الموضوع: همسات دمشقية
عرض مشاركة واحدة
قديم 28 / 06 / 2017, 40 : 08 AM   رقم المشاركة : [55]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

الهمسة (12)

(كلّ عام وأنتم بخير)...

[align=justify]أمنيةٌ تأخَّرْتُ في إرسالِها لكم بسبب استغراقي في أحلام اليقظة، فأرجو المعذرة، وأرجو أن تكون ما زالت مقبولة لديكم، خصوصاً بعد أن أقُصَّ عليكم أهمَّ تلك الأحلام...
استيقظتُ قبيلَ فجرِ هذا العيد، لأجدَ نفسي أسبحُ في فضاء مُرهِقٍ من الوحدة، يمتدُّ من ذكرياتي إلى ذكرياتي.. ولأنَّني لم أستطع التخلُّصَ من اعتقاله لإرادتي وحركتي، إلَّا بشقِّ الأنفس، فقد أسرعتُ، فورَ خلاصي منه، إلى الماء أتوضأ لأذهب إلى صلاة العيد..
ارتديتُ ملابسي القديمة لعجزي، هذا العيد، عن شراء أخرى جديدة، ثم اتكأْتُ على أمنياتي، ومددْتُ رأسي من نافذة اعتيادي، مُنادياً مَن اعْتَدْتُ صحبتَهم لأداء صلاة العيد، ثم زيارة المقبرة، قبل الطواف على الأحياء من الأهل والأصحاب، فارْتَدَّ إليَّ ندائي صدى غُربةٍ قاهرةٍ ووجعٍ يكسر القلب..
لكنَّني لم أستسلم لِرَجْعِ الصدى، بل تَوَسَّلْتُ لعينيَّ أن تُرسلَا نظراتهما في أرجاء الفراغ، تبحثان بهما عن صُحْبَةٍ، أيّ صُحْبَة، غير الذكريات والحسرة، فلم تَعُدْ نظراتهما بغير الخيبةِ تُخبرانني بها أنْ ليس غير اللاأحد يمكن أن يصحبني..
ولأنَّه لابدَّ مما ليس منه بُدّ.. حزمتُ أمري أخيراً، وتأبَّطْتُ ذراعَ اللاأحد لأمضي بصحبته إلى صلاة العيد، قبل زيارة الأموات والأحياء..
مع أنَّ جميع من حضروا اجتماع العيد، لم يروه من قبل، فإنَّ أحداً منهم لم يستغرب صًحْبَتَه لي ولم يستنكرها..
للوهلة الأولى، أدهشني ذلك.. لكن دهشتي سرعان ما غادرتني حين غادرَني اللاأحد الذي رَافَقَنِي لِيَنْضَمَّ إلى أمثاله الذين كان كلٌّ منهم رفيقَ واحدٍ من أهلي إلى مكان اجتماعنا..
نظرتُ إلى الحضور، وهم كلُّ مَن تَبَقَّى من أهلي على جغرافية وطنٍ مَزَّقَتْه الفتن، فإذا بهم قليلٌ غادرَهم كثيرُهم لينتشرَ، قلوباً وأكباداً، على كامل جغرافيةِ الظلم العالمي.. دَقَّقْتُ النظر أكثر، فتهيَّأَ لي أنَّ شيخوخاتهم تُنذرُ باحتمال تَحَوُّلِ الوطن قريباً، إلى جغرافيةِ ذكرياتٍ تطوفُ دموعاً وآهات، في فراغ اللاأحد...
[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس