عاد الأب من الجنازة ..وكان إبنه ذو السابعة واقفاً أمام النافذة .. وعيناه مفتوحتان , وتعويذة ذهبية تتدلى من عنقه .. ورأسه ممتلئ بأفكار أكبر من أن يفهمها سنه.
أخذه أبوه من ذراعيه وسأله الصبي : أين أمي ؟ ..
فأجابه أبوه وهو يشير إلى السماء: في السماء.
وفي الليل تأوه الأب في نعاسه وقد أجهده الحزن . وكان مصباح معتم يشتعل قرب الباب , وحرباء تطارد الحشرات على الحائط .
وتنبه الصبي من نومه , وتحسس بيديه فراغ السرير , وتسلل إلى الشرفة المكشوفة .. ورفع الصبي عينيه إلى السماء وتأمل طويلاً في صمت .. وأرسل عقله الحائربعيداً في الليل هذا السؤال : أين السماء ؟ .. ولم يأت الجواب .. وبدت النجوم كدموع لاهبة لتلك الظلمة الجاهلة .