الغريب وانا ..........ماهر رجا
[align=center]
*الغريب وأنا*
بقلم :الشاعر الفلسطيني ماهر رجا
منذ زمان ٍ
ثمة آخر أغرب مني
يسكن أرض أناي
يخرج من جسدي ليراني
يقبل حتى يصبح أبعد
يذهب كي أبصره أقرب
بين ضباب العين وبيني
ويعاتبني حين أكون أنا
الآمن والمكسور بريش الهدأة
في أوقات هروب الكوكب
من أفلاك رؤاي...
ثمة آخر
أشعر – ثمة آخر
ليس خيالا أو أوهاما ً
كل صباح يسحب من عينيه سحابا
ثم يحدق في مرآتي
يلمس خطا ًأبيض فوق العين
وقد يتجهم من أحلام نامت بقربي
كي توقظني جزعا في سكنات
الليل, ويسأل بعد قليل:
"هل مازلت ترى بالقاتم؟
إذهب نحو الأزرق مثلي"
ثم يروح يصفر لحنا ً
فيما خلف الصوت يعدّ له (لي) قهوتنا
ويذوب ,فلا أبصره
لكن قد أسمعه يهمس قبل خروجي:
إن اليوم مثالي كي تبقى أنت أنا
وتوقع خطوك فوق خطاي...
ثمة آخر
يأخذ أحيانا ًصوتي
وينادي أسماء لا أعرفها
ويغني بحنين عن بلد في أقصى الدنيا
فأحس ببحته شكواي
وإذا أجهده الحزن يميل ويبكي
ويصيح:ألا تبكي الغربة ياظلي!
أنت أنا
أم تحسب أن لا منفى يسكن فيك وإني
أسكن في منفاي..!
ليس خيالا ً
لكن ..مثل خيال
ثمة آخر يمشي خلفي,يمشي
فوق الخطوة قربي,يدلف في أوردتي
مثل حرير الطيف
ويمحو وجهي حين تمر امرأة
يلغي المشهد حين يراني سفر
ثم يعلق:لن تتركني أبدأ فابق هنا
أو سافر في قلقي إن شئت
فأنت ,على مقربة مني,بعض أنا
أرأيت إذا ًما حل بنا!
أصبحنا محبوسين معا ً
مع هذا الخوف وفي جسد
لا يعرف كيف يطير بنا
مثلي هذا الآخر ..مثلي
كي يشبهني يذهب في ما خلف رؤاي
مثلي يعرف طرقاتي في أرض سواي
مثلي لا يدركني الا حين تتوه خطاي
وكالأشباح يسير معي
يتعثر
يرقص
يعوي
يهجس..يبكي
وعلى درب رجوعي في صمت الليل إلى البيت
له قدماي
.....
كنت لأقول له كي يرحل
أنت غريب عني
لسنا مهزومين معا ً
بل أنت المنتصر لتهزمني
والمسحور لتسقطني في كهف
السحر,وأنت المستوحش في الأسفار
لترميني في العربات حقائب لسواي
وتودع في الميناء أحبتك الغرباء
أراك تلوح بيديك الغائمتين على
ظهر الماء ..ولكن ,
غرباء أهلك عني ..غرباء
فلماذا أشعر إن لوحت
بأن يديك يداي !!
منذ زمان
ثمة شخص آخر يسكن أرض أناي
لا يتعثر مثلي في ذكرى أمس ولا يعرف
وجه امرأة تسكنني
لا يقرأ كتبي
يرمقني إذ أبكي بعيون الصخر
الصلد , وحين يغادرني يهمس:
أنت غريب عني
وبعيد عن سر هواي!
أأنا الآخر؟
أأنا نفسي الأخرى؟
من منا أدعوه غريبا؟!
أسأل.. ثم أخبئ وجهي وأشير مع الناس
الماضين على الطرقات فرادى
دون ظلال أو أسماء أخرى
فأرى الآخر في ناصيته يسخر مني
ثم ينادي :أنت الآن سواي
لن تعرفني إلا حين تفكر مثلي
وترى وجهك في مرآة البحر
اتبعني,
حاول أن تهرب يوما
وستلقاني في أول ظل
مهجور من أصوات الأرض الأخرى
أترى في الكون الغامض ما أبصره؟
يا الله!
ما أجمل ما تبصره عيناي!!!
[/align]
|