضرباه في بطنه ثم أفلت ركاب وبعنة أخوه. فعند دخولهما البيت كان هو مضطجعاً على سريره في مخدع نومه فضرباه وقتلاهُ وقطعا رأسه"([25]).
ثم نقرأ عن حادثة اغتيال غدراً قام بها داود ضدّ قائده (أوريا الحثّي) ليأخذ زوجته:"وكان في وقت المساء أنّ داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم وكانت المرأة جميلة المنظر جداً فأرسل داود رسائل عن المرأة فقال واحد أليست هذه بتشبع بنت أليعام إمرأة أورّيا الحثي فأرسل داود رسلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها ثمّ رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة. فأرسلت وأخبرت داود وقالت إنّي حُبلى فأرسل داود إلى يوآب يقول أرسل لي أورّيا الحثي فأرسل يوآب أوريا إلى داود فأتى أورّيا اليه. فسال داود عن سلامة يوآب وسلامة الشعب ونجاح الحرب وقال داود لأوريا انزل إلى بيتك واغسل رجليك. فخرج أورّيا من بيت الملن وخرجت وراءه حصّة من عند الملك ونام أورّيا على باب بيت الملك مع جميع عبيد سيدّه ولم ينزل إلى بيته. فأخبروا داود قائلين لم ينزل أورّيا إلى بيته. فقال داود لأورّيا أما جئت من السّفر فلماذا لم تنزلْ إلى بيتك. فقال أورّيا لداود إنّ التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع إمرأتي. وحياتك وحياة نفسك لاأفعل هذا الأمر."([26])
إنّ هذا الموقف النبيل والشجاع من أورّيا الحثّي، يعبرّ تماماً عن إلتزام واحترام أبناء حثّ للعمل مهما كان نوعه. وعن وفائهم وإنسانيتهم وشجاعتهم. فأوريّا الحثّي لم يكن يهودياً ، كان من بني حثّ.. ومع هذا فقد كان محارباً شجاعاً ووفيّاً لرفاقه اليهود، فلم يرّضَ أن ينعم مع امرأته ورفاقه يحاربون في الصحراء.. فكان مثال الإنسان الملتزم الخلوق الذي يتصّف بالإنفتاح والتسامح والوفاء. ولم يكن ليدري أنّ داود غدر به واضطجع مع امرأته ويخطّط لإغتياله والغدر به أيضاً. فقد كان حسن النّية وفضّل النوم على باب بيت الملك بدلاً من بيته ، ولكنّ دواد لم يرق له الأمر فنقرأ:”وفي الصباح كتب داود إلى يوآب مكتوباً وأرسله بيد أوريّا . وكتب في المكتوب يقول اجعلوا أوريّا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت."([27])
حمل أوريّا الحثّي رسالة موته غدراً.. ونجح مخطّط داود في التخلّص من أوريّا الحثّي ليسلبه زوجته الجميلة. ومات أوريّا حيث نقرأ:"وكان في محاصرة يوآب المدينة أنّه جعل أوريّا في الموضع الذي علم أنّ رجال البأس فيه. فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات أوريّا الحثّي أيضاً."([28])
"فلّما سمعت امرأة أوريّا أنّه قد مات رجلها ندبت بعلها ولما مضت المناحة أرسل داود وضمّها إلى بيته وصارتْ له امرأة وولدت له ابناً "(.[29])
ويحدّثنا كاتب سفر صموئيل الثاني أيضاً عن حادثةٍ بشعة قام بها (أمنون) بن داود بدعم وتخطّيط من عمّه شقيق والده (يوناداب). فقد احتال أمنون على أخته (تامار) واستدرجها إلى مخدعه واضطجع معها حيث نقرأ :"وكان لأمنون صاحبٌ اسمه يوناداب بنُ شمعي أخي داود. وكان يوناداب رجلاً حكيماً جداً. فقال له أمنون إنّي أحبُّ تامار أُختَ أبشالوم أخي. فقال يونادابُ اضطجع على سريرك وتمارض . إذا جاء أبوك ليراك فقلْ له دع تامار أُختي فتأتي وتطعمني خبزاً وتعمل أمامي الطعام لأرى فآكل من يدها."([30])
نجح مخطّط يوناداب، ووافق داود على إرسال ابنته تامار لتخدم أخيها أمنون فاستغل أمنون وجودها وتمكن منها واضطجع معها، ثم طردها. حيث نقرأ:"فلم يشأ أن يسمع لصوتها بل تمكنّ منها وقهرها واضطجع معها."([31])
لكنّ أبشالوم ابن داود شقيق أمنون وتامار الذي استنكر فعلة أخيه أمنون، ضمر الشرّ له، وقرّر وضع خطة للغدر به واغتياله انتقاماً لأخته تامار.. فتامار كانت أخت أمنون من أبيه داود.
بعد سنتين حسب ما يروي كاتب السفر قرّر أبشالوم الانتقام من أخيه أمنون.. فخطّط لاقامة وليمة يدعو إليها والده وإخوته ومنهم أمنون حيث نقرأ:"وكان بعد سنتين من الزمان أنّه كان لأبشالوم جزّازون في بعل حاصور التي عند أفرايم فدعا أبشالوم جميع بني الملك. وجاء أبشالوم إلى الملك وقال هوذا لعبدك جزّازون, فليذهب الملك وعبيده مع عبدك. فقال الملك لأبشالوم. لا يا ابني لا نذهب كلّنا لئلاّ نثقل عليك، فألحّ عليه فلم يشأ أن يذهب بلْ باركه. فقال أبشالوم إذاً دعْ أخي أمنون يذهب معنا. فقال الملك لماذا يذهُب معك. فألحّ عليه أبشالوم فأرسل معه أمنون وجميع بني الملك. فأوصى أبشالوم غلمانهُ قائلاً انظروا متى طاب قلبُ أمنون بالخمر وقلتُ لكم اضربوا أمنون فاقتلوه. لا تخافوا أليس أنّي أنا أمرتكم. فتشدّدوا وكونوا ذوي بأس. ففعل غلمانُ أبشالوم بأمنون كما أمر أبشالوم "([32])
كما نقرأ في سيفر صموئيل أيضاً عدة حالات غدرٍ واحتيال حدثتْ خلال الصراع بين أبشالوم وأبيه داود أهمّها الغدر بأبشالوم وقتله من قبل قائد جيش داود (يوآب بن صرويه).
كان داود قد أوصى قواده وجنوده بعدم التعرّض لابنه أبشالوم وطالبهم بالحفاظ على سلامته، غير أنّ يوآب بن صروية نكثَ بهذا الطلب وخان ملكه داود وغدر بأبشالوم وقتله كما يردُ في النصّ التوراتي حيث نقرأ: "وصادف أبشالومُ عبيد داود وكان أبشالومُ راكباً على بغلٍ فدخل البغلُ تحت أغصان البُطمة العظيمة الملتفة. فتعلّق رأسهُ بالبطمة وعُلّق بين السماء والأرض والبغل الذي تحته مرّ. فرآه رجلٌ وأخبر يوآب وقال إنّي قد رأيت أبشالوم معلّقاً بالبطمة. فقال يوآب للرّجل الذي أخبره إنّك قد رأيته فلماذا لم تضربه هناك إلى الأرض وعليّ أنْ أعطيك عشرة من الفضّة ومنطقةً. فقال الرّجل ليوآب فلو وُزنَ في يدي ألفٌ من الفضّة لما كنتُ أمدّ يدي إلى ابن الملك لأنّ الملك أوصاك في آذاننا أنتَ وأبيشاي وإتّاي قائلاً احترزوا أياً كان منكم على الفتى أبشالوم".([33])
"فقال يوآب إنّي لا أصبرُ هكذا أمامك. فأخذ ثلاثة سهامٍ بيد ونشبّها في قلب أبشالوم وهو بعدُ حيٌّ في قلب البطمة. وأحاط بها عشرة غلمانٍ حاملو سلاح يوآب وضربوا أبشالوم وأماتوه."([34]).
وفي سفر الملوك الأول يروي كاتبه عدّة عمليات اغتيال وتصفية قام بها الملك سليمان بن داود ضدّ عدد من قواد أبيه ومعاونيه، ومن بينهم شقيقه الأكبر (أدّونيا بن حُجّيت). فنقرأ: "والآن حيّ هو الرّبّ الذي ثبّتني وأجلسني على كرسّي داود أبي والذي صنع لي بيتاً إنّه اليوم يقتلُ أدوينّا. فأرسل الملك سليمان بيد بنايا هو بن يهوياداع فبطش به فمات."([35])
ونقرأ في الاصحاح الواحد والعشرين من نفس السفر عن جريمة قتل استخدم فيها أسلوب الغدر والخيانة بطريقة بشعة جداً خطّطت لها (ايزبيل) امرأة ملك اسرائيل (آخاب) ضد رجل آمن يدعى (نابوت اليزرعيلي):
"وحدث بعد هذه الأمور أنّه كان لنابوت اليزرعيلي كرمٌ في يزرعيل بجانب قصر آخاب ملك السامرة. فكلم آخاب نابوت قائلاً أعطني كرمكَ فيكون لي بستان بقولٍ لأنه قريب بجانب بيتي فأعطيك عوضه كرماً أحسن منه وإذا حسن في عينيك أعطيتك ثمنه فضةً. فقال نابوتُ لآخاب حاشا لي من قبل الرّب أن أعطيك ميراث أبائي."( [36])
انزعج آخاب جداً من هذا الرّد.. واكتأب وجهه. فدخلت إليه امرأته مهدئة وواعدةً بحلّ القضية بسهولة قائلة لآخاب: "أأنت الآن تحكم على اسرائيل. قمْ كلْ خبزاً وليطبْ قلبك. أنا أعطيك كرم نابوت اليزرعيلي. ثم كتبتْ رسائل باسم آخاب وختمتها بخاتمه وأرسلتْ الرسائل إلى الشيّوخ والأشراف الذين في مدينته الساكنين مع نابوت. وكتبت في الرسائل تقول. نادوا بصومٍ وأجلسوا نابوت في رأس الشّعب. وأَجلسوا رجلين من بني بلّيعال تجاههُ ليشهدوا قائلين قد جدّفتَ على الله وعلى الملك. ثم أخرجوه وارجموه فيموت ."([37])
نجح مخطّط ايزابيل بشكل جيد كما رسمته. فتمتْ تصفية نابوت اليزرعيلي غدراً وخيانة وغشاً واستولى آخاب على البستان الذي كان لنابوت حيث نقرأ: "ولمّا سمعت إيزابيل أنّ نابوت قد رُجمَ ومات قالتْ إيزابيل لآخاب قمْ رثْ كرمَ نابوت اليزرعيلي الذي أبى أن يعطيك إيّاه بفّضةٍ لأنّ نابوت ليس حيّاً بلْ هو ميتٌ. ولمّا سمع آخاب أنّ نابوت قد مات قام آخاب لينزل إلى كرم نابوت اليزرعيلي ليرثُه."([38])
إنّ مقتل نابوت اليزرعيلي كان سبباً في التخطّيط لعدّة عمليات قتل واغتيال استخدم فيها أسلوب الغدر والخيانة أيضاً. فبعد وفاة الملك آخاب تسلّم ابنه (يورام) السلطة. غير أنّ أليشع النبي أخذ يخطّط لإغتيال يورام والثأر لنابوت اليزرعيلي بالتعاون مع قائد الجيش (يهوبن يهوشافاط) فاستغلاّ الصراع الذي كان قائماً فيما بين الآراميين وبني اسرائيل، حيث كان يورام ملك اسرائيل وأخزيا بن يهورام ملك يهوذا يقاتلان معاً الآراميين في منطقة (راموت جلعاد) وهناك جرح يورام في المعركة فرجع ليبرأ في يزرعيل من الجروح التي جرحه بها الآراميون في راموت . وكان ملك يهوذا قد نزل ليرى يورام بن آخاب في يزرعيل ويطمئن على وضعه.
إلى يزرعيل وصل قائد الجيش المتآمر ياهو بن يهوشافاط وعدد من المسّلحين بغية اغتيال يورام فالتقيا في بستان نابوت اليزرعيلي حيث نقرأ:"فلمّا رأى يهورام ياهو قال أسلامٌ يا ياهو. فقال أيُّّ سلامٍ ما دام زنا إيزابل أُمّكَ وسحرها الكثيرُ . فردّ يهورام يديه وهربَ وقال لأخزيا خيانةً يا أخزيا. فقبض ياهو بيده القوس وضربَ يهورام بين ذراعيه فخرج السهم من قلبه فسقط في مركبته"([39])
"فجاء ياهو إلى يزرعيل. ولمّا سمعتْ إيزابلُ كحّلتْ بالأُثمد عينيها وزيّنتْ رأسها وتطلّعت من كوةٍ. وعند دخول ياهو الباب قالتْ أسلامٌ لزمري قاتلِ سيّده. فرفع وجهه نحو الكوّة وقال منْ معي. منْ فأشرف عليه اثنان أو ثلاثةٌ من الخصيان. فقال اطرحوها. فطرحوها فسال من دمها على الحائط وعلى الخيل فداسها ودخلَ وأكلَ وشربَ ثم قال افتقدوا هذه الملعونة وادفنوها لأنّها بنتُ ملك "([40])
ولم يكتف ياهو بهذه الجرائم والاغتيالات.. فقد قرّر اغتيال جميع أبناء آخاب بن عمري بعد أنْ قتل ابنه يورام الملك. وكان عدد أبناء آخاب سبعون ولداً. ويعيشون في السّامرة تحت اشراف مُرّبين هناك. فأرسل ياهو إلى هؤلاء المُرّبين رسائل طالبهم فيها بقتل جميع أبناء آخاب الأولاد والشبّان وقطع رؤوسهم وإرسالهم إليه . حيث نقرأ:"فكتب إليهم رسالة ثانية قائلاً إنْ كنتم لي وسمعتم لقولي فخذوا رؤس الرّجال بني سيدكم وتعالوا إليّ في نحو هذا الوقت غداً إلى يزرعيل. وبنو الملك سبعون رجلاً كانوا مع عظماء المدينة الذين ربّوهم. فلّما وصلت الرسالة إليهم أخذوا بني الملك وقتلوا سبعين رجلاً ووضعوا رؤسهمُ في سلالٍ وأرسلوها إليه إلى يزرعيل."([41])
ثم تابع ياهو جرائمه وغدره واغتيالاته كما يرد في السفر: "وقتل ياهو كلّ الذين بقوا لبيت آخاب في يزرعيل وكلّ عظمائه ومعارفه وكهنته حتى لم يبقِِ له شارداً. ثم قام وجاء إلى السّامرة. وإذا كان عند بيت عقد الرّعاة في الطريق صادف ياهو إخوة أخزْيا ملك يهوذا. فقال من أنتم فقالوا نحن إخوةُ أخزيا ونحن نازلون لنُسّلم على بني الملك وبني الملكة. فقال امسكوهم أحياءً. فأمسكوهُم أحياءً وقتلوهم عند بئر بيت عْقدٍ اثنين وأربعين رجلاً لم يبق منهم أحد."([42])
أيضاً لم يكتفِ ياهو بما اقترفه من جرائم باسم رب الجنود يَهْوه، فقد صبّ جام غضبه على سكان كنعان وكهنتهم بعد أن خطّط لهذا الأمر تخطّيطاً محكماً استخدم فيه الحيلة والخدعة ثم الغدر والقتل.
لقد اتصّف الكنعانيون بالروح المتسامحة والانفتاح والمساواة بين جميع الشعوب والأديان، فلم يتعرضوا لمعتقدات الآخرين . ولا لكهنتهم، ولم يفرضوا ديانتهم على أحد وقد عاش اليهود بين ظهرانيهم ومارسوا شعائرهم الخاصّة بهم، ولا نقرأ أنّ كنعانياً اعتدى على كهنة يَهْوهَ ..
غير أنّ ياهوشافاط وبدافع من عنصريته وحقده وغدره لم يرع هذا الأمر.. وكان مثالاً لليهودي الحاقد الذي ينتظر الفرصة الملائمة للانقضاض على الأغيار الأبرياء وقتلهم بقسوة ووحشية. فلّما قتل جميع أبناء آخاب وأصحابه ومعارفه ومن يمَّت له بصلة. التفت إلى كهنة الكنعانيين مستخدماً حيلةً للغدر بهم وقتلهم كما يروي كاتب السفر حيث نقرأ: "ثم جمع ياهو كلّ الشعب وقال لهم. إنّ آخاب قد عبد البعل قليلاً وأما ياهو فإنّه يعبده كثيراً. والآن فادعوا إليّ جميع أنبياء البعل وكلّ عابديه وكلّ كهنته. لايُفقد أحدٌ لأنّ لي ذبيحة عظيمة للبعل. كلّ من فقد لا يعيش. وقد فعل ياهو بمكر لكي يفني عبدة البعل. وقال ياهو قدسوا اعتكافاً للبعل. فنادوا به وأرسل ياهو في كلّ إسرائيل فأتى جميع عبدة البعل ولم يبق أحدٌ إلاّ أتى ودخلوا بيت البعل فامتلأ بيتُ البعل من جانب إلى جانبٍ. فقال للذي على الملابس أَخرج ملابس لكل عبدة البعل. فأخرج لهم ملابسَ . ودخل ياهو ويهوناداب بنُ ركاب بيت البعل. فقال لعبدة البعل فتشوا وانظروا لئلا يكون معكم هاهنا أحدٌ من عبيد الرّبّ ولكنّ عبدة البعل وحدهم. ودخلوا ليقّربوا ذبائح ومحرقاتٍ. وأما ياهو فأقام خارجاً ثمانين رجلاً وقال. الرجل الذي ينجو من الرجال الذين أتيتُ بهم إلى أيديكم تكون أنفسكم بدلَ نفسه. ولمّا انتهوا من تقريب المُحرقة قال ياهو للسُّعاة والثّوالث أدخلوا اضربوهم .لا يخرج أحدٌ . فضربوهم بحدّ السيف وطرحهم السّعاة والثّوالث وساروا إلى مدينة بيت البعل."( [43])
ويروي كاتب سفر الملوك الثاني عن جريمة بشعةٍ جداً اقترفتها(عثليا) والدة ملك يهوذا (أخزيا) الذي قتله ياهو يهوشافاط بعد أنْ غدر بملك إسرائيل (يورام بن آخاب) وقتله . فنقرأ: "فلمّا رأت عَثليا أُمّ أخزيا أنّ ابنها قد مات قامت فأبادت جميع النسل الملكي."([44])
طبعاً لم ينحُ من هذه المذبحة البشعة إلاّ طفل رضيع يدعى (يوآش بن أخزيا) سرقته عمّته وخبأته عند (يهوياداع) في بيت الرّبّ وبقي فيه ست سنوات إلى أن أخرجه الكاهن (يهوياداع) وألبسه تاج الملك وأعطاه الشهادة وملكّه ومسحه ملكاً بدلاً من عثليا بالاتفاق مع عددٍ من قادة الجيش المتنفذين وكان يهوياداع الكاهن قد وضع خطة لإغتيال عثليا، وقد نجح في تنفيذ الإغتيال كما يرد في النص التوراتي .([45]).
ثم تعرّض يوآش هذا إلى مؤامرة استخدم فيها أسلوب الغدر والخيانة وتمّ فيها اغتياله وقتله كما يرد في سفر الملوك الثاني: "وقام عبيدهُ وفتنوا فتنةً وقتلوا يوآش في بيت القلعة حيث ينزل إلى سلّى . لأنّ يوزاكار بن شمعة ويهوزاباد بن شومير عبديه ضرباهُ فمات. فدفنوه مع آبائه في مدينة داود وملك أمصْيا ابنه عوضاً عنه."(.[46]).
وتستمرُّ عمليات الغدر والخيانة والإغتيالات في مملكتي يهوذا وإسرائيل على السّواء. فنقرأ عن فتنة في إسرائيل ضدّ زكريا بن يربعام ملك إسرائيل قام بها (شلُّوم بن يابيش) بتكليف من ربِّ الجنود يهوهَ كما يرد في النّص التوراتي حيث نقرأ: "ففتنَ عليه شلُّوم بن يابيش وضربه أمام الشّعب فقتله وملك عوضاً عنه"([47]).
لكنّه لم يهنأ كثيراً. فقد أُحيكت مؤامرة ضّده وتم اغتياله من قبل رجلٍ يدعى (منحيم بن جادي) فنقرأ: "وصعد منحيم بن جادي من ترصة وجاء إلى السامرة وضرب شلّوم بن يابيش في السّامرة فقتله وملك عوضاً عنه."([48])
وعندما توفيّ مناحيم تسلّم ابنه (فقحيْا) السلطة، لكنّه تعرض لخيانة وإغتيال أيضاً: "ففتن عليه فقحُ بن رمليا ثالثه وضربه في السّامرة في قصر بيت الملك مع أرجوبَ ومع أرْبَةَ ومعه خمسون رجلاً من بني الجلعاديين. قتله وملك عوضاً عنه."(.[49]).
وكان مصير (فقح بن رمليْا) كمصير سلفه.. فقد تعرض هو الآخر لخيانة وغدر أودى بحياته فنقرأ: "وفَتن هو شعُ بنُ أَيْلةَ على فقح بن رمَليْا وضربه فقتله وملك عوضاً عنه"(.[50]).
----------------------------

[1] -سفر التكوين الاصحاح 34 .
[2] -سفر التكوين الاصحاح الرابع والثلاثون.

[3] سفر التكوين الاصحاح الرابع والثلاثون.

[4] -سفر التكوين الاصحاح الرابع والثلاثون

[5] -سفر التكوين الاصحاح الرابع والثلاثون.

[6] -سفر التكوين الاصحاح الرابع والثلاثون.

[7] -سفر التكوين الاصحاح السابع و العشرون

[8] -سفر التكوين الاصحاح السابع والعشرون

[9] -سفر التكوين الاصحاح السابع والعشرون.

[10] -سفر التكرين الاصحاح السابع والعشرون.

[11] -سفر التكوين الاصحاح الواحد والثلاثون .

[12] -سفر التكوين الاصحاح الواحد والثلاثون .

[13] -سفر التكوين الاصحاح السابع والثلاثون.

[14] سفر التكوين الاصحاح الثامن والثلاثون.

[15] سفر التكوين الاصحاح الثامن والثلاثون .

[16] -سفر الخروج الاصحاح الثاني عشر.

[17] -سفر القضاة الاصحاح الثالث.

[18] -سفر التكوين الاصحاح الرابع.

[19] -سفر صموئيل الأول الاصحاح الثامن عشر.
ونقرأ أيضاً:"وميكالُ إبنة شاوُلَ أحبّت داود فأخبروا شاول فحسُن الأمر في عينيه . وقال شاول أُعطيه إياها فتكون له شركاً وتكون يد الفلسطينيين عليه.".الاصحاح الثامن عشر.
"وكان شاول يتفكّر أن يوقع داود بيد الفلسطينيين" الاصحاح الثامن عشر.
"وكلّم شاول يوناتان ابنه وجميع عبيده أن يقتلوا داود.". الاصحاح التاسع عشر.
"وكان الرّوح الردويّ من قبل الرّب على شاول وهو جالس في بيته ورمحه بيده وكان داود يضرب باليد. فالتمس شاول أن يطعن داود بالرمح حتى إلى الحائط. ففّر من أمام شاول فضرب الرمح إلى الحائط فهرب داود ونجا تلك الليلة.". الاصحاح التاسع عشر.

[20] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث.

[21] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث.

[22] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث.

[23] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث.

[24] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الرابع

[25] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الرابع.

[26] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الحادي عشر.

[27] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الحادي عشر .

[28] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الحادي عشر .

[29] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الحادي عشر .

[30] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث عشر .

[31] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث عشر .

[32] -سفر ضموئيل الثاني الاصحاح الثالث عشر .

[33] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثامن عشر .

[34] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثامن عشر .

[35] -سفر الملوك الأول الاصحاح الثاني .

[36] -سفر الملوك الأول الاصحاح الواحد والعشرون .

[37] -سفر الملوك الأول الاصحاح الواحد والعشرون.

[38] -سفر الملوك الأول الاصحاح الواحد والعشرون.

[39] -سفر الملوك الثاني الاصحاح التاسع .

[40] -سفر الملوك الثاني الاصحاح التاسع .

[41] -سفر الملوك الثاني الاصحاح العاشر .

[42] -سفر الملوك الثاني الاصحاح العاشر .

[43] -سفر الملوك الثاني الاصحاح العاشر.

[44] -سفر الملوك الثاني الاصحاح الحادي عشر.

[45] -سفر الملوك الثاني الاصحاح الحادي عشر.

[46] -سفر الملوك الثاني الاصحاح الثاني عشر .

[47] سفر الملوك الثاني الاصحاح الخامس عشر.

[48] -سفر الملوك الثاني الاصحاح الخامس عشر.

[49] -سفر الملوك الثاني الاصحاح الخامس عشر .

[50] -سفر الملوك الثاني الاصحاح الخامس عشر .
[/align]
يتبــــع>>>
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 02 / 2009, 17 : 02 AM   رقم المشاركة : [12]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]

تتمة الفصل الثالث

ثانيا: الانحلال الخلقي

في الأسفار التوراتية نقرأ الكثير من التصرفات والأفعال التي تُعبرُّ عن الإنحلال الخلقي والرذيلة، فنجد من يقدّم إمرأته لغيره خدمةً لمصالحه، ومن يضطجع مع إمرأة أبيه أو أخته أو كنّته إلخ...

في سفر التكوين نجدُ أنّ إبراهيم تخلّى عن إمرأته (سارة) لصالح فرعون مصر لكي يثرى ويكون له خيرٌ بسببها: "فانحدر أبرام إلى مصر ليتغّربّ هناك لأنّ الجوع في الأرض كان شديداً وحدث لمّا قرب أن يدخل مصر أنّه قال لساراي إمرأته إنّي قد علمتُ أنك حسنة المنظر. فيكون إذ رآك المصريون أنّهم يقولون هذه أمرأته فيقتلونني ويستبقونك. قولي إنك أُختي ليكون لي خيرٌ بسببك وتحيا نفسي من أجلكِ."([1]).

"فحدث لمّا دخل أبرام إلى مصر أنّ المصريين رأوا المرأة أنّها حسنة جداً ورآها رؤساء فرعون ومدحوها لدى فرعون فأُخذت المرأة إلى بيت فرعون. فصنع إلى أبرام خيراً بسببها وصار له غنمٌ وبقرٌ وحميرٌ وعبيدٌ وإماء وأُتنٌ وجمالٌ ."([2]).

فرعون لم يكن ليدري أنّ سارة امرأة لإبراهيم. فقد ادّعت أنّها أخته وإبراهيم أكدّ هذا الأمر لرؤساء فرعون ... لكنّ فرعون عندما علم بالأمر بعد فترة من الزمن استهجنه تماماً وانزعج من إبراهيم حتى الدرجة التي طرده فيها من مصر بعد أن أعاد له زوجته. فالمصريون لم يعتادوا على مثل هذا السلوك. فنقرأ: "فدعا فرعون أبرام وقال ما هذا الذي صنعتَ بي لماذا لم تخبرنيِ أنّها أمرأتك. لماذا قلتَ هي أختي حتى أخذتها لي لتكون زوجتي. والآن هوذا أمرأتك. خذها واذهبْ."(.[3])

وكاتب سفر التكوين يروي ويسجلّ حادثة ابنتي لوط كيف احتالتا على أبيهما واضطجعتا معه وحبلتا منه:"وصعد لوط من صوغر وسكن في الجبل وابنتاه معه لأنه خاف أن يسكن في صوغر فسكن في المغارة هو وابنتاه. وقالت البكرُ للصغيرة. أبونا قد شاخَ وليس في الأرض رجلٌ ليدخل علينا كعادة كلّ الأرض. هلمّ نسقي أبانا خمراً ونضطجع معه فنحيي من أبينا نسلاً. فسقتا أباهما خمراً في تلك الليلة ودخلت البكرُ واضطجعت مع أبيها ولم يعلمْ باضطجاعها ولا بقيامها. وحدث في الغد أنّ البكر قالتْ للصغيرة إنّي قد اضطجعت البارحة مع أبي. نسقيه خمراً الليّلة أيضاً فادْخلي اضطجعي معه. فنحيي من أبينا نسلا. فسقيا أباهما خمراً في تلك اللّيلة أيضاً. وقامت الصغيرة واضطجعت معه. ولم يعلم باضطجاعها ولا بقيامها فحبلت ابنتا لوطٍ من أبيهما. فولدت البكرُ ابناً ودعتِ اسمه موآب وهو أبو الموآبيين إلى اليوم. والصغيرة أيضاً ولدتِ ابناً ودعت اسمه بنْ عمّي. وهو أبو بني عمّون إلى اليوم."(.[4]).

ويتابع كاتب السّفر سرد الحوادث الّلا أخلاقية، ويحدثنا عن إبراهيم وسارة مرّة ثانية بعد أن طردَ من مصر واتجه إلى كنعان فيروي: "وانتقل إبراهيم من هناك إلى أرض الجنوب وسكن بين قادش وشور وتغرّب في جرار وقال إبراهيم عن سارة امرأته هي أختي فأرسل أبيمالك ملك جرار وأخذ سارة."(.[5])

لقد كررّ إبراهيم حادثة مصر نفسها. فقال عن إمرأته ساره انّها أخته فطلبها ملك جرار لتكون زوجة له، وإبراهيم وافق على الطلب، ولولا تدخل الإله يَهْوه في آخر لحظة لاضطجع معها ملك جرار أبيمالك حسب ما يروي كاتب السفر فنقرأ: "فجاء اللّه إلى أبيمالك في حلم الليل وقال له ها أنتَ ميتٌ من أجل المرأة التي أخذتها فإنّها متزوجة ببعل. ولكن أبيمالك لم يكن قد اقترب إليها فقال يا سيّد أأمّةً بارّة تقتلُ. ألم يقل هو لي إنّها أختي. وهي أيضاً نفسها قالت هو أخي، بسلامة قلبي ونقاوة يديّ فعلتُ هذا."(.[6]).

وورث إسحق عن أبيه إبراهيم سلوكه، واتبع الأسلوب نفسه في تقديم امرأته للآخرين. حيث يحدّثنا كاتب سفر التكوين أنّ إسحق تغرّبَ في منطقة جرار وكان ملكها أبيمالك أيضاً. ففعل إسحق كما فعل أبيه قبلاً، قال عن امرأته (رفقة) انّها أخته: "فأقام إسحق في جرار . وسأله أهل المكان عن امرأته فقال هي أختي"( [7]).

وحدث إذ طالت له الأيام هناك أنّ أبيمالك ملك الفلسطينيين أشرف من الكوّة ونظر وإذا إسحقُ يلاعبُ رفقة امرأته. فدعا أبيمالك إسحق وقال إنّما هي امرأتك فكيف قلتَ هي أُختي. فقال له إسحق لأنّي قلتُ لعلّي أموت بسببها. فقال أبيمالك ما هذا الذي صنعت بنا. لولا قليلٌ لاضطجع أحدُ الشّعب مع امرأتك فجلبْت علينا ذنباً."(.[8]).

مثل هذا السلوك لم يألفْه الكنعانيون . إنّه انحطاطٌ في القيم الاخلاقية. ويعتبره الكنعانيون ذنباً وعاراً فهم يخافون اللّه، ومن هذا المبدأ كان موقف أبيمالك من إبراهيم ومن ابنه إسحق. ومن هذا السلوك عموماً.

ونقرأ في سفر التكوين أيضاً أنّ رأوبين ابن يعقوب وهو بكره، استغلّ غياب والده ودخل على امرأته بلْهةَ وكان لها ولدان (دان ونفتالي) واضطجع معها: "وحدثَ إذ كان إسرائيل ساكناً في تلك الأرض أنّ رأوبين ذهب واضطجع مع بلْهَة سرّية أبيه"(.[9]).

كما يحدّثنا أنّ (تامار) كنّة (يهوذا) ابن يعقوب الرابع زنت مع حميها يهوذا وحبلت منه وولدت ولدين أسمت الأوّل (فارص) والثاني (زارح) فنقرأ: "وأخذ يهوذا زوجة لعير بكره اسمها تامار. وكان عيرٌ بكرُ يهوذا شريراً في عينيّ الرّب فأماته الرّب. فقال يهوذا لأونان ادخل على امرأة أخيك وتزوج بها وأقمْ نسلاً لأخيكَ. فعلم أونان أنّ النّسل لن يكون له فكان إذا دخل على امرأة أخيه أنّه أفسد على الأرض لكي لا يعطي نسلاً لأخيه فقُبحَ في عيني الرّبّ ما فعله فأماته أيضاً. فقال يهوذا لتامار كنّته أقعدي أرملة في بيت أبيك حتى يكبُر شيلةُ ابني. لانّه قال لعلّه يموت هو أيضاً كأخويه. فمضت تامار وقعدت في بيت أبيها."(.[10]).

ولما طال الزمان ماتت ابنة شوع امرأة يهوذا. ثم تعزّى يهوذا فصعد إلى جزاز غنمه إلى تمنة هو وحيرة صاحبه العدلاّمّي. فأخبرت تامار وقيل لها هوذا حموك صاعد إلى تمنه ليجّز غنمه. فخلعت عنها ثياب ترمّلها وتغطّت ببرقعٍ وتلففت وجلست في مدخل عينايم التي على طريق تمنة لأنّها رأت أنّ شيلة قد كبر وهي لم تعط له زوجةً. فنظرها يهوذا وحسبها زانية لأنّها كانت قد غطت وجهها. فمال إليها على الطريق وقال هاكي أدخل عليك. لأنّه لم يعلم أنّها كنتّه، فقالت ماذا تعطيني لكي تدخل عليّ. فقال إني أُرسل جدي معزى من الغنم. فقالت هل تعطيني رهناً حتى ترسله. فقال ما الرّهن الذي أُعطيك. فقالت خاتمك وعصابتك وعصاك التي في يدك. فأعطاها ودخل عليها. فحبلت منه ثم قامتْ ومضت وخلعت عنها برقعها ولبست ثياب ترمُلّها."([11]).

"وفي وقت ولادتها إذ في بطنها توآمان. وكانت في ولادتها أنّ أحدهما أخرج يداً فأخذت القابلة وربطت على يده قرمزاً قائلة هذا خرج أولاً ولكن حين ردّ يده إذ أخوه قد خرج . فقالت لماذا اقتحمت. عليك اقتحام فدعي اسمه فارصَ. وبعد ذلك خرج أخوه الذي على يده القُرمز فدعى اسمه زارحَ."([12]).

ونقرأ في سفر القضاة حوادث بشعة تعبّر عن الانحلال الخلقي منها أنّ رجلاً لاوّياً متغرباً في عقاب جبل أفرايم. اتخذ له امرأة سرّية من بيت لحم يهوذا فزنت عليه هذه المرأة، وتركته ثم ذهبت إلى بيت أبيها، ومع هذا جاء زوجها وراءها ليطيب قلبها ويردها معه..[13]

عادت المرأة معه، وجاء إلى مقابل يبوس (أورشليم) وكان معه حماران مشدودان ، والغلام، أي غلامه. فانحدر النهار وبدأت الشمس تغيب فقال الغلام لسيّده: "تعال نميلُ إلى مدينة اليبوسيين هذه ونبيتُ فيها. فقال له سيّده لا نميل إلى مدينة غريبةٍ حيث ليس أحدٌ من بني إسرائيل هنا. نعبر إلى جبعةَ. وقال لغلامه تعال نتقدم إلى أحد الأماكن ونبيتُ في جبعةَ أو في الرّامة. فعبروا وذهبوا وغابت لهُمُ الشمس عند جبعة التي لبنيامين. فمالوا إلى هناك لكي يدخلوا ويبيتوا في جبعة. فدخل وجلس في ساحة المدينة ولم يضمهم أحدٌ إلى بيته للمبيت. وإذا برجل شيخ جاء من شغله من الحقل عند المساء والرجل من جبل أفرايم وهو غريب في جبعة ورجال المكان بنيامينيون. فرفع عينيه ورأى الرجل المسافر في ساحة المدينة فقال الرّجل الشيخ إلى أين تذهب ومن أين أتيت ؟ فقال له نحن عابرون من بيت لحم يهوذا إلى عقاب جبل أفرايم. أنا من هناك وقد ذهبت إلى بيت لحم يهوذا وأنا ذاهبٌ إلى بيت الرّب وليس أحدٌ يضمّني إلىالبيت. وأيضاً عندنا تبنٌ وعلفٌ لحميرنا وأيضاً خبزٌ وخمرٌ لي ولأمتكَ وللغلام الذي مع عبيدك ليس احتياج إلى شيء. فقال الرّجل الشيخ السّلام لك إنّما كلّ احتياجك عليّ ولكن لا تبتْ في الساحة. وجاء به إلى بيته. وعَلَفَ حميرهم. فغسلوا أرجلهم وأكلوا وشربوا."([14]).

"وفيما هم يطيّبون قُلوبهمُ إذا برجال المدينة رجال بني بلّيعال أحاطوا بالبيت قارعين الباب وكلمّوا الرجلَ صاحب البيت الشّيخ قائلين أخرج الرجلَ الذي دخل بيتك فنعرفهُ. فخرج إليهم الرجلُ صاحب البيت وقال لهم لا يا إخوتي لا تفعلوا شراً. بعدما دخل هذا الرّجل بيتي. لا تفعلوا هذه القباحة. هو ذا ابنتي العذراء وسرّيته دعوني أُخرجهما فأذلُّوهما وافعلوا بهما ما يحسن في أَعينكم وأمّا هذا الرجل فلا تعملوا به هذا الأمر القبيح. فلمْ يرد الرّجال أن يسمعوا له. فأمسك الرجلُ سرّيته وأخرجها إليهم خارجاً فعرفوها وتعلّلوا بها الّليل كلّه إلى الصباح. وعند طلوع الفجر أطلقوها. فجاءت المرأة عند إقبال الصباح وسقطت عند باب بيت الرجل حيث سيدها هناك إلى الضوء فقام سيدها في الصباح وفتح أبواب البيت وخرج للذهاب في طريقه وإذا بالمرأة سرّيته ساقطة على باب البيت ويداها على العتبة. فقال لها قومي نذهب. فلم يكن مجيبٌ. فأخذها على الحمار وقام الرّجل وذهب إلى مكانه. ودخل بيتهُ وأخذ السّكين وأمسك سرّيته وقطعها مع عظامها إلى اثنتي عشرة قطعة وأرسلها إلى جميع تخوم إسرائيل”([15]

إنّه انحطاط كبيرٌ في القيم الأخلاقية، جريمة بشعة جداً، وسلوكٌ شائنٌ ومرعب جداً قام به اليهود ببساطة.. ويقرأ عنه أطفالهم اليوم بافتخارٍ ويقتدون به. ويستحضرونه في سلوكهم اليومي الديني والمدني.

في سفر صموئيل الأول حوادث تتعلق ببني إسرائيل تفوح منها رائحة الانحلال الخلقي والقباحة واللا انسانية فنقرأ عن سلوك كلّ من شاول وداود أثناء الصراع بينهما على السلطة وكيف كان كلّ طرف يسعى لدفع الآخر عنه بطرق وأساليب غير مشروعة محورها عموماً المرأة والغدر.

إنّ شاول لكي يتخلص من داود قرّر أن يزوجه ابنته الكبرى (مَيْرَب) علماً أنّها كانت قد تزوجت من رجلٍ يدعى (عدرئيل المحوليّ). لم يكن ليهتم بمسألة الأخلاق. ابنته متزوجة وهو يريد أن يطلقها من زوجها ليعطيها لرجل آخر نظراً لأنّ مصلحته تقتضي ذلك..([16]).

داود كان يميلُ إلى (ميكال) الفتاة الأصغر للملك شاول.. وهي كانت تميلُ إليه. وقد وافق شاول أن يزوجها لداود، ليس لأنّه يريد أن يكون داود صهره ويُسعدُ ابنته، بل من أجل أن تكون شركاً له ويقتله الفلسطينّيون حيث نقرأ: "وميكالُ إبنة شاول أَحبّتْ داود فأخبروا شاول فحسُن الأمر في عينيه . وقال شاول أُعطيه إيّاها فتكون له شركاً وتكون يدُ الفلسطينيين عليه"([17]).

لقد طلب شاول مهر ابنته (ميكال) مئة غُلفةٍ من الفلسطينيين كما يرد في سفر صموئيل الأولّ: "فقال شارل هكذا تقولون لداود. ليستْ مسّرة الملك بالمهر بلْ بمئة غُلفةٍ من الفلسطينيين للإنتقام من أعداء الملك وكان شاول يتفكّرُ أن يوقعَ داود بيد الفلسطينيين."([18]).

ولمّا اشتدّ الصراع بين الطرفين وهرب داود من وجه شاول قام شاول باحتجاز (ميكال) ابنته ومنعها من الذهاب مع داود. وزوجها لرجل يُدعى (فلطئيل بن لايش) بقيت عنده حتى وفاة والدها شاول فاستردّها داود ثانية وبطريقة سلبية كما يردُ في السفر حيث نقرأ: "فأرسل أَبنير من فوره رُسلاً إلى داود قائلاً لمنْ هي الأرض. يقولون اقطعْ عهدك معي وهوذا يدي معكَ لردّ جميع إسرائيل إليك. فقال حسناً أنا أقطع معك عهداً إلاّ أنّي أطلبُ منك أمراً واحداً وهو أن لا ترى وجهي مالم تأتِ أولاً بميكال بنت شاولَ حين تأتي لترى وجهي. ,أرسل داود رسلاً إلى إيشبوشث بن شاول يقول أعطني امرأتي ميكال التي خطبتها لنفسي بمئة غُلفةٍ من الفلسطينيين فأرسل إيشبوشث وأخذها من عند رجُلها من فلطئيل بن لايش. وكان رجلها يسيرُ معها ويبكي وراءها إلى بحوريم. فقال له أبنيرُ اذهب. ارجعْ. فرجع."([19])

ويحدثنا كاتب سفر صموئيل الثاني أنّ الملك شاول توفي، فقام قائده أبنير بن نير بمصاحبة امرأته (رصفة بنت أَية) وقد علم ابن شاول إيشبوشث بالأمر فاستنكر قائلاً لأبنير "لماذا دخلت إلى سرّية أبي. فاغتاظ أبنير جداً من كلام إيشبوشث وقال ألعّلي رأس كلب ليهوذا. اليوم أصنع معروفاً مع بيت شاول أبيك مع إخوته ومع أصحابه ولم أسّلْمك ليّد داود وتطالبني اليوم بإثم امرأةٍ."([20])

ثم نقرأ في نفس السفر عن داود وقائده أوريّا الحثّي، وسلوكه اتجاه امرأة أوريّا الحثّي. وكيف دبّر اغتياله ليسلبه امرأته: "وكان في وقت المساء أنّ داود قام عنْ سريره وتمشّى على سطح بيت الملك فرأى من على السّطح امرأةً تستّحم. وكانت المرأة جميلة المنظر جداً. فأرسل داود وسأل عن المرأة فقال واحدٌ أليستْ هذه بتشبع بنت أليعامَ إمرأة أوريّا الحثّي. فأرسل داود رسُلاً وأخذها فدخلت إليه فاضطجع معها وهي مطهّرةٌ من طمثها ثمّ رجعت إلى بيتها. وحبلت المرأةُ"([21])

عندما علم داود بالأمر . أرسل وراء زوجها لكي ينام معها وتختفي القضّية، لكن أوريّا الحثّي بما كان يحمله من شعور بالمسؤولية والقيم الأخلاقية والالتزام قرّر أن ينام مع حرّاس داود بدلاً من أنْ يذهب إلى بيته لينام مع امرأته علماً أنّه تلّقى أمراً من داود بالذهاب إلى بيته. فنقرأ قوله لداود: "إنّ التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيدُ سيّدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتي إلى بيتي لآكل وأشرب وأضطجع مع امرأتي. وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر."([22])

إنّه موقفٌ نبيل من أوريّا الحثّي.. فهو لم يكن يهودياً. إنّه من بني حث ولهذا اتصف بالمروءة والشجاعة وعفّة النفس. والوفاء للقضية التي يعمل من أجلها.. ولم يكن ليدري أنّ داود خدعه وأساءَ إليه ولامرأته.

ولكنَّ داود قابل هذا الموقف النبيل بالشرّ. من أجل نزوة عابرة، فأمر باغتيال أوريّا الحثّي القائد الشجاع وتصفيته . وتحقّق له الأمر وضمّ امرأته بتشبع بنت أليعام إلى بيته وصارتْ له امرأة."([23])

نبقى في سفر صموئيل الثاني وحوادث لا أخلاقية أخرى فنقرأ عن (أمنون) بن داود كيف احتال على أخته تامار وضاجعها وطردها بعد ذلك بقسوةٍ ووقاحة.. "كان لأبشالوم بن داود أُختٌ جميلة اسمها تامار فأحبها أمنونُ بن داود. وأُحصر أمنون للسّقْم من أجل تامار أُخته لأنّها كانت عذراء وعَسُر في عينّي أَمنُون أن يفعل لها شيئاً. وكان لأمنون صاحب اسمه يوناداب بنُ شمعي أخي داود. وكان يوناداب رجلاً حكيماً جداً. فقال له لماذا يا ابن الملك أنتَ ضعيفٌ هكذا من صباح إلى صباح. أما تُخبرني. فقال له أمنُونُ إنّي أُحبُ تامار أُختَ أبشالومَ أخي. فقال يوناداب اضطجع على سريرك وتمارضْ وإذا جاء أبوك ليراك فقل له دع تامار أُختي فتأتي و تطعمني خبزاً وتعملْ أمامي الطّعام لأرى فآكل من يدها. فاضطجع أمنُونُ وتمارض. فجاء الملك ليراه فقال أمنُونُ للملك دع تامارأُختي فتأتي وتصنع أمامي كعكتين فآكل من يدها. فأرسل داود تامار إلى البيت قائلاً اذهبي إلى بيت أمنون أَخيك واعملي له طعاماً. فذهبتْ تامارُ إلى بيت أمنُون أخيها وهو مضطجع وأخذت العجين وعجنت وعملتْ كعكاً أمامه وخبزتِ الكعك وأخذت المقلاة وسكبتْ أمامه فأبى أن يأكل. وقال أمنُون أخرجوا كلّ إنسان عنّي فخرج كلّ إنسان عنه. ثم قال أمنُون لتامار إيتي بالطعام إلى المخدع فآكل من يدك. فأخذت تامار الكعك الذي عملتُه وأتت به أمنُونَ أخاها إلى المخدع. وقدمّت له ليأكل فأمسكها . وقال لها تعالي اضطجعي معي يا أختي. فقالتْ له لا يا أخي لا تذُلّني . لأنّه لا يفعلُ هكذا في إسرائيل لا تعملْ هذه القباحة. أمّا أنا فأين أذهبُ بعاري وأمّا أنت فتكون كواحد من السفهاء في إسرائيل. والآن كلّم الملك لأنّه لا يمنعني منكَ. فلم يشأ أن يسمع لصوتها بلْ تمكّن منها وقهرها واضطجع معها. ثمّ أبغضها أمنُونُ بغضة شديدة جداً حتى إنّ البغضة التي أبغضها إياها كانت أشد من المحبّة التي أحبّها إيّاها. وقال لها أمنُونُ قومي انطلقي."([24])

لقد كان أمنون من السّفهاء حقّاً، والسفيه الأكبر كان عمّه يوناداب الرجل الحكيم الذي قال عنه كاتب السّفر أنّه رجلٌ حكيم جداً. هذا الرجل الحكيم الذي أشار على أمنون أن يفعل هذه القباحة ضارباً عرض الحائط كل القيم الأخلاقية الحميدة.

ونقرأ عن سفيه آخر لا يقلُّ سفاهةً عن أمنون ويوناداب إنّه (أبشالوم) شقيق أمنون وتامار. فهو لم يكتفِ أن غدرَ بأخيه أمنون وقتله، وتمرّد على أبيه داود، بل وصلت السّفاهة عنده إلى مضاجعة نساء أبيه وكان عددهنَّ عشر نساء. وذلك خلال الصراع الذي نشب بينه وبين أبيه داود على السّلطة. واضّطر داود للهرب من وجه ابنه، فأشار على أبشالوم أحد الكهنة المناصرين له وكان يدعى (أخيثوفل): "ادخل إلى سراري أبيكَ اللواتي تركهنّ لحفظ البيت فيسمع كلّ اسرائيل أنّك قد صرتَ مكروهاً من أبيك فتتشدّد أيدي الذين معك. فنصبوا لأبشالوم الخيمة على السّطح ودخل أبشالوم إلى سراري أبيه أمام جميع إسرائيل."(.[25])

qq

--------------------------------------

[1] -سفر التكوين الاصحاح الثاني عشر.

[2] -سفر التكوين الاصحاح الثاني عشر.

[3] سفر التكوين الاصحاح الثاني عشر.

[4] -سفر التكوين الاصحاح التاسع عشر.

[5] -سفر التكوين الاصحاح العشرون.

[6] -سفر التكوين الاصحاح العشرون.

[7] -سفر التكوين الاصحاح السادس والعشرون.

[8] -سفر التكوين الاصحاح السادس والعشرون.

[9] -سفر التكوين الاصحاح الخامس والثلاثون.

[10] -سفر التكوين الثامن والثلاثون.

[11] -سفر التكوين الاصحاح الثامن والثلاثون.

[12] -سفر التكوين الاصحاح الثامن والثلاثون.

[13] -سفر الاصحاح التاسع عشر.

[14] -سفر القضاة الاصحاح التاسع عشر.

[15] -سفر القضاة الاصحاح التاسع عشر.

[16] -سفر صموئيل الأول الاصحاح الثامن عشر.

[17] -سفر صموئيل الأوّل الاصحاح الثامن عشر.

[18] سفر صموئيل الأوّل الاصحاح الثامن عشر.

[19] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث.

[20] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث.

[21] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الحادي عشر.

[22] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الحادي عشر.

[23] -"وفي الصباح كتب داود مكتوباً إلى يوآب وأرسله بيد أوريّا. وكتب في المكتوب يقول اجعلوا أوريّا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموتَ ."صموئيل الثاني /11/
"وكان في محاصرة يوآب المدينة أنّه جعل أوريّا في الموضع الذي علم أنّ رجال البأس فيه فخرج رجال المدينة وحاربوا يوآب. فسقط بعض الشعب من عبيد داود ومات أوريّا الحثّي أيضاً." صموئيل الثاني/11/
"فلمّا سمعت امرأة أوريّا أنّه قد مات أوريّا رجلها ندبت بعلها. ولمّا مضتْ المناحة أرسل داود وضمّها إلى بيته وصارتْ له امرأة وولدت له ابناً.".صموئيل الثاني/11/.

[24] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح الثالث عشر.

[25] -سفر صموئيل الثاني الاصحاح السادس عشر.
[/align]
يتبــــع>>>
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12 / 02 / 2009, 16 : 11 PM   رقم المشاركة : [13]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]

الباب الثالث- ((الصهيونية والدين اليهودي))

الفصل الأوّل

*نشأة الصهيونية:

-الصهيونية غير اليهودية :
الصهيونية حركة غربية سياسية استعمارية نشأت في أوروبا تحت ستار ديني في القرن التاسع عشر استهدفت خلق كيان مفتعل في فلسطين العربية السورية. من شأنه أن يكون قاعدة متقدّمة للسيطرة على المناطق الاستراتيجية في الوطن العربي واستغلالها، ومنع أيّة محاولة وحدوية عربية من شأنها أن تقف في وجه المصالح الغربية.

منذ مطلع القرن السابع عشر حين أخذت الإمبراطورية البريطانية تتطلع إلى تأمين طرق تجارتها مع الهند ومع مستعمراتها في الشرق، وتتطلع إلى التحكّم في عقدة المواصلات العالمية ولدتْ فكرة توطين اليهود في فلسطين، مستغلة واقع الانغلاق الذي تعيشه العناصر اليهودية وتمسّكها بتراثها الديني الأسطوري الذي يتحدّث عن أرض الميعاد وصهيون وهيكل الرّب.

لهذا ولأنّ الدول الأوروبية عموماً وبريطانيا خصوصاً كانت تطمع في استعمار الوطن العربي وتمزيقه واستغلال خيراته، بدأت تظهر في هذه الدول دعوات لإعادة اليهود إلى فلسطين تحت شعار ديني تراثي، ليكونوا حاجزاً بشرياً يربط آسيا بإفريقيا ويربطهما معاً بالبحر المتوسط فتشكل في هذه المنطقة وعلى مقربة من قناة السويس قوة صديقة للإستعمار وعدوةٍ لسكان المنطقة. وفي هذا يقول الوزير البريطاني (آيمري) في مذكراته: "نحن نرى من وجهة النظر البريطانية الخالصة، أنّ إقامة شعب يهودي ناجح في فلسطين سيدين بوجوده وفرصته في التطوير إلى السياسة البريطانية. كما أنّه سبب ثمين لضمان الدفاع عن قناة السّويس من الشمال."(.[1])

كانت أولى دعوات إعادة اليهود إلى فلسطين، دعوة المحامي الانكليزي الشهير (هنري فنش) 1621وذلك في مؤلفّه (العودة العالمية الكبرى) أو دعوة إلى اليهود. وبعد ذلك بحوالي ثلاثين عاماً عمل (كرومويل) على التقّرب من اليهود بهدف استخدامهم لمشروع استيطان فلسطين. فكان أن سمح بعودتهم إلى الجزر البريطانية سنة 1655بعد أن كانوا قد طردوا منها قبل أكثر من ثلاثة قرون /1290/ لينافس الدول التجارية الأخرى التي تضمّ كل منها جماعة يهودية ثرّية لها دور بارز في توسيع التجارة الخارجية لتلك الدول."([2])

خلال حملته على مصر وسورية نيسان 1799 أصدر نابليون بونابرت إعلاناً دعا فيه جميع يهود آسيا وأفريقيا للانضواء تحت لوائه من أجل إعادة تأسيس أورشليم القديمة.

في تلك الفترة وحتى منتصف القرن التاسع عشر ظهر الاهتمام الفرنسي بمشروع توطين اليهود في فلسطين لتوظيفهم لصالح مخطّطاتهم التوسعية الاستعمارية في المشرق العربي. وكان الممثل الرئيسي لهذا المشروع (أرنست لاران) السكرتير الخاص لنابليون الثالث. حيث وضع سنة 1860 كتاباً بعنوان: (المسألة الشرقية وإحياء القومية اليهودية) أبرز فيه المكاسب الاقتصادية التي ستجنيها الدول الأوروبية في حال إعادة اليهود إلى فلسطين، داعياً أوروبا كلّها لانتزاع فلسطين من الامبراطورية العثمانية ومنحها لليهود.. ويشير المؤرخ الصهيوني "ناحوم سوكولوف" إلى أنّ الحكومة الفرنسية نشرت رسالة بدون توقيع تحت عنوان "رسالة يهودي إلى إخوته" ظهرت مطبوعة في فرنسا وانكلترا تتضّمن خطّطاً لبعث اليهود كأمّة. وقد تحدّثت هذه الرسالة عن حدود للدولة اليهوديّة المقترحة بعبارات تجارية أكثر منها توراتية."([3] )

إثر سيطرة محمد علي باشا على سورية أخذت فكرة توطين اليهود في فلسطين طابعاً عملياً متزايداُ من قبل بريطانيا. وقد قام اللورد "شافتسبري"السياسي البريطاني الكبير بتقديم مشروعه لاستيطان اليهود في فلسطين تحت الحماية الأوروبية إلى اللورد "بالمرستون" وزير الخارجية البريطانية . وتابع تقديم مشاريعه وطروحاته بهذا الخصوص حتى تمّ تعيين قنصل بريطاني في القدس. ثم كتب عام 1876 دراسة توّضح أهمية استيطان فلسطين والدور الذي يمكن أن يلعبه اليهود في التجارة العالمية. مؤكداً على ضرورة تنمية القومية اليهودية واستخدامها كقوّة تحويلية في تلك البلاد القديمة."([4])

ثم أشار اللورد شافتسبري أنّ قومية اليهود موجودة وقد كانت موجودة لمدة /3000/ ثلاثة آلاف عام ولكن الاطار الخارجي وهو الرابطة المتوّجة له لا زالت ناقصة. وأكدّ أنّ الأمّة بحاجة إلى بلاد، الأرض القديمة، والشعب القديم، وهذا ليس تجربة اصطناعية إنّها حقيقة، إنّها التاريخ.”([5]

عام 1845 وضع الكولونيل "جورج غاولر" حاكم أستراليا الجنوبية مشروعاً لاستعمار فلسطين مشيراً إلى مصالح بريطانيا في الصهيونية حيث يقول : "لقد وضع القدر سوريا ومصر في طريق بريطانيا إلى أهم مناطق تجارتها مع البلدان المستعمرة "الهند والصين والأرخبيل الهندي وأستراليا" وقدّر لبريطانيا أن تمارس نشاطاً كبيراً في تهيئة الظروف الملائمة في هاتين المقاطعتين. ويتعين على بريطانية أن تجدّد سورية بواسطة الشعب الوحيد القادر على تنفيذ هذه الرسالة والذي يمكن استخدام طاقته دوماً وبصورة فعّالة، أعني أبناء هذه الأراضي الحقيقيين، بني اسرائيل."([6])

مع بدايات العقد الخامس من القرن التاسع عشر تحوّلت الدعوة إلى توطين اليهود في فلسطين إلى سياسة رسمية يجري البحث عن وسائل تنفيذها، كما روجت الصحافة البريطانية في تلك الفترة لهذه الدعوة فظهرت مقالات عديدة في صحيفة ""التايمز" وصحيفة "جلوب" تحثُّ على تنفيذ مشروع توطين اليهود في فلسطين ثمّ نشطت في تلك الفترة الارساليات والجمعيات البريطانية العاملة لتحقيق هذا الغرض فتأسّس في لندن (صندوق اكتشاف فلسطين) بهدف تمويل دراسات وأبحاث عن فلسطين كما قام السير "جين هنري دونانت" مؤسس الصليب الأحمر الدولي بتأسيس (جمعية استعمار فلسطين) ولعب "دونانت" دوراً أساسياً في تأسيس وتمويل (جمعية أحباء صهيون) التي نشطت بين يهود أوروبا الشرقية ونظّمت منهم أول هجرة صهيونية إلى فلسطين عام 1881.([7])

عام 1870 تأسّست أيضاً في بريطانيا (جمعية الآثار التوراتية) وكان من أهدافها "البحث عن الآثار والتسلسل الزمني والتاريخ القديم والحديث لبلاد آشور والجزيرة العربية ومصر وفلسطين. وغيرها من المناطق التوراتية كما تراها.

ثم تأسست جمعيات أخرى في فرنسا وألمانيا مثل (المدرسة الفرنسية للدراسات التوراتية والأثرية) التي تأسست في فرنسا 1890. أمّا في ألمانيا فكانت (الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية) التي تأسست في سنة 1897 وأيضاً (الجمعية الألمانية للأبحاث الفلسطينية) التي تأسّست في سنة 1877. وغيرها من الجمعيات الأخرى التي كان هدفها بشكل عام بعث التوجه اليهودي نحو فلسطين ودفعهم عمليّاً باتجاه استيطانها. ([8])

حتى العقد الثامن من القرن التاسع عشر لم يكن ثمّة تنظيمات يهودية ذات طابع صهيوني والتنظيمات السّابقة على ذلك كانت ذات منشأ ودعم حكومي (فرنسي، بريطاني، ألماني). وغير يهودية في أغلب الأحيان. نظراً لأنّ اليهود أحجموا عن الاستيطان في فلسطين وامتنعوا عن الهجرة إليها. فقد كان سيرهم نحو اندماجهم في المجتمعات التي يعيشون فيها يخطو خطوات سريعة. والمهاجرون منهم كانوا يفضّلون الولايات المتحدة على الرغم من أنّ فلسطين كانتْ مفتوحة أمامهم، فكانت أمريكا بالنسبة إليهم هي أرض الميعاد. لهذا كانت المذابح المنّظمة والشّاملة ضدّ اليهود ضرورية لقطع الطريق عليهم وتحويل هجرتهم إلى فلسطين. مذابح 1881 في أرجاء الامبراطورية الرّوسية لدفع اليهود إلى الانخراط في صفوف الصهيونية. وبدأت الجمعيات الصهيونية منذ ذلك التاريخ تتشكّل بين أوساط اليهود في المدن الرّوسية المختلفة وتحديداً بين الفقراء والمعوزين والمضّطرين والمضطهدين الذين يبحثون عن مكانٍ يهاجرون إليه هرباً من معاناتهم وهو ما أشار إليه "تيودور هرتزل" في كتابه المشهور (الدولة اليهودية): "سيذهب أولاً أولئك الذين في حالة يأس ومن ثمّ يتبعهم الفقراء."(.[9])

على الرغم من هذه المحاولات الصهيونية المكثفّة فقد فضّل هؤلاء اليهود في روسيا وشرق أوروبا الهجرة إلى الولايات المتحدة بدلاً من فلسطين حيث وصل منهم ثلاثة ملايين يهودي إلى الولايات المتحدة. والذين فرضْت عليهم الهجرة إلى فلسطين (وقد بلغ عددهم مع بداية الحرب العالمية الأولى /85/خمسة وثمانون ألفاً في فلسطين) هاجروا ثانية إلى الولايات المتحدة تاركين وراءهم كل مزاعم الصهيونية."([10])

وفيما بين عامي 1919-1923 لم يأت إلى فلسطين سوى /35/ ألف يهودي من أصل مليون وأربعمئة ألف يهودي روسي.و بين عامي 1924-1931وصل إلى فلسطين /82/ألف يهودي من بولونيا التي كانت تجتاز أزمة حادّة في تلك الفترة وتطّبق على اليهود قيوداً كثيرة. وفي الأساس كانت الولايات المتحدة وجهةُ هؤلاء إلاّ أنّ تلك الدولة أصدرت في تلك الفترة تشريعات وضعتْ حدّاً لقدوم المزيد من المهاجرين من شرق أوروبا. مّما أغلق الباب في وجوههم وأرغمهم على التوجه إلى فلسطين.([11])

لقد شاركتْ الصهيونية مشاركة فعّالة في تدبير المؤامرات ضدّ اليهود لدفعهم إلى الهجرة نحو فلسطين، وخير مثال على ذلك اليهود العرب الذين تمّ تهجيرهم بمؤامرة صهيونية اشترك فيها بعض الحكام العرب، كيهود المغرب والعراق واليمن مع الإشارة إلى أنّ هؤلاء حين كان الخيار متروكاً لهم اختاروا طريقاً غير فلسطين، كما حدث ليهود الجزائر، فقد كان عددهم /130/ألفاً، هاجر منهم إلى فرنسا /125/ ألفاً ولم يذهب إلى الكيان الصهيوني سوى خمسة آلاف فقط.([12])

في الواقع لم تظهر النزعات الصهيونية العملية بين اليهود أنفسهم إلاّ أواخر القرن التاسع عشر، أي بعد قرنين ونصف من المحاولات الغربية الاستعمارية المستمّرة والتي شارك فيها بعض الأثرياء اليهود من ذوي المصلحة في تسييس اليهود وصهينتهم من أمثال (مونتغيوري، وهيرش، وروتشليد وغيرهم.([13])

من المفيد الاشارة أيضاً إلى أنّ الدول الأوروبية الغربية إضافة لرغبتها في خلق كيان مفتعل في فلسطين يكون اليهود مادته الرئيسية، كانت تسعى لإفراغ أوروبا الغربية من اليهود، وتحديداً يهود الشرق الذين بدأوا يهاجرون من شرق أوروبا إلى غربها.

لقد ساءَ يهود الغرب شبه المندمجين بمجتمعاتهم رؤية هذه الجحافل المهاجرة بلحاها الطويلة وأرديتها الغريبة وعاداتها المتخلفة ولغتها اليديشّية وكان لا بدّ من العمل على وضع حدّ يضمن لهم الاستفادة من هذه الجحافل بعيداً عن أوروبا الغربية. فيهود شرق أوروبا كانوا مؤهلين لتقّبل أفكار الدولة اليهودية وأرض الميعاد والأماكن المقدّسة أكثر من الغربيين وكانوا أكثر معاناة منهم أيضاً فاستغلت الدول الغربية هذه الظروف ووجدت في هذه الكتل البشرية جيشاً مؤهلاً ليكون قاعدة في الشرق هذا من جهة، ومن جهة ثانية، رأت ضرورة التخلّص من هذه العناصر المتخلفة من هذه العناصر المختلّفة والفقيرة وإبعادها عن أيّة مشاريع إندماجية، خاصّة وأنّ يهود الغرب قد خطوا خطوات سريعة في طريق الاندماج، وباتت أفكار التخلّي عن القوقعة والانعزال قاب قوسين أو أدنى. فمنذ أوائل القرن الثامن عشر وحتى أوائل القرن التاسع عشر أخذ وضع اليهود في معظم أوروبا الغربية بالتحسّن والاستقرار حيث بدأت كثير من الدول الغربية تصدر التشريعات المختلفة التي أدّت إلى عتق اليهود ومساواتهم بسائر المواطنين، ثم شهدت هذه المرحلة بدايات حركة استنارة بين اليهود كانت تهدف إلى دمجهم في مجتمعاتهم عن طريق تخلّيهم عن رؤيتهم الغيتوّية الضيّقة.([14])

من الواضح أنّ الحركة الصهيونية جاءتْ كثمرة من ثمار الفكر الاستعماري الغربي وتعبيراً عن حاجة من حاجاته. فقد أرادت الامبريالية تجمعاً بشرّياً يشكّل حاجزاً وجيشاً تستخدمه في استراتيجيتها تجاه الوطن العربي، وكانت الصهيونية جهازها العملي والموضوعي، وكان اليهود هم الأدوات العاملةلهذا المشروع. وقبل ظهور المفكرين الصهاينة اليهود كانت الصياغات الأساسية لمشروع الاستيطان والتهجير جاهزة تماماً.([15])

فخلال هذا العمل المتواصل من قبل القادة الأوروبيين الغربيين تمكنّوا من استقطاب عددٍ من اليهود الأثرياء المستفيدين من حركة الاستيطان والتوسع وهؤلاء أخذوا يتّبنون المقولات والممارسات التوسعّية الأوروبية وبلورتها في اتجاه برنامج عمل شامل لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، والأصح لإقامة قاعدة متقدّمة للغرب الامبريالي الاستعماري تمزّق وحدة العرب والاسلام. وهكذا انتقلت الفكرة من التربة الأوروبية غير اليهودية (صهيونية الأغيار) إلى التربة اليهودية. وأخذ هؤلاء المنتفعون من المشروع الصهيوني في تحريك مشاعر اليهود وحثّهم على العمل من أجل العودة إلى فلسطين بالترّغيب والترّهيب منذ أوائل الثمانينات من القرن التاسع عشر حيث تأسّست حركة (أحباء صهيون) في روسيا وبولونيا ورومانيا من أجل تمويل تهجير اليهود إلى فلسطين ومساعدة الذين هاجروا منهم على الاستيطان هناك، ثم امتدتْ إلى أوروبا الغربية وخاصة بريطانية. ([16])

======================
[1] -البُعد الدولي للقضية الفلسطينية -الدكتور محمد عزيز شكري- الموسوعة الفلسطينية - المجلد السادس القسم الثاني - الطبعة الأولى-بيروت 1990.ص8
[2] -الأحزاب الإسرائلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني - حبيب قهوجي - مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية -الطبعة الأولى 1986-ص7
[3] -التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى -خالد عايد- الموسوعة الفلسطينية- القسم الثاني- المجلد السادس الطبعة الأولى- بيروت 1990- ص535-536
[4] -استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة -حبيب قهوجي- إصدار منشورات الطلائع -دائرة الإعلام بالتعاون مع مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية -الطبعة الأولى 1978ص18
[5] -استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة . باشراف حبيب قهوجي- مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية الطبعة الأولى 1978ص18.
[6] -نفس المصدرص17
[7] -الأحزاب الإسرائليية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي- مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية -الطبعة الأولى 1986ص9-11
[8] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد -الدكتور معاوية إبراهيم-الموسوعة الفلسطينية القسم الثاني -المجلد الثاني- الطبعة الأولى- بيروت 1990ص7-9
[9] -استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلة -حبيب قهوجي-ص66-67
[10] -الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهّيوني -حبيب قهوجي-19
[11] -الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي19-21
[12] -نفس المصدر ص20-21
[13] -نفس المصدر ص17.
اليديشية لهجة من لهجات اللغة الألمانية تكثر فيها الكلمات العبرية والسلافية. وينطق بها اليهود في روسيا وبلدان أوروبا الوسطى وتكتب بأحرف عبرية.
[14] -الصهيونية -الدكتور عبد الوهاب المسيري- الموسوعة الفلسطينية- القسم الثاني- المجلد السادس- الطبعة الأولى بيروت 1990ص238-239.
[15] -استراتيجية الاستيطان الصهيوني في فلسطين المحتلّة -حبيب قهوجي-ص67
[16] -التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى -خالد عايد- الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني - المجلد السادس- الطبعة الأولى - بيروت 1990-ص537.
يتبــــع>>>

[/align]



توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12 / 02 / 2009, 26 : 11 PM   رقم المشاركة : [14]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]
تتمة: الباب الثالث - ((الصهيونية والدين اليهودي))

الفصل الأوّل

*نشأة الصهيونية:

الصهيونية اليهودّية

خلال التحرك الصهيوني الغربي المكثّف للاستفادة من اليهود في تحقيق الأهداف التوسعية والاستغلالية لعب الأثرياء اليهود المستفيدين والمتأثرين بالأفكار الاستعمارية الأوروبية دوراً هاماً في التحضير لبلورة الحركة الصهيونية، ونقلها من مجرد أفكار وطروحات إلى حركة منظمة سياسية يقودها الأثرياء والحاخامون اليهود، المتشبعون بالأفكار التوسعية والنفعيّة، وهذا ما كان صهاينة الغرب يرغبون به.
كان هناك روادّ يهود بحثوا قضية العودة وتحدّثوا عن الدولة اليهودية ودعوا إلى إحياء أرض إسرائيل. وهؤلاء الرّواد كانوا متأثرين بالأفكار الاستعمارية، ومصلحتهم تقتضي العمل على الاستفادة من العناصر اليهودية المنتشرة في أكثر بلدان العالم، وتحديداً يهود شرق أوروبا الذين كانوا في وضع اقتصادي سّييء. حيث كانوا يتعرضون لعمليات الاضطهاد السياسي والتضييق الاقتصادي.
يُعتبر البريطاني اليهودي الثّري (موسى مونتغيوري) أول من أبدى اهتماماً ملموساً في فلسطين، حيث زارها سبع مرات في الفترة مابين 1827-1875-قدّم مساعدات مالية، وبنى مدارس وعيادات واستأجر أراضيٍ زراعية ليعمل فيها اليهود، وبنى مساكن شعبية سنة 1859 خارج أسوار مدينة القدس. وبحلول سنة 1892 أنشأ أيضاً /8/ ضواحي أخرى. ([1])
وأنشأ الأثرياء اليهود الفرنسيون سنة 1860 (الاتحاد اليهودي العالمي) الذي ساهم في مجال الاستعمار الزراعي، حيث أسّس سنة 1870 أوّل مدرسة زراعية يهوّدية في فلسطين باسم (مكفيه يسرائيل). أي (رجاء اسرائيل). وذلك على مساحة قدرها (2600دونم) تابعة لقرية (يازور). بالقرب من يافا، وقام بتمويل المشروع البارون "روتشليد" والبارون "هيرش"([2])
وكان من أوائل اليهود الذين نادوا بإقامة دولة يهودية في فلسطين الحاخام (يهودا القلعي) 1798-1878، حيث نشر كتاباً دعا فيه اليهود إلى بذل نشاط خاص لاعادتهم إلى فلسطين وإحياء لغتهم المقدّسة. وقد اعتبر عودة اليهود الجماعية بداية الخلاص الذي وعد به جميع الأنبياء، وأشار إلى أنّ المسيح سيظهر بين المهاجرين الرّواد. ([3])
وأصدر اليهودي الصهيوني (تشفي هيرش كاليشر) 1795-1874كتاباً بعنوان: "البحث عن صهيون " بالعبرية سنة 1862. أكدّ فيه أنّ الخلاص لا يحتاج إلى مجيء المسيح، ودعا إلى عقد مؤتمر للأثرياء اليهود بهدف تأسيس جمعية لاستيطان أرض إسرائيل، تقوم بعملية تمويل الاستيطان اليهودي لفلسطين. ودعا الفقراء اليهود للمبادرة إلى استيطان فلسطين، وقد ساهم كاليشر في تأسيس جمعية استيطانية يهودية في فرانكفورت وأُخرى في برلين 1864(جمعية استعمار أرض إسرائيل).([4])
كما أصدر اليهودي (موسى هس) سنة 1862 كتاباً باللغة الألمانية أسماه "بعث إسرائيل" دعا فيه إلى قومية يهودية لتحرير القدس وعودة اليهود إلى وطنهم القديم، وإقامة المستوطنات في فلسطين تمهيداً لإقامة الدولة اليهودية في فلسطين تحت الحماية الفرنسية. وفي هذا يقول: "إنّ الأمم المسيحية لن تعارض إطلاقاً إنشاء وطن لليهود في فلسطين ، طالما أنّ ذلك يضمن لها التخلص من شعب غريبٍ شاذ يسبب لها المشاكل الكثيرة. إنّ من مصلحة فرنسا أن يستوطن الطريق التجاري المؤدي إلى الهند والصين شعب موال تماماً لمصالحها الاقتصادية والحضارية، وستكون فرنسا صديقتنا المخلصة التي ستعيد لشعبنا مكانته في تاريخ العالم. ([5])
ثم صدر كتاب لليهودي الصهيوني (ليوبنسكر) سنة 1882 بعنوان "التحرر الذاتي" دعا فيه إلى إقامة الأدوات التنفيذية المباشرة لبناء الوطن القومي لليهود . مع الإشارة إلى أنّ ليوبنسكر كان في بداية حياته من أنصار الاندماج في المجتمعات الأوروبية. ولكن بعد زيارة قام بها إلى لندن تنّكر لفكرة الاندماج تلبية لرغبة البرجوازية اليهودية في دول أوروبا الغربية، وقد انتخب بنسكر سنة 1884 رئيساً لحركة "أحباء صهيون"(.[6])
ومن بين الرّواد الأوائل أيضاً اليهودي (بيريز سمولينسكين) 1843-1885 الذي كرّس جهده للدعوة إلى بعث القومية اليهودية، فكتب مقالات متعددة تشير إلى ضرورة عودة اليهود إلى وطنهم القديم وحلّ المسألة اليهودية، داعياً إلى بعث القومية اليهودية في أرض الشتات بإقامة منظّمة يهودية عالمية وتوسيع قاعدة الثقافية اليهودية للأبناء على أمل الخلاص لليهود. واعتبر بيريز دعوة الاندماج انحرافاً وخيانة للتراث اليهودي، مؤكداً علىأنّه بدون العبرية لا وجود للتوراة وبدون التوراة لا وجود لشعب إسرائيل، ولقد انضمّ إلى حركة أحباء صهيون.([7])
وظهر أيضاً في هذه المرحلة اليهودي "موشيه ليلينلوم" 1843-1910، الذي دعا إلى هجرة اليهود الروّس إلى فلسطين لإقامة المستوطنات فيها تمهيداً لإقامة دولة يهودية. وفي عام 1884. جمع مقالاته وأعاد طباعتها ونشرها في كرّاس دعا فيه إلى بعث الشعب اليهودي في أرض أجداده المقدّسة، وقد انضّم إلى حركة أحباء صهيون وأصبح عضواً في لجنتها التنفيذية ونشط في دعم وتطوير مستوطناتها في فلسطين.([8])
كما كان من هؤلاء الرّواد "أليعازر بن يهودا" 1858-1922 وهو يهودي روسي تبنىّ الحل ّ القومي للمسألة اليهودية بإعلانه أنّ اليهود ظلّوا يشكّلون وحدة قومية متكاملة بفضل ديانتهم وعزلتهم ، ودعا إلى إنشاء جمعية استيطان يهودية لشراء أرض فلسطين لتوطين اليهود فيها. ([9])
نتيجة لهذا النشاط الفعّال الذي مارسه هؤلاء الرّواد اليهود من خلال كتاباتهم الكثيرة وجولاتهم المستمرة التي تستهدف الحثّ على العودة إلى فلسطين والتمّسك بالعزلة ، وضرورة بعث القومية اليهودية، ظهر عدد من المفكرين اليهود الجدد، رفدوا التّيار الأقدم ونشطوا في إبراز الجوانب النفعية لمشروع العودة والاستيطان، وقد أخذوا على عاتقهم مهّمة السعي المستمر لزرع الأفكار الصهيونية في عقول العناصر اليهودية ودفعها إلى الإنخراط في الحركة الصهيونية السياسية التي عقدتْ مؤتمرها الأول سنة 1897في مدينة بازل بسويسرا. فكان (آحاد هاعام) 1856-1927من أبرز هؤلاء الجدد، وهو يهودي روسي ومن أهم مفكرّي الصهيونية الثقافية الروحية، وقد دعا اليهود أن يعودوا إلى طبيعتهم السابقة . وإنجاز هذا الهدف بعودة اليهود مرّة أخرى كشعب عضوي باعتبار أنّهم كانوا كذلك عبر تاريخهم ويؤكد آحاد هاعام أنّ العقيدة اليهودية هي التي خلقتْ الاطار الفكري والرمزي الذي جعل بوسع اليهود أن يحتفظوا بوحدتهم العضوية وتماسكهم الإثني عبر القرون. ويرى أن اليهودية دين يؤكد أهمية العقل والجماعة، والدين عنده ليس سوى شكل من أشكال التعبير عن الرّوح القومية الأزلية.
وقد اقترح آحاد هاعام إنشاء مركز ثقافي في فلسطين تستطيع الهّوية اليهودية أن تنمو وتستمر من خلاله، وسيصبح هذا المركز بمرور الزّمن مركزاً للأمّة تستطيع ورحها أن تظهر فيه، وتتطور من خلاله لتصل إلى أعلى درجات الكمال التي بوسعها الوصول إليها ، وستشّع من هذا المركز الرّوح القومية اليهودية (العضوية) على أعضاء الأقليات في العالم، فتبعث فيهم حياة جديدة تقوّي وعيهم القومي وتوطّد أواصر الوحدة بينهم." ([10])
كما صاغ آحاد هاعام دعوته الصهيونية في مقالته "طريق الحياة" التي استعرض فيها ظروف اليهود في العصر الحديث، واستخلص منها أنّ الموت والاندثار أصبحا يهدّدان الشعب اليهودي بالذوبان التام في المجتمع المعاصر، وبمحازاة هذا الطريق هناك طريق ثانٍ هو طريق الحياة الذي يضمن لليهود البقاء عبر بناء بيت جديد في أرضهم القديمة تركّز فيه كل الطاقات الرّوحية والمادّية لاعادة بعث هذا الشعب." ([11])
أمّا المؤسّس الحقيقي للصهيونية اليهودية السياسية فهو (تيودور هرتزل) 1860-1904، الذي كان منهجه يكمن في توظيف اليهود لحلّ مشاكل الغرب والنظر إلى المسألة اليهودية كمشكلة سياسية دولية (غربية) تجتمع كل الأمم المتحضّرة أي الغربية لمناقشتها وإيجاد حلّ لها، والحلّ هو ببساطة "الخروج" كالخروج من مصر. لكن هذه المرّة سيتّم بمراقبة الرأي العام الغربي وبمعاونة صادقة من الحكومات المعنّية."([12])
لقد دعا هرتزل إلى هجرة يهودية علنية بمساعدة دولة أوروبية كبرى معتمداً على فقراء اليهود الذين يشكلّون قوة عاملة رخيصة، مشجعاً البرجوازية اليهودية على الهجرة ، لأنّها ستجد في الوطن الجديد مجالاً لممارسة حرّيتها بعيدة عن منافسة البرجوازية الأوروبية."([13])
ويعتبر كتاب هرتزل "دولة اليهود" الذي صدر سنة 1896 ذا أثرٍ كبير في تشكّل الحركة الصهيونية الحديثة وتطورها وقبل أن ينشر كتابه قام بنشاط فعّال التقى خلاله شخصيات يهودية ثريّة بحث معها مشروع الدولة اليهودية ، مثل المليونير الشهير البارون (هيرش) كما التقى مع عدد من القادة البريطانيين الصهيونيين في لندن سنة 1895، منهم (صموئيل منونتامو) الثري اليهودي والنائب في مجلس العموم عن حزب الأحرار، ودوّن إثر لقائه معه بعض الأفكار المتعلّقة بفلسطين الكبرى بدل القديمة. وحاول مراراً الاتصال بالسلطان العثماني لحثّه على منح اليهود فلسطين وفي هذا قال: "إذا منحنا جلالة السلطان العثماني فلسطين يمكننا بالمقابل تنظيم مالية تركيا بأكملها، وسنشكّل هناك جزءاً من متراس أوروبا باتجاه آسيا وقاعدة أمامية للمدنية ضدّ البربرية. وسنظل كدولة محايدة على اتصال مع أوروبا كلّها التي يتعيّن عليها أن تضمن وجودنا." ([14])
لقد قاد هرتزل المنظمة الصهيونية باتجاه نوعين رئيسيين من النشاط "بناء المؤسسات الصهيونية المختلفة الضرورية لوضع الأفكار الصهيونية التوسعية موضع الممارسة" و"إجراء الاتصالات مع كبار المسؤولين في الامبراطوريات القائمة بهدف الحصول من إحداها على الدعم الكامل لمشروع استعمار واستيطان فلسطين وإقامة الدولة اليهودية ."(.[15])
نتيجة لهذه الجهود المكثفّة التي قام بها هرتزل، تمّ عقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل بسويسرا سنة 1897. وقد حدّد المؤتمر هدف الصهيونية الأساسي وهو: "إقامة وطن لليهود في أرض إسرائيل معترفاً به وفقاً للقانون العام وذلك عن طريق إجراءات أولها "تطوير أرض إسرائيل بشكل منظّم بواسطة توطينها باليهود المزارعين والحرفيين والمهنيين." كما قرّر المؤتمر إنشاء المنظمة الصهونية العالمية، وأقرّ لوائحها التنظيمية وانتخب هرتزل رئيساً لها وللجنتها التنفيذية .([16])
لقد انخرط في الحركة الصهيونية تيارات صهيونية متعدّدة، دون أنّ يكون لهذا التعدّد أيّ تأثير على الأهداف الجوهرية المتمثلّة بإنشاء الدولة اليهودية، العميلة الموالية للغرب. فكلّها كانت تسعى لحلّ المسألة اليهودية ولو على حساب اليهود أنفسهم، وجميعها كانت استجابة للممارسات الاستعمارية الغربية، وكان التّيار الديني أشدّ التّيارات رغبة في تغليف الأطماع التوسعية بالنّصوص التوراتية والتفسيرات المعطاة لهذه النصوص. وقد عبرّ عن وجهة نظر التّيار الديني داخل الحركة الصهيونية الحاخام (صموئيل هليل إيزاكس) 1825-1917الذي كتب عن الحدود الصحيحة للأرض المقدّسة، وعن وجود دلائل تبشّرُ بإقتراب رجوع جزئي لليهود إلى الأرض المقدّسة في مستقبل قريب منها: "نشوء الحكم الدستوري -الاهتمام المتزايد بالأرض المقدّسة- ازدياد خطورة المسألة اليهودية -تعاظم الحركة الصهيونية". أمّا أرض الميعاد فيحدّدها بالاعتماد على سفر العدد الاصحاح الرابع والعشرون -الآيات من /1-12/ باعتبار تلك الحدود منحة أعطاها الرّبّ ميراثاً لليهود. ([17])
وكانت هناك تيارات واتجاهات تدعو إلى التركيز على فلسطين الكبرى أو فلسطين والبلدان المجاورة. وكان يمثلّ هذا التّيار (ديفيز تريتش) 1870-1935 الذي عالج هذا الموضوع مع هرتزل، ليُصار إلى تضمين برنامج بازل عبارة (فلسطين الكبرى، أو فلسطين والبلدان المجاورة لها."([18])
كما ظهرت تيارات أخرى متعددة منها التّيار الاقليمي الذي كان يتزعمّه (إسرائيل زانغويل) 1864-1929 وكانت أهدافه استيطانية استعمارية شأنه شأن كلّ التّيارات الصهيونية.([19])
واعتباراً من المؤتمر الصهيوني الثامن 1907 تبلور نوع من الفكر الهجين الصهيوني يجمع بين التّيارات المختلفة لخدمة المشروع الصهيوني حيث أطلق شعار (الصهيونية المركّبة) الذي أطلقه (حاييم وايزمن) الذي تزّعم المنظمة الصهيونية بعد الحرب العالمية الأولى وأقام حلفاً مع بريطانيا لأقامة ما اعتبره (ونستون تشرشل) دولة عازلة من النمط الأوروبي في فلسطين من أجل الحفاظ على الوجود البريطاني في الشرق الأوسط عامة ومنطقة قناة السوّيس خاصّة.([20])

qq

===========================
[1] -التوسعية الصهيونية -خالد عايد- الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني المجلد السادس -الطبعة الأولى - بيروت 1990ص537.
[2] -نفس المصدر 538-539
[3]-التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى -خالد عايد- الموسوعة الفلسطينة -القسم الثاني - المجلد السادس. الطبعة الأولى- بيروت 1990-ص539.
[4] -نفس المصمدر ص541 وانظراً أيضاً "الأطماع الصهيونية في القدس، تأليف عبد العزيز محمد عوض - الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني -المجلد السادس ص845
[5] -نفس المصدر /عوض/ 846.
[6] -نفس المصدر /عوض/ 846
[7] -الأطماع الصهيونية في القدس -عبد العزيز محمد عوض -الموسوعة الفلسطينية القسم الثاني -المجلد السادس الطبعة الأولى -بيروت 1990ص847
[8] -نفس المصدر ص846-847
[9] -نفس المصدر ص846-847
[10] -الصهيونية -د.عبد الوهاب محمد المسيري -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني -المجلد السادس -ص257
[11] -الصهيونية والّلاصهيونية -خالد القشطيني- الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني المجلد السادس ص775
[12] -الصهيونية -د. عبد الوهاب محمد المسيري- الموسوعة الفلسطينية القسم الثاني -المجلد السادس ص261-262
[13] -نفس المصدر من 261-262. وانظر أيضاً التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى -خالد عايد -الموسوعة الفلسطينية القسم الثاني -المجلد السادس -ص544
[14] -الصهيونية د. عبد الوهاب المسيري -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني المجلد السادس -ص261-262وانظر أيضاً -التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى - خالد عايد - الموسوعة الفلسطينية- القسم الثاني المجلد السادس -ص544
[15] -نفس المصدر -خالد عايد -ص542-544
[16] -نفس المصدر -خالد عايد -ص547-549
[17] -التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى -خالد عايد - الموسوعة الفلسطينية - القسم الثاني - المجلد السادس - الطبعة الأولى بيروت 1990. ص547-549
[18] -نفس المصدر ص 548
[19] نفس المصدر ص 549-550
[20] -نفس المصدر ص 549-550
[align=center]يتبــــع>>>[/align]
[/align]
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034

التعديل الأخير تم بواسطة مازن شما ; 18 / 02 / 2009 الساعة 13 : 01 AM.
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 02 / 2009, 02 : 07 AM   رقم المشاركة : [15]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]تتمة: الباب الثالث - ((الصهيونية والدين اليهودي))[/align][align=justify]

الفصل الثاني

الصهيونية وتوظيف الدين اليهودي:

يرد في الكتب والتعاليم الدينية اليهودية إشارات متعدّدة عن "أرض الميعاد وجبل صهيون، والأرض المقدّسة، والمسيح المنتظر الذي سيأتي في آخر الزّمان ويقود شعبه إلى أرضه، ويقيم مملكته ويحكم العالم. إلخ."

إنّ كلمة (صهيون) لها وقعها الخاص وإيماءاتها الدينية، فهي تشير إلى جبل صهيون والقدس والأرض المقدّسة ككل، ويشير اليهود أنفسهم باعتبارهم بنت صهيون. كما تستخدم للاشارة إلى اليهود كجماعة دينية. والعودة إلى صهيون فكرة محورية في النسق الديني اليهودي، فالمسيح (المخلّص) سيأتي في إخر الزمان ليقود شعبه (اليهود حصراً) إلى صهيون.. ولكلمة صهيون أيضاً ايحاءات شعرية في الوجدان الديني اليهودي، وقد وردتْ إشارات كثيرة في التوراة إلى هذا الارتباط الذي يطلق عليه عادة (حبّ صهيون) . وهو حبٌ يعبّر عن نفسه خلال الصلاة والتجارب والطقوس الدينية المختلفة. ([1])

كما ترد أفكار عن الزرع المقدّس والاختيار والتفوق والعزلة والعدوان والتوّجس من الأغيار وغيره مما ورد ذكره في فصل محتوى التعاليم الدينية اليهودية وكان اليهود في مناطقهم المعزولة (الغيتوات) يعيشون في جوّ مشبع بهذه التعاليم الضيّقة، وداخل الأحياء المعزولة هذه. يجدون كلّ أسباب التعّلق بهذه التعاليم كالمعابد والمدارس الخاصة الدينية، والمقابر والطقوس والأزياء الخاصّة والشعور المزروع في عقولهم الباطنة بأنّهم الزّرع المقدّس والشعب المختار وبأنّهم أحفاد إبراهيم وداود ويشوع وسليمان وغيرهم. وقد كان لحاخاماتهم الدور الأكبر في تكريس هذه المفاهيم الميتولوجية وتقوية الشعور بأنّ العزلة ركنٌ من أركان الديانة وبالتالي من أركان الايمان.

لقد رأى زعماء الصهيونية ضرورة المزاوجة بين (الصهيونية-اليهودية) لخلق حافز ديني روحي يقف خلف النشاطات التي تقوم بها الحركة، ويساهم في دفع حركة الهجرة اليهودية إلى فلسطين، ثم شعرت بحاجتها إلى توظيف الدّين اليهودي لمواجهة تيار الاندماج الناشط في أوساط يهود أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية الذين كانت ظروفهم الاقتصادية والاجتماعية تختلف عن ظروف يهود أوروبا الشرقية الذين تعرّضوا لعمليات اضطهاد سياسي وعدم استقرار اجتماعي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ولهذا كان لا بدّ من تكريس مقولة "وحدة ونقاء الشعب اليهودي وعدم قابليته للذوبان والاندماج في الشعوب التي يعيش ضمنها، ومقولة أبدّية العداء للسّاميّة " باستثمار المآسي التي تعرّض لها اليهود على يد القياصرة والحكام والعمل على إذكائها، بل وافتعالها لدفع اليهود للهجرة إلى فلسطين تنفيذاً للمخطط الاستعماري. ([2])

كان واضحاً لقيادة الحركة الصهيونية أنّ استمالة رجال الدّين يسهل على الحركة استخدام العامل الديني كوسيلة للترويج لأسطورة "الأمّة اليهودية" وإزالة الفوارق بين الصهيونية كحركة سياسية واليهودية كدين، وذلك لخلق رأي عام مؤيد لأهداف المشروع الصهيوني في أوساط الجاليات اليهودية في أوروبا وأمريكا تحت شعارات "العودة إلى صهيون وأرض الميعاد، والحقّ التاريخي والديني " في إنشاء "الدولة اليهودية في أرض إسرائيل التاريخية". لهذا عمدت القيادة الصهيونية إلى خلق حركة دينية صهيونية أسمتها حركة (مزراحي) سنة 1902يقودها عدد من الحاخامين في روسيا. برئاسة الحاخام (يعقوب رينز) لغزو الحركات الدينية المعارضة للفكرة الصهيونية، والتسلّل إلى صفوفها وصَرْفهَا عن توجهاتها ثمّ إحداث انقلاب داخلي يطوّعها للحركة الصهيونية وأهدافها، وفي نفس الوقت تحت دعوى الخشية من سيطرة التعليم العلماني والمفاهيم القومية العلمانية على الجانب الديني والرّوحي الأمر الذي سيؤدي إلى القضاء على الديانة اليهودية فقد كانت هناك تيارات دينية معارضة للصهيوّنية ترى بأنّ العودة إلى صهيون هي عودة روحية تتمّ بإرادة إلهّية، وإنّ أي جهدٍ بشريّ يُبذلُ لهذه الغاية هو ضربٌ من الالحاد والمخالفة للارادة الالهيّة.

لقد طرحت حركة (مزراحي) الدينية الصهيونية أفكاراً مثل (البعث القومي لشعب إسرائيل، والالتزام بالتوراة والتعليم الديني والتراث اليهودي" وكان شعار الحركة الأساسي "أرض إسرائيل لشعب إسرائيل وفق شريعة إسرائيل" وكانت المادة البشرية لها من يهود شرق أوروبا.([3])

كان من مهمات حركة (مزراحي) الدينية " الحثّ على الإلتزام بالتوراة وتنفيذ الوصايا، والعودة إلى أرض الآباء، ونشر الكتابات الدينية القومية، وتربية الناشئة بهذه الرّوح، وزرع المقولة الصهيونية التي تؤكدّ إمكانية الدمج بين اليهودية كدين تؤمن به جاليات يهودية من قوميات مختلفة. وبين الصهيونية كعقيدة سياسية. وتفريغ الإنسان من كلّ ما يربطه بوطنه الأصلي وقوميته وتهيئته للهجرة إلى فلسطين بعد تطويقه بأسس العزلة والحصار. ([4])

استطاعت هذه الحركة أن تنشئ لها /210/ فروع في روسيا وحدها. وفي عام 1905 عقد المؤتمر الدّولي لحركة (مزراحي) في "بوزني" بهنكارية تمّ فيه وضع البرنامج الداخلي للمنظمة وكانت أهم بنود البرنامج الذي أقرّه المؤتمر:

-إنّ مزراحي منظمّة صهيونية تقوم على برنامج بازل وتعمل لإعادة بعث شعب إسرائيل. وهي تعتبر أنّ وجود الشعب اليهودي يعتمد على اتباع تعاليم التوراة وعلى إنجاز الوصايا والعودة إلى أرض الآباء.

-ستبقى مزراحي ضمن المنظمة الصهيونية العالمية ، وستعمل من خلالها لتحقيق وجهات نظرها ورؤياها الخاصّة، وهي تنشئ منظمتها من أجل إدارة نشاطاتها الثقافية والدينية.

-ستكون وسيلة مزراحي للوصول إلى أهدافها، شرح أفكارها في حلقاتها الدينية، وخلق ونشر أدب وطني ديني وتثقيف الشباب بروحيّته.([5])

أنشأت حركة مزراحي عدّة فروع لها في فلسطين وبنت مدرسة "تحكموني" الدينية في يافا والتي أصبحت أهم مؤسسة ثقافية لمزراحي في فلسطين، كما أقامتْ العديد من المؤسسات الدّينية بواسطة فروعها المنتشرة في أكثر دول العالم، واعترفت الصهيونية بإشراف مزراحي على هذه المدارس ومسؤوليتها عن تنظيم المدارس الدينية واختيار المدّرسين الملائمين لها، وعن وضع مناهجها الخاصّة. وتمّ تأسيس دائرة مركزية للحركة في فلسطين من أجل تكثيف البرنامج العلمي لمزراحي، وخاصّة في مجال التعليم والثقافة وتنسيق ذلك العمل مع الجهود التي تبذلها الحركة في الخارج.([6])

وبعد الحرب العالمية الأولى وصدور وعد بلفور، عاودتْ مزراحي نشاطها وبكثافة في أوروبا حيث شرعتْ في تهجير اليهود إلى فلسطين، كما قامتْ بتأسيس فروع جديدة لها مع حركات شبابية في العديد من الأقطار، وأقامت شبكة من المدارس الدينية في بولندا وليتوانيا ولتفيا. وفي تلك الفترة بدأت مزراحي تلعب دوراً متزايداً في أوساط "اليشوف" اليهودي في فلسطين وفي هياكله التشريعية والتنفيذية. ([7])

وتمّ سنة 1922 تنظيم وإنشاء "عمّال مزراحي" في فلسطين، وهو تنظيم عمّال أنشئ بعد أن حملت موجة الهجرة الثالثة مجموعة من شباب مزراحي من بولندا، والذين أنشأوا ما يسمّى بجماعة "توراة هعفورا" أي التوراة والعمل. وقد تطورتْ هذه المجموعة إلى منظّمة "هبوعيل مزراحي" أي عمّال مزراحي حيث افتتحتْ فروعاً لها في يافا والقدس وبتاح تكفا وريشون لتسبون وكان برنامجها على النحو التالي:

- تسعى هبوعيل مزراحي إلى بناء البلد في انسجام مع تعاليم التوراة ومع التقاليد الدينية من خلال العمل.

-تستهدف هبوعيل مزراحي أن ينشأ أعضاؤها على أُسس مادّية وروحية ثابتة من أجل تطوير العاطفة الدينية عند العمال، وتمكينهم من العيش كعمّال متدّينين.([8])

هاتان المنظمتان "مزراحي وهبوعيل مزراحي" اتحدتا أخيراً ونتج عنهما "الحزب الوطني الديني" همفدال" عام 1956. وقد سعى هذا الحزب ومنذ السنوات الأولى لقيام الكيان الصهيوني إلى فرض سيطرته على الحياة الاجتماعية في إسرائيل. حيث مارس كل الضغوط من أجل الهيمنة الكاملة على الشؤون الدينية، وطالب باستمرار الإشراف على قضايا "السبت والأعياد الدينية، وربط قضايا الارث والطلاق باستمرار والزواج والحلال والحرام بالقوانين الدينية". وأيضاً ربط مختلف جوانب الحياة اليهودية بهذه القوانين، وقد أعطت سيطرة هذا الحزب على المؤسسات التربوية الدينية ونشاطاته الاستيطانية والاقتصادية المتنوعة له قوة ونفوذاً سياسيين جعلا الأحزاب الحاكمة في إسرائيل تحرص باستمرار على استرضائه وإشراكه في الحكم . ([9])

وحزب المفدال هذا، يؤكد باستمرار على ضرورة استناد التشريع الاسرائيلي إلى قانون "التوراة" وإلى "التراث اليهودي" ويرى في الحاخام الرئيسي أعلى سلطة في الدولة. وهذا الحزب أفرز العديد من الكتل والحركات الفاشية مثل "غوش أمونيم" وكاخ ، وهتحيا" وغيرها. التي تمارس الأعمال العدائية ضدّ السكان العرب وتدافع عن سياسة القبضة الحديدية، وتدعو باستمرار إلى استخدام القوّة في التعامل مع الدول العربية وإلى التمسّك بالأراضي المحتّلة باعتبارها أجزاء مقدّسة من أرض إسرائيل.([10])

في المؤتمر الثالث لحزب "المفدال" الذي انعقد عام 1968 أي بعد عام واحد على احتلال الضّفة الغربية وقطّاع غزة وسيناء والجولان كانت أبرز المقرّرات السياسية هي: "إنّ الحزب الوطني الديني يُقّيم الانجازات السياسية والأمنية التي حقّقها الجيل الحالي في أرض إسرائيل كبداية على طريق تحقيق الارادة الالهية ومن أجل التحرير الكامل للشعب اليهودي في أرض أجداده"

وفي المؤتمر الخامس الذي انعقد في أيار 1978 طالب هذا الحزب حكومة بيغن بتنفيذ مشروع استيطاني واسع الأبعاد في جميع أرجاء أرض إسرائيل بما في ذلك "الضفة الغربية، والجولان، وقطّاع غزّة" كما طالب بتحويل المستوطنات المؤقتة القائمة في الضّفة الغربية والجولان إلى مستوطنات دائمة. ([11])

إلى جانب حركة مزراحي الدينية الصهيونية كانت هناك حركة دينية أُخرى أكثر تطّرفاً وتشدّداً تدعى "أغودات يسرائيل" التي تأسّست عام 1912 في "كاتوتيز" في سيليسيا العليا، وكان برنامجها "توحيد شعب إسرائيل حسب تعاليم التوراة بجميع مظاهر الحياة، الاقتصادية والسياسية والرّوحية.". ثمّ بدأتْ هذه الحركة تتوسع في نشاطها منذ مطلع العشرينات، حيث انبثق عنها سنة 1922 حركة عمّالية في بولونيا دعيتْ "عمال أغودات يسرائيل" بهدف الحدّ من ميل العمال اليهود نحو الأفكار العلمية والاشتراكية. وفي عام 1937 برز التحوّل الجذري في مواقف هذه الحركة باتجاه الانسجام مع أهداف ومبادئ المنظمّة الصهيونية العالمية، فتحولت كلّياً من حركة توراتية مناوئة للصهيونية إلى حركة دينية مؤيده للصهيونية، ومنسجمة مع أهدافها، وغدتْ حركة عنصرية متزّمتة تلعب كغيرها من الحركات الدينية دوراً خطيراً في تربية الناشئة داخل الكيان الصهيوني على روح الكراهية والعنصرية ضد السكان العرب. ([12])

عند قيام الكيان الصهوني عام 1948تحوّلت حركة "أغودات يسرائيل" والفرع العمالي، إلى حزب سياسي صار يشارك في المجالس البلدية والمحلية ويسعى لفرض الشريعة التوراتية على الحياة العامّة في اسرائيل، وكانت معركته الأساسية في مجال التعليم، وقد استمرّ هذا الحزب يخوض الانتخابات ضمن الجبهة التوراتية حتى عام 1960 حيث انفصل عنه الفرع العمالي الذي أخذ يشارك في الحكومة الصهيونية.([13])

لقد ظهرت حركات دينية متطرفة كثيرة بعد قيام الكيان الصهيوني، انشقتْ عن الأحزاب الدينية، وهذه الحركات تلقى الدعم الكامل من الحركة الصهيونية نظراً لأنّها تتحرك ضمن إطار أهدافها ومشاريعها العدوانية والتوسعية.

فعن حزب "المفدال" انشّقتْ عام 1981 حركة "تامي" أي "تقاليد اسرائيل" وقد حصلت هذه الحركة على امتيازات في حكومة بيغن، التي تشكّلتْ بأغلبية بسيطة وبدعم الأحزاب الدينية ، وقد احتلّ زعيمها (أهرون أبو حصيرة منصب وزير الأديان، كما احتلّ الرّجل الثاني فيها (أهرون أوزان) منصب نائب وزير الاستيعاب.([14])

ثمّ ظهرت حركة جديدة عام 1984 تدعى "شاش" وقف على رأسها حاخامون منشقّون عن حزب "أغودات يسرائيل" وقد حصلتْ هذه الحركة على أربعة مقاعد في الكنيست أثناء انتخابات 1984. وخلال فترة تشكيل الحكوكة الاسرائيلية حصلت على حقيبة وزارة الداخلية بشخص الحاخام (يتسحاق بيرتش) .([15])

وخلال المعركة الانتخابية عام 1984 ظهرت حركة "موراشاه" أي "حرّاس التوراة" من تجّمع حركات دينية منشّقة تجمعها صفة التّطرف والتشدّد الديني منها: "حركة متسادا" المنشّقة عن حزب المفدال، وحركة "أوروت" التي يقودها (حنان بن بورت). ([16])

لقد نجحتْ الصهيونية في توظيف الدين اليهودي لصالح أهدافها ومشاريعها التوسعية والتسلّطية، بعد أن لمستْ تأثير التربية الدينية على عقلية النشء اليهودي. فاستغّلتْ التعاليم التوراتية التي تشير إلى صهيون، والأرض المقدّسة، وهيكل الرّب وغيره.. وطرحتْ نفسها كحلّ بديل لما يسمّى بالمسألة اليهودية. فرفضت فكرة الاندماج بالشعوب رغم موافقتها على الخروج من قوقعة الغيتو، ورفعتْ فكرة الغيتو الدّولي الكبير في فلسطين العربية الذي يحقّق لها مصالحها الدائمة في استغلال خيرات الوطن العربي ومنع أيّة محاولة وحدوية عربية من شأنها الوقوف في وجه أطماعها التوسعية والاستعمارية..

qq
===============================
[1] -الصهيونية -الدكتور عبد الوهاب محمد المسيري - الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد السادس الطبعة الأولى -بيروت 1990ص231
[2] -الأحزاب الاسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي- مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية -الطبعة الأولى -دمشق 1986-ص167-168
[3] -نفس المصدر ص50-54
[4] -الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي - مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية -الطبعة الأولى -دمشق 1986-ص50-54
[5] -نفس المصدر ص 168-171
[6] -نفس المصدر ص 174-175
[7] -الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي- ص 174-175
[8] -نفس المصدر ص176-179
[9] -نفس المصدر ص 190-193
[10] -الأحزاب الإسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي- ص190-193
[11] -نفس المصمدر ص 192-193
[12] -نفس المصدر ص52-54
[13] -الأحزاب الاسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -حبيب قهوجي-ص197-200
[14] -نفس المصدر ص 200
[15] -نفس المصدر ص 204
[16] -نفس المصدر ص 204
يتبــــع>>>
[/align]
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17 / 02 / 2009, 53 : 08 PM   رقم المشاركة : [16]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

[align=justify]
تتمة: الباب الثالث - ((الصهيونية والدين اليهودي))
الفصل الثالث
التعليم الصهيوني وأهدافه .

q بناء الشخصية اليهودية صهيونيّاً:
q استحضار التاريخ :
q تزييف الآثار العربية في فلسطين:


q بناء الشخصية اليهودية صهيونيّاً:
خلف شعار "الثقافة الوطنية الدينية" ومن خلال شبكة واسعة من المدارس الدينية والمؤسسات التعليمية التي انتشرت في الأوساط اليهودية في مختلف البلدان وفي الكيان الصهيوني تسعى الصهيونية لخلق جيل يهودي متعصّب منغلق نفسياً ودينياً مشارك للأوساط الصهيونية "العلمانية" الأخرى في تنفيذ المشروع الاستيطاني وترجمة الأفكار الغيبية المثيولوجية إلى واقع.
إنّها تنمّي الشخصية اليهودية على العدوان والتسلّط واحتقار الأغيار والعمل على التمسّك بالأرض باعتبارها أرض الأجداد التي ورّثهم إيّاها الاله شخصياً، وذلك من خلال المناهج التعليمية الدينية والمدنية في المدارس والمعاهد والمؤسسات الدينية المنتشرة في كلّ مكان. وتلعب الحركات الدينية الصهيونية دوراً بارزاً وهاماً في عملية التربية والتعليم الديني. وفي الحياة السياسية والاجتماعية الداخلية في إسرائيل الآن.
الدراسة الدينية تحتلّ مكاناً بارزاً في مناهج التعليم عموماً. وكثير من الموضوعات التي تعالج تحت أسماء مختلفة "كالوطن والتاريخ والجغرافية واللغة العبرية" تدرس من الزّاوية الدينية، وتؤكّد هذه المناهج على تنمية الوعي والحسّ اليهودي لدى الأطفال بقصد زيادة التركيز على صلة الطالب اليهودي بتراثه القديم من خلال دراسته الدينية.
ويتمّ التركيز في هذه المناهج على زرع الأفكار الدينية في عقول الناشئة لتبرير وجود رابطة دينية بينهم وبين أرض فلسطين ممّا يعطيهم الحقّ في بناء دولة لهم فيها، ويروجوّن أنّ إقامة دولة يهودية في فلسطين هو تحقيق لما جاء في التوراة فالرّب قد اختار الشعب اليهودي واختار الأرض. وما دام هذا الاختيار إلهّياً فإنّه يعطي امتيازاً للأرض وللشعب الموعود بها أيضاً. وبذلك تكون أرض إسرائيل مخصّصة لبني إسرائيل وحدهم دون غيرهم.( [1])
كما يتمّ التركيز أيضاً على أنّ الحياة اليهودية في فلسطين لم تنقطع منذ أيام الرّومان إلى العصور الحديثة. وأنّ دولة إسرائيل هذه أُنشئت في بلادٍ قطنها المحتلّون والغزاة العرب طوال /1300/سنة . وأنّ عودة المهّجرين اليهود من كافة أنحاء العالم وتوطينهم في فلسطين تحت ستار العودة إلى أرض الوطن التاريخي ليس باعتبارهم غرباء عن هذه الأرض بل باعتبارهم سكّانها الأصليين الذين ظلّوا بعيدين عنها طوال العهود السابقة.([2])
وفي كتاب "التعليم في إسرائيل" للدكتور منير بشور وخالد مصطفى الشيخ يوسف. نجد تفصيلات عن هذه المناهج والمواد التي تدّرس في المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية والدراسات العليا في المنهجين المدني والديني والسّاعات المقرّرة لكل موضوع، ونأخذ مثالاً على ذلك "منهاج المدرسة الإبتدائية الدينية والمدنية:


الصف الأوّل (بنوعيه الديني والمدني)
الموضوع........................................... ......................... الساعات المقرّرة
- اللغة: وتشمل (قصص التوراة، معرفة البلاد، الصحّة، الصلاة والشرائع الدينية..... 10-12
- الفن والحرف................... 6-8
- الحساب.......................... 4
- الرياضة والألعاب............. 2

الصّف الثاني :

التعليم المدني.
الموضوع................... الساعات المقرّرة
-التوراة................................5
اللغة، معرفة البلاد الطبيعية.......6
-الفن والحرف........................5
-الحساب...............................4
-الرياضة والألعاب...................2
-النشاطات الاجتماعية..............2

التعليم الديني
الموضوع................ الساعات المقرّرة
التوراة والصلوات .................11
-اللغة- معرفة البلاد الطبيعية.....4
-الفن..................................3
-الحساب..............................4
-الألعاب...............................2

الصّف الثالث

التعليم المدني
الموضوع......................السّاعات المقرّرة
-التوراة والهاغادا.....................4
-اللغة العبرية..........................5
-الطبيعة ومعرفة البلاد...............2
-الحساب................................4
-الرياضة والألعاب....................2
-الحرف.................................2
-الزراعة...............................2
-الفنون.................................1
-الموسيقى.............................1
-النشاطات الاجتماعية...............1

التعليم الديني
الموضوع......................السّاعات المقرّرة
-التوراة والأحاديث الدينية..........7
-اللغة العبرية.........................3
-الطبيعة ومعرفة البلاد..............2
-الحساب...............................3
-الرياضة والألعاب...................2
-الفنون والحرب: للبنات............3
-للصبيان...............................2
-الصلوات والشرائع: للبنات.......4
-للصبيان...............................5
-الزراعة...............................2

الصّف الرابع

التعليم المدني
الموضوع.................الساعات المقرّرة
-التوراة والهاغادا...................5
-اللغة العبرية.........................5
-الطبيعة ومعرفة البلاد.............3
-الحساب...............................4
-الرياضة والألعاب...................2
-الحرف................................2
-الفن والموسيقى....................2
-النشاطات الاجتماعية..............1


التعليم الديني
الموضوع........................الساعات المقرّرة
-الصلوات والشريعة اللغوية.......6
-اللغة العبرية.........................3
-الطبيعة ومعرفة البلاد..............2
-الحساب...............................3
-الرياضة والألعاب...................1
-الحرف................................1
-الموسيقا..............................1
-الفن....................................1
-التوراة.................................6
-الزراعة...............................2

وينطبق هدف التعليم الرسمي الاسرائيلي الذي حدّده قانون التعليم الرّسمي على التعليم العربي أيضاً ليبتعد المواطن العربي عن ثقافته وتنمحي هويته وشخصيته. فمنهاج التاريخ الذي يبدأ منذ الصّف الخامس يشتمل على الموضوعات التالية:
-تطوير الحياة في الشرقين الأدنى والأوسط.. خمس حصص.
-العبرانيون، عشر حصص
-الامبراطورية الفارسية ثلاث حصص
-الجزيرة العربية، خمس حصص
-اليونان، سبع حصص.
كما تدرسّ بقية موضوعات المنهاج من زاوية علاقتها باليهود في فلسطين فمثلاً، في دراسة تاريخ الجزيرة العربية القديم، يركّز المنهاج على انتشار المستوطنات المزدهرة اليهودية في الجزيرة ولا سيّما في الجنوب كاليمن وحضرموت والحجاز وبنو قريظة وبنو قينقّاع وخيبر ووادي القرى ويثرب أو المدينة المنوّرة، ثمّ يهود الحميريين ويوسف ذو نواس . ([3])
أمّا في دراسة الأمبراطورية الفارسية فيجري التركيز على "كورش" وتصريحه لليهود بالعودة إلى إسرائيل ثم بناء الهيكل الثاني. وفي دراسة اليونان يركز المنهاج على مقاومة اليهود في إسرائيل لانتشار الديانة اليونانية بينهم، ثورتهم على اليونان، المكابيون. يهودا المكابي وانتصاراته إلخ. أي أنّ تاريخ الصف الخامس يدور حول العبرانيين، ويهدف إلى ترسيخ الاعتقاد أنّ فلسطين بلد يهودّي منذ القديم. ([4])
وفي منهاج التاريخ للصف السادس يكّون التاريخ الاسلامي 56% من مقرّر التاريخ، لكن يتمّ التركيز في هذا المنهاج على الخلافات في التاريخ الاسلامي بين علي ومعاوية والخلافات بين الفرق الدينية والصراع بين الأمويين والعباسيين كما يفرد المنهاج فصلاً لما يسّميه بالجهود اليهودية في الحضارة الاسلامية مثل التعاون بين اليهود وبين العرب في المجالات السياسية والثقافية ولا سيّما في الأندلس وفي مصر الفاطمية، والأمويين، وموسى بن ميمون وشلومو بن جبيرول.([5])
وفي التطرق إلى الرومان والبيزنطيين يركّز على الشخصية اليهودية في فلسطين متجاهلاً الشعوب الأخرى هناك. فتجسّم ثورات اليهود ضد الرومان والبيزنطيين بشكل بارز لإعطائهم صفة الشعب الحيّ المقاوم للغزو الحضاري. ([6])
أمّا في كتب الاجتماعيات المقرّرة للطلاب العرب في المرحلة الالزامية فتبرز سياسة التهويد تماماً. هذه السياسة تقوم على إيهام الطالب العربي بأنّ فلسطين أرض يهودية منذ القدم، والعمل على طمس معالم عروبتها، وتظهر هذه الناحية في جميع مواد المنهاج وتعبّر عنها كتب الاجتماعيات بعدّة طرق منها :
-استبدال جميع أسماء الأماكن والأنهار بأسماء عبرية مثل "صفات بدلاً من صفد، وبيت شأن بدلاً من بيسان ووادي هبور بدلاً من وادي غزّة وجبال يهوذا بدلاً من جبال القدس والخليل".
-محاولة إظهار علاقة تاريخية بين الأماكن الجغرافية في فلسطين وبين العبرانيين.
-توجيه الطلاب لما يوهم بأنّ فلسطين يهودية منذ القدم والشعوب الرومانية والبيزنطية والفرس والعرب هم غزاة .
وتقوم أيضاً هذه السياسة على تهيئة نفسية الطلاب العرب لنوايا اسرائيل التوسعية وإيهامهم بأنّ هذا التوّسع أمرّ طبيعي، كما تسعى للحطّ من شأن العرب اجتماعياً واقتصادياً وإظهار تأخرهم ، وإضعاف ثقة الطالب العربي بنفسه وبقومه. وتصوير التاريخ العربي وكأنّه عمليات غزو وقرصنة للبلدان التي احتلوها والتأكيد على الخلافات بين الخلفاء والأمراء والشعوب والطوائف المختلفة.([7])
إنّ فلسفة التعليم الصهيوني قد بنيتْ أصلاً على تلقين التراث الديني اليهودي وإفهام الطلاب بأنّ الحضارة البشرية هي نتاج مشترك بجهود الشعب اليهودي. وقد عبرّ الكاتب اليهودي (موشيه مينوحين) الذي تخرّج من المدرسة الثانوية اليهودية الأولى "الجمنازيوم" عن الرّوح التي تبثّها المدارس اليهودية قائلاً: "منذ أول سنوات دراستنا في الجمنازيوم. كنا نتلّقى يومياً خطباً لا تنتهي عن واجباتنا المقدّسة نحو أمتنا وبلادنا وأرض آبائنا وكان يقرع قلوبنا الفتّية أنّ أرض آبائنا يجب أن تخلص لنا نظيفة من الكفّار العرب وأنّه يجب أن تسخّر حياتنا لخدمة أرض آبائنا وللقتال من أجلها.". ([8])
==============================
[1] - جاء في كتاب أصدره الحاخام ميمون عام 1937 "وميمون هو أول وزير للشؤون الدينية في إسرائيل" إنّ الرباط بين إسرائيل وأرضها ليس كالرباط الذي يشدّ جميع الأمم إلى بلادها وأوطانها، فهو لدى تلك الأمم وفي أجلى مظاهره رباط سياسي علماني خارجي وعرضي مؤقت بينما الرباط القائم بين الشعب اليهودي وبلاده كناية عن سرّ خفي من القداسة". انظر قضية فلسطين في ضوء القانون الدولي .حسن الحليي
[2] -التعليم في إسرائيل -الدكتور منير بشور وخالد منير بشور وخالد مصطفى الشيخ يوسف -مركز الأبحاث. منظمة التحرير الفلسطينية.
الهاغادا: هي التراث الشعبي العبراني المسّتمد من التلمود.
[3] -التعليم في إسرائيل -الدكتور منير بشور وخالد مصطفى الشيخ يوسف. مركز الأبحاث منظمة التحرير الفلسطينية-ص101-104
[4] -نفس المصدر ص 206
[5] -نفس المصدر ص 208
[6] -التعليم في إسرائيل -الدكتور منير بشور وخالد مصطفى الشيخ يوسف. ص208
[7] -نفس المصدر 208-211
[8] -الفكر السياسي الفلسطيني بعد عام 1948 -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني -المجلد الثالث الأستاذ الياس سحاب . الطبعة الأولى بيروت 1990ص614
يتبــــع>>>
[/align]
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18 / 02 / 2009, 59 : 12 AM   رقم المشاركة : [17]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

رد: حصريا: كتاب اليهودية بين النظرية والتطبيق

تتمة: الباب الثالث - ((الصهيونية والدين اليهودي))
الفصل الثالث
التعليم الصهيوني وأهدافه .


q استحضار التاريخ :
[align=justify]
إنّ قادة إسرائيل يوجّهون المفهوم التاريخي بما يتفق وأهدافهم التي منها "وحدة الشعب اليهودي، وحفظ ذاتية الشعب اليهودي، والسيطرة الدائمة على الأرض العربية، ولهذا فهم يتسترون وراء التعاليم الدينية لتبرير سلوكهم ووجودهم. هذه التعاليم التي تحثهم على الاستعلاء والتوّجس من الأغيار. والانكماش، وتنّمي فيهم روح العدوان والتسّلط والتأكيد على الإرث الإلهي والأرض الموعودة والحق التاريخي والزرع المقدّس إلخ.
لهذا فهم يستحضرون التاريخ دوماً ويستشهدون بتراثهم الغيبي الميتولوجي في كل المناسبات. ويؤكدون على ضرورة تنفيذ كل ما جاء في التوراة، حتى أنّهم يعتبرون أي انتصار لهم هو تأكيد لماورد في التوراة.
في حديقة الحيوانات الواقعة في القسم الاسرائيلي من القدس تتواجد الحيوانات التي استّحقت شرف ذكرها في التوراة، فعلى كلّ لوحة عُلّقت على القفص كتب اسم الحيوان وإلى جانبه اقتباس مناسب من التوراة "تذكّر، تنّزه تعلّم" وفي كل مكان في إسرائيل يبرز الاقتباس التالي من التوراة: "هاهي أرضكم يا أبناء إسرائيل".
وقد اعتاد القادة الاسرائيليون في خطبهم وكلماتهم أن يستشهدوا بالتوراة، ففي خطاب على الطلبة والشبيبة ألقاه بن غوريون يقول فيه: "إنّ خريطة اسرائيل ليست بخريطة بلادنا. لدينا خريطة أخرى وعليكم أنتم طلبة وشبيبة المدارس اليهودية أن تجسّدوها في الحياة وعلى الأمّة اليهودية أن توّسع رقعتها من الفرات إلى النيل."
وأكدّ بن غوريون مرات كثيرة قائلاً: "ليفهم الجميع بأنّ إسرائيل قامتْ عن طريق الحرب. وسوف لن ترضى بتلك الحدود التي وصلت إليها ، وسوف تمتدّ الامبراطورية الاسرائيلية من الفرات إلى النيل."
وفي رسالة موّجهة إلى الجيش الاسرائيلي في 7 تشرين الثاني 1956 بعد انتهاء العدوان الثلاثي على مصر. قال بن غوريون: "لقد أنجزتم أشياء ربّما كانت أهم من أي مسألة في السياسة أو الدفاع. لقد أعدتمونا إلى أعظم لحظات حياتنا الحاسمة في تاريخنا. لقد أرجعتمونا إلى المكان الذي أُعطينا فيه القانون. وفيه كلّفنا الرّبّ بأن نكون شعباً مختاراً. لقد رأينا أمام أعيننا الآيات التي لاتموت تحيا من جديد، الآيات التي تنبئنا عن رحيل أجدادنا من مصر وعن وصولهم إلى صحراء سيناء."([1])
إنّ سفر يشوع يستخدم للإعداد النفسي للجنود الأغرار في الجيش، وهو من النصّوص المقرّرة في مدارس إسرائيل ولهذا يقول بن غوريون: "إنّي أعتبر يشوع بطل التوراة".
وعن سفر يشوع أجرى العالم الأمريكي هـ تامارين استفتاءً أعدّه في إسرائيل في عدد من المدارس، استخدم فيه 1066 استمارة ذات محتوى واحد أجاب عليها كتابة /563/ فتىً و /503/ فتيات من مختلف الصفوف والمدارس، وقد تطرقتْ الاستمارة لسفر يشوع بن نون الذي يدرّس في المدارس الاسرائيلية من الصّف الرابع وحتى الثامن. وقد ورد في الاستماره الأسئلة التالية:
-إنّك تعرف جيداً المقتطفات التالية من سفر يشوع: "فهتف الشعب وضربوا بالأبواق وكان حين سمع الشعب صوت البوق أنّ الشعب هتف هتافاً عظيماً فسقط السوّر في مكانه وصعد الشعب إلى المدينة كلّ رجلٍ مع وجهه وأخذوا المدينة وحرّموا كلّ ما في المدينة من رجل وإمرأةٍ من طفلٍ وشيخٍٍ حتى البقر والغنم والحمير بحدِّ السّيف"
"وأخذ يشوع مقيدة في ذلك اليوم وضربها بحدِّ السّيف وحرّم ملكها هو وكلّ نفس بها لم يبقِ شارداً وفعل بملك مقيدة كما فعل بملك أريحا ثم اجتاز يشوع من مقيدة وكلّ إسرائيل معه إلى لبنة وحارب لبنَة فدفعها الرّبّ هي أيضاً بيد إسرائيل مع ملكها فضربها بحدّ السّيف وكلّ نفسٍ بها لم يبق شارداً وفعل بملكها كما فعل بملك أريحا." .
أجب من فضلك على السؤالين:
1- هل تعتقد أنّ يشوع بن نون والاسرائيليين قد تصرفوا تصرفاً صحيحاً أو غير صحيح اشرح لماذا لديك مثل هذا الرأي بالذات.
2- لنفرض أنّ الجيش الاسرائيلي قد احتلّ خلال الحرب قرية عربية. فهل هو جيد أو سيئ أن يتصرّف على هذا النحو مع سكان هذه القرية كما تصرّف يشوع بن نون مع شعب أريحا.. واشرح لماذا؟
وزعتْ هذه الاستمارة في مدارس تل أبيب وقرية بالقرب من الرّملة وفي مدينة شارون ومستعمرة معو تشد، وهذه بعض الأجوبة:
كتب تلميذ من مدرسة في مدينة شارون: "كان هدف الحرب هوالاستيلاء على البلاد من أجل الاسرائيليين، ولذلك فقد تصرف الاسرائيليون تصرّفاً حسناً باحتلالهم المدن وقتلهم سكانها. وليس من المرغوب فيه أن يكون في إسرائيل عنصر غريب. إنّ النّاس من مختلف الأديان يمكن أن يؤثروا تأثيراً لا حاجة إليه على الاسرائيليين"
وكتبت فتاة من مستعمرة معو تشد: "لقد تصرّف يشوع بن نون تصرّفاً حسناً بقتله حميع النّاس في أريحا ذلك لأنّه كان من الضروري احتلال البلاد كلّها ولم يكن لديه وقت لأضاعته على الأسرى.".
كانت الأجوبة من هذا النوع تشكّل ما بين 66-95% حسب المدرسة والمستعمرة أو المدينة.
وعلى سؤال هل يمكن في عصرنا تصفية جميع سكان قرية عربية محتلّة أجاب 30% من التلاميذ بشكل قطعي "نعم" وفيما يلي بعض ما كتبه الأولاد:
-أعتقد أنّ كل شيء قد جرى بشكل صحيح إذ أنّنا نريد قهر أعدائنا وتوسيع حدودنا. ولكنّنا نحن أيضاً قتلنا العرب كما فعل يشوع بن نون والاسرائيليون". الصف السابع.
وكتب تلميذ من الصّف الثامن: "في رأيي ينبغي على جيشنا في القرية العربية أن يتصرف مثل يشوع بن نون لأنّ العرب هم أعداؤنا ولذلك فهم حتى في الأسر، سيفتشون عن إمكانية ليبطشوا بحراسهم.".
هذه فقط بعض الثمار المحسوسة للتعليم الصهيوني كما قال يوري إيفا نون والتي لم تنضج تلقائياً وإنّما نمتْ على الشجرة الحقيقية للأيديولوجية الصهيونية.([2])
ولا يكتفي القادة الإسرائيليون والصهاينة بترديد العبارات التوراتية بل يتنبأون من خلالها للمستقبل فنقرأ في مذكرات بن غوريون 1948 قوله:
"إن لبنان هو عقب أخيل، أي نقطة الضعف في الحلقة العربية، إنّ التفوق العددي للمسلمين في هذا البلد تفوّق مصطنع ويمكن أن تنعكس الاية. وهكذا يجب أن تقام دولة مسيحية في لبنان تكون حدودها عند نهر الليطاني، وسنوّقع معاهدة تحالفية مع هذه الدولة، وحينما نقضي على قوة الدول العربية وندمّر عمّان سننظف الضفة الغربية وبعد ذلك ستسقط سورية. وإذا تجرأت مصر على اعلان الحرب فسوف نقصف بور سعيد والاسكندرية والقاهرة. وهكذا سننهي الحرب ونثأر لأجدادنا من مصر وآشور وكلده.".([3])
ثم يقول بن غوريون في المؤتمر الصهيوني العالمي الخامس والعشرين 1961: منذ أن قامتْ دولة إسرائيل وفتحتْ أبوابها لكل اليهود الراغبين في القدوم إليها، فكل يهودي متدّين، يعصي كلّ يوم ببقائه بعيداً في الشتات تعاليم يهوديته وتوراة إسرائيل.. إنّ اليهود خارج إسرائيل لا ربّ لهم."([4])
ونقرأ تصريح إيغال آلون الذي يتخذّ من التوراة مثله الأعلى:
"إذا نحن رجعنا إلى التوراة وجدنا أنّ الجولان ليس أقلّ إسرائيلية من حبرون (الخليل) أو سيشيم (نابلس) يجب أن يؤلف نهر الأردن الحدود الغربية لاسرائيل"([5])
ثم نقرأ قول غولدا مائير: "لقد قام هذا الوطن إنجازاً لوعد قطعة لنا الّله نفسه، ومن المضحك حقاً أن يطلب أحد تبريراً شرعياً لوجود هذا الوطن."([6])
ويقول موشي دايان: "إذا كنّا نملك التوراة، ونعدّ أنفسنا شعب التوراة، فلا بد إذن أن نملك الأراضي التوراتية، أي أرض القضاة والآباء الروّحيين وأورشليم وحبرون وأريحا وغيرها.".([7])
وبعد حرب 1967 يصّرح موشي دايان قائلاً: "لقد تحقّق حلم آبائنا في الوصول إلى الحدود التي منحنا إيّاها قرّار التقسيم. أمّا جيلنا فقد وصل إلى حدود عام 1949. وأمّا جيل حرب الأيام الستة فقد وصل إلى حدود قناة السويس والأردن ومرتفعات الجولان. ولكن الشّوط لم ينته ها هنا فنحن سنتخطّى الحدود التي رسمها قرار وقف إطلاق النّار لنصل إلى الأردّن وقد نصل إلى لبنان ووسط سورية.". ([8])
وحين سُئلتْ غولدامائير عام 1972 في مقابلة صحفية" ما الحدود التي ترين أنّها ضرورية لأمن إسرائيل؟ أجابت بقولها: "إذا كنت تريد بسؤالك أنّ هناك حدوداً رسمناها لدولتنا فهذا مالم نفعله بعد، وسنفعله عندما يؤون الأوان. ولكن من الثوابت في السياسة الاسرائيلية أنّنا لن نرجع إلى حدود عام 1967 في حالة عقد اتفاق للسلام. فلا بدّ من تعديل في الحدود. نريد تغييراً للحدود، بل لكل الحدود بغية الحفاظ على أمننا."([9])
ونقرأ قول بيغن: "لقد وُعدنا بهذه الأرض فلنا فيها ملءُ الحق"([10])
وحينما وقع الاجتياح الاسرائيلي للبنان، أَعلنتْ هيئة التبشير الدينية العسكرية (الحرب المقدّسة). وكان الموضوع الرئيسي الذي طرحه الحاخام العسكري برتبه النقيب: "يجب أن لا ننسى الأصول التوراتية التي تبرّر هذه الحرب ووجودنا هنا بسببها. إنّنا نؤدي ونحن واجبنا الدّيني كيهود. إنّ الواجب الديني كما في تقاليدنا المقدّسة هو احتلال الأرض من العدو.".([11])
كما أصدرت الحكومة الاسرائيلية عام 1983 بعد مذابح لبنان سلسلة من ثلاثة طوابع بريدية (لاحياء ذكرى يشوع) الطابع الأول مخصّص لعبوره الأردن. والطابع الثاني مخصّص لاحتلال أريحا، أمّا الثالث فيمثّل يشوع وهو يّوقف الشمس ليتمكن من إنجاز المعركة والقضاء على خمسة ملوك كنعانيين. ([12])
وفي خطاب لاسحق شامير أمام الكنيست الاسرائيلي بتاريخ 20/10/1986 أكدّ فيه أنّ حكومته ستعمل على تكثيف المستوطنات اليهودية على كامل أرض اسرائيل الكبرى، وأنه لا يوجد أي فرق بين المناطق الاسرائيلية إذ لا يوجد في فلسطين إلاّ شعب واحد هو شعب إسرائيل ولا أرض إلاّ أرض واحدة هي أرض إسرائيل."([13])
إنّ برامج الأحزاب الاسرائيلية هي برامج مستمّدة من التعاليم الدينية اليهودية (التوراة-التلمود). وجميعها تستحضر التاريخ وتسعى لتطبيق برامجها على أساس هذه التعاليم الغيبية. ومن مبادئ هذه الأحزاب "التمسّك بوحدة أرض إسرائيل في حدودها التاريخية، وضرورة عودة الشعب اليهودي إلى وطنه الأم، واعتبار هذه العودة حقيقة واقعية، بل ضرورة من ضرورات حياة اليهود أينما وجدوا والتأكيد علىإرساء مجتمع جديد يكون التوراة دستوراً له.
[/align]
q تزييف الآثار العربية في فلسطين:
[align=justify]
إنّ الحركة الصهيونية ومنذ أواخر القرن التاسع عشر، بدعم من المؤسسات والحكومات الغربية، نشطت لتوجيه المفهوم التاريخي في فلسطين لينسجم مع الفكر الصهيوني ومنطلقاته، وسلب الشعب العربي الفلسطيني أرضيته العربية وهويته الحضارية بتحريف تاريخه وتراثه وإنجازاته الحضارية.
لقد تأسّست كثير من الجمعيات الاستكشافية في أوروبا غايتها التنقيب والبحث في فلسطين لاثبات صحة ما جاء في التوراة خدمة للأفكار الصهيونية كالحقّ التاريخي المزعوم لليهود في فلسطين.
شهد النصف الثاني من القرن التاسع عشر تأسيس كثير من الجمعيات الأثرية التوراتية التي أخذت من التوراة منطلقاً لدراساتها وأعمالها الميدانية منها:
-صندوق استكشاف فلسطين -التي تأسّستْ عام 1865، وفي العدد الأول من مجلة هذه الجمعية 1869 كتب على الغلاف "جمعية من أجل البحث الدقيق والمنّظم في الآثار والطبوغرافيا والجيولوجيا والجغرافية الطبيعية والتاريخ الطبيعي وعادات وتقاليد الأرض المقدّسة لغاية التوضيح التوراتي.
-الجمعية الأمريكية للأبحاث الفلسطينية التي تأسّستْ عام 1870، وتضمّن برنامجها نداء "إلى الضمير الديني مسيحياً كان أم يهوّدياً من أجل البرهنة على صحّة الكتاب المقدّس.
-جمعية الآثار التوراتية 1870 وهي جمعية بريطانية من أهدافها "البحث في الآثار والتسلسل الزمني والتاريخ القديم والحديث لبلاد آشور والجزيرة العربية ومصر وفلسطين وغيرها من المناطق التوراتية.
-المدرسة الفرنسية للدراسات التوراتية والأثرية. وقد أسّسها الدومنيكان عام 1890.
-الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية 1897.
-الجمعية الألمانية للأبحاث الفلسطينية 1877.
-المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية وقد أُنشئت في القدس 1900
-المدرسة الفرنسية للدراسات التوراتية ومركزها القدس 1892
-المعهد البروتستانتي الألماني للدراسات التاريخية في الأرض المقدّسة في مدينة القدس. 1902
-الجمعية الألمانية للدراسات الشرقية، وقد تأسّستْ برعاية القيصر الألماني وفي الفترة الواقعة ما بين 1901-1904 أُوكلتْ هذه الجمعية مهّمة التنقيب في عدد من المواقع الأثرية إلى الباحث التوراتي (أرنست سيلين) في تل تعنك وتل المتسّلم.([14])
كانت فترة ما قبل الحرب العالمية الأولى حافلة بالنشاط الأثري في فلسطين. وكان السعي متواصلاً للربط بين المواقع الأثرية وتلك التي ورد ذكرها في التوراة، استجابة لممارسات الحركة الصهيونية. ورغم الأعمال التنقيبية الكثيرة في هذه الفترة فقد كان أعضاء هذه الجمعيات يرون أنّ هذا النشاط الأثري لا يزال محدوداً أو فقيراً، نظراً لأنّ الامبراطورية العثمانية كانت تضع قيوداً وعوائق في وجه هذه البعثات الأثرية. وتحديداً في منطقة الحرم الشريف في مدينة القدس.
لكن بعد وقوع فلسطين تحت السيطرة البريطانية بعد نهاية الحرب العالمية الأولى تكثّف النشاط الأثري فيها وزادت البعثات الأثارية وصارت أكثر حرّية وعنفاً في الكشف والتنقيب، وقد أنشأ المندوب السّامي البريطاني هربرت صموئيل عام 1920 دائرة للآثار الفلسطينية بإدارة "جو غارستانغ" من جامعة ليفربول.
استغلّ الصهاينة احتلال الانكليز لفلسطين ونشطوا في مضمار التنقيب والآثار، فقدم إلى فلسطين بُعيد الاحتلال "جوزيف كلاورتز" و"أليعازر بن يهوذا" وأوّل حفريات يهودية أجراها "ناحوم شلوش" في موقع إلى الجنوب من طبرية اعتقد أنّه يحتوي على كنيس يهودي. كما أرسلت الحركة الصهيونية" أليعازر ليباسركنيك" لدراسة الآثار الكلاسيكية في برلين فجاء إلى فلسطين عام 1922 وبدأ عمله الميداني بحفر عدد من المدافن قرب القدس، والتحق ببعض الدورات والمساقات الأثرية في المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية. ومن ثمّ أصبح محاضراً في الجامعة العبرية فأستاذاً إلى أن أصبح رئيساً لدائرة الآثار اليهودية في الجامعة نفسها. وقد دفع سوكنيك ابنه الذي غيرّ اسمه إلى "ييغائيل يادين لدراسة الآثار وكان هذا "ييغائيل يادين" أول رئيس لهيئة أركان الجيش الاسرائيلي. إلى أن أصبح أستاذاً للآثار في الجامعة العبرية وأشرف على عدد كبيرمن التنقيبات الأثرية وشغل منصب نائب لرئيس الوزراء الاسرائيلي .([15])
ومن الصهاينة البارزين من الجنسية الأمريكية "نلسون غلوك" الذي التحق عام 1928 بحفريات "وليم أولبرايت" الذي كان يرأس المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية في القدس من عام 1919حتى عام 1936. وذلك في تل مرسيم. وبدأ نلسون غلوك مسوحات واسعة النطاق منذ عام 1932 في شرقي الاردن وأصبح يتجوّل في المناطق المختلفة حاملاً التوراة في يده، محاولاً تفسير وتأريخ المواقع التي يتعرف عليها من خلال العهد القديم (التوراة).([16])
كانت القدس الميدان الرئيسي للمنقبين بحثاً عن الأسوار التوراتية وقد كثفت بريطانية من حفرياتها التي أشرف على أكثرها "غارستانغ رفتيتان آدمز" 1920-1921 وهذه كشفت عن مخلفات هامة من الألف الثاني قبل الميلاد وحتى العصور العربية الاسلامية. وكانت تلك أولى أعمال التنقيب البريطاني بعد الحرب العالمية الأولى، واتجهتْ بعثة بريطانية أخرى لمواصلة أعمال التنقيب 1929-1936 في أريحا "تل السلطان" بإشراف (غارستانغ) أيضاً.
وأجرت بعثة بريطانية أخرى حفريات فيما بين 1932-1938 في موقع "تل الدوير" في منتصف الطريق بين غزّة والقدس بإشراف (ستاركي) كما قامتْ بعثة بريطانية أمريكية شاركتْ فيها الجامعة العبرّية في موقع "سسطية" إلى الشمال الغربي من نابلس لتواصل العمل الذي بدأته جامعة "هارفرد" 1908-1910وقد استمّر عمل البعثة المشتركة بين 1931-1933 و1935 بإشراف (كروفوت) بمساعدة (كاتلين كينون) و(سوكنيك) كممثّل عن الجامعة العبرية . وفي عام 1968 واصل ( بازل هنسي) العمل في الموقع نيابة عن المدرسة البريطانية للآثار في القدس.([17])
واهتمت الجامعات والمؤسسات الأمريكية بالتنقيب والبحث عن الآثار في فلسطين، خاصّة بعد الحرب العالمية الأولى، وبدأت بعثاتها تتوافد إلى فلسطين وتقوم بالحفريات والتنقيب والبحث وقد تعدّدت وتنوّعتْ هذه البعثات. وتوزّعتْ في مناطق متعدّدة، وكلّها كانت تهدف إلى الرّبط بين الحوادث التوراتية والمعطيات التوراتية وبين هذه المواقع التي تكشف عنها.
ففي بيسان قامتْ جامعة "بنسلفانيا" بحفريات أشرف عليها عدد من الآثاريين منذ العام 1921 وكانت جامعة "شيكاغو" قد بدأت بحفرياتها في "تل المتّسلم" -مجدو- وقد استمّر عمل البعثة منذ عام 1925 وحتى عام 1939. وقامت المدرسة الأمريكية للأبحاث الشرقية في "تل بيت مرسيم" بحفريات واسعة إلى الجنوب الغربي من الخليل، وقد أشرف عليها (وليم أولبرايت) حوالي أربعة مواسم 1926-1932. وكان (أولبرايت) يحاول تفسير الطبقات من خلال المعلومات والحوادث التوراتية وهذه المدرسة أيضاً أجرت حفريات في "تل النصبة" شمالي القدس واستمرت من عام 1926 وحتى عام 1935 بإشراف (ماكون) الذي اتبع اساليب (أولبرايت) التوراتية في التنقيب. وتابعت هذه المدرسة أبحاثها في القدس في عدد من المواقع الأثرية، وقد سيطر على هذه الأعمال الميدانية أيضاً أسلوب التوراتيين ومنهجهم.([18])
بعد الاحتلال الصهيوني لفلسطين 1948 وانسحاب قوات الانتداب البريطاني عن المنطقة. أُنشئت "دائرة الآثار الاسرائيلية" التي أخذت على عاتقها القيام بالنشاط الأثري والتاريخي بشكل أوسع ضمن الاطار الثقافي للنظام الاستيطاني العنصري الجديد.
فجميع المواقع الأثرية في فلسطين أخذت تحمل أسماء عبرّية لإبعاد الصبغة العربية عنها لتُربط بالتاريخ الاسرائيلي، وذلك لتقوية الرّوح العنصرية وجلب المزيد من المهاجرين وكسب عطف الرأي العام الغربي. وقد دخلت هذه الأثار في منهاج التربية الوطنية لتبرير سياسة التوسع الصهيوني.
والصهيونية لا تزال تولي الآثار أهمية كبيرة وتسعى جاهدة للبحث والتنقيب من أجل الكشف عن التراث المزعوم. وأسلوب البحث الأثري الصهيوني يتضّمن بوضوح النّيات العدوانية لإسرائيل ومحاولاتها محو الشخصية العربية الفلسطينية، والحضارة العربية الفلسطينية، وإبراز الحضارة الاسرائيلية.
ولا بدّ من الاشارة إلى أنّه قد ظهر بين أصحاب المدرسة التوراتية تيار ناقد حذّر من الرّبط بين الآثار والتوراة من أمثال العلماء الألمان "البرشت آلت ومارتن نوث" والفرنسي الأب " رولاند ديغو" والهولندي "هانك، فرانكن" الذي جاء من خلفية دينية توراتية لكنّه غدا من كبار نقّاد الأثريين التوراتيين وأعلن أنّه لا يجوز المزج بين الآثار وأعمال التنقيب من جهة، والتفسير التوراتي من جهة ثانية. وأيضاً البريطاني "غوردن تشايلد" الذي أكدّ على أهمية البحث عن الآثار على أساس المادّية التاريخية كمنطلق للتطور الحضاري، وضرورة تكريس جميع الوسائل العلمية للكشف عن الآثار ومعالجتها من خلال وظيفتها وإطارها العام المرتبط بطبيعة المجتمع الذي وجدتْ فيه. وقد أثرّ على عدد من تلاميذه مثل "كاتلين كينون". التي حذّرتْ من الرّبط بين الحفريات الأثرية والحوادث التوراتية".([19])
إنّ هؤلاء لم يستطيعوا أن يعبثوا بضمائرهم لتشويه الحقائق فنقلوا الحقائق كاملة دون تشويه، وسعوا إلى تقديم المعلومات كما هي دون تزييفها كما فعل ويفعل غيرهم من الآثاريين الصهاينة الذين يتعمدون إخفاء الحقائق ومحو الحضارة العربية الفلسطينية، خاصّة بعد أن غدا حقل الآثار الفلسطينية مفتوحاً على مصراعيه أمام المنظمات الصهيونية، وأخذت تخطّط بشكل منّظم لخلق صورة تاريخية تتفق وأهدافها العنصرية العدوانية.
[/align]

qq

=======================

[align=justify]
[1] -المذهب العسكري الاسرائيلي -هيثم الكيلاني -مركز الأبحاث -بيروت 1969-ص25
[2] -احذروا الصهيونية -يوري إيفانون -منشورات وكالة أنباء نوفوستي 1969 ص39-41
[3] روجيه غارودي -فلسطين أرض الرسالات السماوية - ترجمة قصي أتاسي- ميشيل واكيم- الطبعة الأولى -ص303
[4] -الموسوعة الفلسطينية "مدخل إلى دراسة القضية الفلسطينية" محمد الفرا- المجلد الخامس القسم الثاني-الطبعة الأولى بيروت 1990- ص267.
[5] -بيير ديميرون -ضد اسرائيل -ترجمة حسيب كيالي - ص24.
[6] -فلسطين أرض الرسالات السماوية -روجيه غارودي- ترجمة قصي أتاسي- ميشيل واكيم -ص154
[7] -نفس المصدر ص 154
[8] -نفس المصدر ص 300
[9] -نفس المصدر ص 300
[10] -فلسطين أرض الرسالات السماوية -روجيه غارودي -ترجمة قصي أتاسي- ميشيل واكيم الطبعة الأولى -ص154
[11] -نفس المصدر ص 155
[12] -نفس المصدر ص 156
[13] -مدخل إلى دراسة القضية الفلسطينية -الدكتور محمد الفرا- الموسوعة الفلسطينية. القسم الثاني -ا لمجلد الخامس. الطبعة الأولى بيروت 1990.
[14] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد. الدكتور معاوية إبراهيم -الموسوعة الفلسطينية القسم الثاني -المجلد الثاني- الطبعة الأولى بيروت 1990-ص7-9-
[15] -نفس المصدر ص 10.
[16] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد -الدكتور معاوية إبراهيم - الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد الثاني - الطبعة الأولى -بيروت 1990-ص10
[17] -نفس المصدر ص 11
[18] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد -الدكتور معاوية إبراهيم- الموسوعة الفلسطينية- القسم الثاني- المجلد الثاني- الطبعة الأولى - بيروت 1990 ص12
[19] -فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد- الدكتور إبراهيم الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد الثاني - الطبعة الأولى -1990-ص13
[align=center]يتبـــــــــــع>>>[/align]

[/align]
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 02 / 2009, 00 : 04 AM   رقم المشاركة : [18]
مازن شما
كاتب نور أدبي متوهج ماسي الأشعة ( عضوية ماسية )

 الصورة الرمزية مازن شما
 





مازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond reputeمازن شما has a reputation beyond repute

[align=justify]
خاتمة
من الواضح أنّ ماتمّ عرضه عبر الصفحات الماضية يؤكّد لنا تماماً أنّ الروح العدوانية والعنصرية في الشخصية اليهودية الصهيونية، مصدرها الرئيسي تلك التعاليم الدينية الغيبية (التوراة-التلمود) التي كانت ولا تزال المحور الرئيسي الذي تدور حوله الحياة اليهودية.
ونظراً لأنّ الصهيونية العالمية تطمح دوماً للسيطرة على مقدرات العالم وتسخير كافة الأمم (الأغيار) لخدمتها، فقد وجدتْ في هذه التعاليم الدينية ضالّتها، وبدأت في استحضارها وإعادة تشكيلها بما يتفق والواقع الرّاهن.
وقد استغلّت واقع التعليم اليهودي المتحجرّ، والمؤسسات الدينية الغارقة بالتلمود والرؤى الصوفية الغيبية والنزعات العنصرية الإنعزالية الفوقية ، والرؤية الخاصّة عن الأرض الموعودة وصهيون والأرض المقدسة وغيرها، وبدأت بتحويل النظرية الغيبية إلى واقع عبر إسقاط التاريخ المزعوم على الحاضر والاستيلاء على فلسطين العربية.
فبدلاً من أن تبقى فكرة العودة إلى صهيون مجرّد فكرة نظرية مرهونة بظهور المسيح، فقد حولّتها الصهيونية إلى واقع، فالخلاص لا يحتاج إلى مجيء المسيح بل إلى جهود اليهود أنفسهم.. ودخول القدس السماوية لا يتمّ إلاّ عبر دخول القدس الأرضية أولاً.
لقد نجحت الحركة الصهيونية في استقطاب اليهود. حتى غدا من المتعذّر التفريق بين الصهيونية واليهودية. وفي مؤتمر أورشليم لوحدة الشعب اليهودي الذي انعقد في 3/12/1975 في الكنيست الاسرائيلي والذي شارك فيه /170/ من زعماء اليهود في العالم، ألقى رئيس الكيان الصهيوني (أفرايم كاتسير) كلمة قال فيها: "إنّ هذا المؤتمر يشكل رمزاً لوحدة إسرائيل واليهود والصهيونية".
"إنّ الصهيوني هو اليهودي الذي يُحسّ ويعترف بأنه يعيش في منفى إذا كان من مواطني أي بلد غير إسرائيل. ولذلك يقرّر العودة إلى جبل صهيون" هذا ما يقوله بن غوريون.. بينما غولدا مائير تقول: "بعد قيام دولة صهيون، لا يمكن أن يُعّد صهيونياً إلاّ الذي يحمل حقائبه ويأتي إلى صهيون".
الصهيونية تهدف إلى تطبيق التعاليم الدينية اليهودية، وتلتزم بالطابع الديني للدولة اليهودية، وتؤمن بأنّ الدّين هو الدافع الأوّل لخلق الدولة اليهودية. ولأنّ ما يرد في الكتب الدينية اليهودية يشير إلى أرض اسرائيل وصهيون وغير ذلك. فإنّه من الضروي أن يلقّن النشء اليهودي هذه المقولات تلقيناً خاصاً (تحويل الغيب إلى واقع) لهذا ساهموا في تربية النشء اليهودي على أنّ الأرض الموعودة هي روحية ومادّية في نفس الوقت. فلا يمكن لليهودي أنّ يدخل الأرض الموعودة الروحية ما لم يدخل الأرض الموعودة المادية التي هي (إسرائيل).. ومن هنا فقد كرسّوا أفكار التمسك بالأرض والحبّ العميق لها وبعث اللغة العبرية وترويج الادّعاء القائل أنّ فلسطين هي وطن اليهود التاريخي، وأنّ يهود اليوم هم أحفاد داود وسليمان، وأنّ الشعب اليهودي لم يفارق أرضه بل أخذها معه في منفاه.
كما اهتمت الصهيونية بالتاريخ اليهودي القديم كأساس لبناء الشخصية الصهيونية، فوضعت سلسلة من الكتب تبث في سطورها الفكرة الصهيونية المستمدة من التوراة باعتبارها المصدر الأساسي للتاريخ اليهودي وركزّتْ فيها على الموضوعات التي تكرّس التفوق اليهودي.
وتعتبر فكرة الحقّ التاريخي أو الرابطة التاريخية من أهم الذرائع التي تقوم عليها الحركة الصهيونية وحقها المزعوم في انشاء الدولة اليهودية في أرض ( اسرائيل التاريخية لهذا فإن تصلب ورفض الصهاينة المستّمر لفكرة الانسحاب من أجزاء عربية محتلّة يعقدون أنّها توراتية، كان نتيجة مباشرة لتلك التعاليم الدينية التي تقول بالأزلية التاريخية والعودة ، والزّرع المقدّس والاختيار والتفّوق.
فالصهاينة لا يقبلون السلام الحقيقي مع العرب. وإنما الاستسلام، استسلام العرب ليكونوا عبيداً لهم للتسخير كما يرد في التوراة سفر التثنية: "حين تقربُ من مدينة لكي تحاربها استدعها إلى الصلح، فأن أجابتك إلى الصلح وفتحتْ لك فكلّ الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستعبد لك"(.[1])
هكذا يريدون أن يكون الصلح.. وهم وإن لم يتمكنوا من السيطرة على المنطقة عسكرياً. فإنّهم يحاولون السيطرة عليها اقتصادياً وثقافياً (السيطرة على العقل العربي، والماء العربي، والنفط العربي) وبهذا يكون قد تحقّق حلمهم التوراتي (من الفرات إلى النيل). إنّها السيطرة التي يسعى الصهاينة لتحقيقها تنفيذاً لما ورد في التوراة حيث نقرأ: "بالوجوه إلى الأرض يسجدون لك ويلحسون غبار رجليك".([2])
"وبنو الغريب يبنون أسوارك وملوكهم يخدمونك تنفتح أبوابك دائماً ليؤتى إليك بغنى الأمم وتقاد ملوكهم"([3])
ويقف الأجانب ويرعون غنمكم ويكون بنو الغريب حراثيكم وكراّميكم أمّا أنتم فتدعون كهنة الرّب تأكلون ثروة الأمم وعلى مجدهم تتآمرون."([4])
إنّ ما قدّمته من معلومات تتعلّق بالنزعات العدوانية والعنصرية واللاّ أخلاقية التي تحملها التعاليم الدينية اليهودية يعطينا دلالة واضحة على أن الشخصية اليهودية الصهيونية لا يمكن أن تقبل بالسلام والتعايش السلمي مع الشعوب والأمم إلاّ في حالة واحدة هي أن تكون هذه الشعوب والأمم مجرد عبيد يقدمون الطاعة والولاء لليهود.
ومن المفيد أن أشير في الختام أنّ النّصوص التوراتية المتداولة حالياً، لا تمتّ بأيّة صلة للنصوص التي أنزلها اللّه على عبده موسى عليه السلام، لقد حرّفوا أسس الديانة اليهودية، وفي هذا قال اللّه عز وجل: "أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام اللّه ثم يحرّفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون. فويلٌ للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند اللّه ليشتروا به ثمناً قليلاً. فويلٌ لهم مّما كتبت أيديهم وويلٌ لهم مّما يكسبون".

qqq
[1] سفر التثنية الاصحاح الواحد والعشرون.
[2] سفر إشعيّاء الاصحاح التاسع والاربعون
[3] -سفر إشعياء الاصحاح السّتون
[4] سفر إشعياء الاصحاح الواحد والستون.

====================

المراجع :

1-أحمد سوسة العرب واليهود في التاريخ -العربي للاعلان والنشر الطباعة -الطبعة الثانية .
2-الدكتور أسعد رزّوق التلمود والصهيونية -منظمة التحرير الفلسطينية مركز الأبحاث 1970
3-إلياس سحاب الفكر السياسي الفلسطيني بعد عام 1948 الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد الثالث الطبعة الأولى-بيروت 1990
4-الدكتور جورجي كنعان العنصرية اليهودية -توزيع دار النهار للنشر الطبعة الأولى 1983
5-حبيب قهوجي الأحزاب الاسرائيلية والحركات السياسية في الكيان الصهيوني -مؤسسة الأرض للدراسات الفلسطينية دمشق 1986- الطبعة الأولى.
6-حسيب كيالي ضدّ إسرائيل -مترجم- تأليف بيير ديمورن.
7-خالد عايد التوسعية الصهيونية وإسرائيل الكبرى -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني -المجلد السادس الطبعة الأولى -بيروت 1990
8-خالد القشطيني الصهيونية واللاّصهيونية -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني -المجلد السادس -الطبعة الأولى بيروت 1990.
9-شاكر مصطفى فلسطين مابين العهدين الفاطمي والأيوبي -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد الثاني- الطبعة الأولى - بيروت 1990
10-ربحي كمال دروس في اللغة العبرية -دمشق 1982 .
11-روجيه غارودي فلسطين أرض الرسالات السماوية -ترجمة قصي أتاسي -ميشيل واكيم -الطبعة الأولى 1988 دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر.
12-هيثم الكيلاني المذهب العسكري الاسرائيلي -مركز الأبحاث بيروت 1969.
13-كامل العسلي التربية والتعليم في فلسطين -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني - المجلد الثالث- الطبعة الأولى -بيروت 1990.
14-عبد الوهاب محمد المسيري الصهيونية -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني - المجلد السادس -الطبعة الأولى -بيروت 1990
15-عبد العزيز محمد عوض الأطماع الصهيونية في القدس- الموسوعة الفلسطينية-القسم الثاني- المجلد السادس- الطبعة الأولى- بيروت 1990
16-عجاج نويهض بوروتوكولات حكماء صهيون- الجزء الأول طبعة نيسان 1984-دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر.
17-العماد مصطفى طلاس فطير صهيون -الطبعة الثانية -1986- دار طلاس للدراسات والترجمة والنشر
18-محمد الفرا مدخل إلى دراسة القضية الفلسطينية -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني -المجلد السادس -الطبعة الأولى-بيروت 1990.
19-محمد عزيز شكري البعد الدولي للقضية الفلسطينية -الموسوعة الفلسطينية -القسم الثاني- المجلد السادس. الطبعة الأولى -بيروت 1990
20-منير بشور التعليم في إسرائيل -منظمة التحرير الفلسطينية مركز الأبحاث
خالد الشيخ يوسف
21-معاوية إبراهيم فلسطين من أقدم العصور إلى القرن الرابع قبل الميلاد -الموسوعة الفلسطينية-القسم الثاني- المجلد الثاني -الطبعة الأولى -بيروت1990.
22-فراس سوّاح مغامرة العقل الأولى -دراسة في الأسطورة- سورية وبلاد الرافدين - العربي للطباعة والنشر دمشق 1987.
23-يوري إيفانوف احذروا الصهيونية -دراسة حول أيديولوجية وتنظيم وممارسة الصهيونية -منشورات وكالة أنباء نوفوستي 1969 ملحق
24- حسن الجلبي قضية فلسطين في ضوء القانون الدولي -معهد البحوث والدراسات العربية .
25-التوراة صادر عن دار الكتاب المقدّس -جمعية الكتاب المقدس سابقاً -القاهرة .
26-الدكتور رشاد عبد الله الشّامي..مجلة عالم المعرفة العدد 103 -حزيران 1986 (الشخصية اليهودية الاسرائيلية والرّوح العدوانية).

qq

المحتويات

الباب الأول :التعاليم الدينية اليهودية................................
الفصل الأول : مرحلة التدوين ومصادره......................
الفصل الثاني : الكتب الدينية اليهودية:........................
الفصل الثالث : فقرات تلمودية:................................
الباب الثاني : محتوى التعاليم الدينية اليهودية................
الفصل الأّول : " النزعة العدوانية"...........................
الفصل الثاني : النزعة العنصرية:..............................
الفصل الثالث : الغدر والخيانة، والانحلال الخلقي.............
الباب الثالث : ((الصهيونية والدين اليهودي))................
الفصل الأوّل : نشأة الصهيونية:................................
الفصل الثاني : الصهيونية وتوظيف الدين اليهودي..........
الفصل الثالث : التعليم الصهيوني وأهدافه ....................
خاتمة.....................................
المراجع :.................................


رقم الايداع في مكتبة الأسد الوطنية :

اليهودية بين النظرية والتطبيق: مقتطفات من التلمود والتوراة:
دراسة/ علي خليل -[دمشق]: اتحاد الكتاب العرب، 1997-
173 ص ؛ 24 سم.
1 -296 خ ل ي ي 2- 320.56 خ ل ي ي
3 - العنوان
ع - 951/6/997 مكتبة الأسد

rr

هذا الكتاب:

يعبر عن دراسة منهجية موثقة ومتواترة زمنياً بطريقة علمية تحليلية تعكس النزعة العدوانية والعنصرية المتأصلة في الشخصية الصهيونية التي حوّرت وحرَّفت الكتب السماوية في سبيل تحقيق أطماعها التوسعية واغتصابها للأرض العربية وتشريد أبنائها متذرعين بالحق التاريخي الذي تقوم عليه الحركة الصهيونية في إقامة دولتهم المزعومة على الأرض العربية.
rr
[/align]

انتهى الكتاب بعونه تعالى
توقيع مازن شما
 
بسم الله الرحمن الرحيم

*·~-.¸¸,.-~*من هولندا.. الى فلسطين*·~-.¸¸,.-~*
http://mazenshamma.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*مدونة العلوم.. مازن شما*·~-.¸¸,.-~*
http://mazinsshammaa.blogspot.com/

*·~-.¸¸,.-~*موقع البومات صور متنوعة*·~-.¸¸,.-~*
https://picasaweb.google.com/100575870457150654812
أو
https://picasaweb.google.com/1005758...53313387818034
مازن شما غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
نماذج من العنصرية الصهيونية في النظرية والممارسة مازن شما إسرائيليات 0 03 / 07 / 2014 03 : 08 PM
حصريا من مصدره تحميل كتاب فلسفة الميدان ’’رؤى في التخطيط العسكري’’ النسخة الأصلية. مازن شما فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب 0 29 / 05 / 2014 54 : 04 AM
التناقضات اليهودية ـ اليهودية، والصهيونية ـ اليهودية.. مازن شما اعرف عدوك 5 03 / 11 / 2012 36 : 08 PM
حصريا الرواية المصرية هيروبولس ..قصة حب فرنسية الي مصري أحمد صبري مكتبة نور الأدب 0 12 / 03 / 2009 41 : 11 AM
اليهودية بين النظرية والتطبيق مقتطفات من التلمود والتّوراة مازن شما بين التوراة الحقيقي و السطو على تراث المنطقة ( أبحاث) 0 25 / 06 / 2008 35 : 05 AM


الساعة الآن 35 : 11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|