انتظرتكِ طويلا طويلا ..
توقعتُ أن تأتني ذات صباح ربيعي ، تطرقين بابي ،وتقولين بأدبك الجم : صباح الخير .
أوتشيرين إليَّ من بعيد ، وأنا متكئ على شرفة منزلي الجديد ، فأطمئن عليكِ ، وتطمئنين عليَّ.
بل إنني لما تملَّكتُ بوابات مدينة أشعاري ، انتظرتك أن تقولي لي : أريد قصراً فسيحاً في مدينتك..بل أريد حيًّا ،بل بصراحة أكثر أريد أن أقاسمك المدينة ، لأنني أنا أول من شدَّ على يديك ،وألهمك استمرار شدوك الجميل في دربك الوليد .
فهل تدرين أنني هيأتُ لكِ القسم الشمالي من المدينة، لإطلالته الفريدة على البحر ، وموقعه النادر على الجبل الربيعي الشاهق،وانتظرتكِ طويلا أن تأتي ؟!
غاليتي :
أين أنتِ ؟ ولما هذا الإصرار على الغياب ؟
خيراً .. خيراً .
فعهدي بكِ أنك صابرة قوية ، تبتسمين وقلبك يتمزق ! وتضحكين ودمعك في عينيك حائر يتحدث دونما كلام !
أم تراها هي مشاغل الحياة وهموم اليوم ؟
لكم أرجو أن يكون ذلك كذلك .
وكل الخير لك ، ونبقى مع حلو اللقاء
** ** **
رد:
حبيبي: عندما أصبحتْ لك مدينة ذهبتُ لأراها من بعيد، فأطمئن عليك ! وكم كنتُ أسعد عندما أراكَ تكتب حرفاً جديداً ، لكن لم يتسن لي أن أتابع حروفك .. فاعذرني، فأنا مازلتُ لا أقدر على قراءة الكلمات ، ولا أجد نفسي يطيب لها التجوال بين فنون الأدب ..
وعندما قرأتُ رسالتك انحنى الدمع مصافحاً وجنتيَّ ، فلا أدري هل كان ذلك فرحاً بشاعر لم أعلم أنه هنا ،أم حزناً على حال وصلتُ إليه ؟!
أحاول أن أكون قوية ، أحاول أن أمارس حياتي كالمعتاد ، لكن يبقى في القلب غصة ألم..
أشكرك من أعماقي لأنكَ تفقدتَ أحوالي ، وأشكرك لأنكَ ناديتني ملهمتك..
فأنا بحاجتك فكن بالجوار دائماً .
** ** **
فكرة
أتدرين ما أقسى شئ في دنيانا ؟
إنه ( الجحود ) ، هذا الداء المزمن بسبب ( الثقة ) المفرطة بمن توهمنا أننا نحبه !
وثقي، ملهمتي ،أنني لن ألبس أمامك ثوب الواعظ ، فأنت أدرى بمسالك دروبك وخطأ اختيارك .. وتعلمين جيداً ، أنك تجنين سوء خطأ عاقبة إفراط الثقة .
لكنك في غمرة انفعالك ، تتناسي رحمة الله ، وفيوضات محبته ، وأنه هو وحده الصدر الواسع الصادق،والبيت الدافئ الكبير الذي تلجأين إليه ..
ناديه معي ، فهو قريب حبيب .. ناديه وابك بين يديه ..
اطلبي منه أن يغسل أساك ، ويسلي حلكة صدرك ، ويثلج حرقة قلبك ..
فبدوام الطلب تتملكين راحة اليقين وبرد سلام القلب .
كل الحب لك ، ,وأنا على ثقة أنك ستقهرين كل حزن .
** ** **
رد:
أيها العزيز :
لم أفرط في الثقة ، بل اتخذتُ قراراً بالرجوع عن طريق أحسستُ أنه خاطئ ، وأصبحتُ بين نار العودة عن قراري ونار إكمال المشوار بمفردي ،وعندما قرأتُ كلماتك أزحتَ عني هماًّ ثقيلا ، وجعلتني أفكر مليًّا وأقرر عدم الرجوع إلى الماضي . فشكراً لأنك ذكرتني بالحنّان المنّان .
فمهما ابتعدنا عن مسالك الله ، نعود خاضعين له، لنجد عنده الحب والرحمة والسلام . وقد أخطأتُ طريق البحث ، وعليَّ تحمل المسؤولية .
.. .. ..
ولا أعلم لماذا تهفو النفس إلى غير الله ، مع أنه عزوجل ينتظرنا بشوق !
وثق أنني سأدعو وأبكي طويلا بين يديه ، لأعود كما كنتُ وأفضل .
وثق أنني بدأتُ محاولة النهوض ولملمة الجراح .
** ** **
فينيق عربي
هكذا عهدي بكِ ..
فأنتِ طائر فينيق ، بوجه عربي مسلم ، عَشَقك الاحتراق وعَشقته ، فانسرب في مسام عقلك وقلبك ، وصار جزءاً منك ، لتولدي من جديد ،فتعيدي تفاصيل الصورة بكاملها .
والفينيق ، كما تعرفين ، يحيا من رماد جثته ، ويشفى من سيل دمعه ، وإذا ما بكى على أي جرح برأ الجرح والتأم ، وأصحاب البصيرة هم وحدهم يعرفونه ويبصرونه ..
ملهمتي: أعرف أن الكلام قد يبقى ، في أحايين كثيرة ، مجرد كلام :
سهل قراءته ، وسهل متابعته ، ويبقى نزيز الجرح النازف أعمق من كل قول ومن بلسم كل قريب محب ، لكنني لا أملك سوى تكرار الدعوة إلى الله .
نعم ..تذكري في كل خطواتك ( الله ) ثم (الله ) ثم ( الله ) ،فعنده الأمان وشاطئ الرحمة الحق . ودائماً اجتنبي ( الاندفاع ) وتوهم (المثل ) و( القدوة )، لأننا كلنا طينٌ بشر ، وبالتالي فكلنا نخطئ.. وتبقى عوالم الحلم الجميل حلماً جميلا , لكنها تبقى حلماً بعيد المنال .
كل الحب لك ، وأنتظر حلو عودتك .
** ** **
رد:
حبيبي :
بالنسبة لي هو ليس كلاماً ، بل عقداً فريداً أطوق به طريقي ليكون لي منارة أهتدي بها ..
كم أنا بحاجة لوقفتك الشامخة ، وكم أنا عاجزة عن شكرك .
وبإذن الله لن يطول غيابي بعد اليوم.