التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 138,719
عدد  مرات الظهور : 163,434,809

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > جمهوريات نور الأدب > جمهوريات الأدباء الخاصة > أوراق الباحث محمد توفيق الصواف > متفرقات
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17 / 06 / 2017, 31 : 01 PM   رقم المشاركة : [51]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

[align=justify]شكراً للطيفِ تعليقِك أخي محمد جاد الله..
مع مودتي..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 17 / 06 / 2017, 41 : 01 PM   رقم المشاركة : [52]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

[align=justify]الهمسة (11)
ما إن دخلتُ مَخْدَعَ وحدتي، لِأَختلي بدموعي التي أُحبُّ أنْ أذرفَها بعيداً عن فضولِ الناس، حتى فاجَأَني اشتياقي إليهم يمتدُّ مسافةً بطولِ عدد دموع أمهاتٍ سورياتٍ ثَكِلْنَ أولادهنَّ، وبطول آهاتِ آباءٍ كَسَرَتْ الفجيعة كبرياءَهم فبكوا..
أمسكتُ شوقي للأُلَى رحلُوا، بِكَفَّيْ تَجَلُّدِي، محاولاً ألَّا أَنْهَارَ ضَعْفاً أمام رجولتي، فإذا بتَجَلُّدِي يفشلُ حين انعقدَت ذكرياتي معهم سحابةَ عطر فاحتْ، في سماء وحدتي، عشقاً برائحة قلب مكسور..
وبطبيعتها اللطيفة التي تُمَكِّنُها من عبورِ الجدران السميكة لمخادع الوحدة التي يَخْتَلِي فيها الأُباةُ من أبنائها المكسورين، أحالَ دخولُها وحشةَ وحدتي أُنساً..
مَسَحَتْ على رأسي مُواسيَّةً؛ وبصوتِها الودود هَمَسَتْ مُعاتِبَة:
- إِلامَ تُخفي عشقكَ بعدما صار إدماناً؟ إلامَ، ودقاتُ قلبكَ الملهوف ما فَتِئَتْ تنسابُ دمعَ اشتياقٍ للأُلى رحلوا؟
فأَجَبْتُها:
إلى أنْ أَكُفَّ عن غَمْسِ يابسِ لقيماتي بدموع تَذّكُّرِي لما كانوا يُحبُّون من أطعمةٍ وأَشرِبَة..
إلى أنْ يَكُفَّ أنفي عن بَعْثِ روائحِهم ذكرياتٍ، في البالِ تَلَظَّى، كلَّما دخلتُ مكاناً جَمَعَني بهم، ذاتَ ماضٍ عَبَر..
إلى أنْ تَكُفَّ خطواتي عن الجري لاهثةً وراء صورهم، في كلِّ الشوارع والأزقة التي سرناها معاً ذات عُمُرٍ وَلَّى..
إلى أنْ تَكُفَّ شيخوختي عن خوفها من التَّجمُّدِ انتظاراً في جليد وحدتها، ثم ينتهي العمر، فيُدرِجوا عظامي الواهنة، في كَفَني، حسرةً على أنْ رحلتُ ولم أرَهُم..
قلتُ لها ذلك، ففاجأنا قلبي بالسجود آهاً ترجو اللهَ أنْ يكونَ اللقاءُ قريباً..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 18 / 06 / 2017, 32 : 02 PM   رقم المشاركة : [53]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: همسات دمشقية

ما أجمل الحرف حين نستشف الصدق بين ثناياه ..
وما أنبل الألم حين يكون من أجل من افتقدناهم واشتقنا لرؤيتهم .
لحرفك وقع خاص على القلب والنفس معا أخي محمد توفيق .
دمت بكل المحبة ، ودامت همساتك الدمشقية متألقة .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 06 / 2017, 29 : 08 AM   رقم المشاركة : [54]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

[align=justify]أخي الحبيب رشيد..
يُؤسفني كثيراً التأخُّر في الرد على تعليقك.. خصوصاً وأنَّك البقية الباقية التي ما زالت تقرأ لي وتذكرني في هذا الموقع.. فشكراً لوفائك وشكراً لتعليقك..
مع محبتي، وكلَّ عام وأنتَ والموقع بألف خير..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 06 / 2017, 40 : 08 AM   رقم المشاركة : [55]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

الهمسة (12)

(كلّ عام وأنتم بخير)...

[align=justify]أمنيةٌ تأخَّرْتُ في إرسالِها لكم بسبب استغراقي في أحلام اليقظة، فأرجو المعذرة، وأرجو أن تكون ما زالت مقبولة لديكم، خصوصاً بعد أن أقُصَّ عليكم أهمَّ تلك الأحلام...
استيقظتُ قبيلَ فجرِ هذا العيد، لأجدَ نفسي أسبحُ في فضاء مُرهِقٍ من الوحدة، يمتدُّ من ذكرياتي إلى ذكرياتي.. ولأنَّني لم أستطع التخلُّصَ من اعتقاله لإرادتي وحركتي، إلَّا بشقِّ الأنفس، فقد أسرعتُ، فورَ خلاصي منه، إلى الماء أتوضأ لأذهب إلى صلاة العيد..
ارتديتُ ملابسي القديمة لعجزي، هذا العيد، عن شراء أخرى جديدة، ثم اتكأْتُ على أمنياتي، ومددْتُ رأسي من نافذة اعتيادي، مُنادياً مَن اعْتَدْتُ صحبتَهم لأداء صلاة العيد، ثم زيارة المقبرة، قبل الطواف على الأحياء من الأهل والأصحاب، فارْتَدَّ إليَّ ندائي صدى غُربةٍ قاهرةٍ ووجعٍ يكسر القلب..
لكنَّني لم أستسلم لِرَجْعِ الصدى، بل تَوَسَّلْتُ لعينيَّ أن تُرسلَا نظراتهما في أرجاء الفراغ، تبحثان بهما عن صُحْبَةٍ، أيّ صُحْبَة، غير الذكريات والحسرة، فلم تَعُدْ نظراتهما بغير الخيبةِ تُخبرانني بها أنْ ليس غير اللاأحد يمكن أن يصحبني..
ولأنَّه لابدَّ مما ليس منه بُدّ.. حزمتُ أمري أخيراً، وتأبَّطْتُ ذراعَ اللاأحد لأمضي بصحبته إلى صلاة العيد، قبل زيارة الأموات والأحياء..
مع أنَّ جميع من حضروا اجتماع العيد، لم يروه من قبل، فإنَّ أحداً منهم لم يستغرب صًحْبَتَه لي ولم يستنكرها..
للوهلة الأولى، أدهشني ذلك.. لكن دهشتي سرعان ما غادرتني حين غادرَني اللاأحد الذي رَافَقَنِي لِيَنْضَمَّ إلى أمثاله الذين كان كلٌّ منهم رفيقَ واحدٍ من أهلي إلى مكان اجتماعنا..
نظرتُ إلى الحضور، وهم كلُّ مَن تَبَقَّى من أهلي على جغرافية وطنٍ مَزَّقَتْه الفتن، فإذا بهم قليلٌ غادرَهم كثيرُهم لينتشرَ، قلوباً وأكباداً، على كامل جغرافيةِ الظلم العالمي.. دَقَّقْتُ النظر أكثر، فتهيَّأَ لي أنَّ شيخوخاتهم تُنذرُ باحتمال تَحَوُّلِ الوطن قريباً، إلى جغرافيةِ ذكرياتٍ تطوفُ دموعاً وآهات، في فراغ اللاأحد...
[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 06 / 2017, 12 : 03 PM   رقم المشاركة : [56]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: همسات دمشقية

[align=justify]والاأحد يقرئك السلام ويرجو لك دوام الصحة والعافية..فعيد سعيد رغم الغربة والحرقة وتشوّهات وجه العيد والوطن..أخي الغالي الدكتور توفيق..شكرا لك لأنك مازلت تسحرنا بكتاباتك الفذّة!! تحيّتي ومحبّتي..[/align]
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 28 / 06 / 2017, 36 : 08 PM   رقم المشاركة : [57]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

[align=justify]ما أسعدني بقراءة تعليقك، أخي الحبيب محمد الصالح.. وأرجو أن يحفزني تعليقك على العودة لنشاطي في الموقع برفقتك الطيبة، بعد انقضاء أيام العيد، أعاده الله عليك بالخير والسعادة..
ودمتَ أخي...[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 29 / 06 / 2017, 56 : 02 AM   رقم المشاركة : [58]
محمد الصالح الجزائري
أديب وشاعر جزائري - رئيس الرابطة العالمية لشعراء نور الأدب وهيئة اللغة العربية -عضو الهيئة الإدارية ومشرف عام


 الصورة الرمزية محمد الصالح الجزائري
 





محمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond reputeمحمد الصالح الجزائري has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: همسات دمشقية

[frame="10 98"][align=justify]
الهمسة 7

خرجتُ إلى ظاهرها، أُريدُ استقبال رمضان هذا العام، وفي النفس أشواقٌوأحزان.. فإذا بها سبقَتْني مُلْتَفَّةً بعباءةٍ من دعوات أبنائها وبناتها،تفوح كلماتُها محبةً انتشر عطرُها في كلِّ أرجاء المكان..
يا الله كم بَدَتْ لي جميلةً في ذلك الموقف.. حتَّى أنَّني لشدة انبهاريبجمالها نسيتُ لِمَ خَرَجْت، لولا أنْ أعادت لي وعيي هامسةً بودّ:
-
كُفَّ عن النظر إليَّ هكذا، واملأ عينيك من روعته، فها قد أتى..
نظرتُ إلى حيث أشارت، فرأيتُه يُسرعُ نحوها، فاتحاً ذراعيه لعناقها.. وفيلحظة فريدة، التقى المكانُ الأقدمُ بالزمان الأطهر في عناقٍ يقطر صُوَراًمن ماض شامخ تمتزج بصُوَرٍ أخرى مازالت تتشكَّل بُشرى في رحم غدٍ قريبقادم..
لم يطلْ العناق، فقد بدا رمضان مُتَعَجِّلاً الوصولَ إلى أسواقها العريقةليشتري بكلِّ ما أُوتيَ، من زكاةٍ وصدقات، طعاماً يُشبِع فقراءها وكساءًيستر عريهم ويُفرِحُ قلوبَهم..
لكنْ... وعلى غير عادته، عادَ السنةَ من مدنها وأحيائها سريعاً.. جلس علىأرضها حزيناً مُثقَلاً بما اشتراه.. أسند ظهره إلى بابها العتيق وبكى..
اقتربتُ منه مُشفِقاً وسألتُه عمَّا يُبكيه، فأخبرني أنَّه يبكي عجزَه عنتلبية طلب السوريين، هذه السنة، بعدما رَدُّوا ما اشتراه لهم من طعاموألبسة، على الرغم من حاجتهم الماسَّةِ لها، لأنَّهم لم يجدوا في معظمهاأثراً لمحبة مَن أعطوه ثمنها وإسلامهم، كما لم يَشمُّوا رائحةً لإنسانيةٍتفوح منها..

الهمسة 8

خرجَت بليلٍ، لتجمعَ بضعة أعواد يابسة تُشعلُها لتطهوَ على نارها ما يُسكتُ صراخَ الجوع المُنْبَعِثِ من بطونِ صغارها..
وكما تفعلُ الساحراتُ، في الخرافات القديمة، راحتْ تُمسك كلَّ عودٍ علىحِدَة، وتتلو عليه أدعيةً لا يُلْهَمُها إلَّا اللاجئون السوريون، آملةً أنتَحْدُثَ معجزةٌ تجعل حزمةَ الأعشاب التي ستطهوها للجائعين مُشبِعَة..
وبعد أن اطْمَأَنَّتْ إلى أنَّ دعاءها بلغَ السماء، أشعلت الأعوادَ تحتقِدْرِ ماء كبيرة، فانبعثَتْ من اشتعالها غيمةُ عطرٍ بالغة التأثير،اجتذبَت جَوْعَى المخيم، فهرعوا إليها يتساءلون: ماذا تُوقدين؟
فأشارت إلى الأعواد خائفة.. فلَمَّا رَأَوها تَتَشَكَّلُ طيراً من نار لهوجهُ سوريا الأصيلِ وروعتها العريقة، تراجعوا أيضاً خائفين..
فلما رأوا نارَ الطيرِ تخبو رويداً رويداً حتى صار الطيرُ رماداً، حزنوا.. لكنَّ حزنَهم سرعان ما تَحَوَّلَ دهشةً، حين رأوا ذاك الطيرَ نفسه ينهض، منرماده، حيّاً قويّاً مُعافى من جديد..
سألوه عن سرِّه، فأخبرهم أنَّ اسمَه (الفينيق)، وأنَّه طائرُ سورياالأسطوري، ورجاهم الَّا يخافوا ولا يحزنوا، مهما اشتَدَّتْ صروفُ الدهرِعليهم، لأنَّ فيهم سِرَّه، كما يُؤكِّدُ تاريخهم الذي يروي أنَّهم في كلِّمرةٍ تُحيلُهم المأساةُ رماداً، إذا بهم، من رمادهم، ينهضون شباباً قائداً،من جديد، وَسَادَةَ دنيا ودين..

الهمسة 9


على مُنْعَطَفِ تاريخها الذي نَشَرَتْ أعوامَه السبعة آلاف على كتفيهاخلوداً زادَ شبابَها الأبدي أَلَقاً، التقيتُها، فهمسَتْ لي بسرٍّ جديدٍ منأسرارها:
-
(أترى إلى ياسَمِينِي الأبيض هذا... إنَّه ذاكرتي الخالدة على مرِّالعصور... بياضُه من نصاعة سِيَرِ عظمائي وعطرُه بعضُ طِيبِ أخلاقهموفِعالهم)..
أدهشَني قولُها..، ولكن ما أدهشنِي أكثر حفاظُها على ياسمينها ناصعَ البياضعَطِراً، رغم كثرةِ مَن عبرَ تاريخها من أصحابِ الفِعالِ السُّودوالسِّيَرِ النتنة..!
قَرَأَتْ دهشتي، فابتسمت، ثم قالت:
-
(نعم.. ما أكثرَ السَّيِّئِيْنَ الذين حاولوا جاهدين التسلُّلَ إلىذاكرتي الياسَمِينِيَّة وسُكْنَاها للتَّمتُّع بخلودِها، ففشلوا... أتعلمُلماذا؟ لأنَّ لهذه الذاكرة طبيعةً فريدة تُمَكِّنُها من عَرْضِ كلِّ مايَعْبُرُها من سِيَرٍ على معيار قِيَمِها الفاضلة النبيلة، فما تَلاءَمَ معهذه القيم أَثْبَتَتْه خالداً في بياضِها وعِطرِه، وما عَارضَ قِيَمَهاوخالَفَها أَلْقَتْهُ في سلة الإهمال مَنسيّاً.. وبهذه القدرة الفريدة،حافظَتْ ذاكرتي الياسَمِينِيَّة على نصاعة بياضها وطِيبِ عطرها)..
قالت ذلك، ثم أطرقتْ ملياً، ثم رفعت رأسها وسَأَلَتْني أن أُبلِّغَكم رجاءها:
(رِفقاً بزهراتي الجميلات وأكرموهُنَّ، فكلُّ واحدة نسخةٌ من سِيَرِ عظمائي تفوح بطِيبِ مآثرهم..)..

الهمسة 10

على ضِفَّةِ عُمُرٍ قد وَلَّى، جلسْتُ منهكاً ألتمسُ بعضَ الراحة منوَعْثاءِ رحيلٍ اضطراري في حاضرٍ مُعَبَّدٍ بالخوف والهَمِّ ومُلَبَّدٍبالقلق...
كان الجو المحيط بمجلسي على تلك الضفةِ مُغَبَّشاً بذكريات ترسم وجوهاًلأحباب من ذلك الزمن الذي مضى.. أحباب عشتُ أجمل عمري معهم، فَهَيَّجَ مرأىوجوههم شوقي إليهم ودفعني للسؤال ملهوفاً عنهم.. فأنبأتني مويجات ماضيّالمُتهالِكَة بِغنْجٍ أمامي، أنهم رحلوا جميعاً إلى حيث أُهْدُوا منالجَمالِ ما فاق ما سألوه في أدعيتهم..
فابتسمتُ مسروراً بالسعادة التي صاروا إليها، وراجياً موافاتهم إلى حيث أحظى، أنا أيضاً، بما يفوق أمنياتي..
وكأن مويجات العمر المُتدافعة أمامي قرأْنَ ما رجوتُ بخاطري، فتَضاحَكْنَوغَمَزْنَنِي عابثات ثم هَمَسْنَ لي بِودٍّ وهنَّ يَتَصَنَّعْنَ الاستغراب:
ـ ألا تظنُّ أنَّ الجمالَ الذي تمنيتَه في دعائك ثواباً، لهُ بعض ملامح حبيبتكَ دمشق؟
وبسؤال صاغَتْه بديهة العشق وعفويته، أجبتُ سائلاتي:
ـ أتَعْنِينَ أنَّ دمشقَ قد تكون إحدى جِنانِ الخلد؟!
الهمسة 11

ما إن دخلتُ مَخْدَعَ وحدتي، لِأَختلي بدموعي التي أُحبُّ أنْ أذرفَهابعيداً عن فضولِ الناس، حتى فاجَأَني اشتياقي إليهم يمتدُّ مسافةً بطولِعدد دموع أمهاتٍ سورياتٍ ثَكِلْنَ أولادهنَّ، وبطول آهاتِ آباءٍ كَسَرَتْالفجيعة كبرياءَهم فبكوا..
أمسكتُ شوقي للأُلَى رحلُوا، بِكَفَّيْ تَجَلُّدِي، محاولاً ألَّاأَنْهَارَ ضَعْفاً أمام رجولتي، فإذا بتَجَلُّدِي يفشلُ حين انعقدَتذكرياتي معهم سحابةَ عطر فاحتْ، في سماء وحدتي، عشقاً برائحة قلب مكسور..
وبطبيعتها اللطيفة التي تُمَكِّنُها من عبورِ الجدران السميكة لمخادعالوحدة التي يَخْتَلِي فيها الأُباةُ من أبنائها المكسورين، أحالَ دخولُهاوحشةَ وحدتي أُنساً..
مَسَحَتْ على رأسي مُواسيَّةً؛ وبصوتِها الودود هَمَسَتْ مُعاتِبَة:
-
إِلامَ تُخفي عشقكَ بعدما صار إدماناً؟ إلامَ، ودقاتُ قلبكَ الملهوف ما فَتِئَتْ تنسابُ دمعَ اشتياقٍ للأُلى رحلوا؟
فأَجَبْتُها:
إلى أنْ أَكُفَّ عن غَمْسِ يابسِ لقيماتي بدموع تَذّكُّرِي لما كانوا يُحبُّون من أطعمةٍ وأَشرِبَة..
إلى أنْ يَكُفَّ أنفي عن بَعْثِ روائحِهم ذكرياتٍ، في البالِ تَلَظَّى، كلَّما دخلتُ مكاناً جَمَعَني بهم، ذاتَ ماضٍ عَبَر..
إلى أنْ تَكُفَّ خطواتي عن الجري لاهثةً وراء صورهم، في كلِّ الشوارع والأزقة التي سرناها معاً ذات عُمُرٍ وَلَّى..
إلى أنْ تَكُفَّ شيخوختي عن خوفها من التَّجمُّدِ انتظاراً في جليد وحدتها،ثم ينتهي العمر، فيُدرِجوا عظامي الواهنة، في كَفَني، حسرةً على أنْ رحلتُولم أرَهُم..
قلتُ لها ذلك، ففاجأنا قلبي بالسجود آهاً ترجو اللهَ أنْ يكونَ اللقاءُ قريباً..
الهمسة 12
(كلّ عام وأنتم بخير)...
أمنيةٌ تأخَّرْتُ في إرسالِها لكمبسبب استغراقي في أحلام اليقظة، فأرجو المعذرة، وأرجو أن تكون ما زالتمقبولة لديكم، خصوصاً بعد أن أقُصَّ عليكم أهمَّ تلك الأحلام...
استيقظتُ قبيلَ فجرِ هذا العيد، لأجدَ نفسي أسبحُ في فضاء مُرهِقٍ منالوحدة، يمتدُّ من ذكرياتي إلى ذكرياتي.. ولأنَّني لم أستطع التخلُّصَ مناعتقاله لإرادتي وحركتي، إلَّا بشقِّ الأنفس، فقد أسرعتُ، فورَ خلاصي منه،إلى الماء أتوضأ لأذهب إلى صلاة العيد..
ارتديتُ ملابسي القديمة لعجزي، هذا العيد، عن شراء أخرى جديدة، ثم اتكأْتُعلى أمنياتي، ومددْتُ رأسي من نافذة اعتيادي، مُنادياً مَن اعْتَدْتُصحبتَهم لأداء صلاة العيد، ثم زيارة المقبرة، قبل الطواف على الأحياء منالأهل والأصحاب، فارْتَدَّ إليَّ ندائي صدى غُربةٍ قاهرةٍ ووجعٍ يكسرالقلب..
لكنَّني لم أستسلم لِرَجْعِ الصدى، بل تَوَسَّلْتُ لعينيَّ أن تُرسلَانظراتهما في أرجاء الفراغ، تبحثان بهما عن صُحْبَةٍ، أيّ صُحْبَة، غيرالذكريات والحسرة، فلم تَعُدْ نظراتهما بغير الخيبةِ تُخبرانني بها أنْ ليسغير اللاأحد يمكن أن يصحبني..
ولأنَّه لابدَّ مما ليس منه بُدّ.. حزمتُ أمري أخيراً، وتأبَّطْتُ ذراعَاللاأحد لأمضي بصحبته إلى صلاة العيد، قبل زيارة الأموات والأحياء..
مع أنَّ جميع من حضروا اجتماع العيد، لم يروه من قبل، فإنَّ أحداً منهم لم يستغرب صًحْبَتَه لي ولم يستنكرها..
للوهلة الأولى، أدهشني ذلك.. لكن دهشتي سرعان ما غادرتني حين غادرَنياللاأحد الذي رَافَقَنِي لِيَنْضَمَّ إلى أمثاله الذين كان كلٌّ منهم رفيقَواحدٍ من أهلي إلى مكان اجتماعنا..
نظرتُ إلى الحضور، وهم كلُّ مَن تَبَقَّى من أهلي على جغرافية وطنٍمَزَّقَتْه الفتن، فإذا بهم قليلٌ غادرَهم كثيرُهم لينتشرَ، قلوباًوأكباداً، على كامل جغرافيةِ الظلم العالمي.. دَقَّقْتُ النظر أكثر،فتهيَّأَ لي أنَّ شيخوخاتهم تُنذرُ باحتمال تَحَوُّلِ الوطن قريباً، إلىجغرافيةِ ذكرياتٍ تطوفُ دموعاً وآهات، في فراغ اللاأحد...
[/align][/frame]
توقيع محمد الصالح الجزائري
 قال والدي ـ رحمه الله ـ : ( إذا لم تجد من تحب فلا تكره أحدا !)
محمد الصالح الجزائري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 07 / 2017, 38 : 05 PM   رقم المشاركة : [59]
محمد توفيق الصواف
أديب وناقد - باحث متخصص في السياسة والأدب الإسرائيليين- قاص وأديب وناقد -أستاذ مادة اللغة العبرية - عضو الهيئة الإدارية في نور الأدب


 الصورة الرمزية محمد توفيق الصواف
 





محمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really niceمحمد توفيق الصواف is just really nice

رد: همسات دمشقية

[align=justify]الهمسة (13)
لَكَمْ شغفَها مرآه وهو يتقدَّمُ قطيعَ آماله، عائداً به، ذات غروب، من مرعى تطلعاته المترامية على أطرافِ غدٍ لم يُولَد بعد..
ومع أنَّه كان أشعثَ أغبرَ مزركشاً بما تركتْهُ الحرب على وجهه وجسمه من حروق وندوب، فقد بدا لها ساحراً وهو يَقْتَعِدُ حافةَ الرؤيا، تاركاً خيالَه ينوسُ بين ذكرى وأُمنية...
وفي لحظةِ طُهرٍ صافية، امتزجَتْ بُحَّةُ نايهِ الذي جَرَّحَتْهُ اللهفة بآهةِ عشقٍ تَصَعَّدَتْ من قلبها، غادَرَ قلبُها مدارَ كينونته الترابية الكثيفة ليتماهى بنورانيةِ قلبه التي انبثقَتْ دعاءً تعالَى صافياً من أحزانِ رجالٍ ونساء وأطفال خَضَّبَتْ الحربُ ترابَ وطنهم بدماء أبنائهم وأَحِبَّتِهم..
أولئك كانوا سوريين أُدخلِوا تلك الحرب، وأرضُهم، مُرغَمِين.. لكنهم، وعلى الرغم من شديدِ قسوتها، رفضوا التلاشي في نارها، وأصرُّوا على النهوض من رمادهم فجراً مستحيلاً يأبى الانكسار والهزيمة..
ومن فجرهم ذاكَ الذي تَكَوَّنَ تحت رماد احتراقهم، وصار على وشك البزوغ، قرروا أن يُطلُّوا على العالم من جديد، عطاءً إنسانياً يَقْطُرُ محبةً وتسامحاً، ويؤكد أنَّ إرادة الحياة عندهم أقوى وأعظم من كلِّ عقائد الموت واللاإنسانية عند أعدائهم..[/align]
توقيع محمد توفيق الصواف
 لا عِلمَ لمن لا يقرأ، ولا موقفَ لمن لم يُبدِ رأيه بما قرأ.
فشكراً لمن قرأ لي، ثم أهدى إليّ أخطائي.
محمد توفيق الصواف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07 / 07 / 2017, 45 : 06 PM   رقم المشاركة : [60]
Arouba Shankan
عروبة شنكان - أديبة قاصّة ومحاورة - نائب رئيس مجلس الحكماء - رئيسة هيئة فيض الخاطر، الرسائل الأدبية ، شؤون الأعضاء والشكاوى المقدمة للمجلس - مجلس التعارف

 الصورة الرمزية Arouba Shankan
 




Arouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond reputeArouba Shankan has a reputation beyond repute

رد: همسات دمشقية

إرادة الحياةهي الأقوى
نعم، يستمر الصراع وإرادتنا صلبة
تحيتي
توقيع Arouba Shankan
 

مازلت ابنة بلاط رباه في أعالي المجد بين الكواكب ذكره
أحيا على نجدة الأباة ..استنهض همم النبلاء.. وأجود كرما وإباءً
Arouba Shankan غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
همسات, دمشقية


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
همسات فاطمه شرف الدين كلـمــــــــات 2 14 / 07 / 2014 45 : 07 PM
همسات زينب القرقوري الشعر المنثور 5 08 / 03 / 2012 18 : 04 AM
همسات جرح ماروك سعيد الخاطـرة 3 13 / 11 / 2010 39 : 04 PM


الساعة الآن 04 : 02 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|