منتديات نور الأدب

منتديات نور الأدب (https://www.nooreladab.com/index.php)
-   القصة القصيرة جداً (https://www.nooreladab.com/forumdisplay.php?f=66)
-   -   ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة (https://www.nooreladab.com/showthread.php?t=29216)

رياض محمد سليم حلايقه 20 / 12 / 2018 17 : 08 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 

قارئةُ الفنجانِ

كانتْ وجوهُ النسوةِ تتهلَّلُ فَرِحةً بما تسمعُ من إحداهنَّ وهي تقرأُ فناجينَ القهوةِ ذاتَ صباحٍ, حتَّى أتتْ على فنجانٍ لفتاةٍ في عينِ البائعِ والشاري, نظرتْ فيهِ بعينينِ ثاقبتينِ كعينَي لَبُؤَةٍ, ثُمَّ قَطَّبتْ حاجِبَيها وعبستْ ولم تنبسْ ببنْتِ شَفَةٍ،
حدَّقتْ فيها النِّسوةُ باستغرابٍ, أُمُّ الفتاةِ تُؤمنُ بأنَّ ما تقولُهُ قارئةُ الفنجانِ سيتحقَّقُ لا مَحالَةَ, عُبوسُها نذيرُ شؤمٍ, ينتظرُ ابنتَها ..
أمسكتْ العرَّافةُ بيدِ الفتاةِ, حملقتْ فيها بِنَهَمٍ جائعٍ, تقرأُ عُروقَها الخفيَّةَ على الآخرينَ, ازدادتْ عُبُوسًا وتَجَهُّمًا, استدركتْ الفتاةُ الموقفَ قائلةً:
- هاتِ ما عندكِ؛ فأنَا لا آبَهُ بمَا تقُولينَ .
- ستَتزوَّجينَ قريبًا .
انفرَجَتْ أساريرُ الأُمِّ والنِّسوةِ, اعتقدْنَ أنَّها دُعابةٌ من العرَّافةِ لَم يَعتدْنَها.
- شابًّا وسيمًا من عائلةٍ مُحترَمَةً .فازدادتْ أساريرُ الأُمِّ بهجةً وسعادةً.
- ستُسافرينَ إلى تركيا في شهرِ عسلٍ .صفَّقَ قلبُ الأُمِّ فرَحًا كجناحَيّ نَسرٍ مُحلِّقٍ في الفضاءِ .
- في الطريقِ إلى الفندقِ تسقطُ الحافلةُ في البحرِ .
اسودَّتْ وجوهُ النسوةِ وكَلُحَتْ كأنَّ لظًى لفحَها.
- يموتُ الركَّابُ والعريسُ, تتكسَّرُ أطرافُكِ؛ وتعيشينَ حياةً مأساويَّةً طويلةً .
هوتْ الأُمُّ مُترَنِّحَةً عن مقعدِها، واغرَوْرَقتْ عينا الفتاةِ، وصُدمتْ النِّسوةُ من هولِ الخبرِ, ردَّتْ الفتاةُ بصوتٍ مَخنوقٍ .
- كذَبَ المُنجِّمونَ ولو صَدَفُوا, لا أُؤمنُ بهذهِ الخرافاتِ، وأنتِ لا تعلمينَ الغيبَ .
تزوَّجتْ الفتاةُ كمَا وصفتْ العرَّافةُ, ورُتِّبَ لقضاءِ شهرِ عسلٍ في ربوعِ تركيا, الأمرَ الذي رفضتْهُ الأُمُّ جُملةً وتفصيلاً, لكنَّ الفتاةَ أصرَّتْ على الذهابِ لتُثبتَ لأُمِّها والنِّسوةِ وأهلِ البلدةِ كذبَ وافتراءَ العرَّافةِ, الحافلةُ تسيرُ رُويدًا على الجسرِ, اقتربتْ من نِهايتِه سَمِعَ الركَّابُ صوتًا مجلجلًا, تهاوى الجسرُ من خلفِهم, قفزتْ الحافلةُ نحوَ الشاطئِ, تقافزَ الركَّابُ منها, تناثرتْ الجُثَثُ من حولِها, كانتْ ترمُقُ بعينيها بصيصَ نورٍ, أطرافُها مكسورةٌ, رأتْ عريسَها بلا ملامحَ, صرختْ بأعلى صوتِها, تفاجأتْ بيدِ أُمِّها تَمسحُ شعرَها وتُبسْمِلُ فانفجرتْ باكيةً عندما أدركتْ أنَّهُ حُلْمٌ .

لطيفة الميموني 21 / 12 / 2018 32 : 05 PM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
قصة راائعة أستاذ رياض...
حلم مزعج كاد يعكس القولة الشهيرة :كذب المنجمون ولو صدقوا.....

ليلى مرجان 22 / 12 / 2018 58 : 01 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
قصة محبوكة السرد بنهاية مذهلة
أبدعت أ. رياض واستمتعنا
شكرا لك

رياض محمد سليم حلايقه 22 / 12 / 2018 08 : 08 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لطيفة الميموني (المشاركة 235934)
قصة راائعة أستاذ رياض...
حلم مزعج كاد يعكس القولة الشهيرة :كذب المنجمون ولو صدقوا.....

اشكر مروركم
ولوصدفوا لانهم لم يصدقوا ابدا
احترامي

رياض محمد سليم حلايقه 22 / 12 / 2018 09 : 08 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ليلى مرجان (المشاركة 235947)
قصة محبوكة السرد بنهاية مذهلة
أبدعت أ. رياض واستمتعنا
شكرا لك

احترامي
سرني انها نالت اعجابكم

رياض محمد سليم حلايقه 22 / 12 / 2018 11 : 08 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
لحظة ألـــــم
تَحدَّى الموتُ تلكَ الليلةَ المُرعبةَ الحالكةَ الظلامِ، زَخَّاتُ المطرِ تتساقطُ بين الفينةِ والأُخرَى مع هَبَّاتِ ريحٍ قويةٍ, عربدةُ الجنودِ وأصواتُهم عَبْرَ مكبراتِ الصوتِ المزعجةِ سيدةُ الموقفِ, منذُ فجرَ أمسٍ والقريةُ مُحاصرةٌ كأنَّها ثُكْنَةٌ عسكريةٌ, الجندُ مُنتشرون في كلِّ مكانٍ, أسْطحُ المنازلِ نقاطُ مراقبةٍ تُؤذي الأهالي, الدَّوريَّاتُ تجوبُ شوارعَ البلدةِ وكشَّافاتٌ تدورُ في كلِّ الاتجاهاتِ بحثًا عن عددٍ من الشبابِ, طائراتُ الهليوكوبتر ما إنْ تختفي حتَّى تعود, قنابلُ الإنارةِ تُطلقُ في سماءِ القريةِ فتحيلُ الليلَ إلى نهارٍ للحظاتٍ؛ حتى بلغت القلوبُ الحناجرَ.
صراخُ زوجته التي أوشكتْ على الولادةِ يقصفُ كِيانَهُ, طِفلهُ الذي يصارعُ بكل قوته للخروجِ من ظلماتِ ثلاثٍ إلى ظلامِ الدُّنيا المضطربِ, بناتُهُ الثلاثُ يرقدْنَ كالملائكةِ في غرفةٍ مجاورةٍ, كان يدعو اللهَ أنْ يرزقه طفلاً ذكراً يحملُ اسمه ويكونُ الجارحَ له عند كِبَرِهِ, طلقاتُ الرصاصِ تُسمعُ كلَّ حينٍ ترهيبًا وجُبنًا, الطبيبُ الوحيدُ في آخرِ القريةِ ومن المستحيلِ الوصولُ إليهِ, القابلةُ غيرُ القانونيةِ وصولُها بحاجةٍ لمُعجزةٍ رَبَّانيةٍ, تساءل - لِمَ القدرُ يعاندُني حتَّى اختارَ هذا التوقيتَ السيِّئَ؟ لعن الصهاينةَ الذين يُعكِّرون صفوَ القريةِ دون سابقِ إنذارٍ كلما طابَ لهم ذلك.
حمدًا للهِ أنَّ للبيتِ بابًا خلفيًّا يفتحُ على الحديقةِ، حمدًا لله أنَّ بيتَ القابلةِ بعيدٌ عن الشارعِ الرئيسِ، قال لزوجتهِ كي تطمئنّ.َ
الزوجةُ تتألمُ والطفلُ يأبى إلا الخُروجَ, أطفأ النورَ وأبقى على نوَّاسةٍ صغيرةٍ، فتح البابَ ببطءٍ شديدٍ, لبسَ عباءَتَه ذاتَ اللونِ البنيِّ, سمع صوتَ الدوريةِ تتوقفُ أمامَ بيتِهِ, الجند يصرُخُونَ ويُعربدون.
يا إلهي! لماذا الآن؟ متى سينصرفون؟
دقاتُ قلبهِ تزدادُ مع كلِّ ثانيةٍ ينتظرُها, كان يخشى أن يقتحمَ الجندُ منزلَه في غيابه فيزدادَ الأمرُ سُوءًا؛ سيتهمونَه بالإرهابِ ودعْمِ الفدائيين -الإرهابيين كما يزعُمُون- هو يعلمُ تمامًا أنهم يُطلقون النارَ على كلِّ مُتحرِّكٍ, أعصابُه مشدودةٌ, صراخُ زوجتِه يُعذبُه, صوتُ الدوريةِ يزدادُ قوةً. لا بُدّ أنهم سينصرفون الآنَ. لحظاتٌ قاتلةٌ, قلبُه يكادُ يخرجُ من قفَصِهِ الصدريّ, تحرَّكت السيارةُ إلى قلبِ البلدةِ, أخذ يزحفُ في الطينِ غيرَ مبالٍ, كلما سمعَ صوتًا أو أنارت السماءُ بقنابلِهِم أخلدَ إلى الأرضِ, يزحفُ ببطءٍ شديدٍ, ساعةً وهو يجاهد حتى وصلَ إلى بيتِ القابلةِ, دقَّ البابَ بنعف؛ تجمَّد الأهلُ بالداخلِ, قامت الأم فزعة, خشيتْ أنَّ جندَ الاحتلال سيقتحمونَ المنزِلَ غيرَ مُبالين كالعادة, أسعفَهُ لسانُهُ فنطقَ: - أنا عِمرانُ يا أمَّ محمودِ. - عِمرانُ! ما أتى بكَ الساعةُ؟
- زوجتي يا أمَّ محمودٍ, تتألم.
- الصباحُ رباحٌ يا عمرانُ, سيكونُ أمانًا, ورُبما ذهبَ اليهودُ.
ـ مستحيلٌ, زوجتي على وشْكِ الوِلادةِ.
ـ كيفَ سنذهبُ والجنودُ يُطلقون النارَ حتى على الحيوانِ؟
ـ سنذهبُ من الخلفِ عبرَ البساتين فلا أحدَ يكشفُنا.
-لا حولَ ولا قوةَ إلا باللهِ! انتظرْ لأرتديَ ملابسي.
ـ أرجوكِ يا أمَّ محمودٍ, علينا أنْ نزحفَ وإلا شاهدَنا الجنود.
نزحفُ! هلْ جُننتَ يا رجلُ؟ الوحلُ يملأُ كلَّ مكانٍ!
ـ هذه هي الطريقةُ الوحيدةُ لنصلَ أحياءً, هيَّا لا وقتَ نضيعُهُ.
أخذت أمَّ محمودٍ الأرضُ, زحفتْ في الطينِ, المطرُ ينهمرُ بسخاءٍ, طلقاتٌ تُسمعُ كلَّ حينٍ, نالَ الشوكُ من أيديهما, تعثَّرَا كثيرًا في الحجارةِ, وقعَا في الحُفَرِ المملوءةِ بالماءِ, أمُّ محمودٍ تكادُ تبكي ممَّا حَلَّ بها, أخيرًا وصلَا البابَ الخلفيَّ, فتحَهُ ببطْءٍ شديدٍ, سمعَا صوتَ طفلٍ يبكِي بمرارةٍ, دخلتْ أمُّ محمودٍ وأغلقَ البابَ, أنارَ الضوءَ, الدَّمُ يملأُ المكانَ, كانت الفتياتُ الثلاثةُ مرعوباتٍ حتى الموتِ, وقد تجمدْنَ حولَ الأمِّ كأصنامٍ. في عَجَلٍ قطعتْ حبلَهُ السُّرِّي وربطتْهُ, ولدٌ يا عمرانُ مبروك. ـ إنهُ ولد.
. حملهُ بين يديهِ بحنانٍ ضمه لصدره, اغرورقت عيناه بالدموع سعيدا, ثم, انفجر باكيًا عندما أخبرَتْه أمُّ محمودٍ أنَّ زوجتَهُ فارقتْ الحياة.

ليلى مرجان 22 / 12 / 2018 28 : 10 PM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
سرد سلس رصين البناء شدني إلى نقطة النهاية
نجحت أستاذ رياض في إقحامي في هذه القصة الرائعة التي نالت مني
قرأتها وكأني أشاهد فلما وزفرات تصاعد من صدري
شكرا على حرف آلمني نزيفه

لطيفة الميموني 23 / 12 / 2018 47 : 01 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
أستاذ رياض..
أمتعتنا بقصة من واقع الشعوب المحتلة وسرد متقن الأحداث يشدك لآخر القصة ...شكرا جزيلا لك .
ودمت مميزا بكتاباتك الرائعة.

محمد جوهر 04 / 03 / 2020 06 : 02 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
ضاع السفر**
منحوه تذكرة سفر ليمثل قبيلته في ملتقى الضحك بإحدى مدن الأحلام ؛ كان صاحبنا يدري أن الفوز سيكون من نصيبه فطالما أضحك القبيلة وفاز في مناسبات عدة؛ مثل موسم سنوي تنظمه القبيلة تحت شعار (الضحك متعة القلب).
المنبه يرن ؛ الساعة تشير إلى الساعة الثامنة صباحا ؛ فات وقت العمل ؛ ضاع السفر ؛ تبخر الحلم ...

محمد جوهر 04 / 03 / 2020 17 : 02 AM

رد: ورشة لكتابة القصة القصيرة جداً / راجية من الجميع المشاركة
 
ضاع السفر**
منحوه تذكرة سفر ليمثل قبيلته في ملتقى الضحك بإحدى مدن الأحلام ؛ كان صاحبنا يدري أن الفوز سيكون من نصيبه فطالما أضحك القبيلة وفاز في مناسبات عدة؛ مثل موسم سنوي تنظمه القبيلة تحت شعار (الضحك متعة القلب).
المنبه يرن ؛ الساعة تشير إلى الساعة الثامنة صباحا ؛ فات وقت العمل ؛ ضاع السفر ؛ تبخر الحلم ...


الساعة الآن 44 : 08 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية