انعكاسي في مرآتك
الإهداء: لها
كنت قد طلبت منك قبل أن يداهمك النسيان ألا تحيكي لي قبعة وقفازات، تمنيت عليك ألا ترفعي فوق سقف معمورتي مظلة تقيني من المطر. أنا لو تعلمين لم أهرب يومًا من المطر، حتى الحامضي منه، ذاك القادر على صقع دماغي، المطر القادم من مكبّات العالم المتحضر، لأبقى أمينًا على جنوني وتعلقي بحبل النهاية.
كنت أدرك بأن صداعًا ما سيلاحقني يومًا، يذكّر جيناتي بعبثي، جنوحي وعنادي .. لكني أبدًا لم أسجن أصابع يدي في قفازات. قلتِ بأن الزئبق انخفض في ميزان الحرارة إلى دون العشرين درجة تحت الصفر المئوي! ليكن .. بقيت أنفخ بما تبقى من دفء الذات فوق نهايات أصابعي كيلا تتجمد أو تنكسر في مهبّ عاصفة جليدية قدمت من قطب النسيان المخزن في الذاكرة.
ترددين بأنك غير قادرة على فهم قسوتي تجاه جسدي، رغبتي بالانعتاق الغبيّ للوهلة الأولى من قوانين الجذب والطرد المركزي!
أخبرتك يومها باستحالة فهم كلّ شيء، أخبرتك بأن الزهور التي تصاب بحمّى المراهقة في فصل الشتاء هي الأجمل، زهور كحلى عابرة لمخيلة الجمال، تفضح رغبة المحبّ، تعكس صورة (قلبه – قلبي) المتوهج في مرآتك، لهذا رجوتك "لا ترسلي في أثناء عيد ميلادي (قفّازًا وقبعة) أو مظلة!
أتذكرين حين التقينا في غفلة من الحيّ ذات مرّة عند مطلع فجر ماطر؟ قلت بأنك تكرهين وقع المطر على الأسقف، لأنه يبدو مدمرًا! أخبرتك بأن المطر حليفي، لأن الفضوليين يهربون نحو بيوتهم بحثًا عن الدفء .. ويجهلون بأنكٍ أنتِ دفئي المنتظر، أنت القدر الذي وجدته في شرفة تائهة مفتوحة على مصراعيها في صباح كان يبدو ذات شتاء أحمقًا، لكنه تحوّل في متاهات الزمن إلى انعكاسي "أنا" في مرآتك المحدبة المقعرة الطارئة في لعبة الحبّ، سيان عندي فقد هطل المطر مجددًا ولا أحد يقف عند الشرفة سواك.
هرب الفضوليون بعيدًا عن قرص الشمس الخفيّ، لا أحد، لا أحد يقدر على رؤيته في حمّى مراهقة الزهر سواي.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|