أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي
الأشواق التائهة - أبو القاسم الشابي
الأشواق التائهة
أبو القاسم الشابي
يا صَميمَ الحياة ِ! إنّي وَحِيدٌ *** مُدْلجٌ، تائهٌ. فأين شروقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! إنّي فؤادٌ *** ضَائعٌ، ظامىء ٌ،فأَيْنَ رَحِيقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! قد وَجَمَ النَّايُ *** وغام الفضا. فأين بروقُكْ؟
يا صميمَ الحياة ِ! أين أغانيك *** فتحت النجومُ يُصغِي مَشوقُكْ
*****
كُنْتُ في فجركَ، الموشَّحِ بالأحلامِ، عِطْراً، يَرِفُّ فَوْقَ وُرودِكْ
حالماً، ينهل الضياءَ، ويُصغي *** لكَ، في نشوة ٍ بوحي نَشِيدِكْ
ثمَّ جاءَ الدّجى ..، فَأمسيتُ أوراقاً، بداداً، من ذابلاتِ الورودِ
وضبابا من الشّذى، يتلاشى***بين هولِ الدُّجى وصمتِ الوُجودِ
كنتُ في فجرك المغلَّف بالسِّحرِ، *** فضاءَ من النّشيد الهادي
وسحاباً من الرَّؤى ، يتهادى *** في ضميرِ الآزال والآبادِ
وضياءً، يعانق العالَمَ الرحب، و يسري في كل خافٍ و بادٍ
وانقضى الفجرُ..، فانحدرتُ منَ الأفْق تراباً إلى صَمِيمِ الوادي
*****
يا صميمَ الحياة ! كم أنا في الدُّنيا غَريبٌ أشقى بغُرْبَة ِ نفسي
بين قومٍ، لا يفهمونَ أناشيدَ فؤادي، ولا معاني بؤسي
في وجودٍ مكبَّل بقيودٍ، تائهٍ في ظلام شكّ و نحس
فاحتضِنِّي، وضُمَّني لك- كالماضي- فهذا الوجودُ علَّة ُ يأسي
*****
لم أجد في الوجود إلا شقاءً، *** سرمديّاً، ولَذَّة ُ، مضمحلّهْ
وأمانيَّ، يُغرق الدمعُ أحلاها،ويُفنى يمُّ الزّمان صداها
وأناشيدَ، يأكُلُ اللَّهَبُ الدّامي مَسَرَّاتِها، ويُبْقِي أَساها
وَوُروداً، تموت في قبضة ِ الأشْواكِ ما هذه الحياة ُ المملَّة ْ؟
سأَمٌ هذهِ الحياة ِ مُعَادٌ *** وصباحٌ، يكرُّ في إثرِ ليلِ
ليتني لم افِدْ إلى هذه الدنيا *** و لم تسبح الكواكب حوالي!
ليتني لم يعانق الفجر احلامي، *** و لم يلثم الضياءُ جفوني!
ليتني لم أزل- كما كنت- ضوءاً، شائعاً في الوجود، غيرَ سجين!
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي
رد: إرادة الحياة - أبو القاسم الشابي
هذه القصيدة يا فاطمة هي الأحب إلى قلبي، ذلك أن مطلعها هو جزء من نشيدنا الوطني و هو سر ثورتنا و صمودنا..
وهو المقطع الذي تردد بجميع ساحات الثورات بربيعنا العربي..
إذا الشـــعبُ يومًــا أراد الحيــاة
...........فــلا بــدّ أن يســتجيب القــدرْ
ولا بــــدَّ لليـــل أن ينجـــلي
..........ولا بــــدّ للقيـــد أن ينكســـرْ